نوفل ضو: الإنتخابات الفرعية ضرورة دستورية لا خيار سياسي

92

الإنتخابات الفرعية ضرورة دستورية لا خيار سياسي
نوفل ضو/جريدة الجمهورية/السبت 15 تموز 2017

لا يجوز لأيّ كان، حتى لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولرئيس الحكومة سعد الحريري ولوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن يكون لهم رأي في مبدأ إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في كسروان وطرابلس.

فحيث النص الدستوري واضح وملزم بإجراء هذه الانتخابات لملء المقعد الذي شَغر في كسروان بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية والمقعدين اللذين شَغرا في طرابلس باستقالة النائب روبير فاضل ووفاة النائب بدر ونوس، يصبح رئيس الجمهورية، الذي أقسم على تطبيق الدستور والحفاظ عليه، وتصبح الحكومة رئيساً وأعضاء، ملزمين بإجراء الانتخابات النيابية تحت طائلة المحاسبة السياسية وحتى القانونية.

فإذا كان عدم تطبيق الدستور يُرتّب على مجلس النواب مساءلة الحكومة ووزرائها ومحاسبتهم وصولاً الى نزع الثقة عنهم، فإنّ مخالفة رئيس الجمهورية للدستور، كما فعل في رفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل أشهر بحجّة عدم موافقته على إجراء الانتخابات وفقاً للقانون الذي كان ساري المفعول يومها، تُعرّضه بدوره للمحاسبة القانونية بتهمة خرق الدستور من خلال جواز محاكمته أمام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

صحيح انّ مثل هذه المحاسبة القانونية تبدو غير متاحة في زمن التسويات والصفقات السياسية، ولكنّ تعطيل الدستور لهذه الناحية كما لغيرها من النواحي، لا يلغي مبدأ حصول المخالفة وإمكان، لا بل ضرورة، أن يحاسب الرأي العام اللبناني سياسييه من خلال صناديق الاقتراع، مهما تأجّل موعد الانتخابات، سواء كانت فرعية أو شاملة.

ولعلّ ما يزيد من «فظاعة» المماطلة في الدعوة الى إجراء الانتخابات الفرعية، هو الحجج التي تتردّد عن الاسباب التي تدفع بأهل السلطة الى التردد والتهرّب على أمل تمرير الوقت، بحيث يتمّ الوصول الى مدة الاشهر الستة الفاصلة عن موعد انتهاء الولاية الممددة للمجلس الحالي، وتسقط بالتالي ضرورة ملء الشغور النيابي.

فهناك من يرى ان لا مصلحة لرئيس الجمهورية في إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان ما لم يضمن فوز العميد شامل روكز، وهو ما لا يمكن ضمانه في حال توحّدت الفاعليات الكسروانية الرافضة للوصاية على القرار السياسي والانمائي للمنطقة، خلف مرشّح واحد يخوض المعركة بعنوان سيادي واضح رافض للسلاح غير الشرعي ولمَن يغطّيه او يتجاهل انعكاساته السلبية في كل المجالات، معطوفاً على عناوين رفض الهدر والفساد وسوء الادارة والمحسوبيات العائلية والحزبية والفئوية وغيرها من العناوين التي تضرب صورة العهد وتُضعفه منذ أشهره الاولى.

وهناك من يؤكد أن لا مصلحة لتيار «المستقبل» في إجراء الانتخابات الفرعية في طرابلس، في ظل الظروف السياسية الحالية وموازين القوى التي لا تصبّ في مصلحة تيار «المستقبل».

وهناك من يعتبر من بين أهل السلطة ان لا مصلحة لأيّ من أركان التركيبة الحاكمة في كشف أوراقه الانتخابية منذ الآن، خصوصاً ان لا مشاريع موحدة ولا رؤى مشتركة تجمع بين المتحالفين حاليّاً داخل الحكم والحكومة على المستوى الوطني والخيارات الاستراتيجية للدولة، ما يجعل تحالفاتهم في الانتخابات النيابية عرضة للتبديل عمّا هو قائم حالياً، علماً انّ الانتخابات الفرعية اليوم بالنسبة إليهم لا تستأهل هزّ التحالفات السياسية القائمة حالياً على أساس المصالح والمحاصصات.

وهكذا، فإنّ المعنيّين بقرار الانتخابات الفرعية يبدون مهتمّين بحساباتهم السياسية والانتخابية في مقاربة الملف، لا بنصوص الدستور ولا بحق الناس في التعبير عن رأيهم واختيار ممثليهم، ما يتطلّب المزيد من الضغط الاعلامي والسياسي لإجبارهم على إجراء الانتخابات والانصياع لحكم الشعب والرضوخ لمشيئته وخياراته.

فالانتخابات الفرعية يجب ان تكون مناسبة يختار فيها اللبنانيون بين مشروعين: مشروع أهل السلطة القائم على ما هو مُستشر من فوضى سياسية ومالية وإدارية تحت شعارات الواقعية السياسية والاستقرار وحماية لبنان من المخاطر الخارجية، وبين مشروع معارض يفترض أن يبلوره ويضع أسسه تحالف السياديين والتغييريين، بما يمكّن التحالف المُرتجى من الوصول الى الانتخابات العامة بعد ثمانية أشهر بقوة دفع وثقة بالنفس تسمح له بتمثيل وازن في مجلس النواب، يمكّنه من أن يكون صاحب رأي مرجّح في إدارة الدولة ورسم سياساتها وتظهير خياراتها المحلية والاقليمية والدولية، بما يغلّب منطق الدولة لا منطق الدويلات والاقطاعيات.
* عضو الهيئة المركزية لـ«14 آذار – مستمرون»