الأب سيمون عساف/ملكة اليمن بلقيس وسليمان

192

ملكة اليمن بلقيس وسليمان
الأب سيمون عساف/19 كانون الثاني/2021

بلقيس كانت بارعة في مسألة الأحاجي والألغاز والأسئلة المعقدة وكان سليمان يحب الأحاجي ويكثر من تبادلها مع الملوك وهي علامة على الكفاءة والذكاء حسب مفاهيم العالم القديم.
فلما وصلت عند سليمان سألته: ” أنت سليمان الذي سمعت عن مملكته وحكمته؟ ”
فأجاب سليمان: نعم.
بلقيس: ” إن كنت حكيما فعلا، فسأسألك أسئلة وأرني إن كان بإمكانك الإجابة عليها ”
سليمان : ” لأن الرب يعطي حكمة. من فمه المعرفة والفهم ”
بلقيس: “ماهي السبع التي تخرج، والتسع التي تدخل، والاثنان اللذان يقدمان شرابا، والواحد الذي يشرب؟ ”
سليمان :” السبع التي تخرج هي أيام الحيض والتسع التي تدخل هي شهور الحمل التسعة، والاثنان اللذان يقدمان شرابا هم الثديان والواحد الذي يشرب هو الرضيع ”
فقالت بلقيس بصوت عال: ” أنت حكيم فعلا ! سأسألك سؤالا آخر وأرى إن كان بإمكانك إجابتي ؟ ”
سليمان: ” الرب يمنح الحكمة ”
بلقيس: “أباك هو أبي، وجدك هو زوجي، أنت إبني وأنا أختك؟”
فأجاب سليمان: “إبنتا لوط” اللتان حبلتا من أبيهن لوط حسب العهد القديم
بلقيس: “شيء عندما يعيش لا يتحرك وعندما تقطع رأسه يتحرك؟”
سليمان: “السفينة في البحر”
بلقيس: “ماهو الذي لم يولد بعد ولكنه أعطي حياة؟”
سليمان : ” عجل الذهب ”
بلقيس: “الميت عاش ويصلي والقبر يتحرك، من هو ؟”
سليمان: الميت يونان وقبره الحوت. أو السمكة كما هي مذكورة في التوراة
وفصل كتبة التلمود في تفاصيل أخرى منها أن بلقيس عندما رأت أن سليمان استطاع حل أحاجيها السابقة، قامت بجلب أطفال صغار يرتدون ملابس متماثلة وطلبت من سليمان أن يفرق بين الذكور والإناث.
فطلب سليمان من المخصيين عنده أن يأتوه بثمر البندق وحبوب ذرة ليلقوها أمام الأطفال. قام الذكور بجمعها وتعليقها تحت ثيابهم ولم يهتموا بكشف عوراتهم بينما الإناث علقن الحبوب والثمار على أطراف ملابسهن الخارجية فعلم سليمان أيهم الذكور وأيهم الإناث كون الإناث كانوا أكثر حرصاً من الذكور على الحشمة
واستمر الوضع على هذا الشكل وسألت بلقيس الملك سليمان أحاجي وألغاز كثيرة ويبدو من القصة وتعليقات الحاخامات أنها أشبه بدروس دينية لكثرة الأمثلة التي أوردها سليمان على بلقيس عن أنبياء مثل لوط وأيوب وموسى وأبيه داوود وكلها كانت لإقناع بلقيس بدين سليمان وأن مالديه من الحكمة الممنوحة من إلهه يفوق ما لديها حتى أيقنت بلقيس قائلة:«ليتبارك الرب إلهك إله إسرائيل»
السر الدفين للعلاقة القوية التى تربط إثيوبيا بإسرائيل، إسطورة تحولت إلى أيقونة مقدسة، هى الرابط القوى بين أديس أبابا وتل أبيب، واستثمرتها إسرائيل بكل قوة لمصلحتها، للسيطرة على القرن الأفريقى!!
الأسطورية المقدسة، يعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وتحديدا إلى 1000سنة قبل الميلاد، حيث تمكنت فتاة أثيوبية قوية من حكم مملكة «سابا» أو «سبأ» تدعى «ماكيدا» والاسم معناه «ليس هكذا»، على افتراض أن الملكة أمرت شعبها بأنه «ليس من الجيد أن يعبدوا الشمس، وأن من الصواب أن يعبدوا الله». وتؤكد الكتب الإثيوبية المقدسة، والتى سجلت الإسطورة، أن الملكة الشابة «ماكيدا» تمكنت من معرفة عبادة إله واحد فى قلب عالم التوحيد، حينذاك «القدس» عاصمة مملكة سليمان.
وبعد مرور 5 سنوات على حكمها لمملكة «سابا» قررت زيارة القدس ومقابلة الملك سليمان، والتعرف عليه، وظلت هناك 6 أشهر تنهل من علم سليمان فى الحكم والعدل، وعندما قررت العودة إلى بلادها، وحسب الإسطورة، فإن الملك سليمان أراد أن يتزوجها، وبعد حيل عدة، تمكن من الدخول عليها، وأنجب منها ولدا يدعى «باينا» ومعناه «ابن الرجل الحكيم»، وعندما صار شابا، تمكن من تأسيس مملكة «أكسوم« تحت اسم عرش «مينليك الأول» مدشنا خط الملوك السلامى فى إثيوبيا، والذى استمر مئات السنين، حتى انتهى عام 1975 بموت الإمبراطور «هيلا سيلاسى».
وعلى الرغم من أنه لا يوجد دليل قوى واحد، سواء فى الكتب السماوية أو التاريخية، تؤكد صحة قصة الملكة «مكيدا» ملكة «سبأ»، ولقائها الملك سليمان، والزواج منه وانجابها طفلا، إلا أن الإسطورة لها تأثير بالغ وعميق على ثقافة وتاريخ إثيوبيا ومستمرة حتى الآن.
ومن المعلوم، أن إثيوبيا القديمة «مملكة أكسوم» كانت تضم اليمن وأجزاء من شبه الجزيرة العربية، كما تمتعت بتقليد طويل من اليهودية، ورغم تحولها إلى المسيحية، تقريبًا عام 350 ميلادية، إلا أنها وحتى يومنا هذا، تحتفظ المسيحية اللاخلقيدونية الإثيوبية، بنسخة طبق الأصل من تابوت العهد، موجود فى كل كنيسة، وهو رمز للعلاقة بين الملكة «ماكيدا» والملك «سليمان».
تأسيسا على هذه الأسطورة المقدسة، تكتشف حجم العلاقات الراسخة بين إثيوبيا وإسرائيل، وإنها ليست علاقات قائمة على المصالح فحسب، وإنما لها جذور دينية، ومصاهرة، تتمثل فى زواج الملك سليمان من الملكة الإثيوبية الجميلة ماكيدا، وانجابها طفلا منه، صار ملكًا فيما بعد لمملكة أكسوم، ومن ثم يأتى تأثير إسرائيل الكبير على إثيوبيا، من الباب الواسع، العقيدة، والمصاهرة، وصلة الدم..!!