شارل الياس شرتوني/الفاشية الشيعية والحكم الاوليغارشي، من التعايش الى المواجهة

192

الفاشية الشيعية والحكم الاوليغارشي، من التعايش الى المواجهة
شارل الياس شرتوني/21 آب/2020

لقد انقضى اسبوعان على الانفجار الارهابي الذي دمر المرفأ واجزاء اساسية من بيروت الشرقية، ولم نتلمس حتى الان اية بوادر فعلية باتجاه تشكيل حكومة انقاذ وطني تأخذ على عاتقها عملية اعادة النهوض بالبلد المتهالك على عتبات سياسات النفوذ الشيعية التي تقودها ايران، والتي حولت لبنان الى مكب نزاعي تستعمله بشكلٍ استنسابي في مواجهاتها.

لبنان بالنسبة لسياسات النفوذ الشيعية ليس بدولة، لبنان هو منصة اطلاق صواريخ، ومستودعا لاسلحة كيميائية، ومنطلقا لاعمال ارهابية متحركة الاهداف، ومركزا لادارة العمل الاقتصادي المنحرف، وكل ما يتطلبه ذلك من تفكيك منهجي لمؤسسات الدولة، وتبديل للجغرافيا البشرية، واستهداف للخيارات السياسية والمجتمعية الليبرالية، لحساب توجهات اسلامية توتاليتارية وتوسعية.

ان اي سعي باتجاه حل سياسي توافقي في ظل هذه المناخات المطبقة، يندرج في سياق التنكر للواقع والهروب باتجاه تمنيات جامحة لاعلاقة لها باملاءاته.

ان اي تداول سياسي في ظل واقع التسلح وما يرافقه من سياسات انقلابية تسعى بشكل معلن الى تغيير هوية البلاد الوطنية والسياسية والثقافية والديموغرافية، هو استغراق في المسارات التي فرضتها وتسليم بقواعدها.

ناهيك ان هذه السياسة سوف تصطدم عاجلا بمطبات اقليمية ودولية مدمرة سوف تحول البلد الى رقعة لصراعات اقليمية مفتوحة، تعيد مكابرة الفاشية الشيعية الى حجمها الفعلي وتحول البلاد الى ركام.

ان الديناميكية التصاعدية لهذه السياسة الانقلابية تستدعي حكما ديناميكيات مضادة في منطقة متفجرة ومتداعية وتفتقد الحد الادنى من نقاط الارتكاز السياسية والمعنوية، وهذا ما تؤشر اليه اداءات حزب الله، وما تمليه السياسة الامپريالية المتجددة للنظام الاسلامي في ايران.

الهموم الاعمارية والاصلاحية لهذا البلد المنكوب ليست ولن تكون في دائرة نظر الفاشية الشيعية التي تبني حيثياتها على استغراق الدوامات النزاعية، وواقع المنعزل النزاعي والعزلة الدولية، وتنامي الانهيارات البنيوية ( المالية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والبيئية والديموغرافية)، والعمل الاقتصادي غير المشروع، والدفع بهجرة المسيحيين والمناوئين لتوجهاتها في الاوساط الشيعية والسنية والليبرالية، كما هو الحال حيال المنشقين والمعارضين في كوبا وفنزويلا.

ان التهديدات التي يفصح عنها حسن نصرالله، ما هي الا تتمة لاداء ارهابي مديد في الداخل والخارج وعنوان المرحلة المقبلة التي يعد لها، عندما يدعو انصاره الى تخزين الغضب والتأهب لاستعماله في مرحلة لاحقة.

ان الصمت الشيعي على تنوع ايحاءاته، المتضامنة سرا ام علنا مع هذا النهج، والمعارضة بشكل سكوني ام فاعل لهذها التوجه، مدعوة الى اعلانات مبدئية حتى يبنى على الشيء مقتضاه، لقد حان وقت الافصاح عن التوجهات المبدئية ولا مجال بعد اليوم للمواقف الرمادية.

تملي علينا هذه القراءة المحايثة للحدث الاستنتاجات التالية:

1-ضرورة تشكيل حكومة معارضة خارجا عن المعادلات السياسية القائمة والتحالفات الاوليغارشية وربط نزاع مباشر معها، على النحو الذي اعتمدته المعارضة الفنزويلية؛

2- التواصل الدپلوماسي مع المجموعة الدولية على قاعدة نزاع الشرعيات؛

3- المطالبة بتطبيق القرارات الدولية ( ١٥٥٩، ١٦٨٠، ١٧٠١ ) والفصل السابع من شرعة الامم المتحدة لحماية المدنيين من التهديدات بالابادة وسياسات التمييز التي يدلي بها حسن نصرالله حيال المسيحيين، واستهداف السلم الاهلي من قبل حزب الله؛

4- المباشرة بالعمل الحكومي والتدبيري لجهة الاسعاف، واعادة الاعمار، وتسيير المرافق العامة، والبدء باعمال الاصلاح البنيوي على مستوى السياسات العامة.

لقد انقضت مرحلة التعايش مع الفاشية الشيعية والائتلافات الاوليغارشية وابتدأ زمن المواجهة الفعلية معها، وكل ما عدا ذلك اهدار للوقت وامعان في ادخال البلاد في دوامة التدمير التصاعدي التي تحكم رؤاها واداءاتها. نحن في سباق مع الوقت لجهة حسم التوجهات السياسية العملية والخوض في سياسات الممانعة والخيارات السياسية والاستراتيجية البديلة.