هؤلاء الأشرار ليسوا كنيستي. الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/13 آذار/2024
لا يعنيني لمَن تصلّي تلك الراهبة المتنمّرة، لأنّ صلاتها او هرطقتها يحاسبها عليهما الله وحده. ولا يهمّني إن دافعت عنها الزمر الجرثوميّة اليساريّة، لأنّ في ذلك إدانة ومذمّة لها أكثر من إحقاق للحقّ، لاسيّما أنّ معظم المدافعين مشهورون بكرههم للكنيسة ولرسالتها، وبأنّهم يُمعنون تشويهًا برعاتها ويرفضون أيّ دور لهم في الشأن الوطني.
لكن،
ما عدا ممّا بدا لتقبل فجأة تلك الجراثيم اليساريّة بتدخّل راهبة في الأمور الزمنية، ولتنصرها!!؟
في الأمر “إنّ”! الكلّ يدافع عن الراهبة وهو يلعب على وتر أنّها تحضّ على الصلاة، أنّها تعمل برسالة المسيح، أنّها تتضامن مع مَن يواجهون العدو الصهيوني “ويردعونه”…الخ، وهذه أمور قد نختلف على تفسيرها، وعلى كلّ منّا أن يحترم رأي الآخر بخصوصها. لكن ماذا عن الكلام الذي نطقت به الراهبة بعد دعوتها الطلاب الأبرياء إلى الصلاة لأجل رجال “المقاومة”؟ هي قالت: “… وإذا نحنا ما صلّينا لهم وما حبّيناهم، بغضّ النظر عن شو منفكّر، منكون خونة بحقّ أرضنا وحقّ وطننا، وبحقّ كل كتاب منفتحو ومنقرا فيه…”!!!
مهلًا أيّتها الراهبة. مشكلتي معك هي هنا، وليس في الصلاة! مَن تكونين لتتّهميني بخيانة لبنان إذا لم أصلِّ لأعداء لبنان!!؟ انا ربّي خلقني إنسانًا حرًّا وترك لي خياراتي، فمَن أعطاكِ الحقّ بتسييري بحسب مشيئتك!؟ تتجرئين على القول بوقاحة “بغضّ النظر عن شو منفكّر”، ماذا يعني هذا الكلام؟ أهو دعوة لنكون غنمًا ونتخلّى عن ذاتيّتنا وضميرنا؟ في أيّ كتاب تقرأين أنتِ!؟
حين نظرت في وجوه الأولاد المنصتين إلى خطابك “التاريخي”، حزنت كيف هم مسحوقون لا حيلة لهم غير الإذعان والاستماع إليك، لأنّهم يخشون أن يُرموا في الشارع ويخسروا فرصة التعلّم مجّانًا في مدرستكم. ولمّا تأمّلت في وقوفك على السلم النقّال، وقرأت في أدائك المتنمّر وتعابير جسدك، حزنت أكثر لأنّك كنتِ تستغلين فقر هؤلاء الأولاد وعوز أهلهم لتفرضي نفسك عليهم، وتشعوذي.
ليس من حقّي أن أدينك، لكن باستطاعتك، أنتِ وحدك، الحدّ من السجالات التي نجمت عن أرعنتك، والتوفير على الكنيسة أخذ القرار بحقّك، وعلى الشعب إطلاق الأحكام العشوائيّة تجاهك، وذلك بالاعتذار من الناس الذين أهنتهم، وباللجوء إلى ضميرك إذا كان لا بدّ من النظر في تخليكِ عن نذورك الرهبانيّة. لا تغرّك مواقف جراثيم اليسار، فهؤلاء لهم اجنداتهم لتدمير الكنيسة، كما الحزب الذي تطلبين الصلاة لأزلامه، إذ يكفيك أن تري كيف أنّهم خلقوا مشكلة من موضوع دعوتك إلى الصلاة الذي لا يختلف عليه اثنان، وطمسوا هفواتك التي أنت بحاجة أن يدعموكِ لتتملّصي منها.
وكما اليسار، أطلّ علينا بعض الاكليروس، ومنهم من يتبوّأ مراكز حساسة في الكنيسة الكاثوليكيّة، متضامنين من الراهبة المتنمّرة في دعوتها إلى الصلاة لحزب الله! هؤلاء، وبدون أدنى شكّ، مضلِّلون لشعبهم، ومحرّفون لرسالة المسيح! هؤلاء يريدوننا أن نغرق بالصلاة ونتخدّر عن الحقيقة. يدّعون أنّ فعل الراهبة ليس بغريب عن المسيحيّة، ويدعوننا تجديفًا إلى الاستجابة في الصلاة لمَن يُريد أن يسلب المسيحيين أرض كسروان وجبيل!!
بماذا نتضرّع إلى الله؟
أنطلب منه نصرة حزب الله كي يتمكّن تهجير المسيحيين من عقر المسيحيّة في لبنان!!!؟
تتغاضون عن اهانات الراهبة لنا، ولدعم الصلاة من أجل العدو حزب الله، تلجؤون إلى الإنجيل حيث يقول يسوع: “َحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،” (متّى 44:5). أحبوا، باركوا، أحسنوا وأخيرًا “َصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ”.
نَعَم،
يسوع قال بالصلاة لمَن يُسيء إلينا وليس لمَن يُسيء إلى لبنان، ولا يعترف بكيانه، ويعبث بقراراته وينكّل بشعبه!!!
يسوع نفسه، ماذا قال للشيطان حين طلب منه أن يعاونه للسيطرة على القدس بوصفها رمزًا لممالك العالم؟ أوَلَم يقتبس من سفر “تثنية الاشتراع” معلنًا أمامه “للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد”؟؟ فأنتم لو كنتم أهلين حقًّا برسالة الإنجيل، لما طلبتم منّا الصلاة من أجل مَن يحلم بالسيطرة على القدس كفرًا باسم الله.
أيّها الإكليروس المناصر للراهبة المتنمّرة، مثلكم “هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ.” (2كو 13:11)، وأنتم لستم كنيستي.
في الخلاصة،
اليسار وبعض الإكليروس تضامنوا مع الراهبة لضرب كنيستنا من الداخل. أمّا الشعب الذي رفض إثم الراهبة فقد فعل ذلك ليقول إنّه ضدّ حزب الله وقرارته، وإنّ لا صلاة تعلو فوق الوطن الذي اسمه لبنان.