تركيا تنتظر مناشدة الأكراد والتحالف علي حماده/النهار
4 تشرين الأول 2014
فيما أجاز البرلمان التركي للجيش دخول الاراضي العراقية والسورية للقيام بعمليات عسكرية ضد تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات، وافق على نشر قوات تركية داخل الدولتين، وسمح للقوات الاجنبية بأن تستخدم اراضي تركيا لدخول العراق وسوريا. وبهذا وضعت الحكومة التركية الأسس القانونية الداخلية التي تتيح لها التحرك بسرعة متى وافق أركان التحالف الدولي ضد “داعش”، وفي مقدمهم الولايات المتحدة، على شروط تركيا التي عدّدها رئيسها رجب طيب أردوغان والتي تتضمن في خلاصتها، إقامة منطقة عازلة على طول الحدود داخل الاراضي السورية لإيواء اللاجئين وحمايتهم، وإقامة مراكز لتدريب المعارضة السورية المعتدلة، والعمل على إسقاط نظام بشار الأسد. وكان واضحا ان اردوغان ومعه الحكومة برئاسة احمد داود أوغلو، يعتبران ان الحرب على “داعش” غير مجدية ما دام نظام الاسد قائما بموافقة ضمنية من الغرب، الذي يعلن عكس ذلك في مواقفه. ولهذا، وفيما توشك عين العرب (كوباني) ذات الغالبية الكردية على السقوط بيد مسلحي “داعش”، تبقى محركات الدبابات التركية شغالة من دون ان تتحرك. هي جاهزة ومعها قوات برية تمتلكها تركيا، صاحبة الجيش الاكبر في المنطقة، لدخول الاراضي السورية ومنع سقوط عين العرب، واستعادة المناطق التي استولى عليها “داعش” بعمق ثلاثين كيلومترا. لكن تركيا المتأهبة تؤشر من خلال تريثها وإبقاء الدبابات بمحركاتها الشغالة واقفة خلف السياج الحدودي، إلى أنها لن تقبل بتنفيذ اجندة تتناقض وهدفها الابعد المتمثل في إسقاط نظام بشار الاسد، المتهالك اصلا، كما اثبتت تطورات الاسبوعين الاخيرين، حيث قام التحالف الدولي بإطلاق عملياته الجوية غير عابئ بموقف النظام الرافض، مما اثبت مجددا ان تحالفا دوليا يضم أكثر من ستين دولة في العالم تخطى “شرعية” النظام وقفز فوقها، يعتبر النظام غير شرعي في الاصل. ثمة نقطة أخرى شديدة الحساسية يشير اليها المسؤولون الاتراك، تتعلق بموقف الاكراد الرافض دخول الجيش التركي مناطقهم في سوريا والعراق، والرافض القبول بالشروط التركية المتمثلة في تغيير موقفهم من نظام بشار الاسد. فالاتراك ينتظرون مناشدة او دعوة كردية لإنقاذ عين العرب (كوباني) وبقية مناطق وجودهم في سوريا قبل تحريك دباباتهم، كما انهم ينتظرون دعوة من التحالف للدخول من اجل ان يتسم التدخل في سوريا بغطاء تحالف دولي واسع، يمنحه مشروعية الامر الواقع. وبالنسبة الى أنقرة، فإن الدعوة او المناشدة من هاتين الجهتين تعنيان قبولا بالمقترح التركي الذي يربط بين محاربة “داعش” واقامة منطقة عازلة على الحدود، واسقاط نظام بشار الاسد، ربطاً محكماً، ويجعل منها خريطة طريق تلتقي في جانب اساسي منها مع وجهة النظر السعودية. هل تأتي – المناشدة المزدوجة قبل سقوط عين العرب او بعده؟ ثمة من يسرد سيناريو التوازي بين شريط حدودي تركي شمالا، وآخر اردني – سعودي جنوباً يضع النظام بين فكي كماشة لدفعه مع حلفائه بـ”جنيف 1″. إنها أيام مفصلية.