حارث سليمان/كي تكون ثورة… انقاذ لبنان لن يكون الا بترحيل السلطة بكل اطرافها والترحيل لا يتم الا بقيام بديل سياسي مؤهل تاريخاً وخبرة ونزاهة لانقاذ البلد

71

كي تكون ثورة… انقاذ لبنان لن يكون الا بترحيل هذه السلطة بكل اطرافها، والترحيل لا يتم الا بقيام بديل سياسي مؤهل تاريخا وخبرة ونزاهة لانقاذ البلد
حارث سليمان/15 آذار/2021

*يقدر حجم الاموال المحولة الى الخارج سنة ٢٠١٩ فقط ب ٣٠ مليار $.
*إن انهيار قيمة الاجور وبلوغ الغلاء حدا غير مسبوق، والصعود الجنوني لسعر صرف الدولار الاميركي، لا يضير السلطة ولا يفزعها، على العكس تماما، انها فرصة كما قالها ميشال عون بعد انفجار المرفأ، لفك العزلة عن المنظومة بذرائع انسانية.
*لا حدود لنذالة السلطة ووقاحتها، فقد امعنت في غيها في التنكر لانصاف ضحايا جريمة المرفا، واتاحة الفرصة لاجراء تحقيق شامل وسريع ومنصف يبلسم جراح الضحايا ويخفف من عذاباتهم.
بعد موقف قيادة الجيش فان اعين شعب لبنان تنظر الى قضاء لبنان، فهل يستجيب!؟
*الجوع والانهيار لا يفجر ثورة او يحدث انقلابا، قد يشعل غضبا ويحدث مرارة ويتسبب بألم وأسى، وانقاذ لبنان لن يكون الا بترحيل هذه السلطة بكل اطرافها، والترحيل لا يتم الا بقيام بديل سياسي مؤهل تاريخا وخبرة ونزاهة لانقاذ البلد، يمتلك رؤية مدنية حديثة ويضع خارطة طريق للتغيير تقنع شعبنا اولا واصدقاءنا في دنيا العرب والعالم. انها مسؤولية الثورة اذا قامت بها استحقت اسمها، والا ستكون ذكرى ايام موؤودة
*******
تستمر الازمة طاحنة تفقر الناس وتعرضهم لعذابات الجوع والمرض، وتخرب شروط استمرار عيشهم، وتقفل ابواب أرزاق عوائلهم، بعد أن سرقت منظومة الفساد والفشل والارتهان للخارج، مدخرات شعب بأسره وودائعه وجنى أعمار أبنائه، وبعد أن حولت ادارات المصارف، لصالحها ولصالح نافذي السلطة، ودائع اللبنانيين ودولاراتهم، الى ملاذات خارجية آمنة، تجاه اي مساءلة قانونية او اجراءات قضائية، يمكن ان تنشأ لاسترداد الاموال المنهوبة، او أي تعاميم تصدر عن مصرف لبنان، تجبر من هرب أمواله الى الخارج، بنوكا وسياسيين وأمراء احزاب طائفية، على استرجاعها الى النظام المصرفي اللبناني تحت طائلة حكم القانون ( ١٦٠/٢٠١١ ) والذي ينص ويعاقب على جريمة التربح عبر التداول من الداخل، بما يمكن من تأمين سيولة مفقودة في النظام المصرفي اللبناني.
(يقدر حجم الاموال المحولة الى الخارج سنة ٢٠١٩ فقط ب ٣٠ مليار $).
لم تكتفي اطراف المنظومة الحاكمة من التنصل من مسؤولياتها في صناعة الكارثة المالية والنقدية، ومن ارتكابها جريمة تدمير قطاعات الاقتصاد كافة، وحرمان لبنان من كل ميزات اقتصاده التفاضلية، بل امعنت في رفض الاستجابة للمطالبات اللبنانية والعربية والدولية، _قبل ثورة ١٧ تشرين في ظل التحضير لمؤتمر سيدر، وبعد الثورة، بإجراء اصلاحات بنيوية اصبحت معروفة ومعلنة للقاصي والداني، توقف استنزاف المالية العامة في قطاعات الكهرباء والاتصالات ورفع النفايات وحجم الادارة العامة وتجارة المشتقات النفطية والتهرب الجمركي، كما تخلفت حكومة حسان دياب عن المضي قدما في مباحثات جدية مع صندوق النقد الدولي، الذي كان سيضعها امام مسؤوليات الاصلاح المطلوب ويلزمها بمراقبة خطوات التنفيذ.! ولم يكن تخلف حكومة دياب عن محادثات صندوق النقد الدولي ارباكا حسابيا بالأرقام والخسائر بقدر ما كان قرار سياسيا، اتخذته الاحزاب التي صنعت هذه الحكومة وتسترت خلفها، لرفض موجبات الاصلاح ووقف مزاريب الهدر والفساد.
بين اصلاح نقدي، يعيد احتساب واسترجاع مجاميع الفارق بين الفوائد الباهظة وفوائد السوق العالمية، والتي دفعها مصرف لبنان خلال العشر سنوات الماضية ( ٢٠١١ _ ٢٠٢١) في هندسات مالية استفادت من معظمها بشكل رئيسي، عصبة لا تتعدى عدة الاف حساب مصرفي، والتي تقدر مجاميعها ب ٢٥ مليار دولار اميركي، كان مصرف لبنان يسجلها باسم مقرضيه وحاملي سنداته، دون ان تكون دولارات حقيقية في صناديقه او حساباته، وتسببت بفجوة خسائره التي قدرت ب ٤٢ مليار دولار$، وبين تعاميم تطبق القيود على حركة الودائع بشكل انتقائي وغير قانوني، مخالفة قانون النقد والتسليف، تمت عمليات تحويل اخرى، لودائع نافذين وسياسيين طيلة سنة ٢٠٢٠ وبلغت أرقاما ناهزت ال ٧ مليار دولار$ اضافية، فيما تم احتجاز اموال متوسطي وصغار المودعين واجبروا على تصريف قسم منها بخسارة ٥٠ الى ٧٠ % من قيمتها.
بدعوى مكافحة الغلاء وتأمين الحاجات الاستهلاكية لشعب لبنان قامت احزاب الممانعة عبر رئاسة الجمهورية وحكومة دياب ومظاهرات الضغط المنظم تحت شعارات ” رفض حكم المصرف” بابتزاز واجبار مصرف لبنان على تمويل استيراد النفط والطحين والدواء على دولار تسعيرته ١٥٠٠ل ل فيما تم تمويل استيراد اللحوم والمئات من المواد الاستهلاكية الضرورية منها، وغير الضرورية، على سعر منصة وصل الى اربعة الاف ليرة للدولار، لكن استنزاف احتياط مصرف لبنان بدعوى مكافحة الغلاء، وتأمين حاجات السوق الاساسية، لم يكن إلاّ تمويلاً لعملياتِ تهريبٍ منظّم وممنهج ومحمي ومشرع، لإمداد النظام السوري بكل احتياجاته في مواجهة عقوبات قانون ” قيصر”، من ناحية أولى، عبر قوافل تعبر الحدود ويتم حمايتها من الجيش اللبناني و بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية، واذا لزم الامر من عسكر حزب الله ومسلحيه، وتشريع مرورها بأوراق رسمية لبنانية صادرة عن المجلس الاعلى للجمارك او عن وزارة الطاقة والمياه حسب نوع الشحنة ومصدرها، ومن جهة ثانية لتمكين شركات عائدة لأحزاب امراء الطوائف لتحقيق ارباح غير شرعية وغير قانونية على حساب ما تبقى من ودائع لبنانية مصرفية، وليس التمسكُ بحكومة دياب واستطالة امد تشكيل حكومة جديدة، الا تغطيةً لقرار حزب الله، بخرق قانون قيصر الذي يحاصر نظام الاسد ويمنع تزويده بالمواد المدعومة التي تهرب اليه من لبنان، وستستمر حكومة التهريب واستنزاف رصيد مصرف لبنان حتى ترفع العقوبات عن ايران في ملفها النووي أو يَفتَحُ حلٌ سياسي ما، باب تجميد قانون قيصر في مواجهة الاسد.
بعد انفجار مرفأ بيروت ، لجأت السلطة الى الحل الامني والقمع الدموي، عبر اقتلاع عيون المتظاهرين أو قتلهم، او احالتهم الى القضاء العسكري، واختارت استتباع القضاء ونياباته العامة لغاياتها، من اجل اعتقال ناشطي الثورة ومدوني وسائل التواصل الاجتماعي، أما أجهزتها الامنية فقد لجأت الى التلويح العلني المسبق بالجريمة المنظمة والتهديد بالاغتيالات، وصولا الى حصول بعضها، ولعله من المفيد التذكير ان الواجب يفترض ان تلجأ الاجهزة تلك، الى استباق حصول الاغتيالات ومنع تنفيذها، بدل تولي الترويج لها واستثمار مفاعيلها لكبح اصحاب الرأي وقمع المعارضة الناشطة، وكان الحري بهذه الاجهزة ان تكشف وجود قنبلة تقليدية بحجم نووي في مخازن مرفا بيروت، وان تنبئنا بكيفية انتقال الفي طن من نيترات الممانعة ( ٨٠ شاحنة على الاقل) من بيروت الى مطار الضمير قرب دمشق، لتتحول براميل متفجرة تلقى على ريف دمشق وغوطتها!
لا حدود لنذالة السلطة ووقاحتها، فقد امعنت في غيها في التنكر لانصاف ضحايا جريمة المرفا، واتاحة الفرصة لاجراء تحقيق شامل وسريع ومنصف يبلسم جراح الضحايا ويخفف من عذاباتهم.
ان تحركا قضائيا على مستويات عدة تطال نقابة المحامين ونادي القضاة والمجلس الاعلى للقضاء بات مطلوبا وملحا، من اجل الافراج أولا عن التشكيلات القضائية المحتجزة لدى رئيس الجمهورية خلافا للقانون، ومن أجل ثانيا انهاء ملاحقات النيابات العامة لناشطي الثورة واصحاب الراي ومعارضي السلطة، ليكون القضاء حكما بالقانون وباسم الشعب وليس اداة غليظة تحمي السلطة الفاسدة، وثالثا من اجل مواجهة مخالفات المصارف واداراتها، لقانون النقد والتسليف وحماية المودعين طبقا للقانون وبالسرعة اللازمة لتحقيق العدالة، واخيرا من اجل وضع نهاية لتقاليد الافلات من العقاب في جريمة المرفأ واغتيال لقمان سليم والاغتيالات الاخرى المتصلة بها.
بعد موقف قيادة الجيش فان اعين شعب لبنان تنظر الى قضاء لبنان، فهل يستجيب!؟
لقد اختارت منظومة الاشرار الحاكمة خيار ادارة الازمة وتعميقها، والاستفادة من مفاعيلها لكسر ارادة شعبنا واذلاله، ولاستعمال عذابات الجوع والبطالة والفقر والمرض وانقطاع الدواء وانهيار قطاع التربية والتعليم، كأسلحة تحوّل الشعب الى ضحايا تستجدي وتتسول حاجات عيشها الاساسية، لكي تؤبد وتديم نمط فساد تم تعميمه وتفصيله ليصبح نمطا بنيويا لممارسة السلطة والاثراء غير المشروع من تولي مقاليدها.
إن انهيار قيمة الاجور وبلوغ الغلاء حدا غير مسبوق، والصعود الجنوني لسعر صرف الدولار الاميركي، لا يضير السلطة ولا يفزعها، على العكس تماما، انها فرصة كما قالها ميشال عون بعد انفجار المرفأ، لفك العزلة عن المنظومة بذرائع انسانية.
بعد ثمانية عشر شهر على الكارثة، المنظومة تستثمر بالانهيار، ها هي تجتمع في مجلس النواب، من اجل تشريع التسول وتوزيع قرض البنك الدولي لدعم الاسر الاكثر فقرا، وهي ذريعة جديدة لكي تمارس المنظومة السرقة مجددا ولو كانت من افواه الجوعى، ولكي تستعيد محاسيبها ورعاياها الى دائرة زبائنيتها السياسية. لم تكتفي منظومة المافيا والميليشيا بهذا المستوى الكارثي من الجريمة المهولة، بل أصرت على استمرارها بالإمساك بمقاليد السلطة والتحكم بقراراتها وخياراتها، من اجل تحميل الشعب وفئاته الاجتماعية الادنى دخلا، اعباء الازمة واثمان افلاس المالية العامة للدولة، وعبء فجوة الخسائر في مصرف لبنان، كما اكلاف افلاس النظام المصرفي الذي تخلى عن مودعيه، ليمارس دور المرابي الطماع والاستفادة من ربا فاحش ينتج عن اقراض سلطة فاسدة.
الجوع والانهيار لا يفجر ثورة او يحدث انقلابا، قد يشعل غضبا ويحدث مرارة ويتسبب بألم وأسى، وانقاذ لبنان لن يكون الا بترحيل هذه السلطة بكل اطرافها، والترحيل لا يتم الا بقيام بديل سياسي مؤهل تاريخا وخبرة ونزاهة لانقاذ البلد، يمتلك رؤية مدنية حديثة ويضع خارطة طريق للتغيير تقنع شعبنا اولا واصدقاءنا في دنيا العرب والعالم. انها مسؤولية الثورة اذا قامت بها استحقت اسمها، والا ستكون ذكرى ايام موؤودة