فيديو مقابلة “غير شكل، نارية وسيادية واستقلالية من العيار التقيل مع المميز د. شارل الياس شرتوني من تلفزيون ال ام تي في. تعرية كاملة لحقارة وطروادية وفجع وقذارة الحكام الأبالسة، وفضح لإستسلام وجبن السياسيين الأوباش، وتوصيف لحالة المحتل الإيراني الخبيث ولمخططه التدميري والإرهابي الهادف إلى اقتلاع لبنان من جذوره واستبدالة بنسخة عن نظام الملالي المذهبي والإرهابي والتوسعي/مع نص 8 مقالات لشارل تسرد بالتفصيل كل ما جاء في المقابلة

644

فيديو مقابلة “غير شكل، نارية وسيادية واستقلالية من العيار التقيل مع المميز د. شارل الياس شرتوني من تلفزيون ال ام تي في. تعرية كاملة لحقارة وطروادية وفجع وقذارة الحكام الأبالسة، وفضح لإستسلام وجبن السياسيين الأوباش، وتوصيف لحالة المحتل الإيراني الخبيث ولمخططه التدميري والإرهابي الهادف إلى اقتلاع لبنان من جذوره واستبدالة بنسخة عن نظام الملالي المذهبي والإرهابي والتوسعي.

23 أيلول/23 أيلول/2021

في أسفل آخر 8 مقالات باللغة العربية للدكتور شارل الياس شرتوني نشرت على موقعنا
*الحكومة الصورية والسياسة الانقلابية
شارل الياس شرتوني/21 أيلول/2021

*حكومة كشكش والبلد المتهاوي
شارل الياس شرتوني/15 أيلول/2021

*الاوليغارشيات تستنسخ ذاتها وفترة اللاسماح
شارل الياس شرتوني/11 أيلول/2021

*الفاشيات الشيعية، إرهاب الرعاع، الهمجية، وسياسة الانهيارات المتناسلة
شارل الياس شرتوني/01 أيلول/2021

*الفاشيات الشيعية، إرهاب الرعاع، الهمجية، وسياسة الانهيارات المتناسلة
شارل الياس شرتوني/01 أيلول/2021

*حزب الله يدمر لبنان، وكل كلام آخر خارج عن الموضوع
شارل الياس شرتوني/22 آب/2021

*الفاشيات الشيعية والمنظومة المافياوية وحلف الافاعي
شارل الياس شرتوني/29 آب/2021

*الانقلاب، سياسة التوتر الاستنسابي والتفكيك المنهجي للكيان اللبناني
شارل الياس شرتوني/11 آب/2021

الحكومة الصورية والسياسة الانقلابية
شارل الياس شرتوني/21 أيلول/2021
أصبحت ثنائية الدولة الأسمية والحكم الفعلي مشهدا سياسيا مطبعا، في الوقت الذي تسعى فيه السياسة الانقلابية الى التصفية التدريجية للدولة اللبنانية عبر فرض التشكيلات الوزارية، واملاء الخيارات السياسية والعامة، وارساء الترسيمات الجيو-سياسية البديلة في غير إتجاه.
لقد تجاوزت الفاشيات الشيعية مفهوم الاستثناءات السيادية وواقع السيادة الاستنسابية والمحدودة والمعطلة، باتجاه ارساء دولة الولي الفقيه كما تظهرها فتاوى حسن نصرالله والاسقاطات السياسية المدغمة بالعصمة الالهية، واحيلت الدولة اللبنانية الى الهوامش التطبيقية التي يجيزها الفقه الاستنسابي وحدود الشرع الجعفري.
نحن أمام دولة شيعية في طور التحقق وكل ما عدا ذلك مسرح ظلال وتواطؤ فعلي مع المشروع الانقلابي، كما تؤشر اليه الحدود المرسومة للحياة السياسية والأولويات المتبدلة للعمل الحكومي.
إن تواطؤ رئيس الجمهورية الصادر عن مفارقات رهاناته الواهمة وأطماع دائرته العائلية وقصور مناصريه، والتبادل المصلحي بين أركان الاوليغارشيات السنية وسياسات النفوذ الشيعية، وتقاسم العمل والمحصاصات القائمة بين ألاطراف الشيعية، ليسوا الا بمتكآت مرحلية تستخدم في عملية القضم التدريجية للحيثيات الدولتية والكيانية اللبنانية.
تؤشر إعلانات البيان الوزاري على عموميتها والتزاماتها الافتراضية والمطاطة الى حدود قسرية مملاة على الفريق الوزاري الذي يفتقد الاستقلالية المعنوية بحدودها الدنيا (كما عبر عنها صحفي كويتي، ٨ وزراء لحزب الله، و٨ يناصرونه، و٨ يخافونه)، ويستعيد ملامح المجموعة الوزارية السابقة. هذه الملاحظات تحيلنا إلى التوقعات الفعلية التي يجري على أساسها تقييم الاداء الحكومي القادم في المجالات السياسية والعامة:
– إن اقتصار البيان الوزاري على إعلانات عمومية مؤشر سيء لجهة استعدادات المافيات الحاكمة وإصرارها على ابقاء الاقفالات الاوليغارشية على كل المستويات التي تطال القرار السياسي والعام في البلاد. إن طبيعة التشكيلات الوزارية واقتصارها على مستخدمين تأتي بهم التفاهمات الاوليغارشية، وتجاهل الحراكات المدنية والتيارات السياسية المعارضة، يشيران بشكل غير موارب الى رفض أية تسوية سياسية معها، ومع المفكرات الاصلاحية التي تحملها. هذه الاقفالات الاوليغارشية التي أسست لها جمهورية الطائف على خط التقاطع بين سياسات النفوذ الداخلية والخارجية قد أصبحت ملازمة للحياة السياسية اللبنانية، وتسعى الى تأمين استمراريتها عن طريق الانتخابات النيابية المفبركة من خلال الائتلافات المغلقة والتفصيل الاستنسابي للدوائر الانتخابية (Gerrymandering)، وتحول رئاسة المجلس النيابي الى سلطة مؤبدة وناظمة ومحكمة لعمل المؤسسات، على نحو يصيب بشكل قاتل مبدأ فصل السلطات الذي بدونه لا يستقيم النظام الديموقراطي .لقد خرج العمل السياسي اللبناني من الدائرة المؤسسية والدستورية الى دائرة صراعات النفوذ بامتداداتها الداخلية والخارجية، وتحول الى مسرح رديف وتابع للسياسات الانقلابية بمكوناتها المحلية والاقليمية ومسوغاتها الايديولوجية والاستراتيجية المتوالية منذ ستة عقود.
– يأتي حل الأزمة المالية على رأس الأولويات التي تنبغي معالجتها إن كان هنالك من نية لتطبيع الاوضاع السياسية ووضع البلاد على خط التعافي الاقتصادي. ثمة تواطؤ بين سياسات النفوذ الشيعية والاوليغارشية وجمعية المصارف لجهة الابقاء على واقع الريوع والحيازات الجمركية والتهريب، والاقتطاعات الزبائنية للموارد والإدارات العامة، وعدم اجراء التحقيق المالي الجنائي الذي يجب ان يشمل جميع الوزارات والادارات، والتراتبيات الوظيفية، والمصارف ومجالس إداراتها ومساهميها، والبنك المركزي، ومرحلة الاحتلال السوري، من أجل اخفاء معالم الجرائم المالية المرتكبة خلال العقود الثلاثة المنصرمة وانهاء السياق القضائي وتبعاته الجرمية، وهذا ما سوف يؤدي الى نسف مداخل الاصلاح المالي لجهة تخمين واسترداد الأموال المهربة، ومصادرة الاموال العامة و الخاصة المنهوبة عن طريق سياسة الديون غير المشروعة لتمويل مشاريع عامة وهمية أو ذات كلفة مضخمة. تضاف إليها إعادة هيكلة النظام المصرفي على قاعدة تصفية انتفاخه المصطنع (٦٠ مصرفا) من أجل تصريف سياسات تبييض أموال الإرهاب والجريمة المنظمة والاقتصاد غير المشروع، وتغذية عملية شفط الأموال الخاصة عن طريق الأرباح الربوية التي أمنتها الاكتتابات في سندات الخزينة (١٢-٤٢\١٠٠، ١٩٩٠-٢٠٢١)، التي أشرف عليها ائتلاف المنظومة المافيوية الحاكمة وحاكمية البنك المركزي، والمجلس النيابي من خلال لجان عمله وجلساته التشريعية وعمل رئاسته التي لعبت دور منسق عمليات النهب بالتعاون مع حكومات رفيق الحريري المتتالية، وبالتواطؤ مع رؤساء الجمهورية والحكومات الملحقين بسياسات النفوذ السورية والايرانية (باستثناء سليم الحص لجهة نظافة الكف). كما تليها إعادة النظر بدور المصرف المركزي الذي خرج عن دوره الناظم للسياسة المالية على ضوء مقررات بازل الثلاث لجهة ملاءة النظام المصرفي وموجبات الرسملة، وإدارة المخاطر، وإنفاذ موجبات قانون النقد والتسليف والمعايير الدولية الناظمة، وانهاء دوره كبديل غير شرعي لآليات إقتصاد السوق ودينامياته ومعاييره الناظمة، والحلول مكان المجلس النيابي في مجال إقرار السياسات المالية، وسياسات الدعم وموجباتها وآلياتها ورزنامتها وتحديد المستفيدين منها.
إن إقرار خطة التحقيق الجنائي المالي وملحقاتها ومترتباتها القانونية والجزائية مقدمة أساسية لا مهرب منها من أجل صياغة خطة إصلاح إقتصادية سوية مبنية على التواصل بين السياسة المالية والاقتصادية من أجل اطلاق دورة اقتصادية فعلية مبنية على التداخل العضوي بينهما، لجهة تفعيل حركة الاستثمارات في مختلف القطاعات الانتاجية، والبنيات التحتية الحاضنة، والسياسات التربوية والبحثية، والتكنولوجيا العالية، ومرتكزات الاقتصاد البيئي المستدام، والشبكات المعلوماتية التي تؤطر العمل الاقتصادي بكل مندرجاته. إن الذهاب الى صندوق النقد الدولي والدول المانحة والبرامج التسليفية دون أية إعلانات إصلاحية والتزامات واضحة، سوف يبقينا في الدائرة المفرغة التي تؤكد أن المافيا الحاكمة هي بصدد إضاعة الوقت وتثبيت سياسة الانهيارات الإرادية التي تنتهجها الفاشيات الشيعية، مدخلا لتفكيك الحيثيات الدولتية اللبنانية ومقدمة لسياستها الانقلابية.
– إن مسرحية استيراد الغاز من إيران، وفقه التهريب حسب المذهب الجعفري (الضرورات تبيح المحظورات)، وسيناريو استجرار الغاز المصري الى لبنان عن طريق سوريا ليس باشكالية تقنية-سياسية كما يدعي محور حزب الله، بل مدخل سياسي لبشار الاسد عن طريق الغاز المصري، ومداورة تثبيت نفوذ حزب الله عن طريق المعابر الجيو-استراتيجية الآخذة بالتبلور والتي بات المد العلوي أحد مرتكزاتها الأساسية. أما مسألة توقف المفاوضات اللبنانية-الاسرائيلية حول الحدود البحرية فتنبع من إرادة التفرد بالملف من قبل الجانب الشيعي والتصرف به انطلاقا من حسابات سياسية فئوية، وإشكاليات ترسيم الحدود البرية والبحرية إستنادا الى إتفاقية الهدنة (١٩٤٩) وتوپوغرافية سايكس-پيكو، وعدم الرغبة في المعالجة الدپلوماسية لمسائل الحدود البحرية والبرية الخلافية مع إسرائيل. ضف الى ذلك الاستثمار السياسي للتهجير السوري من أجل تثبيت الاختلالات الديموغرافية والسياسية والأمنية، وتكاثف الأزمات الحياتية المفتعلة وتوظيفاتها السياسية والزبائنية. على الحكومة اللبنانية أن تحدد مسارها خارجًا عن إملاءات حزب الله ونبيه بري، وأن تسعى الى تخريج تسوية لبنانية جامعة تخرجنا من دائرة الاستثناءات السيادية التي محضت لحزب الله وسياسات النفوذ الشيعية في الثلاثين سنة الماضية طوعًا وإكراهها، ومن التسليم بفتاواهم،إذا ما أردنا استئصال لبنان من دينامية التآكل التي تفرضها، وهذا لن يتم تحت مظلات حكومية مستخدمة من قبله، مما يعني أنه لا سياسات إصلاحية فعلية دون سيادة محققة واستعادة الحيثيات الوطنية والدولتية.
إن الالتباسات التي تكتنف ملف التحقيق بانفجار المرفأ، وما يرافقها من مناخات إرهابية تتدرج بين الاغتيال والتهديد والتلاعب بمسرح الجريمة وتدمير الادلة والضغط على القضاء، ما هي إلا نماذج عينية عن سياسة تدمير شاملة تهدف الى تبديل الديناميكيات الناظمة للاجتماع السياسي اللبناني (السياسية، المالية، الاقتصادية، الاجتماعية، المدينية والديموغرافية…)، وهدم الذخر الاجتماعي اللبناني الذي بني خلال المئوية الماضية، وتفكيك المتكأ الانتروپولوجي الذي أعطى للبنان حيثيته الوطنية والإنسانية (الوجود المسيحي الحر وما تأتى عنه من مكتسبات إنسانية وحضارية وثقافية وسياسية وتاريخية أنهت واقع الذمية والحجر الاقلوي والاندثار الثقافي والدونية المعنوية واللامساواة، الذي حكم السياسات الاسلامية المتعاقبة تجاه الاقليات على تنوع تصريفاتها الاسلامية وغير الإسلامية، لحساب منطق حقوق الانسان والتعددية القيمية والحياتية والمسكونية الدينية والايتوس الليبرالي والديموقراطي ومؤسساته ومعاييره الناظمة)، وإحالته الى سياسات الإرهاب والجريمة المنظمة والمناخات التوتاليتارية التي تطبع الاسلام السياسي المعاصر، بمتغيراته السنية والشيعية، والنزاعات المفتوحة الملازمة له.

حكومة كشكش والبلد المتهاوي
شارل الياس شرتوني/15 أيلول/2021
إن مجرد التنصت لتصريحات الوزراء المعينين في هذه الحكومة، ينبئنا عن ثبات النهج الذي اعتمدته الفاشيات الشيعية من خلال الحكومتين المتعاقبتين، والفراغات المديدة، ونوعية الاشخاص التي أتي بها، لجهة تدمير الوجود الفعلي للدولة اللبنانية وإحالتها الى دور صوري، لحساب السياسات الانقلابية التي تعتمد النموذج البلشڤي الذي يقضى بانشاء إزدواجية بين المؤسسات الدولتية التابعة والسلطة الفعلية التي تعود للاوليغارشية الشيوعية الحاكمة، وما يوازيها على مستوى إيديولوجية ومؤسسات الولي الفقيه. إن القصور العقلي والنفسي وانعدام الرشد والاستقلالية المعنوية للعديد من الوزراء السابقين واللاحقين، هو أبلغ تعبير عن الطابع الصوري للمؤسسات الدستورية وتحولها الى رديف هزلي لما يجب أن تكون عليها دولة القانون والمؤسسات في الأنظمة الديموقراطية.
إن مندرجات التأليف الحكومي قد أصبحت من الهزال والقدر المنتقص، الذي يجعلنا نتساءل حول مستقبلنا في ظل هذا الانحطاط الإرادي وأهدافه التي أصبحت أكثر من بينة، لجهة تدمير حيثيات الوجود الوطني اللبناني، وتفكيك أوصال الدولة اللبنانية، وتعميق حالة الألينة (الاغتراب) التي تخيم على حياة اللبنانيين اليومية وتدفع بهم الى الهجرة. إن حفاضات هكتور حجار (وزير الشؤون الاجتماعية) وضفدعتي أمين سلام (وزير الاقتصاد)، ورشاشات العيار الثقيل التي استقبلت علي حمية (وزير الزراعة)…، ما هي إلا توريات تحيلنا الى واقع التفكك المنهجي لمؤسسات الدولة، وتحول البلاد الى ساحة مقايضات إقليمية جعلت من لبنان واللبنانيين رهائن لسياسات النفوذ الشيعية والايرانية والسورية، وما سوف تستحثه من سياسات مضادة على تخوم النزاعات الشيعية والسنية المفتوحة من افغانستان حتى لبنان.
علينا التنبه لطبيعة هذا النهج ومؤدياته وملاحقة المسار الحكومي بشكل حثيث لتظهير المفارقات، والوعود الكلامية الفارغة، والعناوين الفضفاضة، والاعلانات والممارسات الفئوية التي تظهر سياسة السيطرة الشيعية (جيش، شعب، مقاومة) والقضم اليومي لموارد الدولة، والسياسات النزاعية التي تسعى لتفعيل الجبهات العسكرية في جنوب لبنان، وإقامة التواصل بين صراعات الداخل السوري وسياسة التآكل الانسيابي للسيادة اللبنانية. إن الخطوط العريضة للبيان الوزاري المزمع كافية لتظهير هذه المفارقات، ومؤالفة اللبنانيين مع سياسات السيادة المعطلة والاستنسابية والمحدودة التي طبعت نهج الطائف منذ ثلاثين سنة. لا فترة سماح تعطى لهذه الحكومة ولا تهاون في تقييم بنود البيان الوزاري، ولا تهاون في فرض المهل التي يجب ان ترتبط ببرامج الاصلاح المالي والاداري العام، وإعادة احياء الديناميكية الاستثمارية على مختلف مستويات الحياة الاقتصادية وربطها بالاصلاحات التربوية والبيئية الملازمة للسياسات الاقتصادية المعاصرة.
تقضي أولوية الأولويات استعادة الدولة اللبنانية لاستقلاليتها المعنوية والكيانية والقانونية ومهنيتها، على حساب السياسات الريعية والزبائنية والحيازية التي جعلت منها نموذجا للدولة القاضمة (Predatory State)، وأحالت الحياة السياسية والعامة في لبنان الى ناد خاص تحكمه الاقفالات الاوليغارشية على تنوع مسارحها وموضوعاتها، واملاءات سياسات النفوذ الاقليمية التي ترتبط بها. لم يعد لنا متسعا من الوقت اذا ما قيضت الحياة غير المحتملة لهذه البلاد التي دمرتها سياسات النفوذ على خطوط تقاطع الخارج والداخل منذ ستة عقود ونيف، وإلا فالانهيارات الداخلية المتسارعة سوف تستحث مداخلات الخارج في وقت تتزامن فيه تداعيات الداخل مع تهاويات الخارج وفراغاته المتقادمة.

الاوليغارشيات تستنسخ ذاتها وفترة اللاسماح
شارل الياس شرتوني/11 أيلول/2021
إنتهت مسرحية حزب الله كما أعلن كومپارسها الأول ميشال عون باستعادة التوزان والبدء بعملية الاصلاح، وتلاه كومپارسها الثاني نجيب ميقاتي الذي طلب عدم عرقلة العمل الحكومي، والكومپارس الثالث جمهور اللبنانيين المتسائلين حول أسباب هذه الولادة المتأخرة وهل من خير يرجى لجهة حل المسائل المالية والحياتية والتدهور المعيشي الذي لا أفق له. الجواب الوحيد لكل هذه التساؤلات، حتى الساعة، هو أننا تحت سيطرة حزب الله وكل ما جرى وسوف يجري ما هو الا تخريج لسياساته وأولوياته وما يفيض عنها من تدابير استنسابية في المجالات السياسية العامة، مما يعني أن تأليف الحكومة لم يأخذ منحى تطبيعًيا ينقلنا من وضعية الأزمات البنيوية والظرفية المديدة، الى مرحلة الحلول الناجزة والنقلات النوعية.
تعكس التشكيلة الوزارية على تفاوتاتها تقاسم الحصص الوزارية بين أقطاب الاوليغارشيات وواقع التبعيات التي تحكم هوامش حركة هؤلاء الوزراء، ناهيك عن أحكام الاقفالات والولاءات الشخصية والفئوية والمذهبية، وغياب أي برنامج حكم ينبىء عن توجهاتها، وثقل ظلال اوصيائها، وعبء فساد نجيب الميقاتي وتأثيراتهم على صدقيتها. إن وقت السماح المعطى لهذه الحكومة قصير جدًا، لجهة ثقل الأزمات المالية والحياتية، ونفاذ المداخلات الخارجية المدمرة والصراعات الاقليمية المتموضعة في الدواخل اللبنانية، وسرعة الانهيارات البنيوية التي طالت الذخر الاجتماعي اللبناني، وقدرة القطاعات المالية والاقتصادية على إصلاح آلياتها وإعادة التواصل مع موجبات النهوض بوقت قياسي تفترضه خطورة الأوضاع الحاضرة. المطلوب من الحكومة أجوبة حاسمة في أوقات قياسية تخرج البلاد من واقع الانهيارات المتكاثفة، وتؤهل للعمل الاصلاحي بالتواصل مع الحراكات المدنية والمعارضة التي أقصيت عن التمثيل الوزاري:
– إن استثناء الحركات الاصلاحية التي دفعت بها الثورة المدنية مؤشر واضح لعدم رغبة الاوليغارشيات المافيوية في إطلاق أي عمل إصلاحي يضع حدا لاقفالاتها، ويفتح ملفاتها على تنوع مندرجات العمل العام، والخوض في عملية المحاسبة في كل جوانبها. نحن لا نزال أسرى اللعبة القائمة، وأولويات الاوليغارشيات السلطوية، وسياسة الفاشيات الشيعية الانقلابية، والتعاطي الانتهازي والمضلل مع المجموعة الدولية، وإبقاء اللبنانيين أسرى للسياسات الاستنسابية التي تحكم أداء المافيات الحاكمة. هذه التركيبة الحكومية سوف تبقينا ضمن دائرة الاقفالات المتحركة والتبعيات المتجددة والأزمات المفتعلة، وترسيخ حالات الاعياء والاغتراب التي يعيشها اللبنانيون.
-على الحكومة أن تثبت صدقيتها مع المعالجة الفورية للأزمات المفتعلة التي تقف وراءها الفاشيات الشيعية والاوليغارشيات المافيوية لجهة التلاعب بسعر صرف الدولار وتعدد المنصات والأسواق المالية السوداء، واستعادة الأموال المهربة، ووضع حد لاحتكار المواد الغذائية والمحروقات، ومعالجة النفايات، وفتح ملف المهجرين السوريين مع الأطراف الدولية والبدء في تنفيذ خطة تدرجية حثيثة لعودتهم الى بلادهم، ووضع حد لسياسة الابتزاز التي وضعها بشار الاسد مع الفاشيات الشيعية في هذا المجال، وصياغة إطار تعاوني مع القطاعين التربوي والاستشفائي الأهليين من أجل تغطية أكلاف الاستشفاء والتعليم، ووقف الهجرة ونزف الأدمغة والكفاءات المهنية، وتحمل المسؤوليات الغائبة إراديا تجاه عملية المرفأ الارهابية وتداعياتها الكارثية على كل المستويات الإنسانية والقطاعية والمدنية والقضائية.
-المباشرة الفورية بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل معالجة مسائل الانهيار المالي المترتبة عن سياسة الديون البغيضة التي صاغتها الاوليغارشيات المافيوية بالتعاون مع القطاع المصرفي والبنك المركزي، وتثبيت سعر صرف النقد، وإعادة هيكلة النظام المصرفي على قاعدة التواصل مع الاقتصاد الفعلي وتصفية الاقتصاد الريعي بكل ترسباته وفاعليه، وإعادة تقسيم العمل المصرفي على قاعدة العقلانية الاقتصادية وانهاء واقع التضخم المؤسسي الناتج عن طغيان وظائف تبييض الأموال والعمل الربوي، على سياسات التوظيف في القطاعات الانتاجية والتموضع داخل شبكات العولمة من خلال الاقتصاد المعرفي، وتقسيم العمل الدولي، وإعادة التوازن بين القطاعات، وإيجاد فرص العمل، وإصلاح البنيات التحتية، واستعادة الأموال العامة المنهوبة من قبل المنظومة المافيوية الحاكمة وأوصيائها ( سوريا، إيران …) والصناديق الانتهازية على تنوع مصادرها، وإعادة النظر بوضعيتي سوليدير وإليسار، وبوظائف المجالس الاعمارية التي أوجدت مع بداية مرحلة إعادة الإعمار، والبدء الفوري بالتحقيق الجنائي المالي والمقاضاة الدولية والداخلية وحجز أموال أقطاب الاوليغارشيات الناهبة. هذه مهمات مستحيلة مطلوبة ممن هم في أساس هذه الأزمات المتداخلة والمبنية على مدى ثلاثة عقود، ولكنها مهمات مرتبطة على نحو شرطي ومسبق بالمساعدات الدولية التي لن تأتي إلا على قاعدة إعلانات وروزنامة عمل واضحة، وهذا ما سوف يرخي بظلال ثقيلة على نوايا واستعدادات هذه الطبقة السياسية المجرمة والمتمرسة على الكذب والتضليل.
-لا إمكانية لعملية الاصلاح الملحة في ظل المداخلات السياسية والعسكرية الإيرانية والتركية والجهادية، وفي ظل السياسة وإلانقلابية والإجرامية المتعددة المسارح والاتجاهات التي يديرها حزب الله كجزء من السياسة الانقلابية الشيعية التي تقودها إيران على مستوى الشرق الاوسط الكبير، وما استدعته وسوف تستدعيه على مستوى النزاعات السنية-الشيعية المفتوحة، وتمدد مسارح الفوضى الاقليمية، وتعزيز المناخات النهيلية والأنومية التي أدخلت البلاد في سياقات نزاعية وديناميكيات همجية أسقطت كل أشكال التواصل الإنساني الراقي والديموقراطي، لحساب منطق التنافي والقوارض التي لا تعرف الا العنف والكراهية سبيلًا. نحن لسنا في سياق أزمة سياسية مألوفة في الأنظمة الديموقراطية، نحن في أزمة دمرت قواعد الحياة المدنية والديموقراطية وقوضت شرعية البلاد الوطنية، من خلال سياسات الافساد والسيطرة والإرهاب وتداعي المرجعيات القيمية لحساب صراعات النفوذ التي لا سقف لها، واستباحة الحقوق الانسانية بكل مندرجاتها، وبالتالي إن أية مقاربة سياسية لا ترتقي في اداءتها إلى هذه الابعاد، ما هي الا تكملة لهذه الهمجيات الفالتة ومدخلا لتثبيت لبنان على قارعة طرق منطقة لا نقاط ارتكاز لها وتعيش على وقع العدميات المستشرية والفراغات المتنامية.

الفاشيات الشيعية، إرهاب الرعاع، الهمجية، وسياسة الانهيارات المتناسلة
شارل الياس شرتوني/01 أيلول/2021
إن مشاهدة الفيديوهات العائدة “لغزوة مغدوشة”، وما سبقها ورافقها وتلاها من عنف وبذاءة وخطابات كراهية ومواقف تمييزية بحق سكان بلدة مغدوشة التي ترمز الى الحضور المسيحي في شرق صيدا منذ عقود، تلازمها أسئلة حول مدلولات هذه الحوادث التي تظهر الهمجية والكذب، والخطاب المزدوج الذي يحكم ادءات وإعلانات الرعاع الفاشي والمافيوي الذي خرجته التنظيمات الشيعية على عقود.”شيعة، شيعة، شيعة”, و”اللهم صلي على محمد وآل محمد”، وسبحات الشتائم والتهديدات، وتكسير الرموز الدينية والممتلكات، وموقف الجيش المتفرج على ما يجري دون إي حراك، ومواقف الدجل المعهودة التي يطلقها نبيه بري، لم تعد تنطلي على أحد، وهذا ما عايناه عندما لاحظنا الفرق بين الزيارتين لمغدوشة وعنقون للتهدئة والحؤول دون التوترات، وما قوبل به المطران إيلي حداد من صخب الدعاء “لمحمد وآل محمد”، الذي عبر فيه سكان بلدة عنقون عن صلفهم واستعلائهم وعدم احترامهم لما يمثله الأسقف. تعليقي كما العادة يعلو على الحدث في محاولة لاستقراء مدلولاته: الفاشيات الشيعية من خلال التعبئه الايديولوجية وما يرافقها من هلوسات استعلائية، وتطبيع سلوك الاستباحة لكرامة الآخرين، وأمنهم، وحقوقهم، وأملاكهم، واستخدام الشرع الاسلامي من أجل تشريع الاستباحات، وممارسات النهب، والتطاول على حقوق الآخرين، قد أدخلوا أكثرية شيعية في سياق سلوكي”أنومي”(فقدان المقاييس الاخلاقية) يفسر هذه الهمجيات المتفلتة التي تغذت منذ عقود على تطبيع الخطف والقتل والنهب، التي لم تترك حيزًا في الحياة العامة والخاصة الا أصابته من خلال منظومة الاستباحات المتحركة على وقع المصالح والاطماع، والأهم على ضوء سياسة السيطرة الشيعية التي تتحرك بوحي من السياسة الانقلابية التي تديرها الجمهورية الاسلامية الإيرانية من خلال حزب الله وحلفائه في الداخل الشيعي.
لا يفهم ما جرى في مغدوشة إلا على ضوء هذه المناخات وما ينتج عنها من أداءات، صادرة أم غير صادرة عن المرجعيات السياسية. تظهر أحداث صيدا التنافس المعلن بين حزب الله وأمل الذي يتمظهر من خلال التعاطي مع المسيحيين ككبش محرقة، وتسجيل النقاط في مجال استنهاض العصبية الشيعية من خلال تفعيل سلوكيات القوارض التي تنقض على طرائدها. ما جرى لم ينتج فقط عن مناخات التعبئة والحشد الانفعالي، بل هو تنفيذ لتعليمات تستهدف ترسيخ أجواء عدم الأمان والاستقرار تمهيدا لعمليات تهجير مبطنة عن طريق تثبيت واقع الانهيارات وتعميمها، والمحاصرة العقارية من أجل وضع اليد على الأملاك وشرائها بأبخس الأثمان أو السلبطة، كما هو الحال في أعالي كسروان وجبيل وفي الجنوب والبقاعات والشوف وعاليه، وكما لاحظنا بعد عملية المرفأ الارهابية، حيث تقاطر سماسرة نبيه ورنده بري عارضين شراء الاملاك على السكان المنكوبين في عز مأساتهم. لقد آن أوان مواجهة الفاشيات الشيعية دون مواربة، وطرح السؤال على الأوساط الشيعية حول مدلولات هذه الاداءات وموقفهم منها، إذ لم تعد تكفي الإدانات الكلامية في ظل سياسات التوحش (Ensauvagement)، لأن ما نشهده يتجاوز السلوك الفردي المنحرف ويؤشر لنهج الاستباحة الشرعية المعلنة.
هذه مناخات لا تبني سلما أهليًا ولا تسمح باعادة بناء الايتوس الديموقراطي(نظام القيم)، إذا ما أردنا بقاء لهذا الوطن وما لازمه منذ نشأته من قيم سياسية ترسخ التلازم بين ديمومة الكيان الوطني والثقافة والمؤسسات الليبرالية والتعددية والديموقراطية. إن إرهاب الرعاع الذي مارسه نبيه بري وحزب الله من خلال إطلاق الخردق على أعين متظاهري الحركات المدنية، وهجمات مسلحي الدراجات النارية، والاعتداء بالعصي والسكاكين عليهم، يذكرون بالماضي النازي والشيوعي وما نشأ عنه من أنظمة توتاليتارية. لقد سمعت لتوه حديثا للصحافية الإيرانية-الفرنسية، غزال غولشيري، المراسلة لجريدة الموند في إيران وافغانستان، قارنت فيه عودة الطالبان مع نظام الملالي الايرانيين خلصت فيه، أن المجتمع المدني الافغاني بعد عشرين سنة من التجربة الديموقراطية، أصبح مؤهلا لمواجهة ظلامية طالبان، في حين أن الجمهورية الاسلامية الايرانية قد”خصت” ( التعبير لغزال غولشيري) المجتمع المدني الإيراني بفعل ديكتاتورية دامت ٤٢ سنة. إن مواجهتنا في لبنان مع الفاشيات الشيعية وأصنائها في الأوساط السنية، تشبه الى حد كبير المعاناة الايرانية والافغانية الحالية، مع فارق أساسي هو أن ليبراليتنا معطى أساس في إجتماعنا السياسي، وليست بمعطى ظرفي أو طارىء. إن مقاومة هذه الفاشية منطلق اذا ما أردنا مستقبلا لبلادنا،ولأرث الحريات والحقوق التي كانت في أساس نشأتها.

الفصل النهائي من تدمير الكيان الوطني اللبناني وسقوط الأوهام
أما وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه، فعلى كل فريق لبناني إعلان موقفه تجاه هذه العملية الانقلابية، إذ لا مجال للتسوية في الشؤون السيادية ولا مكان للمواقف الرمادية والملتبسة.
شارل الياس شرتوني/05 أيلول/2021
لقد وصلنا الى الفصل الختامي في عملية التدمير المنهجي للكيان الوطني اللبناني كما تعبر عنه هذه الصورة التي تجمع زينة عكر (وزيرة خارجية الاحتلال) بفيصل المقداد (وزير خارجية نظام الاسد) مظللين بالعلمين السوريين للتأكيد أنه من الآن وصاعدا لم يعد هنالك من وجود للجمهورية اللبنانية، التي أصبحت في مرحلة التصفية الفعلية. هذه الصورة تعبر عن الواقع الجديد بكل التباساته التي تؤشر الى ولادة الكيان الجغرافي-السياسي الجديد بين جبل عامل وجبال العلويين كتظهير فعلي لتقاسم النفوذ بين إيران وتركيا في ظل غياب روسي عن المشهد السياسي العام، متلازم مع تعبير معلن عن التململ من بقاء القوات الاميركية في شمال شرق سوريا. هذه الصورة هي التظهير الفعلي لحلف الافاعي (الفاشيات الشيعية والنظام العلوي) مع كل ما يتضمنه من التباسات حول مندرجات لعبة النفوذ ومشاريع السيطرة والتطويع المتبادل، وانطلاقًا من الواقع المستجد في لبنان الممثل بحكومة الاحتلال التي يرأسها حسان دياب حاليا، او التي سوف يرأسها نجيب الميقاتي لاحقًا. هذه الصورة هي الاعلان الأولي عن المشروع السياسي الآخذ بالتبلور تحت اشراف المنظومة الشيعية ووكلائها ميشال عون وحسان دياب، بالتكافل مع الشريك الشيعي نبيه بري.
هذه الصورة تشرح باسهاب حيثية الأزمات الحكومية المتوالية، والطابع الصوري للعمل المؤسسي في البلاد، والتمديد المفتوح للأزمات المالية والحياتية، وسقوط كل السمات السيادية التي تؤشر الى الوجود الفعلي للدولة اللبنانية: الرئاسة الصورية، الحكومات التابعة، السياسة الخارجية الأسمية، القضاء المستخدم، الجيش المفخخ، الادارات العامة الفاسدة…،. نحن أمام نقلة نوعية في الأزمة اللبنانية تضعنا أمام واقع النهاية العملية للجمهورية اللبنانية بتواطؤ كلي من قبل اوليغارشيات الطائف على توزع انتماءاتها الطوائفية والسياسية، تظللها مناخات الصمت والتضليل. هذا الواقع يستدعي نشوء معارضة تعلن رفضها لهذا المسار السياسي، وتربط نزاعا مع كل أطرافه، وتبلغ موقفها الى الامم المتحدة من خلال أعضاء مجلس ألأمن، والدول الغربية، وتدعو كافة اللبنانيين المعارضين الى المقاومة المدنية، وصولا الى انشاء حكومة مضادة تعلن من الخارج المواجهة مع سياسة الاحتلال الآخذة بالتبلور.
إن حدة الازمات الحياتية المفتعلة، بدءا من إسقاط المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والحؤول دون التحقيق الجنائي المالي والاصلاحات المالية، وعملية المرفأ الارهابية، والتدمير المنهجي للذخر الاجتماعي اللبناني الذي بني على مدى المئوية المنصرمة، وسياسة الانهيارات المبرمجة للقطاعات، وتمدد التهجير السوري، هي المراحل المتتالية لسياسة تفكيك أوصال الدولة اللبنانية وإحالتها الى الموت التدريجي، في الوقت الذي تجري فيه عملية تبديل الديناميكيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسكانية والمدينية تمهيدا لعملية الابتلاع الختامية، نحن عمليا أمام سياق تفتيتي انسيابي مديد. عند مشاهدتي لأحد فيديوهات الصلاة في المحطات لاستمطار البنزين على رؤوس المصلين، سمعت رجل دين سني يهدد بإنه مع عدم إيجاد حل للمشاكل الحياتية، لن يبقى لبنان بعد اليوم، مختصرا بشكل غير موارب مؤدى هذه الأزمات وغايتها، إنهاء الكيان اللبناني. أما وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه، فعلى كل فريق لبناني إعلان موقفه تجاه هذه العملية الانقلابية، إذ لا مجال للتسوية في الشؤون السيادية ولا مكان للمواقف الرمادية والملتبسة.

حزب الله يدمر لبنان، وكل كلام آخر خارج عن الموضوع
شارل الياس شرتوني/22 آب/2021
إن التراكم التصاعدي للأزمات المالية والحياتية على تنوع مندرجاتها ليس من باب الصدفة، بل هو نتيجة لسياسة الانهيارات الإرادية التي تسعى إليها الفاشيات الشيعية، تكملة لما أسست له جمهورية الطائف منذ ثلاثة عقود وما سبقها من تدمير لمرتكزات البلاد السيادية، تحول معها لبنان الى أرض نزاعات بديلة، سعت من خلاله سياسات النفوذ الداخلية على خط التقاطع مع المحاور الاقليمية والدولية، الى تغيير مرتكزات الاجتماع السياسي في لبنان بمكوناتها التعددية والليبرالية والديموقراطية، والقضاء على الذخر الاجتماعي الذي بني على مدى مئة عام، وصولا الى تغيير بنية البلاد الجيو-پوليتيكية. ليس صحيحا أن استحالات التأليف الوزاري عائدة لاعتبارات دستورية أو ميثاقية، أو أن المسائل المالية على صعوباتها غير قابلة للحل، المسألة تكمن في إرادة التعطيل المنهجية التي يعتمدها حزب الله وحليفه الشيعي، نبيه بري، ومستنسخاته (ميشال عون وحسان دياب، سعد الحريري، نجيب الميقاتي) تمهيدا لترسيخ واقع الانهيارات المعممة، والدفع بالهجرة، وتغيير الديناميكيات المدنية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية من خلال وضع اليد على السياسات العامة، واستثمار واقع الفساد المعمم، والعمل الارهابي كما ظهرته عملية المرفأ الارهابية، وتثبيت مناخات عدم الاستقرار الأمني من خلال سياسة التوتر الاستنسابي مع اسرائيل، وتحويل لبنان الى قاعدة لسياسة الانقلاب الشيعي التي تديرها إيران على المستوى الاقليمي، والى ملاذ لاقتصاد الجريمة المنظمة وتبييض الأموال التي يديرها دوليا، وسياسة الاغتيالات المتنقلة والارهاب المتعدد الأوجه التي لازمت أداءه منذ أربعة عقود.
إن أية مقاربة للأزمة الحاضرة خارجًا عن سياسة التعطيل التي يعتمدها حزب الله تقع في دائرة التجاهل والتعمية الارادية، التي تؤدي الى ترسيخ هذا المسار وتغطيته على نحو مباشر أو غير مباشر. إن سياسة التدمير المنهجي المعتمدة هي وراء هذا المسار الذي يسعى الى تثبيت واقع الاهتراء المديد، الذي تستثمره الاوليغارشيات المافياوية المتحالفة مع الفاشيات الشيعية من زاوية حماية المصالح المشتركة التي أسست لنهب الاموال العامة والخاصة من خلال سياسة الديون البغيضة، وتحويل الدولة الى الأداة الفضلى لتكوين الزبائنيات والحيازات التي جعلت من المرافق العامة المدخل الأساس لسياسات الاثراء الاوليغارشي، والسطو على القطاعات المالية والاقتصادية في البلاد، وتقويض مرتكزات المواطنية، المدنية والديموقراطية والاتيكية، وتحويل الحياة العامة الى حلبة صراع مميت بين قوارض، وإشاعة مناخات الهمجية والجشع على كل مستويات التبادل الاقتصادي والاجتماعي، واستراتيجيات السيطرة الشيعية والسنية وملحقاتها في الاوساط المسيحية. لا إمكانية للخروج من واقع الاهتراء الإرادي المديد دون استقامة موازين القوى السياسية غير الممكنة في ظل الارهاب الذي يظلل الحياة السياسية والأمنية في البلاد. هذا يعني أنه لا بد من توحيد عمل المعارضة السياسية على تنوع اجنحتها، حول المطالبة بتدويل الأزمة اللبنانية تحت آلية الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة.
أما جوابي على المشككين بفائدة التدويل وحيثياته وإمكانياته مباشر: ماذا يعني اللجوء الى صندوق النقد الدولي والصناديق المانحة لحل المسائل المالية، لما التعاطي مع برامج المساعدات الدولية والمنظمات غير الحكومية من أجل معالجة الأزمات الإنسانية الناشئة عن انفجار المرفأ وحريق التليل، والحرائق المتنقلة والتدمير المنهجي للمواد الطبيعية والنسيج الايكولوجي، ووباء كورونا لجهة الپروتوكولات العلاجية واللقاحات، ولما تخريج القرارات الدولية من أجل تثبيت اتفاقية الهدنة مع اسرائيل، ووقف التفاعلات النزاعية التي دمرت لبنان على مدى أربعة عقود ( ١٧٠١، ١٦٨٠)، واستعادة سيادة الدولة لسيادتها في الشؤون الأمنية والدفاعية (١٥٥٩)، ولما استثناء المدخل الأساس للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي وما يقتضيه من حوار سياسي يخرج عن دائرة الاقفالات الاوليغارشية التي فرضتها الائتلافات المافيوية والفاشية. إن المواجهة مع الفاشيات الشيعية غير ممكنة خارجًا عن التدويل، والا فالبلاد قد دخلت في سياق الانهيارات البنيوية التي تجتاز الشرق الاوسط الكبير من افغانستان حتى لبنان، والوقوع في شباك النهيليات التي تحكم المسارات السياسية في المدى العربي والإسلامي، والسياسات الامپريالية التي تظللها على خط النزاعات السنية والشيعية المتفلتة في كل ارجائها.

الفاشيات الشيعية والمنظومة المافياوية وحلف الافاعي
شارل الياس شرتوني/29 آب/2021
حكومة، لا حكومة، لعبة تقاذف المسؤوليات تكمل مسارها، لا تحقيق مع حسان دياب بشأن عملية المرفأ الارهابية لانه في ذلك مساس بكرامة الطائفة السنية التي اكتشفت مؤخرا أن حسان دياب يمثلها، حزب الله يعلن التزام تحالفه مع عون وتأييده للنادي الاوليغارشي السني في رفضه التحقيق مع رئيس حكومة القاصرين المستقيلة التي أتى بها استكمالا لوضع اليد على المؤسسات الدستورية في البلاد. في كلتا الحالتين نحن أمام سياق سياسي مزور، يستخدم القصور العقلي لميشال عون واضطراباته السيكوپاتية ووهاماته للإبقاء على الفراغ الحكومي وتعميق الشرخ مع السنة، ويستثمر في المظلومية السنية المفبركة من قبله لنسف التحقيق القضائي الذي يخشاه. بالمقابل، تعمل الفاشيات الشيعية والمافيات المتواطئة على تفعيل الأزمات الحياتية على كل المستويات من خلال تفخيخ التسويات السياسية، والاستنكاف عن معالجة الأزمات المعيشية التي أوصلت البلاد الى حد الانهيار الشامل لكل القطاعات المالية، والخدماتية، والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والبيئية…، وإحالة المواطنين الى أحوال من الاعياء المعمم واليأس والتعايش الاكراهي مع هذا الواقع.
لا سبيل للخلاص من هذا الواقع وقيوده المتشعبة ما لم نعي الترابط القائم بين هذه الأزمات المفتعلة وأهدافها المتحركة والسياسة الانقلابية التي وضعها حزب الله من أجل تغيير الديناميكيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية في البلاد عن طريق سياسة الانهيارات المبرمجة، والإرهاب الجماعي والفردي (انفجار المرفأ، الاغتيالات)، والتموضع على خط النزاعات الاقليمية على تنوع محاورها (اسرائيل، الأراضي الفلسطينية، سوريا، العراق، اليمن، البحرين،…) تأكيدًا على دوره المحوري في قيادة السياسة الانقلابية الشيعية التي تديرها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتحويل لبنان الى مركز لإدارة وتبييض أموال الاقتصاد الاجرامي الذي أسسه دوليا. هذا يعني بكلام آخر أن النفاق الذي يحكم اداء الاوليغارشيات السنية والدرزية وملحقاتها في الاوساط المسيحية، يسعى الى تصوير الأزمة على أنها دستورية وسياسية وفردية، في حين أننا امام سياسة انقلابية تستعمل الغطاءات المؤسسية سبيلا لتحفيز التناقضات السياسية، وتدمير الشروط البنيوية لاعادة بناء السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والخروج من سياسة التدمير المنهجي للدولة والكيان على حد سواء، كما تؤكدها مواقف قيادات حزب الله والمؤسسات الدينية والمقولات الشعبية السائدة في الأوساط الشيعية. أما سبب استهداف المسيحيين فبين بعد سقوط ورقة عون التي استخدمت كحصان طروادة من أجل استتباعهم من ضمن خطة تتوخى تغيير جغرافية البلاد السياسية، وإسقاط معادلات الاجتماع السياسي التعددي والليبرالي، وتوسيع مدى مداخلة سياسة النفوذ الشيعية إقليميًا، واستبدالها بتقاسم مع سياسات النفوذ السنية بشقيها الاوليغارشي الداخلي والتركي مع تعذر التفاهم،حتى الساعة، مع المحور السعودي ومداراته الخليجية.
إن أية مقاربة للأزمة من زاوية اللعبة المؤسسية هو تجاهل للواقع، ووقوع في التضليل الذي يحاول إشاحة النظر عن أبعاد السياسة الانقلابية بإتجاه مماحكات الاوليغارشيات الناهبة والمتواطئة على قاعدة المبادلات والتغطية والتقاسم لمسالب الدولة الوهمية التي أحالتنا إليها جمهورية الطائف. إن الابقاء على قواعد هذه اللعبة هو مشاركة في إيصالها الى أهدافها في وقت قياسي، كما ظهرته عملية المرفأ الارهابية التي لا تفهم الا من خلال السياسة الانقلابية التي تسعى من خلال سياسة التدمير الشامل وتزوير مرتكزات الحياة السياسية، الى إطلاق مرحلة تصفية الكيان اللبناني والتأسيس لديناميكية سياسية بديلة. لا مجال لأي تغيير دون إسقاط المنظومة الحاكمة بأمر حزب الله وشركاه، ولا سبيل لذلك في ظل معادلات النفوذ القائمة، وبالتالي إن اللجوء الى القانون والمؤسسات الدولية أصبح محتوما، والا فنحن سائرون باتجاه اهتراء نزاعي مديد سوف يحيلنا الى الفراغات الاستراتيجية المتنامية والى النهيليات الاسلاموية المتأهبة، التي هي جزء من سياسة حزب الله الانقلابية على الرغم من محاذيرها، هذا مع العلم أن سياسة حافة الهاوية التي يعتمدها ليست حكرا على أحد.

الانقلاب، سياسة التوتر الاستنسابي والتفكيك المنهجي للكيان اللبناني
شارل الياس شرتوني/11 آب/2021
يبدو أن مبدأ “تناسل الأزمات” الذي وضعه وضاح شرارة لتفسير سياسة الأزمات المفتوحة التي اعتمدها حزب الله أساسًا في إستراتيجيته الانقلابية على تعدد محاورها، قد دخل في مرحلة جديدة هي مرحلة التعطيل الكلي للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تمهيدا لانهيارات بنيوية تنال من قدرة البلد على النهوض، وتؤدي الى تبدلات سريعة الوتيرة على كل المستويات. إن سياسة القمع التي اعتمدها مع حليفه الشيعي حيال الحراكات المدنية، وافتعال الأزمات الامنية على نحو متواتر على الحدود الجنوبية، والأزمات الحكومية المديدة، واداء حكومة حسان دياب القاصرة والمتواطئة، ومسرحيات تشكيل الحكومة مع سعد الحريري ونجيب ميقاتي، كافية للتدليل على نفاذ الانهيارات السياسية والمؤسسية تحت وطأة استراتيجية التآكل التي اعتمدتها الفاشيات الشيعية. نحن أمام سياسة هدم مثابرة لحيثيات الكيان اللبناني الوطنية والدولتية، كما أفصحت عنها صحيفة كيهان الإيرانية، التي أعتبرت ان لبنان ١٩٢٠ انتهى لحساب الكيان السياسي الناشىء بقيادة حزب الله، وتصريح جورج قرم الذي يبرر سياسة وضع يد حزب الله على البلاد على خط اعادة التكوين الجيوسياسية الاستوائية بين لبنان وسوريا والعراق. هذا يملي علينا بالتالي عدم اضاعة الوقت في نقاشات جانبية حول التأليف الحكومي، لإن ما يجري قد همش بشكل أساسي الإشكاليات السياسية الداخلية والمؤسسية لحساب سياسة انقلابية واضحة المعالم.
– تندرج الأزمة الامنية، التي دفع بها حزب الله على الحدود الجنوبية، ضمن سياق التأزيم المفتعل الذي يستهدف تغييب مسألة انفجار المرفأ واطفاء مفاعيلها القضائية والسياسية، وتهميش أولوية التأليف الوزاري وبدء المعالجة الفعلية للأزمات المالية والاقتصادية-الاجتماعية والبيئية المتراكمة بالتعاون مع المؤسسات الدولية والدولتية، وترسيخ اجواء القلق واليأس والحث على الهجرة مقدمة لسياسة وضع اليد على البلاد. إن التلطي وراء تعثر المفاوضات الاقليمية بين إيران والولايات وأعمال الإرهاب واستهداف السلم الاهلي في كل من العراق ولبنان، لا تفسر وحدها طبيعة أداء حزب الله ومواليه المصممين على قضم الكيان الوطني والدولتي على حد سواء. إن المواجهة التي تبديها الحراكات السياسية والمدنية قد فاجأت حزب الله وحلفائة دون أن تثنيه، ولكن ثباتها في المواجهة يشكل أساسًا لديناميكية مضادة تستدعي تحصينا دوليًا يحول دون التداعي المضطرد لموازين القوى، ويساعد على استعادة سيادة البلد والتأكيد على شرعيته، والتأسيس لحوار جدي يعيد للبلاد حيثياتها الكيانية والدولتية.
– إن واقع الجمود الاقتصادي الذي تفرضه الأزمات المالية المديدة قد اصبح قاتلًا لأنه يصيب قدرة البلاد على النهوض دون إصلاحات هيكيلية في القطاع المصرفي لجهة إعادة النظر بتقسيم العمل فيه وإعادة رسملته وضبط معاييره المهنية والاتيكية، وتنظيم علاقته مع البنك المركزي انطلاقا من تحديد الوظائف والرباطات الخاصة بكل منهم، ومن علاقة المبادلات المالية بالاقتصاد الفعلي والأولويات الانمائية، وتوسيع قاعدة الاستثمارات القطاعية والإقليمية، واعادة النظر بقانون النقد والتسليف، واستعادة الأموال المهربة، وإنفاذ قرار التحقيق الجنائي الشامل وفتح المقاضاة على أساسها أمام المحاكم اللبنانية والدولية، ومصادرة الأموال المنهوبة من خلال المقررات والقوانين العقابية في اوروپا والولايات المتحدة الاميركية. إن التعطيل المتعمد والمستتر وراء حجج واهية تعود الى المحاصصات الاوليغارشية، هو فعل إرادي يستهدف الذخر الاجتماعي الذي بنته البلاد على مدى مئة سنة، وتوازناتها المالية والاقتصادية الكلية، كأفضل سبيل من أجل دفع ديناميكية الانهيارات، وتغيير معادلات الاجتماع السياسي في لبنان على خط توسيع الفراغات الاقليمية، والتأسيس لانتظامات جيو-پوليتيكية تمليها سياسة النفوذ الشيعية التي تديرها إيران في منطقة الشرق الأدنى، وتردداتها في البلدان السنية، وعلى مستوى تعزيز الحركات الاسلامية المتطرفة.
إن سقوط المنظومة الحاكمة التي يديرها التحالف الشيعي، على مستوى الرئاسات الثلاث، هو شرط مسبق من أجل استئصال لبنان من هذه الكماشة الخانقة، والتمهيد لاصلاحات هيكلية سياسية وعامة، وإخراجه من قبضة المداخلات الخارجية التي حولته الى مداد لنزاعات بديلة كما حولت المنطقة بأسرها. إن المواجهة مع منظومة النفوذ القائمة تتراوح بين التصدي لخياراتها الاقليمية، ومواجهة سياسة “الأزمات المتناسلة” المنعقدة على خطوط الداخل والخارج، وتفكيك الاقفالات الاوليغارشية التي تأسست مع بدايات الطائف، والحلف الموضوعي بين أطرافها وأركان الفاشية الشيعية على مستوى سياسات النهب المنهجي وتحويل لبنان الى ملاذ للجريمة المنظمة وتبييض الأموال .إن كل الهراء الكلامي الصادر عن الفاشيات الشيعية لا يعدو كونه تغطية هزيلة لاداء انقلابي متعدد الروافع والاهداف، وعلى اللبنانيين أن يقيموا الفصل واضحًا بين أهدافه الانقلابية وادعاءاته الكاذبة وواقع سياسات التوريط النزاعي المجاني، والهيمنة الاعتباطية على القرار السياسي، والارهاب المتنقل، وضرورة انهاء واقع هذه الاستثناءات السيادية وتردداتها المدمرة داخليًا وإقليميًا على حد سواء.لا تعايش مع سياسات المنظومة الانقلابية الشيعية، تحت طائلة العيش في ظل الواقع الارهابي وتطبيعه في الداخل، والدخول في متاهات النزاعات الاقليمية على تنوع محاورها وأقطابها. هذا سؤال محوري لا بد من ان يجيب عنه الشيعة في لبنان، إذا ما اردنا سلاما ومستقبلًا في بلادنا.