سابين عويس/السنيورة يرى “حزب الله” على صورة “نافورة جنيف” ولا منطق في معادلة عون للرئاسة وروكز للقيادة

211

السنيورة يرى “حزب الله” على صورة “نافورة جنيف” ولا منطق في معادلة عون للرئاسة وروكز للقيادة
 سابين عويس/النهار/25 نيسان 2015

لا يخرج زائر الرئيس فؤاد السنيورة بانطباع أن في الافق ما يخرق الجمود السياسي الذي يضغط على كل الاستحقاقات في ظل ما يصفه بـ”الهرغلة” التي تضرب كل إدارات الدولة ومؤسساتها، في ظل تسليم كلّي بالوضع اللبناني الى الخارج، ما دام “حزب الله” لم ينزل بعد من عليائه، ويتطلع إلى كبح حال الانحلال الذي بلغته الدولة. لا يخفي رئيس الحكومة سابقاً ورئيس كتلة “المستقبل” قلقه مما بلغته حال البلاد، حيث “الرئاسة مخطوفة، بفعل إفسادٍ لعقول اللبنانيين والمسيحيين منهم على وجه الخصوص بمقولة الرئيس القوي”. هي مقولة لا يرفضها أساساً السنيورة، لكنه ينظر اليها بطريقة مختلفة. فالرئيس القوي ليس بـ”زنوده، بل بحكمته وإدارته وقدرته على الجمع بين اللبنانيين”. ذلك أن التجارب مع “الرؤساء الأقوياء” بينت أين أوصلت البلاد.

من هذا المنطلق، لا يرى السنيورة حظوظاً للعماد ميشال عون مرشحاً للرئاسة كما ينقل عنه زواره، كما أنه ليس مقتنعاً بأن “حزب الله” فعلاً يريده، ولو أنه سيوغل في حكم البلاد في ما لو حصل ذلك. يشعر بأن عون يعيش حالة إنكار للواقع ولانتفاء حظوظه بالوصول إلى الرئاسة، فأي من القوى غير قادر على السير به؟ هذا الامر يجعل الحوار بين “المستقبل” و”التيار الوطني” محفوفاً بالالغام. ثمة تحدًّ يواجهه التيار الازرق اليوم في العرض العوني المطروح لرزمة رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش. لا يرى السنيورة في “منطق الامور”، ما يسمح بتركيبة تحمل العماد ميشال عون الى الرئاسة والعميد شامل روكز الى قيادة الجيش. وقد يكون منطقياً أكثر السير بروكز مقابل تنازل عون عن الرئاسة والاقتناع بأن فرص وصوله صفر. لا يخفي أن هذا الكلام قيل له مراراً عدة، لكنه كان دائما يجد مكانا يلقي عليه تبعة تعطيل وصوله الى سدة الرئاسة. يرفض السنيورة التعامل مع تعيينات قيادة الجيش بمنطق الصفقة. ولكن في منطقه، يرى أن إجراء صفقة لإنهاء وضع معقول، ولكن إجراء تنازل لا يحل المشكلة ويصفه بالعمل “غير المحمود”.

يفهم من هذا “التحليل المنطقي” أن لا مشكلة مع روكز في قيادة الجيش ما دام عون بات خارج السباق الرئاسي!

في المقابل، يأسف السنيورة أمام زواره لـ”تراجع قدرة بكركي على أداء دور محفزٍ للإنتخاب، وهو ما ساهم في التقليل من صدقيتها وسلطتها المعنوية، وهي مهمة جداً”. لا يذيع الزوار سراً عندما يتحدثون عن وقائع من لقاء السنيورة بالبطريرك الراعي، وقد كشف عنها في تصريحه امام الاعلام من بكركي، لكنه يحرص على تكرار موقفه، مؤكدا انه حض البطريرك الماروني على ضرورة الضغط على المرشحين، أياً كانوا، لتسهيل الانتخاب وإنجاز الاستحقاق، نافياً ما تم تداوله في الاعلام عن تداول أسماء محددة.

مقتنع هو بأن ما تبقى للراعي من قدرة إقناعية بات محدوداً، لكنه رغم ذلك، تمنى عليه أن يستمر في محاولاته وان يسمّي الامور بأسمائها ويقول ذلك لمن ليس له حظ أو فرصة. تمنى عليه كذلك خلال زيارته باريس أن يطلب من الفرنسيين المساعدة في موضوع الرئاسة إذا كان ذلك ممكناً، وفي الموضوع السوري الذي يرتب أعباء كبرى على لبنان والمنطقة. في الحوار مع “حزب الله”، لا يزال السنيورة متمسكا بضرورة إستمراره حفاظاً على التواصل، مع تمسكه بإبقاء الامور الخلافية فوق الطاولة وليس تحتها كما يريد الحزب. هو الذي إستعار من القضاة عبارة “ربط النزاع” ليصف بها حال الحوار مع الحزب. لا يعول على نتائج كبيرة ما دام الحزب مستمراً في تورطه الخارجي، ولكنه لن يتراجع عن محاولات إسترجاعه “من حيث هو حتى لا يزيد من جلوسه في حضن إيران”.

عندما يُسأل هل سيتشدد الحزب بعد عاصفة الحزم أو يلين، يرى انه بات مثل “نافورة جنيف”: الماء فيها صعوداً بما يخالف الطبيعة، وما يقوم به الحزب مخالف للطبيعة، وعليه ان يدرك ذلك ويعود الى الداخل. لكنه لا يرى انه بلغ بعد هذه المرحلة من الادراك، وبالتالي، ليس حاضراً بعد للتراجع او التنازل. ويورد آية من القرآن “لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث”، ليرى السنيورة ان الحزب يزداد تمسكاً بورقة تعطيل البلاد. من المبكر بالنسبة اليه تحديد الرابح في عملية “عاصفة الحزم”، ولكنه متأكد من هم الخاسرون. “هذه العاصفة أطلقت أمراً لم يعد ممكنا لملمته. تغيرت الدنيا، وخرج العصفور من قفصه. القدرة العسكرية للحوثيين ضُربت، ولكن مخزون السلاح لديهم لا يزال كبيراً، ولا بد من مواكبة العملية بعمل سياسي وتنموي”. ليس في منظور السنيورة ما يخرق الجمود الداخلي إلا حدث كبير ما أو عودة لبنان إلى الرادار الدولي. لكنه لا يخفي قلقه بفعل حال الاهتراء والانحلال التي تشهدها البلاد من ان “تأكل العصي عندما نعود على الشاشة الدولية بسبب التراجع الحاصل”، مذكراً بأن البلاد باتت تنوء تحت دين يقارب الـ70 مليار دولار وليس من يسأل!