رد من الأستاذة جينا الشماس على مقالة عبد المنعم يوسف التي تناول من خلالها الرئيس سليم الحص
29 آب/2024
صدر عن النقيبة السابقة لخبراء المحاسبة المجازين في لبنان الأستاذة جينا الشماس، رئيسة جمعية مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد – لبنان، في اطار حق الرد وتعليقا على مقالة المدير العام لأوجيرو عبد المنعم يوسف ما يلي:
ليس صدفة محاولة التشويش على ذاكرة الشعب اللبناني ومحاولة النيل من سمعة دولة الرئيس سليم الحص. فالرجل كان من محاربي الفساد وصاحب الموقف النزيه المستقيم. ولقد اثبتت حالته المادية انه لم يرش ولم يرتش يوما ولم يقبل عمولات على صفقات الدولة…
فبينما يعيش لبنان حداداً على رحيله، تكرّس ذكراه بحزن الناس على خسارته كرجل دولة نظيف الكف، لم يفرّط بالمصلحة العامة والقرارات في الشؤون الوطنية من أجل المنفعة الخاصة.
لقد كُتب الكثير عن دولة الرئيس الذي عُرف بضمير لبنان ورجل النزاهة والاستقامة. الا ان معظم ما كُتب لم يتنبّه لكونه اول سياسي بدأ حملة مكافحة الفساد قبل أكثر من عقد من التزام لبنان بمعاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. حيث تعاون دولة الرئيس الحص مع مركز الأمم المتحدة لمنع الجريمة الدولية آنذاك،(UNCICP ) والذي عاد وأصبح جزءا من مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، وأسس لعلاقة متينة مع الامم المتحدة لمكافحة الفساد. وتجاوب مع الأمم المتحدة التي حددت اعضاء لتأسيس اللجنة الوطنية للنزاهة Nationa Integrity
Steering Committee (NISC).
وقد عملت اللجنة على عدة مشاريع لتقييم الفساد وتحديد كيفية معالجته بالتنسيق مع مكتب وزير التنمية الإدارية والذي ما زال مسؤولا عن تطبيق معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في لبنان.
ولمن لا يعرف او لا يتذكّر فإن دولة الرئيس دفع برزمة مشاريع قوانين، كمشروع قانون الأملاك البحرية، ومشروع ضمان الشيخوخة، ومشروع اللامركزية الإدارية، وخطة الإصلاح المالي في مدة خمس سنوات، ومشروع قانون “وسيط الجمهورية” على غرار جهود مكافحة الفساد المتبعة في معظم الدول الغربية آنذاك، ليتسنى لكل مواطن تقديم الشكاوى وتحصيل حقه بشكل أسرع من مسار أو وتيرة القضاء، وتصحيح المسار الإداري اللازم. وفي معالجة الفساد اليوم وبعد صدور معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة 2005، المفروض ان الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المؤسسة حديثاً في لبنان هي التي تتولى نوع المهمات التي كانت تعنى بها مؤسسة “وسيط الجمهورية” ( Ombudsman).
يؤسفنا ما طالعنا به احدهم الذين انتظروا رحيل دولة الرئيس الحص لمهاجمته.
ولقد سئم الشعب اللبناني من أكاذيب وتضليل وتشويه للحقائق وتغييب متعمّد للكثير من الوقائع، علماً ان نتائج منظومة الفساد اصبحت معروفة محلياَ ودولياً. فسيف مكافحة الفساد الذي شهره الرئيس الحص اولاً، دفع بالفاسدين الى محاولة اغتيال ذكراه بتشويه سمعة “ضمير لبنان” ومسيرته. وما التوافق الشعبي على انه الرجل الذي لم يسمح للفساد ان يتملكه الا سبباً معروفاً لوقوف منظومة الفساد بوجهه حتى بعد مماته وفي عدة مراحل من حياته السياسية، هو الذي قام بواجبه كرئيس حكومة لبنان رغم كل الأثمان. وللتوضيح ومنعاً للتضليل المنشور، فان زيارته لرئيس جمهورية سوريا جاءت في إطار عمله ولم تكن صفقة رشوة كما فعل من تولى هذه المسؤولية قبله او بعده. واذا أردنا ان تُنشر صور لقاءات رؤساء الحكومات اللبنانية مع الرئيس السوري لامتلأت الصحف العالمية وليس فقط اللبنانية.
ومن الطبيعي ان يكون الرجل الذي رحل عن لبنان والشعب يلتف حوله، مكروهاً من منظومة فساد لم يصل معظم أركانها الى مركز القرار الا بسبب من استولوا على بيوت الشعب البيروتي بمخالفة صارخة للدستور اللبناني، وهم يسكنون في قصور لهم او لغيرهم، بينما سكن دولة الرئيس الحص في بيت بيروتي متواضع.
فالرجل ضمير لبنان ُثُبتت نزاهته ليس في تاريخ لبنان فحسب بل كمثال يحتذى به في الأمة العربية، ولن يغير من يكتب بهدف الانتقام أو التشهير بالأمر شيئاً.
نعم لقد كان دولة الرئيس على يقين بأن الفاسد عامة جبان يخرج كالجرذ من جحره باحثاً عن طعام من عرق جبين غيره، يستفيد على حساب الآخرين ويعرّض الشعب للخطر بفساده.
رحم الله رجلاً بقامة دولة الرئيس الحص، نعاهده بأن نكمل المسيرة التي بدأها هو الذي اثبت نظافة الكف مقابل منظومة فاسدة مستشرسة وقحة، تعتقد ان أكاذيبها تنطوي على الشعب بعد كل ما حل بنا. فحتى بعد نفاذ مدة شركة سوليدير سنة 2019 بحسب المادة 4 من نظام تأسيسها، ما زالت اليوم في قبضة المستفيدين بدلا ان تعود الأملاك والأموال الى الدولة اللبنانية والعاصمة بيروت وأصحاب الحق.
دولة الرئيس الحص، رحمك الله، كان لي شرف العمل معك، رجل الكرامة وعزة النفس ونظافة الكف، تترك عالمنا لتلتقي الخالق. اسكنك الله فسيح جنّاته، انت الذي بتاريخك وممارستك مثالا في الحوكمة الصالحة، ينحني لك كبار الرجال والسيدات، فلا غرابة ان يستفيق اي حسود أو جبان ليجرؤ على التزوير والتشهير بعد رحيلك.