د. رندا ماروني: الايديولوجيا المفروضة

127

الايديولوجيا المفروضة
د. رندا ماروني/30 تشرين الثاني/2024
الايديولوجيا المفروضة إلى جهنم وبئس المصير، فالمقاومة الإسلامية وثلاثية “شعب، جيش، مقاومة” لم ولن يكن لهما مكان في الدستور اللبناني ولا شرعية لأي سلطة فوقية مفروضة تناقض ميثاق العيش المشترك، كما ورد في مقدمة الدستور، ولا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره، لا من خلال أيديولوجيا مفروضة إيرانيا ولا من خلال أي سياسة بلع وهضم وتشويه معالم الدولة والكيان اللبناني ولا من خلال نحر الركائز الثقافية والتاريخية، لتحويلها إلى ركام على ضفاف نهر الدولة الإسلامية المرتزقة المتدفق وحولا وأزمات خارج حدودها المتعارف عليها دوليا
فلا قرار لسلم أو حرب خارج إطار الدولة ولا مقاومة “فلتانة عراسها” خارج إطار الدولة، فالمقاومة خارج إطار الدولة ليست مقاومة، إنما مدخل حقيقي للإرهاب المصنف، والمقاومة الحقيقية هي مقاومة وطنية يشارك فيها الجميع من خلال الجيش ومن خلال إستراتجيته الدفاعية، وليست مقاومة حزب من هنا أو طائفة من هناك، ففي دولة لا تملك قرار السلم والحرب ولا يحترم فيها الدستور، لا مكان للسيادة فيها، فالمقاومة خارج إطار الشرعية، هي صك براءة مسبق لأي إعتداء خارجي، والسيادة ليست للأرض وحدها إنما هي في الحقيقة سيادة الدستور والنظام على الجميع سواسية، وتتحقق من خلال عدم مصادرة قرار الدولة من قبل اي طرف من الأطراف المعنية، إنما الخضوع لمشيئة قراراتها القانونية والدستورية، فوظيفة سلاح حزب الله الإيراني في لبنان في العلن هو سلاح مقاومة موجه ضد العدو الإسرائيلي إنما هو في الحقيقة موجه لصدور اللبنانيين جميعا، من خلال مصادرة قرار الدولة والشعب اللبناني وحقه في الإختيار.

من هذا المنطلق المقاومة الشرعية الوحيدة الجائزة هي مقاومة الشعب اللبناني لكافة أشكال الطغيان التي تمارس بحقه، باستعلاء واستقواء، لسحق إرادته الوطنية ومصادرة قراراته بهمجية غير مسبوقة الوقاحة والمجاهرة، الأمر الذي يوجب عليه التصدي والاستعداد لمواجهة كل أشكال الطغيان المفروضة عليه، وخروجه من بيت الطاعة تحت ما يسمى ،” المقاومة الإسلامية” وخزعبلات وهرطقات المرشد الإيراني، تحت ما يسمى ” شعب،جيش،مقاومة” ، والتمسك بأسس الدولة المتعارف عليها علميا، ألا وهي : أرض، شعب، مؤسسات. ولبنان العضو المؤسس والعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون إستثناء. ولبنان الجمهورية الديمقراطية البرلمانية التي تقوم على إحترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل، ولشعب لبنان وحده الحق بأن يكون هو مصدر للسلطات، وهو وحده صاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية لا عبر فتوة من هنا وتوجيه من هناك وللبنانيين الحق في المقاومة إنطلاقا مما تقرره القواعد الدستورية وتنظمه التشريعات الداخلية، فإنطلاقا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقر في كانون الأول عام ١٩٤٨، فالديباجة التي تصدرت نصوصه تضمنت ذلك بالاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة، الأمر الذي هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية ٱذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يصبو إليه عامة البشر إنبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الخوف، ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء ٱخر الأمر إلى التمرد على الإستبداد والظلم، ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق على إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد، وحزمت أمرها أن تدفع بالرقي الإجتماعي قدما، وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية، ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان الحريات من خلال إدخالها في مناهج التعليم والتربية، كإجراءات قومية وعالمية، لضمان الإعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة.

فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على مراعاة النظم القانونية لمعايير حقوق الإنسان لكي لا يضطر الإنسان والشعب على التمرد على الإستبداد والظلم،
اما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيه والسياسيه لسنه 1966 فقد ورد في ديباجته على التاكيد على كون البشر احرارا وهو ما يدل بشكل صريح على حق الافراد في عدم الانصياع للظلم والاضطهاد ومن حقهم في مقاومه الطغيان من اجل تجسيد مبادئ الحريه والمساواه اذ ورد فيها” ان الدول الاطراف في هذا العهد، اذ ترى ان الاقرار بما لجميع اعضاء الاسره البشريه من ٱرامة اصيله فيهم، ومن حقوق متساويه وثابته، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنه في ميثاق الامم المتحده، اساس الحريه والعدل والسلام في العالم، واذ تقر بان هذه الحقوق تنبثق من ٱرامة الانسان اصيله فيه، اذ تدرك أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الاعلى المتمثل وفقا للاعلان العالمي لحقوق الانسان، في ان يكون البشر احرارا، ومتمتعين بالحريه المدنيه والسياسيه، وذلك بحقوقه الاقتصاديه والاجتماعيه والثقافيه.

فالاعلانات المعنيه بحقوق الانسان المحلية والدوليه كرست حق المقاومه، مقاومه الطغيان، طغيان السلطه الحاكمه سواء كان ذلك بشكل صريح ام بشكل ضمني، يستشف من خلال النصوص القانونيه التي عبرت على عدم انصياع الافراد للظلم والطغيان، ومن حقهم مقاومة الطغيان لتجسيد مبدا الحريه الكامله للانسان، اذ ان من حقه استرداد السيادة متى ما اساءت من قبل الممثلين او من قبل الحكام وانطلاقا من الاعلانات المعنيه بحقوق الانسان المحليه والدوليه فللبنانيين الحق بالدفاع عن وجودهم ورفض هيمنه الميليشيات ومقاومه الاحتلال الإيراني، وللشعب ايضا الشرعية الكاملة المستمدة من الدستور والنصوص العالمية، في المقاومه ضد هذا الاحتلال وضد أيديولوجيته المفروضة على الشعب اللبناني دون وجه حق، وضد السلاح الفئوي التابع له، الذي لا يتعدى كونه سلاحا لميليشيا باتت تحكم لبنان بالكامل بقوه السلاح، الذي يعرف عن نفسه “بالمقاومه الاسلاميه”،مع العلم انه لا يوجد ماده في الدستور اللبناني تشرع سلاح اي مجموعه تحت مسمى المقاومه، ولا يوجد اي نص قانوني يسمح لاي جهه كانت وتحت اي مسمى بالتسلح غير الجيش اللبناني، فحزب الله الذي ابتدع لنفسه صفة المقاومة لإبعاد صفة المليشيا عنه، إلا أنه وبالرغم من ذلك لا وجود له كمقاومة في الدستور, ولتغطية هذا النقص في النص الدستوري، سعى لفرض مصطلح مقاومة على البيانات الوزارية التي لا تشكل مادة قانونية في هذا المجال، فحزب الله هو قوه امر واقع مخالف لشريعة العيش المشترك، ومن الناحيه القانونيه لا وجود له، وهو منبثق من مكون طائفي ولا يمثل باقي المكونات، ولا يحوز وجوده على رضاها، حيث لا شرعيه لسلطه تخالف ميثاق العيش المشترك، هو يمثل أيديولوجيا إسلاموية توسعية فوق قومية مفروضة فرضا بقوة السلاح تخطف إرادة الشعب اللبناني لتضعه في نفق مظلم مجهول المصير، مما يضفي شرعية حقوقية للبنانيين محلية وعالمية لمقاومة مشروعه حتى إستعادة القرار.