صبحي منذر ياغي: أعيدونا لزمن المارونية السياسية

177

أعيدونا لزمن المارونية السياسية
صبحي منذر ياغي/22 تموز/2022

أعيدونا لزمن “المارونية السياسية”، نعم بكل ثقة، وأبدا لا تستغربوا، ولا تتحرك بداخلكم نار المذهبية والطائفية، فما أقصده غير ما تفكرون به من خلال غرائزكم ، وانا العلماني حتى النخاع الشوكي.

نشتاق لزمن أنتم سميتموه “مارونية سياسية” وخدعتم الناس بشعاراتكم الثورية والتغيرية، وحملتم السلاح لتغيير هذا النظام، وهو وبعد التجربة والواقع كان أفضل مليون مرة من هذا الزمن الرديء، كان زمن لبنان الحقيقي المزدهر، زمن النظام المصرفي العريق، الذي استقطب الأموال الآتية من دول عربية بدأت تعصف فيها الانقلابات العسكرية، فصارت بيروت (سويسرا المصارف)، صارت عروس الشرق وكانت (ساحة البرج) تشبه ساحات العواصم العالمية المشهورة  كان زمن الاقتصاد المزدهر، زمن العز والليرة والبحبوحة، زمن المشاريع العمرانية، من بناء الجسور والسدود، وشق الطرقات والانفاق، زمن المدارس والجامعات العريقة، زمن المستشفيات والطب المتطور، زمن الصحافة اللبنانية التي كانت تهز العروش.

وكانت حصن الديموقراطية في هذا الشرق، زمن تلفزيون لبنان والمشرق، زمن مهرجانات بعلبك وبيبلوس والأرز، زمن كازينو لبنان، والمصايف والحركة السياحية التي لم تتوقف لا صيفاً ولا شتاءاً، زمن المصطافين والزوار من كل بلاد العالم، نشتاق لهذا الزمن الذي اطلقتم عليه اسم “المارونية السياسية” لأنه كان زمن الامن والامان، يوم كان (دركي لحالو يسكر ضيعة)، زمن المكتب الثاني (المخابرات) يوم كان (لا يجروء ابن امرأة ) على حمل شفرة أو سكيناً، وكان للقضاء هيبته  ولرجل الامن هيبته، يوم كان لدينا زعماء حقاً يتخاصمون ويتناحرون ولكن ضمن الاصول الوطنية، كان الانفجار الكبير عام 1975، للقضاء على هذا الزمن المزدهر والعريق تحت ذريعة محاربة (المارونية السياسية)، بمؤامرة عربية وأجنبية؟

أي مارونية سياسية حاربناها؟ حاربنا ازدهارنا وتطورنا ومصالحنا، خدعتم الناس بشعاراتكم، فهل صنعتم وطناً من بعدها؟ لا بل تراجعنا حتى سقطنا في الهاوية … ونحن نكابر…أعيدونا الى ذلك الزمن، حتى بسلبياته وشوائبه، فهو أفضل من جهلكم في ادارة البلاد، أفضل من “زمنكم الاسود” الذي لم يحمل الينا الا الموت واليباس والخراب والدمار.