شارل الياس شرتوني/حزب الله وديكتاتورية الغباء والظلامية وحتمية الفصل السابع

162

حزب الله وديكتاتورية الغباء والظلامية وحتمية الفصل السابع
شارل الياس شرتوني/28 حزيران/2020

تتحفنا الديكتاتورية المستحدثة بوافر من الاراء والقرارات والاحكام التي تنبئنا عما تكتنزه من ثقافة مالية واقتصادية تعبر عنها تصريحات حسن نصرالله، ومعرفة بموجبات دولة القانون كما تتجلى في الدعاوى المرفوعة والاحكام الصادرة من قبل مستخدمين قضائيين في اشكاليتي السفيرة الاميركية دوروثي شي ومفتي صور السابق علي الامين، وتمرس في الحقل الدپلوماسي لجهة معرفة اصول العمل التي نصت عليها معاهدة ڤيينا (١٩٦١).

ان منسوب التفاهة التي تعبر عنها ديكتاتورية حديثي النعمة قد بلغت حدا من الاسفاف لا يمكن قبوله تحت وطأة الارهاب، وتواطؤ الحكومة التي لا قدر لها، كما تظهرها تصريحات وزيرة الانباء منال عبد الصمد، حول احترام الحكومة للقضاء وعدم ضرورة الاعتذار من السفيرة الاميركية.

ان السكوت عن هذا الاداء المتمادي والتآلف مع احكامه هو امر خطير لانه يعني تسليما بالامر الواقع، وتطبيع قواعد اللعبة الناشئة وخسارة البلاد تدريجا لحرياتها الديموقراطية وخياراتها الثقافية والسياسية المنشئة.

لا بد من حسم الاشكالية الناشئة على مستوى الرفض المبرح لهذا الاداء ودعوة حزب الله للعودة عن توجهاته الانقلابية التي تستدعي استقالة الحكومة التي لا تعدو كونها غطاءا هزيلا لسياسة وضع اليد على البلاد، ودعوة رئيس الجمهورية لاخذ بعده عن هذا التوجه الانقلابي الذي بات يشكل احد ادواته، ومساءلة شرعية المجلس النيابي الذي اضحى صندوق ايقاع لسياسات النفوذ الشيعية التي يديرها حزب الله.

هذا يعني اننا في مرحلة انهيارات معممة تنعقد على خط التواصل بين التهافت المالي والاقتصادي والاجتماعي، وتداعي المؤسسات الديموقراطية وتحولها الى بنيات فارغة ومطوعة في خدمة سياسات النفوذ الشيعية.

نحن لسنا فقط امام مفارقات تطال حيثيات العمل العدلي والدپلوماسي في البلاد، نحن امام عملية نسف منهجية للمرتكزات الميثاقية والديموقراطية التي كانت باساس دولة القانون في لبنان، والتي تستهدفها السياسات الشيعية من خلال تغيير هوية البلاد وتدمير توازناتها البنيوية، والدفع بمعادلات جيو-استراتيجية وديموغرافية وعقارية، ومناخات ثقافية وسياسية تتماثل مع الظلامية الايديولوجية للثورة الاسلامية المرفوضة في ايران، والمطلوب احياؤها من خلال وضع اليد على لبنان.

نحن امام مفترق طرق وامام خيارات حاسمة، ولا امكانية للقبول بعد اليوم بالالتباسات التي تسود الحياة السياسية، والتأقلم مع الفاشية الشيعية التي لم تعد بصدد التعايش مع موجبات العيش المشترك اللبناني، بل بصدد تفكيكه ونسف مرتكزاته البنيوية، وتعميق سياق الازمات المعيشية المتضافرة، كمدخل لديناميكية سيطرة توتاليتارية غير مواربة.

الخيار واضح ولا لبس فيه، فاما العودة الى القواعد الديموقراطية التوافقية، واما طلب تطبيق الفصل السابع من اجل حماية اللبنانيين الرافضين لهذه الديكتاتورية والارهاب الملازم لها، والحؤول دون استهدافهم في امنهم وحقوقهم وحرياتهم، وحقهم في التفتيش عن حلول فعلية لمشاكلهم البنيوية خارجا عن الاقفالات المديدة التي فرضتها سياسات النفوذ الشيعية.

في أسفل تقرير من جريدة النهار ذات صلة لامقالة التي أعلى 

“حزب الله” يورّط القضاء بقرار يتّسم بالخفّة… قاضٍ يتعرّض لوسائل الإعلام وللسفيرة الأميركية/”النهار” 27 حزيران 2020
الحكم الذي أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور يشكّل اول محاولة خطيرة من جهة “حزب الله” لتوريط القضاء في صراع خارجي مع اميركا من جهة ومحاولة خطيرة جدا ايضا لتكميم الاعلام والصحافة، وهو ايضا رسالة تهديد ضمنية للخارجية لحملها على مواجهة السفارة الاميركية ، الامر انكشف من خلال تأييد تجمع المحامين في الحزب قرار القاضي محمد مازح، وتصريح للنائب ابرهيم الموسوي بضرورة اتخاذ تدابير بحق السفيرة الاميركية دوروتي شيا التي تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان وتهدد فريقا لبنانيا (حزب الله) . لكن الجانب الإيجابي من هذه القضية تمثل في الرفض الفوري للحكومة عبر وزارة الاعلام لخطوة القاضي كما الرفض السياسي والإعلامي الواسع لاي مس بحرية الإعلام تحت اي شعار . يشار الى ان الحكم يخالف الاتفاقات والبروتوكولات الدولية الناظمة للعلاقات الديبلوماسية وتجاوزا لعمل الخارجية اللبنانية التي سيتحرك وزيرها ناصيف حتي الاثنين للقيام بما يلزم وفق القانون.
واذا كان القاضي مازح حاول ان يزيل الصبغة السياسية عن قراره المعجل في يوم عطلة، فان مقدمتي اخبار قناتي “المنار” (حزب الله) و”او تي في” (التيار الوطني الحر)، اكدتا بما لا يقبل الشك ان القرار سياسي بامتياز. وقد ادى القرار القضائي الى انقسام سياسي حاد في البلاد بعد ايام عاى كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن لبنان دون التجرؤ على الرد عليه من الذين يطالبون بملاحقة السفيرة الاميركية. واذا كانت واشنطن قادرة على الدفاع عن سفيرتها في لبنان عبر ديبلوماسيتها الخارجية، فان السفيرة شيا لم تصمت بل ردت رافضة التعرض لحرية التعبير وللحريات العامة. والاكثر خطورة في القرار هو تعرضه لحرية الاعلام في لبنان في تجاوز فاضح لصلاحية قاضي الامور المستعجلة وللقضاء عموما.
وقد علقت السفيرة معتبرة في حديث لـ”النهار” أن مواقفها أو مواقف وزير الخارجية الأميركية ربما تكون قد أزعجت بعض الأطراف، داعية الى “نقاش حضاري وحرّ والى الامتناع عن التهديدات”.
ورداً على سؤال “النهار” حول إمكانية وجود خلفية سياسية وراء القرار سيّما مع امتعاض بعض الأطراف في الداخل، أجابت شيا “أحيلكم إلى الأطراف التي تقدّمت بالشكوى أو إلى القاضي الذي أصدر القرار لسؤالهم ما إذا كانت هناك دوافع سياسية. في رأيي، إنه أمر مؤسف ويوجّه رسالة مخيفة عن حرية التعبير. لكن لحسن الحظ، علمت من الحكومة اللبنانية أنه يُتوقّع القيام بخطوة ما في هذا الصدد، وأعتقد أنه ستتم العودة عن القرار”.
ورأت أن “الأهم هو أن تركّز السلطات على الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني حالياً، والأهم أيضاً هو أن يتمكن الشعب اللبناني من ممارسة حرية التعبير”.
واعتبرت أنه “ربما أزعجت بعض المواقف التي صدرت عني أو عن وزير الخارجية الأميركي أو مساعده، بعض الأشخاص، لكنني أدعو إلى نقاش حضاري وإلى الامتناع عن إطلاق التهديدات والتحذيرات”.
واثار القرار استنكارا في صفوف الديبلوماسية اللبنانية التي شدد عدد من اعضائها على ضرورة التزام لبنان باتفاقية فيينا الديبلوماسية التي تمثل قاعدة التعامل مع ديبلوماسيي البلدان المعتمدة. كما عبرّ عدد من رجال القانون عن بالغ استيائهم من القرار كونه يناقض احكام القانون الدولي واصول المحاكمات.
وزيرة الإعلام عبد الصمد التي كانت اول المستنكرين قالت انه لا يحقّ للقاضي قانوناً أن يصدر قراراً يمنع الإعلام من نقل تصريحات وهذا الأمر مكرّس في قانون المرئي والمسموع وحرية الإعلام مصانة في القوانين وأي خرق مفترض بوزارة الإعلام هي التي تتحرك وتتخذ القرارات. واعتبرت ان قرار القاضي مازح بحق الإعلام استباقي وهو غير مقبول.
وصرح الرئيس نجيب ميقاتي بالاتي: مستغرب جدا قرار قاضي الأمور المستعجلة في صور بمنع السفيرة الأميركية من التصاريح الإعلامية ومنع وسائل الإعلام من استصراحها ويشكل تجاوزا للدستور وتعديا على دور وزارة الخارجية وانتهاكا للمعاهدات الدولية واساءة للبنان وللحرية الاعلامية والاخطر انه يقدم نموذجا واضحا لوضع القضاء.
وصرح المستشار الديبلوماسي للرئيس سعد الحريري الدكتور باسم الشاب: “مثير للعجب والريبة ما صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في قضاء صور بشأن منع السفيرة الأميركية دوروثي شيا من التصريح ومنع وسائل الإعلام من مقابلتها ونشر تصريحاتها. إنها مخالفة للدستور وخروج عن الأعراف وسابقة خطيرة على لبنان وعلاقاته الدولية. هذه الخفة لا تشبه بلدنا المعروف بقضائه الرصين وحرياته الإعلامية!”.
وغرد النائب نهاد المشنوق عبر “تويتر”: “اليوم خرج علينا قاضٍ يعلن “حرباً” إعلامية على الولايات المتحدة الأميركية، ومن خلالها على المجتمع الدولي، الذي يحتاج لبنان إلى التفاهم معه بالعقل والمنطق، وليس بالعنتريات الفارغة. هذه عصفورية وليست سلطة. واستخدام القضاء في معركة سياسية ضد أميركا، بعد الشيخ الذي هدّد بـ القمصان السود وطائرة استطلاع حركة “الثورة”، هو دليل على إفلاس كبير. لكنّه أيضاً دليل على انتحار المنطق، وعلى خيار الانتحار الجماعي الذي تأخذنا إليه هذه سلطة الحزب الحاكم. وها نحن بدلاً من أن نتجه شرقاً كما صدرت التعليمات، نتّجه إلى فنزويلا وكوبا، وإلى خيارات ستجعل الدولار ربما 20 و50 و100 ألف. على كلّ حال، إسم القاضي الذي أصدر الحكم يعطي فكرة عن الحكم الذي أصدره.
وغرد الوزير السابق كميل أبو سليمان، عبر حسابه على “تويتر”: “كان لبنان بغنى عن هذه السقطة القضائية المتمثلة بقرار قاضي الأمور المستعجلة في صور. اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية تنص على أن الديبلوماسيين يتمتعون بحصانة جزائية ومدنية وإدارية إلا في حالات محددة لا تنطبق هنا. إن كان القاضي لا يعلم بمضمون الاتفاقية مصيبة وإن كان يعلم فالمصيبة أكبر”.
واكد نقيب الصحافة عوني الكعكي “أن النقابة ترفض رفضاً قاطعاً اي قرار يقمع الحريات”، لافتاً إلى “أن لبنان بلد الحريات، ويتميز عن كل العالم العربي ويتباهى بالحرية التي يملكها والتي دفعنا ثمنها غالياً”، موضحاً “ان شهداء كبار ذهبوا في سبيل هذه الكلمة، ولسنا مستعدين، من اجل قاض خطر على باله ان يمنع هذه الحرية، والتي ليست في الاصل من اختصاصه، للتنازل عن حرية التعبير وهي بمثابة الاوكسيجين الذي نتنفسه وبدونه لا حياة للصحافة”.
وشدد الكعكي على “ان هذا القرار هو اولاً من اختصاص محكمة المطبوعات، وثانيا إذا كان هناك من شكوى فيجب أن تذهب الى وزارة الخارجية، ووزير الخارجية، يتصرّف، في حال وجد أن هناك من ضرورة للتدخل ويعالج المواضيع” وختم: “لا دخل للقضاء في امور لا تعنيه، نرفض اي تدخل من اي قضاء كان غير محكمة المطبوعات، اما ان يأتي قاض ويقرر فلا هو ولا غيره يحق له ذلك ولا نقبل، هذا امر خطير”.
وكان قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح اصدر القرار بـ “منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم ألكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية (دوروثي شيا) أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة، تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية، عن العمل لمدة مماثلة، في حال عدم التقيد بهذا الأمر، وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية المعنية بدفع مبلغ مائتي ألف دولار أميركي كغرامة إكراهية في عدم الالتزام بمندرجات هذا الأمر.