الياس الزغبي/نصراللّه والتطوير مع فريق غريق

95

نصراللّه و”التطوير” مع فريق غريق
الياس الزغبي/12 تشرين الثاني/2020

“تطوير التفاهم بين حزب اللّه والتيار العوني” عبارة وردت في كلام نصراللّه أمس يجدر التوقف عندها، لرصد مستقبل هذه العلاقة التي باتت محكومة باتجاه واحد ومصير واحد. ماذا يعني “تطوير التفاهم”، أي “ورقة مار مخايل” التي وقّعها الطرفان في ٦ شباط ٢٠٠٦؟

هذه الورقة التي تتضمن ١٠ بنود، لا يمكن تحريكها إلى الأفضل طالما أنها خاضعة لبندها العاشر الأخير، الذي كان في الواقع هدف التفاهم أو التحالف، ولا يزال.

البنود التسعة السابقة لا تخرج عن أدبيات أي نص أو وثيقة بين طرفين، لجهة الوعود ببناء الدولة والإصلاح، وإرساء الحوار بين المكوّنات. ومن بينها بنود عن عودة اللبنانيين اللاجئين إلى إسرائيل والعلاقة مع الفلسطينيين ومع سوريا، لم يكن لها أي مفعول، لا في إعادة اللاجئين، ولا في معالجة السلاح الفلسطيني، ولا في تكرار تجربة “الوجود السوري الذي شابته ثغرات”!

كل “الورقة” تتمحور في أساسها على تكريس و”تقديس” سلاح “حزب اللّه”، وتغطيته إلى أمد غير منظور طالما هناك خطر إسرائيلي، وإلى أن تتوافر “الظروف المناسبة”.

وخطورة هذا البند العاشر الوارد تحت عنوان “حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته” لا تكمن فقط في اعتبار سلاح “حزب اللّه” (هكذا بالاسم) “وسيلة شريفة مقدّسة” وتكريسه إلى ما بعد بعد مزارع شبعا، بل في التغييب المقصود للجيش اللبناني وإغفال دوره في حماية الاستقلال والسيادة. ويزداد هذا الاغفال خطورة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أحد الطرفَين الموقّعَين على هذا البند كان قائداً للجيش.

لذلك، فعن أي تطوير ل”التفاهم” يتحدّث نصراللّه؟
البنود الأخرى موجودة، ولم يتم تطبيقها، أو تم تطبيق عكسها، وغير قابلة لأي تطوير فيها.

وإذا كان المقصود تطبيق الاصلاحات ومكافحة الفساد، فقد أثبتت ١٥ سنة من عمر الاتفاق أن الطرفين مارسا عملياً في الأداء السياسي والسلطة والإدارة ما يناقض الاصلاح، بل شكّل السلاح غطاء وضمانة للفاسدين على كل مستويات الحكم والسلطة.

يبقى “تطوير” البند العاشر. فهل هذا ممكن؟ وهل يسمح نصراللّه” بتغييره لجهة تقييد سلاحه بمهلة، أو باستراتيجية دفاعية، أو القبول بتعديل ينص على دور الجيش اللبناني وحقه في صون السيادة؟

من غير المتوقع أن يتم تطوير هذا البند في اتجاه تكريس حصرية الشرعية اللبنانية في بسط سيطرتها وحماية الحدود والدفاع عن لبنان، خصوصاً بعدما ارتمى الطرف العوني في أحضان “حزب اللّه” كملاذ أخير بعد العقوبات الأميركية.

لكل هذه المعطيات، سيبقى الكلام عن “تطوير التفاهم” وعوداً في الهواء، لأن “حزب اللّه” بات في موقع الحاضنة للطرف العوني، مع حسابات جديدة أن الغطاء المسيحي لسلاحه ينكمش بصورة دراماتيكية، وانقلبت الأدوار، فبات هو في موضع الغطاء للطرف العوني الذي يعاني اهتزازاً في تياره، وعزلة في بيئته، ويتحسّر على ابتعاد الجميع عنه، وفي طليعتهم الكنيسة والأحزاب والفاعليات وقادة الرأي.

إنه انكشاف شعبي وسياسي لا يشجّع نصراللّه على التسليم بأي تطوير ل”تفاهم” مع شريك متهالك. ولا تستطيع مدائحه وشهاداته تعويم غريق.