د.حارث سليمان: إستعيدوا سيادة الدولة.. تستعيدوا وفرة الدولار

70

إستعيدوا سيادة الدولة.. تستعيدوا وفرة الدولار

د.حارث سليمان/جنوبية/29 أيلول/2019

ليست سلسلة الرتب والرواتب سبب الازمة كما يحلو لبعض اصدقاء المصارف ان يصوروا الامر، فعوائد السلسة التي تخرج الى خارج لبنان لا تزيد عن “مليار دولار سنويا” في اعلى تقدير لذلك، هي عبء على الموازنة صحيح، وهو عبء نسبي لكنه ثانوي.

في المقابل فان زيادة كلفة الاقراض وهي زيادة مستجدة منذ حوالي السنة فقط، هذه الزيادة على سندات الخزينة تصل الى مليار ونصف مليار دولار سنويا (الزيادة وليست الكلفة)

نقطة البداية هي التمييز بين مفاعيل العجز في الموازنة من جهة أولى، والعجز في ميزان المدفوعات من جهة ثانية؛ ازمة الدولار مرتبطة ب “ميزان المدفوعات” الذي هو السبب الاساس، وهذا الميزان بعجز متراكم منذ سنة ٢٠١١ قبل السلسلة ب ٥ سنوات، أما السبب الثاني فهو التباطؤ في نمو الودائع لسبع سنوات متراكمة ٢٠١١_ ٢٠١٨، والسبب الثالث نضوب مصادر العملة الصعبة المتدفقة من ايران الى لبنان، ووقف منهبة العراق، بعد سقوط المالكي، هذه المنهبة التي مارستها اطراف الممانعة ومنهم حزب الله، وأخيرا فقدان النظام السوري مصادره من الدولار بعد فقدانه مداخيل نفط شرق سورية.

ميزان المدفوعات اللبناني لا يستطيع تحمل عجز موازين المدفوعات في لبنان وسورية وايران.يضاف الى كل ذلك فقدان الاقتصاد اللبناني كل وظائفه التقليدية، وانهيار صادراته وتقلص حجم قطاع الخدمات فيه.

فالاعلام فسد بفساد الاحزاب الذي أمسكته، والبيئة تدمر بايدي من يطلب منه حمايتها، والصحة والاستشفاء فقدت ريادتها في الاقليم، والسياحة تعاني الكساد وفقدان التنافسية فبدل ان يستقطب لبنان سواح المنطقة اليه، اصبح مصدّرا لهم لدول أخرى، فيما اساء تفريخ الجامعات الطائفية الى رفعة التعليم في لبنان وقيمته، وفاقم الامر أن النظام المصرفي اللبناني، استسهل اقراض الخزينة العامة ودعم نشاطات ريعية في اقتصاد سلطة فاشلة، بدل تمويل القطاعات الاقتصادية فلعب دور المرابي بدل ان يكون قاطرة للتنمية والنمو والاستثمار.

ما هو الحل؟
السيادة اللبنانية هي الحل؛ لقد فقد لبنان سيادته على قراراته السياسية، فاستعيدوا سلطة القرار للمؤسسات ليصبح الاصلاح والتقشف ممكنا!

وفقد ” لبنان الرسالة” الامساك بسياسته الخارجية طبقا للمصلحة الوطنية اللبنانية، استعيدوا سياسة خارجية مستقله غير مرتهنة، لكي تتاح الاستعانة بكثير من الدول المانحة للمساعدة!!؟

وحين فقدت دولته وجيشه ميزة احتكار العنف من اجل مهمة الدفاع عن الوطن ورسم استراتيجيته الدفاعية… فقدت قرار الحرب والسلم!

لذلك اصبحت دولة معلقة لا يراهن عليه مستثمر تفرض على نشاطه خوة متسلط باسم الشراكة، ولا يهوى ربوعها سائح تلتبس أمام ناظريه وجهة الوصول الى جبهة حرب ام منتجع للمتعة، ولا يحج اليها مغترب يبحث عن جذوره، او باحث عن تسلية او طمأنينة!؟

 يوم فقد سيادته على حدوده الوطنية ومعابره الحدودية انهارت مداخيل ماليته من الرسوم الجمركية، واستباحت اسواقه المالية عمليات استجرار الدولار الى سورية وغيرها من الاسواق المجاورة.

عندما انهارت حدود الوظيفة العامة من معايير الكفاءة والعلم، الى هاوية الاستزلام والمحاصصة والمحسوبية، غدت الادارة عبئا ماليا وعائقا تنمويا وهيكلا متورما، لاينتج ولا يسمح لاحد آخر ان ينتج، فغدت تجارتنا تصدير وتهجير الادمغة من اولادنا، وتوطين وتجنيس احقرحيتان الفساد والتهريب في دول الاقليم.

وعندما انهارت الحدود بين الخاص والعام، الحدود بين رجال الدولة واصحاب الصفقات والاعمال، الحدود بين المال العام وثروات الزعماء، اصبحت السلطة اداة نهب وغدا الشعب موضوع نهب، أعيدوا الحدود التي تصون السياسة بالاخلاق والمعايير…

استعادة لبنان لحدوده السيادية هو الحل
حدود الصرافة، حدود الجمارك، حدود الاستيراد والتصدير، حدود القانون، حدود العلم والكفاءة والمهنية، حدود الدولة السيدة داخل حدودها وعبر حدودها، واحتكار العنف في يدها، حدود المصلحة الوطنية اللبنانية حدود دولة تستحق اسمها.

سلموا الحكم للفهيم بدل الزعيم، ولا تخلطوا بين الحكام والاقزام.

يردد البعض دعوة للحسم بين خيار هانوي وهون غونغ وقد فاتهم ان هانوي ذاتها لم تعد كما يستذكرونها بتاتا، والخيار المطروح على لبنان اليوم هو بين لاباز ( بوليفيا) مضافا اليها غزة، من جهة اولى، او في أحسن الاحوال (اثينا) من جهة ثانية.