د.توفيق هندي/ترسيم الحدود: طبخة بحص

114

ترسيم الحدود: طبخة بحص
د.توفيق هندي/10 تشرين الأول/2020

من الواضح أن ليس لعون في نهاية المطاف إلا الخضوع لإملاءات حزب الله في إدارة مفاوضات الترسيم بعد أن تعدى هذا الأخير على الصلاحيات الدستورية لرئاسة الجمهورية (المادة 52) التي تحدد بشكل واضح أن رئيس الجمهورية يقوم بالمفاوضات الخارجية ويوقع عليها ثم يحيلها على مجلس الوزراء ومجلس النواب لقبواها أو رفضها أو تعديلها.

ف”تفنكة” إتفاق الإطار هي سرقة موصوفة لصلاحيات رئاسة الجمهورية بمباركة عون وسكوته عن الأمر. وحزب الله كمن يفاوض نيابة عن عون، ثم يرمي عليه مسؤولية ما قرره هو لتنفيذه تقنيا”.

وقد فاوض حزب الله إسرائيل عبر الوسيط الأميركي من خلال بري الذي لعب دور ناقل الرسائل ذهابا” وإيابا” بين حزب الله وإسرائيل.

هذا الواقع يدلل أن مفاوضات الترسيم هي مفاوضات إسرائيلية-إيرانية مموهة من جهة الجمهورية الإسلامية في إيران بعدة طبقات من السواتر (المفاوضين الإفتراضيين)، وآخرهم عون الذي يدار ولا يدير المفاوضات “التقنية” بأصغر تفاصيلها بالشكل والمضمون.

لا حاجة بعد ذلك أن نبرهن أن لا دولة في لبنان، أن “الدويلة” إبتلعت الدولة كاملة، وأن لبنان واقع تحت الإحتلال الإيراني، وأن القوى السياسية التي تتعاطى مع الوضع وكأن الدولة موجودة هي واهمة أو خاطئة أو متواطئة أو تعطي الأولوية لما تراه مصالحها الذاتية في السلطة غير آبهة بمصلحة لبنان الوطنية ومصلحة اللبنانانين الإقتصادية والمالية والمعيشية وإن تحججت بأنها تدافع عن الوطن وعن الشعب…

اللافة أننا لم نلحظ دفاعا” حقيقيا” عن الدستور من قبل من يتنطح بالتمسك به من الطبقة السياسية المارقة.

في مطلق الأحوال، واهم من يأمل من وصول مفاوضات الترسيم إلى خواتيمها. ممنوع على لبنان أن يستفيد من غازه وهو رازح تحت الإحتلال الإيراني المقنع، علما” أن لبنان تأخر جدا” في إستخراج غازه وأن الطلب على الغاز قد تدنى نتيجة إنكماش الإقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا وأن عملية تسويق غازه باتت صعبة في ظل تطبيع إسرائيل مع بعض الدول العربية ومؤخرا” مع دول خليجية (والحبل على الجرار) والإتفاقات الغازية في الحوض الأبيض المتوسط التي تربط المصدر الشرق أوسطي مع المستورد الأوروبي.

أما حزب الله، فهو يريد من خلال هذه المفاوضات أن يتقي شر الضربات الإسرائيلية في هذه المرحلة الحساسة ويتقي شر العقوبات الأميركية عليه وعلى حلفائه أو بالأصح التابعين له. إنه يدرك أن هذه المفاوضات طبخة بحص يريد منها أيضا” أن يستخلص اللبنانيين أن إسرائيل تريد أرض لبنان مياهه وغازه، وبالتالي أن تحرير كامل التراب الفلسطيني عبر المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لحماية لبنان وإن تحررت مزارع شبعة وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من بلدة الغجر. هذا ما يكفي لتبرير حيازته على سلاحه وإكمال مسيرته الإلاهية على حساب لبنان الكيان والدولة وعلى حساب اللبنانيين.

نص المادة 52 من الدستور:
يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالإتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب.