الكولونيل شربل بركات يرثي ابن عمه القاضي دياب شكرالله دياب: ابن العم العزيز الدكتور دياب

294

ابن العم العزيز الدكتور دياب
الكولونيل شربل بركات/16 آب/16

في وداعك يا ابن العم تقف عين إبل اليوم بكل أهلها محزونة على أحد بنيها الذي وصل بجهده الشخصي إلى أعلى المراتب. فقد حصلت على دوكتورا دولة من أحسن جامعات فرنسا يوم كان الحصول على الفلسفة يعد انجازا، وكنت تعمل أثناء الدراسة لسد المصاريف المترتبة على ذلك. وأصبحت معلما للاجيال، لا مدرسا في المدرسة المتوسطة أو الثانوية بل بروفيسورا في الجامعة اللبنانية. والتحقت بسلك القضاء، لا كقاضي منفرد في إحدى المحاكم الصغيرة بل كمستشار في اعلى مجلس للقضاء في لبنان – مجلس شورى الدولة. ولكنك مع كل هذا الكم من الانجازات والمراتب والألقاب بقيت متواضعا قريبا من الصغار والكبار، لا بل أخالك لم تنسَ ذلك الولد البريء الذي لم يكبر فيك، فاستمريت على ما أنت وبلغت بدون عقد وتعاملت مع القضايا الكبرى والصغرى بكل بساطة، وقد تكون هذه بالذات نقطة ضعفك التي سهّلت الحدث المريع.
الحبيب واصف
وهو الاسم الذي عرفناك به دوما، وقد يكون العم شكرالله أطلقه عليك، وعلى عادته، تيمنا بصديق محب، وهو الذي كان المغامر الأول في كل أعماله والصديق الأمين والمخلص في كل علاقاته، ولكنك حملت رسميا اسم العائلة الكبرى التي بها نعتزّ وكنت خير من يمثلها في مجالات عدة.
الريّس دياب
وهو اللقب الذي رافقك في القضاء لم يزدك إلا ثقة بأن “كبيركم هو خادمكم” فكنت الخادم الأمين الذي لم ينسَ المحتاج أو الفقير من حوله في زمن كثر فيه الفسق والعهر والمتاجرة بكلام الله، أما أنت فقد تبعت الوصية “أن أحبب قريبك كنفسك” فكان بيتك مخزنا لمواد غذائية توزعها على من تعرف من المحتاجين وكأنك منظمة انسانية بحد ذاتك، ولم تفاخر ببناء القصور أو السكن في الفلل الجميلة ولا حدّثت عن معارفك في المجتمع المخملي أو اقتنيت السيارات الفاخرة، بل كان حديثك دوما ومنذ الصغر عن زيارة فقير هنا واكتشاف محتاج هناك ومساعدته بقدر امكانياتك، وكأنك ترى به حقيقة صورة ربك الذي قال “زرتموني وأنا مريض وأطعمتموني وأنا جوعان… وما تعملوه لأحد هؤلاء الصغار فلي عملتموه”.
منذ أربع سنوات كان الموت يحاول قطفك في ذلك الحادث الرهيب حيث لم تزل زوجتك تعاني حتى اليوم من آثاره، ولكن على ما يبدو كانت يد الرب لا تزال تريد منك عملا أخر لم نسمع عنه ككل أعمالك التي “لا تدري يمينك ما تصنعه شمالك” فانت تعمل بالخفاء ولم تطلب أبدا مكافأة على عمل ولا شكرا على ما اعتبرته واجبا.

اليوم تنتقل إلى السماء وهل أفضل من هذه المناسبة “عيد انتقال السيدة العذراء” التي تعبّدت دوما لها وأحببت أن تكون لك رفيقة، وها أنت تواكبها وعين إبل تعجّ بأولادها القادمين من كل حدب وصوب وهي صححت مسارها بالتكاتف والتجمّع يدا واحدة لتسير في دروب التقدم والبناء وتستحق أن تودعك بكل حفاوة وفخر.
ابن العم العزيز
قد يحاول البعض أن يجد في مقتلك الغامض وما حوله مجالا للشماتة أو الانتقاص من سيرتك النبيلة، ولكن هل تكون أعظم من معلمك الذي بالرغم من كل ما عمل لهم رفعوه على الخشبة وألصقوا به تهم العار؟
فهنيئا لك حياتك المليئة بأعمال الخير وموتك الذي قد يتشبه إلى حد ما بموت المعلم ولا شك بأنك قلت لربك قبل أن تلفظ النفس الأخير “أغفر له…”
فإلى الزوجة أمال وأولادك الأعزاء، وإلى الأخوة الأحباء عفيف والمختار مارون وبركات وعائلاتهم، وإلى الأخوات مريم وكليو وعائلاتهم وعائلة المرحومة عفاف، وإلى العم عبدو والعم وديع وعائلاتهم وعائلات الاعمام والعمات جميعا، وإلى عائلة بركات والعائلة الكبرى عائلة دياب وإلى كل ابناء عين إبل المحزونين على فقدك، نرفع العزاء راجين من الله عز وجل أن يستقبلك حيث الأبرار والصدّيقين “فقد كنت أمينا على القليل وسأقيمك على الكثير… أدخل فرح سيدك…”
شربل بركات
كندا