الياس بجاني/لا فرق في عقلية التفرد والإقصاء بين 8 و14/تعليق على مقالة محمد شبارو شيعة السفارة.. أيتام 14 آذار

454

تعليق على مقالة محمد شبارو شيعة السفارة.. أيتام “14 آذار” التي في أسفل

لا فرق في عقلية التفرد والإقصاء بين 8 و14
الياس بجاني/29 أيار/15

مقالة رائعة تشرّح بواقعية ومنطق معاش وملموس ومن خلال رزم من الحقائق وضعية ما سماهم السيد نصرالله شيعة السفارة وهم فعلاً ايتام 14 آذار ويخفونها أكثر مما يخاف منهم الثنائي الشيعي، أمل وحزب الله. في هذا السياق المعيب من منا ينسى كيف تم طرد المفتي علي الأمين من صور ومنع حتى من نقل ما عنده من كتب وأغراض وكيف وافق السنيورة وحكومته على ايقاف معاشه لإرضاء بري وحزب الله. إن محاباة بري والتملق له والنفخ في عبقريته الوهم وحكمته الصفر والتغني بوطنيته المزاجية والانتقائية هي أهم من أعراض مرض، بل أمراض 14 آذار، اضافة بالطبع إلى ذمية وتقية تسمية حزب الله “بالمقاومة” في حين يعلم الجميع أنه فيلق عسكري إيراني ولا علاقة له بالمقاومة إلا في مقاومة قيام الدولة في لبنان ومقاومة الشعب السوري الثائر على طاغيته.
إن الأصوات الشيعية الجريئة المعارضة لهيمنة إيران على لبنان هي اليوم أصوات كل اللبنانيين الأحرار والسياديين وهذه نعمة حقاً نشكر الله عليها وإن دلت على شيء فعلى توق اللبناني إلى الحرية ورفضه الهيمنة والتبعية والغنمية. هذه الأصوات التي تواجه بقلمها وحناجرها سلاح وهيمنة ومال وسلطة وبطش وإرهاب حزب الله هي الخميرة التي سوف تخمر العجين اللبناني وهي ومن هم مثلها من الشرائح اللبنانية الأخرى في النهاية سوف يقودون السفينة اللبنانية إلى بر الآمان. يبقى أن الأحزاب في لبنان 14 و8 لا فرق ودون استثناء هي شركات تجارية وعائلية وكل حساباتها فردية وتعتمد في ممارساتها على قاعدة الربح والخسارة ولا علاقة للمواطن أو للمبادئ في كل مخططاتها وممارساتها.

شيعة السفارة.. أيتام “14 آذار”
محمد شبارو/المدن/الجمعة 29/05/2015 

http://www.almodon.com/politics/20c26189-35ec-4260-a25f-09cd0940b992

لا شك أن التهديد والوعيد الذي يتلقاه “شيعة السفارة”، من “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصرالله، يستحق التأمل. ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الحزب الى كتم أي صوت يعلو في الطائفة الشيعية، والتي عمل الحزب جاهداً منذ تأسيسه لإحكام قبضته عليها، عبر إخضاع الأصوات اليسارية – الشيعية بقوة السلاح والإغتيال، وبقوة التبعية كما هي الحال مع حركة “أمل”، وفي ما بعد ملاحقة ما تبقى من شيعة معارضين، كما في تلك الحملة المنظمة التي استهدفتهم بعد ساعات من إعلان نتائج إنتخابات العام 2009، في ما عرف آنذاك بـ”7 أيار” شيعي.

ما جعل “شيعة السفارة”، بالمفهوم المعارض لـ”حزب الله”، لقمة سائغة للحزب وتهديداته واعتداءاته، هي “14 آذار” بحد ذاتها، بأحزابها وتياراتها، المتفردة دوماً بالقرار، والرافضة لأي صوت مضارب، وهو عملياً ما أدى الى سقوط فكر “14 آذار”، كقوى عابرة للمناطق والطوائف والمذاهب، وتحولها إلى مجلس ملّي لبعض الأحزاب المسيطرة على شارع طائفي لا أكثر.

في العام 2005، ومع إنطلاق ثورة الأرز، لم يكن الشارع الشيعي خارج “الثورة”، كان حضوره من حضور باقي الطوائف، سنّة ودروز وموارنة، وإن خارج القيد الطائفي. في ذلك الوقت، شاركت أعداد ضخمة من الشيعة المعارضين للوجود السوري، في لبنان، والذين رأوا في جماهير ساحة الشهداء خير ممثل لهم ولنظرتهم إلى لبنان.

بعد العام 2005، إنتهجت أحزاب السيادة والإستقلال سياسة إقصائية واضحة، لم تراعِ فيها أي حيثية تذكر لـ”شيعة السفارة”، بدءاً من الحلف الرباعي، مروراً بكل السياسات المتبعة مع “حزب الله” وحركة “أمل” والتي كرستهما ممثلين وحيدين للطائفة الشيعية. حتى على أبواب الإنتخابات النيابية في العام 2009، دخلت إلى بيت الطائفة، إما بأسماء إقطاعية، أو بأسماء هامشية غير قادرة على خرق الشارع، ولا حتى تقديم أي برنامج أو فكر مضارب، نظراً الى سمعتها وصيتها المعروف بقاعاً وجنوباً.

“شيعة السفارة” هم أنفسهم “أيتام قوى 14 آذار”. أولئك الذين آمنوا بمشروع دولة، لا مشروع طوائف، وأحزاب طائفية. أيتام من الشيعة والسنّة والدروز والعلمانيين واليساريين، الذين كانوا يوماً وقوداً لثورة الأرز. أيتام تعاملت معهم قوى “14 آذار” على أنهم مجرد ورقة للعب والمساومة.

لم تقدم أحزاب وتيارات “14 آذار” مشروعاً واحداً للعبور الجدي الى الدولة المدنية. على العكس، قدمت منذ العام 2005 مشروع الدولة الطائفية المركبة وفق المحاصصة بين تيارات يمثل كل منها طائفة. تماهت مع السائد لبنانياً حدّ العمى، بدلاً من أن تقدم جديداً يساهم في العبور الى الدولة. قدمت مشروعاً يضم “المستقبل” عن السنّة، و”القوات” و”الكتائب” عن الموارنة، وبقية غبّ الطلب إنتخابياً أو للمناكفة مع “حزب الله” وحركة “أمل”.

“شيعة السفارة” ليسوا ضحية “حزب الله” وحده. هم ضحية قوى “14 آذار” أولاً، التي فشلت، بعد عشرة أعوام، في إشراك الصوت “المدني” الرافض للصبغة الدينية والطائفية، كما فشلت في الخروج من عباءتها الطائفية، وبقيت رهينة المزايدات ضمن كل طائفة.

حتى في عز الهجمة اليوم على “شيعة السفارة” لم تخرج أصوات “14 آذار”. لم تصدح وسائل الإعلام المحسوبة عليها دفاعاً، وكأنهم ليسوا صوتاً إنتحارياً في بيئة ليس مسموحاً فيها التمايز، وهم الذين يخوضون حرباً ثقافية وسياسية باللحم الحي، وتحت تهديد السلاح، وتهديد النفي، ومنهم من هو ممنوعة عليه زيارة قريته، أو أهله، أو حتى قبور محبيه.

قبل فترة وجيزة أعلن رسمياً نعي المجلس الوطني لقوى “14 آذار”. رسمياً أيضاً، لا بد من إعادة تصويب البوصلة، وتسمية الأشياء بأسمائها. أحزاب قوى “14 آذار” وجماهيرها لها مشروعها المقتصر على مواجهة “حزب الله” لا أكثر. وجمهور “14 آذار” الذي يضم مستقلين شيعة وسنة دروز وموارنة وملحدين وعلمانيين، لهم مشروعهم، مشروع الدولة المدنية، خارج النسق الطائفي، وهؤلاء هم “14 آذار” 2005.

لم يعد التباكي مجدياً، ولا كل المراجعات التي تقدم بين إحتفال وآخر لذكرى “14 آذار”. أثبتت التجربة الأخيرة، وبعد فرط المجلس الوطني، أنه لا يمكن التعويل على تصحيح مسار “14 آذار”، وأنه لا مكان إلا لبعض الأحزاب، فيما كل المشاريع المستقلة، شيعية أو غير شيعية، لا مكان لها في قوى “14 آذار”.

الأدهى، أن التباكي الموسمي الذي يمارسه البعض في “14 آذار”، بينما يترفع عنه كثر، يشمل فقط الشيعة المستقلين، لأنهم حاجة شعبية وجماهيرية لمشروع التحالف السني – المسيحي، فيما البقية الباقية، مارونياً ودرزياً وسنّياً وحتى علمانياً، لا نصيب لها من الإعتراف اللفظي والشكلي، ولا حتى من التباكي. فهولاء يمثلهم “المستقبل” و”القوات” و”الكتائب”، شاءوا أم أبوا.

أيتام “14 آذار” هؤلاء، هم من يُعوّل عليهم عملياً، رغم أنهم ليسوا مشروعاً سياسياً مؤطراً كما الأحزاب الأخرى العقائدية في “8 آذار” و”14 آذار”. يُعوّل على حركتهم الثقافية والإجتماعية والفنية، فيما الآخرون لا يُعوّل حتى على شعاراتهم، وإن رفعوا لواء العبور الى الدولة… دولة الأحزاب الطائفية.