هل تعلم قطر أن وحش الإرهاب يأكل أولاً من يرعاه؟
السياسة 30 آب/14
إلى أين تريد قطر الوصول بسياساتها، وهل تعتقد أنها يمكن أن تصبح قوة عظمى تجوب أساطيلها وحاملات طائراتها المحيطات؟ ألا تدرك أن أدوار الدول تحكمها قواعد عدة معروفة وأن في الاتحاد قوة، والمجموعة المتحدة هي التي تحمي أعضاءها الضعفاء، فإذا خرجت هي من جلدها الطبيعي فكيف تحمي نفسها؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير يطرحها المواطن الخليجي منذ سلكت الدوحة طريقاً مغايراً للعواصم الخليجية، ويضيف إليها السؤال: هل الوقت للأحلام والأوهام، أم لمواجهة الحقائق المؤلمة التي تسبب بها الأشقاء في قطر لـ”مجلس التعاون”، والذين نتمنى أن يكونوا أدركوا المخاطر التي يأخذونه اليها؟
نتمنى أن تكون الديبلوماسية السعودية التي نشطت في الأيام الماضية قد ساعدت على حلحلة بعض العقد في العلاقة الملتبسة بين قطر وبعض دول “مجلس التعاون” لكن يبقى الرهان على الدوحة فلا تغلق الأبواب بين الأشقاء، ولا تدفع بسياستها الكيدية إلى تضييق الخيارات وحصرها بالإجراءات العقابية المريرة، وهو ما كانت تتأباه دول المجلس طوال الاشهر الماضية.
للأسف، الإخوة في قطر استمروا على موقفهم، بل ازدادوا تعنتاً في الآونة الاخيرة، متوهمين أن خلط الأوراق الذي تسبب به “داعش” وبعض الجماعات الإرهابية منحهم قوة الموقف، غير مدركين أن هذه الجماعات وفي مقدمها “الإخوان” هي الوحش الذي يأكل أول ما يأكل من رباه ورعاه.
هذه المخاطر الكبيرة التي تهدد قطر قبل غيرها من دول المجلس هي ما أدركته الديبلوماسية الخليجية الرشيدة ولذلك لم تهدأ يوماً في سعيها لإعادة الأمور الى طبيعتها، حرصاً على حماية قطر من خطر المراهقة السياسية التي تمارسها، لإبقائها ضمن البيت الخليجي الذي هو الملاذ الآمن لكل دول المجلس، لا سيما أن التجارب العديدة أثبتت أن هذه الدول محكومة بوحدة المصير ولا فكاك منها، وهو ما يجب على الدوحة أن تدركه، وتتخلى عن أوهامها. فهي من دون “مجلس التعاون” ستكون كالعريان في صحراء المصالح الكبرى تستخدمه أطرافها ساعة تشاء لتحقيق أهدافها ثم تتخلى عنه، وفي هذه المرحلة التي يكثر فيها المتربصون بالخليج ودوله وشعوبه، لا ينفع العناد والرهان على الأوهام أو على جماعات إرهابية منبوذة عربياً وإسلامياً وعالمياً، وقبل كل هذا وذاك مكروهة خليجياً.
فهل أصيبت القيادة القطرية بحَوَل في الرؤية حتى تعتقد أن السعودية القوية ليست مصدر قوة لها، تماماً كما أن قطر المستقرة المزدهرة هي مصدر استقرار وازدهار للسعودية، والكويت والإمارات والبحرين وعمان؟
وهل يمكن لجماعة، مثل “الإخوان”، عاثت في الأرض إرهاباً وإفساداً، ورأينا ماذا فعلت في مصر المحروسة خلال عام من الحكم، أن تكون مصدر قوة لقطر، أليست في هذا التحالف المخالف للمنطق تسعى بإرادتها إلى الانتحار السياسي والاقتصادي، ألم يؤد بها موقفها الداعم لـ”الإخوان” و”داعش” إلى توجيه أصابع الاتهام إليها بتغذية الإرهاب؟
في كل هذه المعمعة ماذا كانت حسابات الدوحة، وإلى أين تريد أن تصل بـ”مجلس التعاون” الذي تطوقه الحرائق من كل صوب، أكان في اليمن أو العراق أو على المقلب الثاني من الخليج حيث نظام طهران يتحين فرصة الانقضاض على دول المجلس واحدة تلو الأخرى بعدما تتهيأ له الظروف وأفضلها بالنسبة إليه انفراط عقد المجلس؟ وقد بدأت لغة التهديد والوعيد المبطنة وأحيانا العلنية تعلو نبرتها إيرانيا.
الأجوبة عن كل هذه التساؤلات وإثبات حسن النوايا والرشد السياسي ينتظر الخليجيون كافة أن تأتي من جدة التي تتجه الأنظار اليها اليوم حيث يمكن للدوحة أن تضع حداً للعبة الابن الضال المشاغب وتعود إلى كنف المجلس الذي لا ملجأ لها غيره، لأن العلاج بالكي يقضي على المرض، لكنه يصبح مصدر ألم دائم، ويترك آثاره على الجسد الى الأبد.