انذار مبكر لدولة “ناشئة”!
لم تحمل الأيام الأخيرة مشهدا مشرقا للبنانيين وهم يعاينون معالم تقهقر من شأنه ان يحمل خيبات مبكرة للغاية لدى الطامحين إلى رؤية مسار حكم مختلف عن كل الحقبات المخزية السابقة
نبيل بو منصف/النهار/04 حزيران/2025
ليس ثمة مغالاة اطلاقا ان صارت دعوات لبنان ، بدولته الناشئة منذ بداية عهد الرئيس جوزف عون وحكومة الرئيس نواف سلام ، إلى التشبه بالسلطة الانتقالية ولا نقول الدولة بعد ، في سوريا ، مثار تشاؤم لدى كثيرنا من اللبنانيين . أولا هذا الجاري في سوريا إلى حدود “سماح ” الإدارة الأميركية لأحمد الشرع بضم عشرات ألوف المقاتلين الأجانب إلى جيش سوري وطني ناشئ يشكل أسوأ الأنماط.
على براغماتية أميركية مستعجلة فبركة السلطة الجديدة ، وثانيا نتساءل كيف يجري انهمار الدعم الغربي والسعودي والخليجي على سوريا فيما لا تتوقف فيها المجازر الطائفية والعرقية بعد وكأن الحرب الاهلية في عزها ؟ لذا تتجه اهتمامات اللبنانيين فورا إلى اول ما يعنيهم من هذا التفجر الهائل في التناقضات الدولية وهو تدفق عشرات ألوف النازحين السوريين بوتيرة يومية من الساحل السوري إلى الشمال اللبناني وعكار خصوصا على ما تكشف وتثبت تقارير المفوضية الأممية للاجئين بالأعداد والأرقام الدقيقة.
في ذلك لا ترانا نفهم كيف يسكت الحكم والحكومة وسائر المكونات السياسية والحزبية المتباهية يوميا باغداق المديح على الحكم الانتقالي في سوريا وداعميه الدوليين والخليجيين عن اغراق لبنان بمزيد من عطايا الكارثة التهجيرية للسوريين بعدما صمت آذاننا بأناشيد الأخوة الجديدة الصاعدة على انقاض الخلاص من النظام الاسدي البائد . واذا كان لنا ان نتوغل اكثر في عمق هذه الظاهرة الخطيرة فهي لا تكشف تحولا دوليا وإقليميا متدرجا لمصلحة إيلاء الملف السوري الأولوية على حساب لبنان فحسب بل تتكشف عن وهن عضوي مبكر جدا في مسار العهد والحكومة في لبنان “الدولة الناشئة” بحيث يخشى ان يلتحق مسار التخلص من كارثة النزوح واللجؤ السوري في لبنان بمسار نزع سلاح “حزب الله” إياه . ففي كلا الملفين يفتقر لبنان بشدة إلى استراتيجية شاملة تعكس وحدة الحكم والدولة في اخطر ملفيين سياديين ذات طبيعة شديدة التأثير على إعادة بناء الدولة والأمن الحدودي والسلم الأهلي سواء بسواء.
لم تحمل الأيام الأخيرة مشهدا مشرقا للبنانيين وهم يعاينون معالم تقهقر من شأنه ان يحمل خيبات مبكرة للغاية لدى الطامحين إلى رؤية مسار حكم مختلف عن كل الحقبات المخزية السابقة . تتراكم على سطح الدولة الطالعة عوارض التعثر والتراجعات في مقاربات التعيينات التي تفوح منها المحاصصات ، كما في مقاربات السيادة التي تلوح منها المسايرة المفرطة للثنائي الطامح إلى إعادة تعويم ورقة تسلطه، كما في مقاربات التباينات وتجاوز الصلاحيات وسواها مما لا يرى ولا يرى وراء أكمة العلاقات الرئاسية الحكومية ، ناهيك عن تخبط غير مفهوم في ارتجال إجراء ضريبي سارع وزراء إلى غسل أيديهم منه في ما يثير السخرية حيال هذه الشعبوية . ليس ايراد هذه النماذج إلا ضرورة حيوية عاجلة لاستدراك المعالم المبكرة لانحراف في مسار دولة بالكاد أقلعت نحو جبل من الأهداف الإصلاحية المشروعة التي تعهدت بالتزامات قاطعة تحقيقها . ولذا لم يكن مشهدا مشرقا أبدا ان يغدو ترميم علاقات اركان السلطة ومراضاة الساخطين منهم العنوان الطاغي على المشهد الداخلي فيما تتفتق من حولنا معالم تحولات لا تحمل الاستبشار للبنان إذا ظل او عاد إلى سابق افات السلطة لجهة المساهمة في تغييبه عن ولائم الصفقات الخارجية على حسابه . ولا نعتقد أننا في حاجة إلى مثل النافخ على اللبن لان الحليب كواه !!