الياس الزغبي/ثنائية “الفساد والسلاح”… إلى السقوط

88

ثنائية “الفساد والسلاح”… إلى السقوط
الياس الزغبي/4 كانون الأول 2020

لا يمكن بعد اليوم تجاهل حقيقة سياسية تفرض القطع مع كل الصيغ والتجارب الحكومية السابقة، أي تشكيل حكومة محاصصة بين أحزاب السلطة وتيّاراتها، سواءٌ تحت شعار “الوحدة الوطنية” والمشاركة، أو “التكنوسياسية” التي تستبطن غلبة فريق “الممانعة”، أو “الثلث المعطّل”، تلك البدعة التي أنتجها “اتفاق الدوحة” وكانت نتيجتها كارثية في تفخيخ السلطة التنفيذية والتسبب بمضاعفة الفساد وعوامل الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي… والأخلاقي.

ويجب الاعتراف بأن مناورات فريقَي “حزب اللّه” و”العهد” للسيطرة على تشكيلة الرئيس المكلّف سعد الحريري، لم تنجح بعد مرور خمسة أسابيع، وغير مرشحة للنجاح في الأسابيع المقبلة، سواءٌ انتظرا إدارة بايدن أو لم ينتظراها. فهناك تغيير في قواعد تشكيل الحكومات وتكوين السلطة في لبنان، لا يسمح بصبغها بلون “حزب اللّه” كما حصل في الحكومات السابقة، ولا يسمح بإسقاط لبنان في الجراب الإيراني، في مرحلة تشي بتراخي مجسّات أخطبوط “نظام الفقيه” في الدول العربية. وقد أدرك “الثنائي الشيعي”، ومعه “العهد” وتيّاره، أن هناك استحالةً في استيلاد حكومة يحقق فيها الغلبة وتنطبع باسمه، لا في الشكل ولا في المضمون.

وهذا الادراك دفعه إلى تمرير الوقت المستقطع قبل فتح الحوار بين إدارة بايدن وإيران، بتنشيط حكومته المستقيلة، وبتكليف مجلس الدفاع الأعلى مهمات وقرارات خارجة عن صلاحياته، كما جرى في اجتماعه يوم أمس.

وهنا، تبرز مخالفتان إضافيتان للدستور:
على مستوى التوسّع في تصريف الأعمال، وعلى مستوى إعطاء المجلس الأعلى للدفاع ما ليس له. كل هذا التخبط لا يغيّر في المسار السياسي الأساسي شيئاً، بل يشكل احتيالاً على الوقت الضائع، ومحاولة لملئه بمكتسبات ومنافع اللحظة الأخيرة، على غرار توزيع أنصبة المحتضر على الورثة.

في الحقيقة، لقد أدت سلطة “الثنائي” – “العهد” مهماتها على مدى السنوات الأربع المنصرمة، والتزمت “تكليفها الشرعي”، وبدأت مرحلة انحسارها المتوسط المدى قبل الرحيل. وحين نردد أن “الشيعوية السياسية العسكرية” دخلت حالة التكلّس قبل الانقضاء، نكون نعني أيضاً تكلّس جناحها المسيحي المتجسّد ب”العهد” وتيّاره، وكل الأجنحة المتكسّرة في الطائفتين السنيّة والدرزية.

وما “انتصار” فريق “حزب اللّه” و”عهده” في تحاصص الحكومة العتيدة، والذي تحدّث عنه وليد حنبلاط، سوى “انتصار” افتراضي لن تكون له ترجمة في انتاج أي سلطة تنفيذية جديدة. وخلافاً لكل مظاهر وظواهر هذا “الانتصار” الخلّبي، بدأ “حزب اللّه” يعدّ خطواته إلى الوراء في قتال تراجعي، وليست مالية “القرض الحسن” سوى أحد إرهاصاته، كما أن شريكه في بعبدا بدأ عدّه التنازلي بالأشهر والأسابيع. وليست إرادة التغيير الشبابية التي بدأت مع ثورة ١٧ تشرين وتتفاعل في المنتديات والجامعات، سوى مهماز لإعلان انتهاء ثنائية “الفساد والسلاح”.
والمسألة هي فقط مسألة وقت.