يبدأ الصوم الكبير حسب طقوس الكنيسة المارونية يوم اثنين الرماد، وينتهي بسبت النور، ليكلل بفرح القيامة يوم أحد الفصح. يسبق الصوم الكبير أحد المرفع أو أحد الغفران، وهو الأحد الذي يتم فيه تذكار عرس قانا ومعجزة تحويل الماء إلى خمر.
الصوم، في جوهره الإيماني، هو فترة مقدسة للتأمل والتواضع والتوبة والتكفير عن الذنوب، وللمغفرة والصلاة والمصالحة مع الله والذات والآخرين. إنه زمن مميز للانطلاق في رحلة روحية نحو يسوع المخلص، ينبوع المحبة والرحمة والمغفرة.
إنها رحلة يرافقنا فيها يسوع شخصيًا في صحراء فقرنا الروحي والإنساني، يسير معنا ويمسك بأيدينا لنصل إلى بهجة القيامة وفرح الفصح المجيد.
الصوم الكبير معركة روحية نختار خوضها لمواجهة ذواتنا، والابتعاد عن ملذات الجسد ورغبات الأرض، بهدف التخلي عن الخطيئة بكل أشكالها. إنه زمن يعزز فينا الرجاء والإيمان، ويدربنا على مقاومة وساوس الشيطان والابتعاد عن دروبه المظلمة المليئة بالخطيئة واليأس.
تعلمنا الصلاة والتأمل أن الله حاضر دائمًا لحراستنا وإرشاد خطواتنا، وحين نصوم ونصلي، نجد وقتًا لله، لنفهم أن كلماته ثابتة لا تزول:
“السماء والأرض تزولان، ولكن كلامي لا يزول.” (مرقس 13:31).
من خلال الصوم والصلاة، ندخل في علاقة حميمة مع يسوع، فنزداد ثباتًا في إيماننا ورجائنا، حتى لا يستطيع أحد انتزاعهما منا.
الصوم تدريب روحي نسعى من خلاله إلى الاقتداء بيسوع المسيح، الذي انتصر على إغراءات الشيطان أثناء صيامه في البرية. مستلهمين مثاله، نجاهد لتنقية قلوبنا وضمائرنا وأفكارنا، لنقترب أكثر من روح القداسة والطهارة.
نصوم واثقين بأن الرب هو راعينا وحامينا، متشبثين بكلماته في المزمور 23:4:
“إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًا، لأنك معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني.”
إن قراءة الإنجيل والتأمل فيه تغذي أرواحنا وتقوي عقولنا بنور كلمة الله. ومن خلال الصلاة العميقة والإصغاء إلى صوته، نزداد رسوخًا في الإيمان الذي بدأ يوم معموديتنا.
وفي الختام، فإن زمن الصوم هو فرصة روحية ثمينة تمنحنا أفقًا جديدًا من الرجاء والفرح، وتوجه خطواتنا نحو درب الخلاص الأبدي.
**الكاتب ناشط لبناني اغترابي عنوان الكاتب الالكتروني Phoenicia@hotmail.com رابط موقع الكاتب الالكتروني https://eliasbejjaninews.com
الصوم والقطاعة والاعفاء منهما
الصيام هو الإمتناع عن الطعام من نصف الليل حتى الظهر، مع إمكانية شرب الماء فقط، من إثنين الرماد حتى سبت النور ، باستثناء الأعياد التالية: مار يوحنا مارون (2 آذار)، الأربعون شهيدا (9 آذار)، مار يوسف (19 آذار)، بشارة العذراء (25 آذار)؛ وشفيع الرعية؛ وباستثناء السبت والأحد من كل أسبوع، بحسب تعليم القوانين الرسولية (سنة 380). ففي السبت تذكار الخلق، وفي الأحد تذكار القيامة. تستثني هذه القوانين سبت النور ” لأن اليوم الذي كان فيه الخالق تحت الثرى، لا يحسن الإبتهاج والعيد، فالخالق يفوق جميع خلائقه في الطبيعة والإكرام”.
القطاعة هي الإمتناع عن أكل اللحم والبياض طيلة الأسبوع الأول من الصوم، وأسبوع الآلام، وفي كل يوم جمعة على مدار السنة، ما عدا الفترة الواقعة بين عيدي الفصح والعنصرة، والميلاد والدنح، والأعياد الليتورجية الواجبة فيها المشاركة بالقداس الإلهي مثل: الميلاد، والغطاس، وتقدمة المسيح إلى الهيكل، ومار مارون، ومار يوسف، والصعود، والرسولين بطرس وبولس، وتجلي الرب، وانتقال العذراء إلى السماء، وارتفاع الصليب، وجميع القديسين، والحبل بلا دنس، وعيد شفيع الرعية.
توبوا إلي بكل قلوبكم، بالصوم والبكاء والندب. مزقوا قلوبكم لا ثيابكم. فتوبوا إلى الرب.
يوئيل الفصل02/12-18/يقول الرب. ((توبوا إلي بكل قلوبكم، بالصوم والبكاء والندب. مزقوا قلوبكم لا ثيابكم. فتوبوا إلى الرب. الرب حنون رحوم. بطيء عن الغضب، كثير الرحمة، نادم على السوء، لعله يرجع ويندم ويبقي وراءه بركة، فتقربون تقدمة وسكيب خمر للرب إلهكم. أنفخوا في البوق في صهيون، وتقدسوا للصوم ونادوا على الصلاة. إجمعوا الشعب وقدسوا الجماعة. أحشدوا الشيوخ واجمعوا الصغار والأطفال. أخرجوا العريس من مخدعه والعروس من خدرها. بين الرواق والمذبح يبكي الكهنة، خدام الرب، ويقولون: أشفق يا رب على شعبك وميراثك. لا تجعله عارا فتتسلط عليه الأمم ويقال في الشعوب: أين إلهك؟ غار الرب على أرضه وأشفق على شعبه.
فلا يحكم بعضنا على بعض، بل الأولى بكم أن تحكموا بأن لا يكون أحد حجر عثرة أو عائقا لأخيه
رسالة القديس بولس الرسول لأهل رومة/الفصل 14/13-23/فلا يحكم بعضنا على بعض، بل الأولى بكم أن تحكموا بأن لا يكون أحد حجر عثرة أو عائقا لأخيه، وأنا عالم ومتيقن في الرب يسوع أن لا شيء نجس في حد ذاته، ولكنه يكون نجسا لمن يعتبره نجسا. فإذا أسأت إلى أخيك بما تأكله، فأنت لا تسلك طريق المحبة. فلا تجعل من طعامك سببا لهلاك من مات المسيح لأجله، ولا تعرض ما هو خير لكلام السوء. فما ملكوت الله طعام وشراب، بل عدل وسلام وفرح في الروح القدس. فمن خدم المسيح مثل هذه الخدمة نال رضى الله وقبول الناس. فلنطلب ما فيه السلام والبنيان المشترك. لا تهدم عمل الله من أجل الطعام. كل شيء طاهر، ولكن من السوء أن تكون بما تأكله حجر عثرة لأخيك، ومن الخير أن لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا ولا تتناول شيئا يصدم أخاك. فاحتفظ وأحفظ ما تؤمن به في هذا الأمر بينك وبين الله. هنيئا لمن لا يحكم على نفسه إذا عمل بما يراه حسنا. أما الذي يرتاب في ما يأكل، فمحكوم عليه أنه لا يعمل هذا عن إيمان. وكل شيء لا يصدر عن إيمان فهو خطيئة.