الكولونيل شربل بركات/من صفحات تاريخ بلدة عين ابل الجنوبية: انطانس صادر الملقب بالدحر

103

من صفحات تاريخ بلدة عين ابل الجنوبية: انطانس صادر الملقب بالدحر
الكولونيل شربل بركات/02 شباط/2021

انطانس صادر هو ابن جريس ابن الياس ابن صادر ابن عبدالله صادر الجد الأصلي الذي كان سكن عين إبل في أواخر القرن السابع عشر. كان انطانس هذا يلقب بالدحر وقد يكون هذا اللقب يعود إلى عيونه ذات النظرة الثاقبة التي لا نزال نراها في أحفاده ممن يسمون اليوم بيت الدحر، فهم يتميزون بالشعر الأشقر والعيون الزرقاء الثاقبة التي تتطلع بثبات وثقة تجعل الناظر اليها يهابها. وقد تكون هذه الميزة بالذات التي أعطته لقب الدحر. كان انطانس على ما يبدو من القبضايات الذين يحمون ساحتهم ولا يهابون المواجهة، وهذا ما جعله ربما لا يهاب مواجهة من حاولوا التعدي على أملاكه في منطقة وادي يارون حيث أدت تلك المواجهة، والتي اشترك فيها ثلاثة رجال من قرية يارون جارة عين إبل من الشرق، إلى مقتله. وكانت زوجته تحمل طفلها البكر الذي ولد بعد مقتل ابيه وسمي على اسمه انطانس.

كان انطانس الأب مثل بقية العينبليين يعمل بكل نشاط في حقوله وهو يغدو باكرا ويعمل لساعات متأخرة. ومن الطبيعي أن يدافع عن حقه ورزقه، ويحميه من بعض المتطاولين، رعاةً كانوا أم فلاحين. وقد يكون حصل خلاف بينه وبين أحد هؤلاء أظهر فيه انطانس شجاعته ما أدى إلى أن يستعين هذا بجماعته فيستعدوا ويكمنوا له ويغدروه بضربة على الرأس أفقدته وعيه ما أعطاهم الفرصة ليزيدوا من ضربه وهو غير قادر على الدفاع عن نفسه، ومن ثم تركوه ليموت وحيدا وبعيدا عن القرية.

هذه الحادثة جعلت العينبليين يحترزون بالطبع. ولا بد أنها أثرت في تعاطيهم مع الجيرة في تلك الفترة وساعدتهم إلى التفكير جديا أكثر فأكثر لشراء كل الأراضي التي تطل على أرضهم ما يمنع المتطاولين. وقد تكون هذه الحادثة جرت في زمن الفوضى الذي تبع انسحاب الجيش المصري من لبنان اي بعد 1840 وهي فترة غيّب فيها القانون. ولذا فلم تجري مصالحة جدية بين الفريقين وبقيت الأوضاع متوترة. وقد يكون الخوري موسى قرابة القتيل طلب من الأهل التروي والالتزام بالقانون وعدم الأخذ بالثأر. وربما هذا ما يفسر تعرض جبران خريش للاعتداء بعد بضعة سنوات على هذه الحادثة. وقد هاجمه فيها ثلاثة رجال من أولاد يارون ايضا، قد يكونوا نفس الأشخاص أو من تشبّه بهم، وذلك بقصد السرقة أو التعدي لفرض الهيبة. ولكن جبران الذي لم ينسى على ما يبدو ما جرى لانطانس الدحر، كان متنبها، وقد عرف عنه شجاعته وسرعته بالمبادرة ورد الضربات. فما كان منه إلا أن قضى على الثلاثة وعاد إلى البلدة. ومن ثم التجأ إلى أخيه خليل آغا في صور، وهو الذي كان يعمل في المحكمة هناك، فتمت تبرئته من هذه القضية، وبنفس الوقت أعادت هيبة عين إبل، وربما الثأر لدم انطانس صادر (الدحر).

ولكن جبران خريش هذا وبعد سنوات، وخاصة عندما بدأ العينبليون بالسفر إلى أميريكا، التحق بقوافل المهاجرين وانتهى به المطاف في الأرجنتين حيث اقامت جالية عينبلية كبيرة وبقيت خبريات شجاعته وخاصة تلك الحادثة التي تعرض له فيها ثلاثة اشخاص دفعة واحدة استطاع أن يتغلب عليهم تحكى في المجالس الخاصة. وقد تكون هذه الأخبار والقصص هي ما استولدت تلك المجموعات من القبضايات التي رافقت تاريخ عين إبل في أواخر القرن التاسع عشر ومنها مجوعة حنا الحاج والهدبول والدعبول وغيرهم والتي سنتكلم عنها في مرات لاحقة…