علي الأمين: الرئاسة بدعم إيراني سعودي وليست لبنانية/نسرين مرعب: زيارة السبهان في عيون المستقبل وانتخاب الجنرال: السعودية راضية على الحريري

136

 زيارة السبهان في عيون المستقبل وانتخاب الجنرال: السعودية راضية على الحريري
نسرين مرعب/جنوبية/ 27 أكتوبر، 2016

اتخاذ الحريري خطوة تأييد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً الجمهورية، شرّع الأبواب في الساحة على العديد من التحليلات والقراءات، والتي كان أبرزها تخلّي السعودية عن لبنان عامة وعن الحريرية السياسية خاصة، هذه الفرضية أصبحت محور تساؤل اليوم في ظلّ زيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة العربية السعودية ثامر السبهان إلى لبنان.
وصل في الساعات الماضية إلى مطار بيروت وزير الدولة للشؤون الخارجية ثامر السبهان، وذلك في مناخ ايجابي لمباركة تأييد الرئيس سعد الحريري للعماد ميشال عون، ولتخفيف حدّة الاعتراض داخل صفوف تيار المستقبل كما نقلت بعض الصحف.
هذه الزيارة والتي تعد الأولى منذ 10 أشهر تاريخ بدء توتر العلاقات اللبنانية – السعودية، اي بعدما جمدت الأخيرة الهبة للجيش اللبناني بسبب هيمنة حزب الله ومواقف وزير الخارجية جبران باسيل، تثير التساؤلات لا سيما وأنّ السبهان هو الشخصية السعودية الأكثر عداءً للمحور الإيراني ولمشروعه، وقد كشف خلال مهمته كسفير للعراق عن العديد من المخططات والارتباطات المتعلقة بدور ايران في العراق كما تعرض لأكثر من تهديد بتصفيته.
مصدر متابع لا ينظر لهذه الزيارة بإيجابية وإنّما يضع التوجه العام للوزير في خانة قلب الطاولة وإرباك ترشيح ميشال عون.
لكن عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل والصحافي راشد فايد اكد لـ”جنوبية” أنّ “تأييد ترشيح الجنرال ميشال عون للرئاسة بعد كل التطورات التي رافقت الملف الرئاسي أصبح نقطة التقاء مع خصوم 14 آذار بل لا يعني ذلك التسليم لـ8 آذار بشأن البلد وإنّما العكس. فالسير باتجاه انتخاب عون وما يليه من خطوات دستورية كتشكيل الحكومة وبدء عمل مؤسسات الدولة، يقطع الطريق من جهة على الفوضى ومن جهة اخرى على محاولة استكمال الهيمنة الإيرانية على لبنان “.
اوضح فايد أنّ “مجيء الموفد السعودي يؤكد أنّ السعودية لم تتدخل في موضوع رئاسة الجمهورية. وهو آت ليقول أنّ ما فعله الرئيس الحريري أمر تباركه المملكة العربية السعودية، وبالتالي هذا نفي لكل الكلام السابق عن أنّ السعودية على خلاف مع الحريري أو غير راضية على موقفه”.
وشدد فايد ان “تأييد انتخاب ميشال عون هو تأييد لإعادة بناء الدولة وتحريك المؤسسات ولوقف الفوضى والحؤول دون استمرار الفراغ وفي مواجهة التهالك الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان وليس تسهيلاً للهيمنة الإيرانية وليس فتحاً للباب للدور الإيراني”.
وعمّا إن كان ميشال عون بعد الانتخاب سوف يكون نموذجاً مختلفاً، لفت فايد إلى أنّه “يفترض أن بكون ميشال عون في موقع محاسبة شعبية وجماهيرية وحتى نيابية، لأنّه هو أعلن وتعهد أن يكون رئيس للجميع ممّا يعني أن ينظر للجميع بعين العدل والمساواة، وبالتالي ما يضر لبنان يضر الجميع”.
وختم “بالطبع هناك مواضيع سوف تظل خارج النقاش بسبب طبيعة الأزمة في المنطقة كمشاركة حزب الله في القتال في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الأماكن، وكذلك موضوع سلاح الحزب، فالحزب يتصرف وكأنّه مكتب استخدام إقليمي لتوفير المقاتلين والسلطة الشرعية ليس بمقدوها إغلاق المكتب، وبالتالي تتعاطى معه على أنّه غير موجود حتى يأتي وقت ويصبح فيه من السهل إنهاء هذه المشكلة”.

الرئاسة بدعم إيراني – سعودي… وليست لبنانية
علي الأمين/جنوبية/ 27 أكتوبر، 2016

جرت التسوية في الخارج ولكن بحدود الرئاسة اللبنانية، تمّ تظهير التسوية لينكشف المشهد على أطرافها اللبنانيين ومن كان خارجها، الثابت أنّ مرشح حزب الله فاز، لكن الثابت أيضاً أنّ ميشال عون أربك حلفاء الحزب، فيما خصومه بدوا أقرب إليه من برّي وفرنجية. ثمّة صورة جديدة ترتسم يجدر البحث عن أبرز معالمها. وصول وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي ثامر السبهان إلى بيروت، يكشف أنّ المملكة العربية السعودية لم تكن بعيدة عن المشهد الرئاسي الذي يتشكل اليوم في لبنان، وربما ستظهر هذه الزيارة أنّ سياسة إدارة الظهر السعودية للبنان ليست قائمة، بل إنّ إنضاج الطبخة الرئاسية كان حصيلة طبخة إقليمية نضجت بهدوء ولكن بحدود لبنانية.. على ما تؤكد أوساط قريبة من مركز القرار في تيار المستقبل.

الكلام الذي قيل عن أنّنا اليوم أمام مشهد رئيس صنع في لبنان، ليس واقعياً، فلا الرئيس سعد الحريري قادر وسط المواجهة الإقليمية المحتدمة بين إيران والسعودية أن يخطو نحو تبني ترشيح الجنرال ميشال عون للرئاسة من دون غطاء سعودي أو تنسيق مسبق معها، ولا حزب الله يستطيع تقبل وصول الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة والتفاهم بين عون والحريري من دون إذن إيراني.
المشهد إقليمي وإن تمّ تظهيره لبنانياً، وعلى الرغم من أنّ ظاهر التسوية الرئاسية هو فوز مرشح حزب الله، إلاّ أنّ مضمون التسوية ودينامياتها المفترضة تؤول إلى حقيقة سياسية مفادها أنّ حزب الله ومن خلفه إيران أقرّا باستحالة ترجمة تفوقه الأمني والعسكري في محصلة القرار السياسي في لبنان. وتظهير الموقف السعودي من خلال زيارة السبهان إلى لبنان جاء في لحظة ضمان انطلاق التسوية وليس قبل ذلك.

قطبا الرحى في التسوية، مهما قيل في أهمية الدور الذي قام به الجنرال عون أو الوزير جبران باسيل في إنجاز التسوية، هما “حزب الله” و”تيار المستقبل”. وصدمة الرئيس بري من التسوية وقيامه بصبّ جام غضبه على الرئيس الحريري كشفا حقيقة وزن الرئيس بري السياسي، وحديثه عن الطعن بالظهر، وتلويحه بما سمّاه “الجهاد الأكبر عند تشكيل الحكومة”… كل هذا أظهر أنّ التسوية تمت بمعزل عنه. وظهر عدم استقلالية، لاسيما عندما يحيّد الأخ الأكبر حزب الله. علماً أنّ الحريري ليس حليف بري ومن يمكن أن يُلام عن تغييب الرئيس بري هو الحليف لا الخصم.

الحريري
الأوساط السياسية المتابعة في مركز قرار تيار المستقبل تتابع روايتها، فتشير إلى أجواء التسوية باعتبارها مدخلاً لإعادة التوازن إلى السلطة. فرئاسة الجنرال عون تفرض عليه التموضع استناداً إلى دوره كرئيس للجمهورية، وصياغة التسوية مع الجنرال لم تكن بعيدة من حزب الله. وجاء حديث نصرالله عن تقديم تضحية كبيرة بقبول رئاسة الحريري للحكومة واستعداده لكشف ورقة الإنتخاب لنوابه، ليشي بالتردد حيال مضمون التسوية وحدودها، والإشارة إلى التضحية الكبيرة هذه انطلاقاً من أنّ حزب الله كان اتخذ قراراً استراتيجياً منذ أسقط حكومة سعد الحريري قبل سنوات بمنع وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة.

أمّا الحريري الذي قال إنّه وضع رصيده السياسي على المحك، ودخل في مخاطرة من خلال تبني ترشيح الجنرال عون، انطلق في خياره التسووي من إدراك عميق لديه أنّ الطرف المقابل لم يستطع ترجمة تفوقه العسكري والأمني إلى انتصار سياسي. فتفوق حزب الله هو تفوق سلبي وليس إيجابياً، لم ينجح في تشكيل قوة راجحة سياسياً، والقدرة السلبية التي يمتلكها لا تؤهله للسيطرة على البلد. من هنا تتمنى بعض أوساط “المستقبل” أن يكون موقف حزب الله من رئاسة الحريري، ناجم عن قرار جدي بإعادة النظر بسياساته، بعدما وصل البلد إلى مرحلة خطيرة اقتصادياً واجتماعياً، والانهيار فيما لو وقع لن يكون حزب الله وجمهوره بمنأى عنه. فالسفينة عندما تغرق ستغرق الجميع، فيما إيران عاجزة عن أن توفر البديل. ماذا لو انهارت العملة اللبنانية على سبيل المثال؟

“ربط النزاع” مع حزب الله في سوريا من قبل الحريري تطور إلى الحديث عن حياد لبنان تجاه الأزمة السورية في التسوية مع عون، وهذا يعني ضمناً عدم التدخل في الشأن السوري. بالتأكيد لم تحل هذه القضية لكن جرى تأطيرها. وهي قضية سيجري تثبيتها في المبدأ، أي في البيان الوزاري لاحقاً، وستبقى قضية خلافية لن تمنع نصرالله من تكرار إعلان بقاء مقاتليه في سوريا ولن تمنع الحريري من تكرار انتقاد حزب الله لإنخراطه في القتال فيها. أمّا سلاح حزب الله فحكماً سيخرج من الجدل السياسي. والجنرال عون لن يمس هذا السلاح. لكن ذلك لا يمنع من العمل على ضبطه وتحييده.
في محصلة التسوية على انتخاب عون، بحسب المستقبليين، هناك مشهد جديد يرتسم. حزب الله سلم بعودة الحريري وما يرمز إليه إقليمياً. وعون عدل من خطابه، وموقع الرئاسة سيضعه أمام وقائع غير ملتبسة ولا يمكن إهمالها محلياً وإقليمياً ودولياً. الحريري فرض نفسه كشريك بدعم سعودي، بعدما شاع أنّ الرياض تخلت عنه وعن تياره، لحساب أطراف سنية أخرى.

الحريري لم يزل في صلب المغامرة والمخاطر لن تزول بعد انتخاب عون بل أنّ الإستحقاقات الجدّية ستكون بعد الانتخاب. يعتقد بعض الحريريون أنّ الوقائع أظهرت حقيقة دامغة لا يمكن تجاوزها، وهي أنّ خصوم الحريري فشلوا في إيجاد بديل منه. فالإلتفاف السني حول هذه الزعامة فرض وجوده على الأصدقاء والخصوم، وأظهر للبنانيين أنّ سعد الحريري يبقى أكثر المؤهلين للعمل على إعادة الاعتبار لدور لبنان ولإمكانية الخروج من نفق الأزمة التي تخنق الجميع. ليس صحيحاً أنّ الحريري وحده من يعاني من أزمة مالية، بل الصحيح أنّ اللبنانيين عموماً يتوقون إلى الخروج من حالة الإستنزاف والتداعي. بهذا المعنى الحريري يدرك أنّ مؤيدي مشروع الدولة والنهوض الذي يقترحه ويتبناه هم الأكثرية في لبنان رغم كل العقبات والعوائق العنيدة.