انطوان الخوري طوق: الإعتداء على رمزية عصام خليفة في زمن الثورة/عصام خليفة ضمير الوطن ولن يقيده إدعاء او حكم جائر، ولا يمكن إلقاء القبض على الكلمة ولا على التاريخ

89

الإعتداء على رمزية عصام خليفة في زمن الثورة
انطوان الخوري طوق/03 كانون الثاني/2020

عصام خليفة ضمير الوطن ولن يقيده إدعاء او حكم جائر، ولا يمكن إلقاء القبض على الكلمة ولا على التاريخ. 

كنا ننتظر من القضاء اللبناني فتح ملفات النهب والهدر والتجويع والتهجير وملاحقة السارقين والمهربين والقتلة والداعرين السياسيين والنافخين في النيران المذهبية والطائفية، فإذا بالقضاء يصدر مذكرة إلقاء قبض بحق عصام خليفة وإحالته على محكمةالجنايات وكأننا أمام ملاحقة تاجر مخدرات او قواد او مجرم.

ألم يخجل من ادعى عليه من تاريخ عصام خليفة الأكاديمي الجامعي والنضالي والوطني؟

ألم يخجل من ادعى ومن أصدر الحكم من أعراس الكتاب في السنين العجاف ومن منصات الإحتفاء بالابداع اللبناني في انطلياس؟

ألم يخجلوا من آلاف الطلاب الذين تربوا على يديه، على الوضوح والجرأة والصدق والشجاعة في الشهادة للحق والنزاهة ونظافة الكف والقلب والعقل؟

هؤلاء الذين حولوا الجامعة الوطنية الى مزرعة للمحاصصة الطائفية والزبائنية والتبعية السياسية، هؤلاء ألم يخجلوا من ملاحقة عصام خليفة هذا الرحالة في المكتبات العالمية وأرشيفات وزارات الخارجية والمؤتمرات والأديرة والمحاكم الشرعية والدوائر العقارية والأوراق المنسية بحثا عن حق لبنان في حدوده ومياهه وكيانه وحريته وسيادته؟

ألم يخجلوا من عشرات الكتب والخرائط ومئات المقالات والأبحاث في تاريخ لبنان الاجتماعي والسياسي والثقافي بحثا عن تكوين ذاكرة لبنانية وطنية ديمقراطية علمانية جامعة؟

وكأننا لم نكتف بالأفلاس المالي والسياسي حتى دق الإفلاس الفكري والثقافي أبواب الجامعة اللبنانية، جامعتنا الأم التي تعرفنا فيها على أنفسنا ورفاقنا ومناطقنا والتي تربينا فيها على حق التعدد والتنوع والاختلاف وقبول الآخر، والتي كونت ثوابتنا الوطنية في الزمن الجميل والتي لم تقو الحروب الأهلية والنزاعات الطائفية على هزيمتها والتي حولتها المحاصصة الطائفية إلى كانتونات مذهبية وحزبية.

عصام خليفة هو زمن الجامعة الجميل، زمننا الجميل، وفي الإعتداء على رمزيته اعتداء علينا، على ذاكرتنا الثقافية، على ذاكرتنا الوطنية، على حريتنا في العبور من القبيلة والحزب والزعيم والطائفة والبلاطات المستجدة إلى زمن جديد، على حقنا في التفكير الحر والكتابة الابداعية، على حقنا في النقد والإصلاح والمساءلة والمحاسبة، ان قمع الجامعة لحرية المساءلة يحول لبنان إلى سجن كبير.

لا مكان لجامعة لبنانية تشبه ما قبل 17 تشرين فالشعب اللبناني الثائر على التحزب والتبعية والزبائنية لا يجوز أن يرضى بما يتعرض له أحد الرموز الفكرية المتخصصة المستقلة والوطنية .

فالمطلوب من أساتذة وطلاب الجامعة اللبنانية والمثقفين والاعلاميين ان يقفوا في وجه استباحة الرموز الوطنية.

ولتشرع ثورة 17 أبواب التجديد ولتعلن زمنا جامعيا لبنانيا جديدا بعيدا عن الطارئين على الحياة الأكاديمية واحتراما للمناضلين الذين بذلوا من فكرهم وحريق أعصابهم في سبيل تطوير الجامعة.

عصام خليفة ضمير الوطن ولن يقيده إدعاء او حكم جائر، ولا يمكن إلقاء القبض على الكلمة ولا على التاريخ.