مصطفى جحا …ثمن الحرية وشرف استحقاق مصير زرادشت. ادمون الشدياق/13 كانون الثاني/2024
( سُئل الشهيد مصطفى جحا يوماً ” يا استاذ مصطفى. ان كل كتاباتك محشودة بالخطورة ومحشوة بالخطر على حياتك. وبصرف النظر عما اذا كنت محقاً او مخطئاً، جزئياً أو كلياً في نظر هذا الفريق أو ذاك، فهلا رحمت نفسك وعائلتك. واتقيت الخطر بشيء من المهادنة والاعتدال؟
فضحك الرجل، ضحكة الواثق واجاب :
أنا اكتب للبنان. وليست حياتي ولا عائلتي أغلى علي من وطني!
فقيل له : ليس كل من يقرأك يفهم سمو غايتك ويقدر رسالتك، وهنا الخطر، الخطر!
فقال : اذا شاء الجهل المجرم ان ينتزع حياتي كما انتزعت حياة الالوف من اللبنانيين الابرياء الشرفاء على الحواجز والساحات والطرقات، من جميع الطوائف والاتجاهات، فما عليه الا أن يفعل. وما على التاريخ الا أن يسجل اسمي بين شهداء الحرية والقضية والواجب.
* الانوار/ السبت 26كانون الثاني 1980.
اليوم نحن نعلم علم اليقين بأن مصطفى جحا كان رجل يعني ما يقول حتى الشهادة. ويؤمن بما يقول حتى الشهادة. ويمارس ما يقول حتى الشهادة.
مصطفى جحا عنى، وأمن ب، ومارس وعاش قضيته بثبات وشجاعة وحب لا يرتوي، حب جعله يختار طريق زرادشت ومصيره وتنويره ويكفر بطريق الخميني وتكفيره وتنكيله، حتى شرب كأس الشهادة حتى الثمالة، فترك خطوات بطولة يفخر أي مقاوم بأن يقتفي اثرها بخشوع النساك.
نعم في 15 كانون الثاني 1992 مشى مصطفى جحا درب قطعها من قبله ملكيصادق وهنيبعل وفخرالدين وألف شهيد وشهيد من بلادي.
درب قطعها من قبله بشير الجميل شهيد الشهداء.
وكل من كانت درب البطولة دربه.
مصطفى جحا …شهيد لبنان اولاً ، لبنان التعددية ، لبنان المميز، لبنان الحضارة ، لبنان الانفتاح ولبنان ال١٠٤٥٢ كلم٢ بكل أبنائه وتاريخه وفكره.
فهنيئاً لك يا أخي مصطفى فقد سجل التاريخ اسمك بين شهداء الحرية والقضية والواجب كما إشتهيت، وبحروف من ذهب. فنم قريرالعين. )
ادمون الشدياق
مصطفى جحا :
كاتب ومفكر لبناني كتب في السياسية والفلسفة ولد في قرية الجبين جنوبي لبنان عام 1942. في العام 1974 بدأ بنشر مقالاته في جريدة «العمل» و«الأحرار» و«النهار»… موجّهًا انتقادات قاسية للتدخل الفلسطيني في لبنان، ومنتقدًا في الوقت عينه انجرار أبناء الطائفة الشيعيّة وراء حركة “فتح”.
أزعجت مقالاته القوى المتواجدة في جنوب لبنان من الفلسطينيين وحلفائهم. وتعرّض للخطف عام 1975على يد حركة «فتح» الفلسطينية لمدة 20 يومًا، تعرّض خلالها لأشد أنواع التعذيب.
كانت تهمته حينها أنّه يتعامل مع الأحزاب اليمينيّة من حزبي «كتائب لبنانيّة» و«وطنيين الأحرار». تدخّل حينها كل من الراحل رئيس حزب «الكتائب» الرئيس بيار الجميّل والراحل رئيس حزب «الأحرار» الرئيس كميل شمعون ورئيس الجمهوريّة الراحل سليمان فرنجية لتحرير مصطفى جحا من قبضة حركة «فتح».
بعدها ترك منطقة الجنوب وهرب إلى بدارو (المنطقة الشرقيّة). وفي عام 1978 وضع كتاب «لبنان في ظلال البعث» الذي تناول فيه جرائم الجيش والمخابرات السورية في لبنان فأثار غضب السوريين وحلفائهم في لبنان.
عام 1980 وضع كتاب «الخميني يغتال زرادشت» انتقد فيه ترك الشيعة للبنانيتهم وانجرارهم خلف مشاريع غريبة عن الوطن لبنان، منتقدًا أيضًا في الكتاب مواقف، سياسة وتصرفات مرشد الثورة الإسلاميّة في إيران الإمام الخميني.. مما أثار غضب رجال الدين الشيعة والإيرانيين ومن بعدهم «حزب الله».
عام 1981 وضع كتاب «محنة العقل في الإسلام» الذي انتقد فيه بعض من جوانب الديانة الإسلامية بطريقة فلسفيّة.
وفي الثلاثاء 12 نيسان 1983 قامت المحكمة الشرعية الجعفرية برئاسة القاضي الشيخ عبد الله نعمة والذي ساعده عضوا المحكمة الشيخ خليل ياسين والشيخ عبد الحميد الحر بإصدار فتوى شرعية تقول بأن مصطفى جحا مرتد وكافر! وهو الأمر الذي وافق عليه أيضاً عدد من رجال الدين في دار الفتوى.
من مؤلفاته:
المخالب،
صدى ونغم،
شاهد الثعلب ذنبه،
لعنة الخليج،
الخميني يغتال زرادشت،
لبنان في ظلال البعث،
في سبيل وطن وقضية،
محنة العقل في الإسلام،
أبعد من زحلة وصور،
جزيرة الكلمات،
رسالتي إلى المسيحيين،
عقائد ورجال،
قاموس حرب علي ومعاوية،
نحن وصنمية التاريخ،
رسائل من خلف المتراس 1 و 2،
قضايا مشرقية.
وفي نهار 15 كانون الثاني 1992، بعد انتهاء الحرب اللبنانية، اعترضته في منطقة السبتيّة سيارة يستقلها مسلحون أمطروه بوابل من رصاص مسدس عيار 7 ملم مزوّد بكاتم صوت وهو في سيّارته.. وقد هُمّش ملف الاغتيال بطريقة غريبة ولم يتم الاهتمام به بأي شكل من الأشكل.