الياس بجاني/على خلفية قوم تا اقعد محلك: ضياع بوصلة أحزاب وسياسيين موارنة يتعامون عن احتلال حزب الله ويسوّقون إما لإسقاط عون أو لانتخابات نيابية وجديدهم اسقاط عون مسيحياً

144

على خلفية قوم تا اقعد محلك: ضياع بوصلة أحزاب وسياسيين موارنة يتعامون عن احتلال حزب الله ويسوّقون إما لإسقاط عون أو لانتخابات نيابية وجديدهم اسقاط عون مسيحياً
الياس بجاني/16 حزيران/2021

مَرْثَا، مَرْثَا! أَنْتِ مُهْتَمَّةٌ وَقَلِقَةٌ لأُمُورٍ كَثِيرَةٍ. وَلكِنَّ الْحَاجَةَ هِيَ إِلَى وَاحِدٍ، وَمَرْيَمُ قَدِ اخْتَارَتِ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا! لوقا 10/41-42)

إن كارثية ويوضاسيّة الحالة المسيحية الحاليّة عموماً، والمارونية منها تحديداً، تكمن في دركيّة؛ وأنانيّة؛ وجهل؛ وغباء؛ وصبيانيّة؛ وتوناليّة رؤية وأهداف أصحاب شركات أحزاب بالية ودكتاتورية كفرت بلبنان الهيكل وبرسالته وبدوره وبإنسانه، وهي عديمة الإيمان وخائبة الرجاء. تكمن الكارثة أيضًا، وهنا الخطورة، في مقاربات وطروحات وفلسفات وتنظيرات سياسيين ذميين، خلفيتها فقط وفقط: “قوم تا اقعد محلك”.

“الصْبِيْ” الجاهل والفاقد لكل مقومات القيادة، “مبَوْمَر” على الانتخابات وعلى لازمة “المنظمومة الحاكمة”، ومتعامٍ عن أنّ أيّ انتخابات تجري في ظلّ حزب الله الذي يحتلّ لبنان، ويتحكّم برقاب وألسنة وركاب كلّ الحكّام والرسميين وأصحاب شركات الأحزاب، لن تبدّل في واقع الاحتلال بشيء، بل على العكس، سوف تشرعنه وتأتيه بأدوات وأبواق ووجوه برباره جديدة لتحل مكان الفرقة الحالية البالية.

“الباطني” المتشاطر والمنسلخ عن الواقع، والعائش في قصور أوهامه، لا يرى غير كرسي رئاسة بعبدا، وفي ما عداها هو أعمى بصر وبصيرة. لا يسمع غير صوته، ولا يرى غير صورته، وليس لديه قدرة عقلية لغير الشذوذ والغباء والغرق أكثر فأكثر في وهمَي العظمة والاضطهاد المرًضيين، وفي عاهة أحلام اليقظة.

أمّا “الزمك” ما غيره، فغرقه في شِباك وأوحال مشروع الملالي يزداد يوماً بعد يوم، وقد أمسى مجرد كنار معوق في قفص، يتوهّم بأنه شيء، بينما هو لا شيء، والناس تبصق عليه وتحتقره ولا تحترمه لا من قريب ولا من بعيد.

ولا أنسى مجموعة السياسيين المستكبرين، وعنيتُ بهم هؤلاء الذمّيين التائهين في كتابة الرسائل والنظريّات الجزاف، وإصدار البيانات، وتفريخ وتفقيس مسمّيات لتجمّعات وهمية، ناهيك عن حلمهم بإسقاط فلان أو علتان للحلول مكانه بأي ثمن، حتّى ولو كان الثمن جهنم نفسها.

أحد هؤلاء الأشاوس هو ذاك “المتخصص بدور السكرتير”. لا يتعب ولا يكلّ، فهو يطالب على مدار الساعة بإسقاط ميشال عون. أمس، ركلج “السكرتير” مطالبته هذه، فأفتى بأنّ إسقاط عون يجب أن تتولّاه القوى المسيحيّة حصريًّا بمعزل عن باقي القوى الطائفيّة، وكأنّ عون هو فعلاً الرئيس الذي ينتهك الدستور والأعراف بملء إرادته، وليس مجرد أداة يحرّكها حزب الله لتكون مجرد واجهة لمشروعه الفارسي؟

لنفترض أن المسيحيين، وفي مقدّمهم مرجعيّاتهم الكنسيّة، أسقطوا عون اليوم، فماذا يتحقق؟
بالطبع لا شيء سيتحقق، بل ربما سيزداد الوضع سوءًا، وسيحلّ الفراغ مجدّدًا كما ما قبل تنصيب عون وإرساء مؤامرة الصفقة الرئاسية التي سلّمت البلد للمحتل الإيراني.

وافتراضياً ايضاً، وفي حال أراد المحتلّ انتخاب رئيس بديل عن عون، فمن يا ترى سيكون هذا الرئيس؟ بالتأكيد المؤكد سيكون نسخة 100% عن عون الغطاء والأداة والصنج، وربما أعطل وأخطر من عون بمليون مرة.

إن هكذا اطروحات وهكذا هرطقات وخزعبلات هي كلّها توناليّة وأنانيّة وغبيّة، وهي عملياً الضياع بلحمه وشحمه، وتُمظهر لمن لا يزال بوعيه السيادي والاستقلالي والإيماني أنّ طارحيها هم في واد، في حين أنّ الصادقين وحاملي رايات السيادة والحريّات والاستقلال والنضال من أجل تحرير البلد، هم في وادٍ آخر.

في الخلاصة، خلاص لبنان المحتلّ لا يتحقّق بإسقاط عون، ولا بانتخابات نيابية أو رئاسية، بل بالوقوف وراء معظم بنود الطرح البطريركي الداعية إلى مؤتمر دولي وإلى تنفيذ القرارات الدولية وإلى حياد لبنان.. أمّا نحن، ومعنا كثر، فنضيف ضرورة تعطيل الدستور إلى ما بعد التحرير، ونطالب بإعلان لبنان دولة فاشلة، وبوضعه تحت سلطة الأمم المتحدة لإعادة تأهيله…

كل ما عدا ذلك هو تضييع للوقت، وترسيخ لاحتلال حزب الله، ودفع نحو مزيد من الخراب والدمار والإفقار والفوضى.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الألكتروني
http://www.eliasbejjaninews.com