راغدة درغام: الدولة العميقة في إيران تبعث رسائلها الواضحة/Raghida Dergham: The IRGC want to be the real power-brokers in Iran

102

The IRGC want to be the real power-brokers in Iran
Raghida Dergham/The National/October 19/2019

الدولة العميقة في إيران تبعث رسائلها الواضحة
راغدة درغام/موقع ايلاف/19 تشرين الأول/2019
يبعث “الحرس الثوري” الحاكم فعلياً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية رسائل مهمّة وخطيرة الى العالم، بالذات الى القيادات العربية الخليجية، عنوانها الخارجي الانفتاح على الحوار معه بالذات وليس مع الرئيس أو وزير الخارجية، أمّا فحوى الرسائل فإنه يهدّد بإجراءات مصيريّة – إذا استمر تطويق “الحرس الثوري” وحشره في الزاوية – وذلك بعمليات عسكرية اقليمية وبتولي الحُكم علناً في طهران بقبضة حديدية. التاريخ الذي تراه قيادة “الحرس الثوري” خطيراً عليها هو الشق الثاني من نوفمبر المقبل لأن تقديرها يتنبّأ بانفجار داخلي عندئذٍ نتيجة العقوبات الأميركية التي كبّلت الاقتصاد الإيراني، وقراراها هو احتواء واستيعاب الاستياء الداخلي عبر عمليات خارجية ذات طبعة عسكرية تحشد العاطفة القومية وراء النظام. قبل الخوض في هذه المسألة، جولة ضرورية على أبعاد اجتياح تركيا شمال شرق سوريا، وعلى نتائج زيارة رئيس روسيا الى المملكة السعودية ودولة الإمارات العربية.

على صعيد تركيا ومغامراتها السورية، أتى الاتفاق الأميركي – التركي على ترتيبات مؤقتة مرحلية لوقف النار وإنشاء حزام أمني لها شمال شرقي سوريا ليشغل بال روسيا التي أسرع رئيسها فلاديمير بوتين الى دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للاجتماع به في موسكو الأسبوع المقبل في محاولة وضع النقاط على الحروف واحتواء الانجراف. فأردوغان يسبّب القلق لبوتين لأسباب عديدة منها اللاثقة به أساساً ومنها ما قد ينعكس على رغبة روسيا بامتلاك الحل السياسي في سوريا عبر عملية “استانا” التي تضم الثلاثي الروسي – التركي- الإيراني وتعتبرها موسكو حجراً أساسياً لمصالحها وسياساتها في سوريا.

موسكو تبدو أقل قدرة في السيطرة على شريكيها التركي والإيراني في سوريا – وهذا يزعجها. فلاديمير بوتين كان يتمنى ان يقوم بزيارته المهمّة لكل من السعودية والإمارات وفي جيبه أوراق قوية مع كلٍّ من إيران وتركيا. أما وأن الشريكين قد سبّبا له الاحراج عشيّة الزيارتين، فإنه حاول فرملة بعض إجراءات كل منهما، ونجح نسبيّاً.

بوتين أوضح للقيادة الإيرانية موقفه الصارم المعارض لعملياتٍ كان “الحرس الثوري” خطط لها ضد مصالح حيوية في دولة الإمارات العربية واعتبر تنفيذها تقويضاً لسياسته الخليجية بقرار متعمّد مُعادٍ للمصالح الروسية.

فزيارة السعودية والإمارات كانت بالنسبة لبوتين فرصة مميّزة للتعرّف على مدى قدرة روسيا على اختراقٍ ايجابي في الدول الخليجية العربية واستنباض آفاق الخطوات المستقبلية في مختلف المجالات. وبحسب مصدر روسي مطّلع “من المبكّر التحدّث عن شراكات استراتيجية مع السعودية والإمارات، إنما فرص إقامة هذه الشراكات باتت موجودة”.

أراد بوتين أيضاً استطلاع آفاق فكرته لإقامة آليّة أمن إقليمي تضم إيران والدول الخليجية العربية بمساعدة روسية. وما طرحه أثناء زيارته هو استعداده للعب دور الميسّر Facilitator بين إيران وهاتين الدولتين. وبحسب المصادر المطّلعة، ينوي بوتين التحدّث مع الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع المقبل ليؤكد استعداده للعب دور الوساطة.

العنصر الاقتصادي كان حاضراً جدّاً في محادثات بوتين من ناحية “أوبك” كما من ناحية الصفقات الاقتصاديّة الضروريّة لتوطيد الصداقات. فالاقتصاد الروسي مُتعَب، وبوتين في حاجة لأن تستقر أسعار النفط على حوالى 60 دولار للبرميل إذا كان له تنفيذ مشاريعه الوطنية. انه أيضاً في حاجة الى عقد صفقات بيع الأسلحة الى الدول الخليجية وكذلك الى دول عربية تدعمها السعودية والإمارات وتقوم بتمويل جزئي على الأقل لمشترياتها ومشاريع تصنيع الأسلحة بينها وبين روسيا – والكلام عن مصر التي تعتبرها موسكو ركيزة أساسية في سياساتها نحو الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية.

بيع الأسلحة الروسية ليس فقط مصدراً للاقتصاد الروسي وإنما كذلك وسيلة رئيسية لإثبات رغبة واستعداد موسكو بأن تكون شريكاً اضافياً – أو بديلاً عند الحاجة – للولايات المتحدة الأميركية سيما بعدما أعاد الرئيس دونالد ترامب تعريف قواعد ومعطيات الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة الأميركية والدول الخليجية العربية. فلاديمير بوتين غمز من تلك القناة أثناء زيارته الخليجية وأوضح ما في ذهنه “دون أن ينسى أن هذا الأمر، إذا كان له أن يرى النور، فإنه يتطلب الكثير من الوقت والكثير من العناء والمثابرة”، بحسب المصادر الروسية.

تضيف هذه المصادر أن زيارة بوتين كانت أيضاً “فائقة الأهمية على الصعيد المحلي في روسيا سيما وأن دعم الرأي العام الروسي لسياسة بوتين نحو سوريا انخفض من نسبة 67% عند البداية الى نسبة 12% حالياً. فهذه الزيارة أثبتت ان فلاديمير بوتين ليس في عزلة دوليّة. وهذا مفيد له على الصعيد الداخلي”.

الرسالة الأخرى التي تلقاها الرأي العام الروسي هي ان مجالات التعاون مع الدولتين الخليجيتين المهمّتين يمكن أن تشمل، الى جانب الطاقة، مجالات التكنولوجيا والفضاء والتعليم وغيرها، قالت المصادر ذاتها. ولفتت بالذات الى وجود رمزان كاديروف Ramzan Kadyrov في الوفد الرسمي الروسي “كرسالة على أن فلاديمير بوتين يأخذ في الاعتبار مصالح الجالية المسلمة في روسيا”.

لوحظ أن الخبراء الروس الذين تحدّثوا عن زيارة بوتين أثناء انعقاد قمة “بيروت انستيتيوت” في أبو ظبي بنسختها الثالثة الأسبوع الماضي حرصوا على إبراز أهمية زيارة فلاديمير بوتين الى السعودية والإمارات من منطلق توجيه رسالة الى واشنطن وهي: أن توجّه السياسة الخارجيّة الروسيّة الى الشرق لا يعني فقط الصين وإنما يشمل الشرق الأوسط وأن التنسيق الروسي والصيني في الإقبال على منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربيّة تنسيق مدروس له وزنه سيّما في زمن انحسار الثقة بالجانب الأميركي والتزامه بأمن شركائه.

فقد كان واضحاً أثناء قمة “بيروت انستيتيوت” في مداخلات كبار الشخصيات الأميركية التي شاركت في القمة ان ادارة ترامب أبلغت طهران ما هي الحدود الحمر التي عليها ألاّ تعبرها وهي القوات الأميركية في كامل المنطقة، وأنها أوضحت للشركاء العرب في منطقة الخليج أن الشراكة الأمنية معها لا تشمل التورّط عسكرياً أمّا بالنيابة عنها أو بالشراكة معها وان عليها أن تدافع عن نفسها بنفسها.

أحد المشاركين في الجلسات المغلقة تحدث عن حتميّة تولّي “الحرس الثوري” الحكم رسميّاً وعلناً في طهران ما لم يُقدّم له “تعويض محدود” Limited buyout في شكل آلية أوروبية تسمح له ببيع مليون برميل نفط يوميّاً. قال ان هذه الآليّة الماليّة هي الوحيدة التي يمكن أن تحتوي الانفجار الداخلي المتوقع في أواخر نوفمبر والذي يهدّد مصير النظام في طهران. حذّر من تداعيات حشر “الحرس الثوري” في الزاوية لأن ذلك سيؤدي بهم الى الانقلاب على نظام الملالي ونصب نظام “الحرس الثوري” بكل ما في ذلك من دلالات خطيرة ونزاعات عسكريّة حتميّة.

هذه الشخصية التي لها علاقات مع القيادات الإيرانية داخل “الحرس الثوري” نقلت عنها تهديدها بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النوويّة NPT. فردّت عليها شخصية أميركية رفيعةالمستوى بأن هذا خط أحمر واضح المعالم سيؤدي بالتأكيد الى اجراءات أميركية عقابية لأن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية.

الأخطر في الرسالة التي حملتها الشخصية الروسية هي إصرار “الحرس الثوري” على منطق النظام القاضي بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تبقى اليوم أو غداً أو أبداً داخل حدودها، وان العودة الى داخل الحدود الإيرانية يهدّد وجوديّة النظام ويؤدّي الى القضاء عليه. وعليه، قالت هذه الشخصية الواسعة الاطلاع على المطالب الإيرانيّة، موجّهةً كلامها الى الكل وخصوصاً الشخصيات العربيّة قالت ان لا خيار آخر سوى تفهّم وتقبّل منطق نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية والرضوخ له. والسبب هو أن في حال تحدّيه، سيتسلّم “الحرس الثوري” الحكم بصراحة وبقبضة حديدية وسيشعل النار في المنطقة بعمليات تهدّد الاستقرار الإقليمي والعالمي.

الرسالة باختصار هي: اعطوا “الحرس الثوري” ما يريد لأن ما تتذمّرون منه سيتضاعف بأضعاف إذا لم تلبّوا طلباته. الرسالة التي نقلتها الشخصيّة الروسية الى العرب هي: اخضعوا للتوسّع الإيراني خارج الحدود الإيرانية وداخل الجغرافيا العربية، وإلاّ فإن الانتقام من عدم الرضوخ سيكون مكلفاً للغاية.

ثم كانت هناك رسالة أخرى نقلتها شخصية إيرانية للغرب وللعرب فحواها: تحدّثوا مع “الدولة العميقة” في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أي، تحاوروا مع “الحرس الثوري” فقط إذا كنتم تريدون نتيجة. بكلام آخر، ما أوصى به “الحرس الثوري” هو إيصال رسالة تحقير لدوْر الرئاسة الإيرانية وهيئات الحكومة المدنية على نسق وزير الخارجية. فالعنوان بات محسوماً وواحداً وهو: الدولة العميقة، أي، “الحرس الثوري”.

لعل ذلك مؤشر على ضعف “الحرس الثوري” واستقتاله على امتلاك القرار والاستفراد به أكثر مما هو مؤشر على قوّته. فهو في مأزق تحت سوط العقوبات التي تطوّقه على مشارف الانقلاب الداخلي عليه، وهو في عزلة دولية ويُصنّف “ارهابياً” لدى واشنطن.

لذلك انه يستدعي الاعتراف به لإعادة تأهيل نفسه داخليّاً وخارجيّاً. يرغِّب بالحوار معه كقناة وحيدة بديلة عن الرئاسة ووزارة الخارجية، لكنه في الوقت ذاته يهدّد بعمليات انتقامية ضد ناقلات نفط تفيد المصادر انها آتية في غضون أسبوعين وعمليات ابتزازية في مواقع سيطرة “الحرس الثوري” في دول عربية سياديّة.

الشهر الآتي مصيري إذا كان توعّد “الحرس الثوري” جدّيّاً وليس مجرّد محاولة يائسة لاستعادة زمام الأمور قبل الانفجار. الغامض الدائم في هذه المرحلة من العلاقة الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط هو متى تقرر إدارة ترامب أن إيران عبرت الخطوط الحمر، وهل سترضخ للإملاء الآتي من “الحرس الثوري” بأنه هو الدولة العميقة التي على دونالد ترامب التعاطي معها وليس حسن روحاني أو محمد جواد ظريف باعتبارهما ثانويّين أمام الحاكم الفعلي في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة.

The IRGC want to be the real power-brokers in Iran
Raghida Dergham/The National/October 19/2019
The military arm of Tehran wants to be the only channel for dialogue but continues to issue threats

The Islamic Revolutionary Guard Corps, who hold the real power in Iran, are sending dangerous messages to the world and their regional neighbours, the first of which is that dialogue with Tehran should go through them, not the president or foreign minister. If the IRGC continue to feel cornered, they could respond with military operations in the region and a power-grab at home. Next month will be crunch time, when there will be an assessment of the impact of crippling US sanctions. The IRGC plan to contain domestic resentment through foreign operations that could rally nationalist sentiment behind the regime. But before delving into this issue, it is important to assess the implications of Turkey’s invasion of north-east Syria and the visit by Russian President Vladimir Putin to Saudi Arabia and the UAE.

The state visit came as the US and Turkey agreed a five-day ceasefire and the creation of a Turkish-controlled buffer zone in north-eastern Syria. These developments have left Russia anxious. Mr Putin has invited his Turkish counterpart Recep Tayyip Erdogan for a meeting in Moscow next week to clarify matters and to explain the Turkish trajectory. Mr Erdogan leaves Mr Putin with many concerns, not least because of the distrust between them, while there are implications for Russia’s ambitions in finding a political solution for Syria through the Astana process. This process, which includes Russia, Turkey and Iran, is the cornerstone of Moscow’s interests and strategy in Syria.

The IRGC is hurting under the weight of sanctions and suffering from international isolation while being designated a terrorist organisation by Washington

Today Russia is assessing the actions of Turkish and Iranian partners in an uncertain time. Indeed, the Russian president has firmly communicated to Iran’s leaders his opposition to operations by the IRGC in the Gulf. Mr Putin’s visit was a rare opportunity for Russia to identify how far it can make a positive breakthrough in Arab Gulf countries at all levels. During his visit to Saudi Arabia, he proposed to play the role of facilitator between the two sides. According to informed sources, Mr Putin will hold talks with Iranian President Hassan Rouhani next week to offer mediation.

Trade was also a major component in Mr Putin’s talks, both at the level of Opec co-operation and major deals. Russia’s economy is sluggish and Mr Putin needs oil prices to stabilise at about $60 per barrel to afford his grand national projects.

Russian co-operation with Gulf countries could also include technology, space and education. During the Beirut Institute Summit in Abu Dhabi last week, Russian speakers were keen to highlight the importance of Mr Putin’s visit to Saudi Arabia and the UAE, saying it sent a message to Washington that Russia’s eastward policy does not just include China but also the Middle East, and that Russia and China are co-ordinating their policies in the Middle East and the Gulf at a time of receding confidence in the US and its commitments to the security of its partners.

At the same summit, US officials who took part in the summit reported that the Trump administration has communicated its red lines to Iran: namely, that US troops in the entire region are off limits. Perhaps this is a time of weakness and desperation for the IRGC, hurting under the weight of sanctions and suffering from international isolation while being designated a terrorist organisation by Washington. It wants to be the only channel for dialogue but at the same time, continues to issue threats.

The coming month will be indicative of whether IRGC threats are serious or just a desperate attempt to take control. But what is not clear in this phase of US policy in the Middle East is what would be tolerable to the Trump administration. The question remains, too, whether the US could accept dealing with the IRGC, Iran’s deep state, rather than Mr Rouhani and foreign minister Mohammad Javad Zarif, thought to be secondary to the actual power-brokers of Tehran.
**Raghida Dergham is the founder and president of the Beirut Institute