الأب سيمون عساف/الأصالة توبِّخنا لا بل تجلد ضمائرنا لئلا نحيد عن الخط الرسولي رغم المصاعب والتضحيات

83

الأصالة توبِّخنا لا بل تجلد ضمائرنا لئلا نحيد عن الخط الرسولي رغم المصاعب والتضحيات
الأب سيمون عساف/15 شباط/2020

يكابرنّ مكابر ويشتهي لمن سواه الرحيل، فالمسيحيون باقون على تربة ارضٍ ناشبة جذورُهم في مطاوي صدرها عمقا.

مهما اختلق الرافضون تلفيقا والمُغرضون افتراءً، سوف يبقى في لبنان اهلُه الأولون والآخرون، عنيت المسيحيين احفاد رسل اورشليم السماوية، وعلى وجهٍ اخص ابناء “بيت مارون”.

كيف لا! طالما ينام بطل القديسين مار شربل في خشعة دير مار مارون عنايا، وعلى مسافة ليست بعيدة يغفو معلِّمُه الأب نعمة الله الحرديني في سكينة دير ما قبريانوس كفيفان، وعرّج بعدُ على نفس المساحة الجغرافية ترقد الأخت القديسة رفقا بوقار المختارين في دير مار يوسف جربتا.

هؤلاء الملائكة – البشر، لا يمكن ان يتخلَّوا عن اهلهم والوطن الذي درجوا على اديمه وخرجوا منه الى السماء، مهما جارت الظروف والتقلّبات قست.

ويبقى الأخ اسطفان حارس المقادس وفارس الجنائن وغارس الكروم والحقول. ايَّانا التهاون بطوباويته!

ومن قال ان الكون ليس في قبضة المُكوِّن؟ ولبنان نقطة من هذا الكون، اتراه يخرج من قبضة الله؟ حاشا!

ان عين العناية الكبرى ترعى مسيرات الكواكب والنجوم شاملة كوكبَنا الأرضي وما ومن عليه.

بتعبير آخر نحن تحت رعاية عين الضابط الكل القادر على كل شيء الماسك زمام دوران النظام الكوني والحاكم تحرُّكَ المدار.

لا لن يترك المسيحيون هذا البلد الحبيب لبنان الحاضن عظام الآباء والأجداد، لأنه العرين والمصدر والمآل.  من المستحيل التخلي عنه إذ ليس لنا عنه بديل.

لبنان عنواننا العريض كيفما اتجهنا واينما حططنا الرحال.  واخلاصا ووفاء من سليل اجيالنا القادم الى الرعيل العابر، سنتشبث بشراسة اكثر متعلقين بهوية وانتماء وتاريخ وتراث ولن نرضى الا به المهد واللحد لنا ولِبَنينا بعدَنا.

نحن آخر جذوة للمسيح، نحمل في آخر نقطات الدماء السارية في عروقنا زخم البشارة وفخر الشهادة وغيرة الرسالة.

اذا رحل المسيحيون من لبنان انتهت مفاهيم الإنجيل.  هنا عاش التلاميذ وطلاب الكمال ومن هنا انطلقوا الى العالم كالمشاعيل لإضاءة الأمم والشعوب.

هنا مشى المعلّم واجترح الاعاجيب والمعجزات وهنا اتمّ بصَلبِه عملية الخلاص في مشرقٍ مهدِ الأنبياء والتجسّد والفداء.

إنه النور والباب والهداية والحياة، عرّفنا على الوهيته وهو انسان فرأيناه بالعيون ولمسناه بالأيدي وسمعناه بالآذان.

عاشرنا وعاش معنا وبيننا بينما في الغرب على السماع آمنوا به عملا بالقول :” طوبى للذين لم يروني وآمنوا”.

في هذا الزمن نسي الطالعون موروث آبائهم والجدود وصار الخبر شبه خرافة.

انحرفوا عن تاريخهم وانغمسوا في مادية الدنيا وبالتالي لم يعد يعني لهم الإيمان العريق.

اما نحن فالأصالة توبِّخنا لا بل تجلد ضمائرنا لئلا نحيد عن الخط الرسولي رغم المصاعب والتضحيات.