خيرالله خيرالله: ذكرى انتصار ‘حزب الله’ على لبنان/Khairallah Khairallah: Putin’s miscalculations in the battle for Aleppo

635

ذكرى انتصار ‘حزب الله’ على لبنان
خيرالله خيرالله/العرب/17 آب/16

كانت حرب صيف العام 2006 التي افتعلها “حزب الله”، من أجل تغطية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، هزيمة للبنان الذي نزل مواطنوه إلى الشارع، بعد شهر من تلك الجريمة، وأخرجوا القوات السورية من أراضيه. ففي الذكرى العاشرة لانتهاء “حرب تموز” وصدور القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا يزال زمن الانتصارات على لبنان مستمرّا.

من يرى حال لبنان هذه الأيّام يتأكّد من شيء واحد هو أن المطلوب الانتصار على البلد وليس الانتصار على إسرائيل. هذه هي الخلاصة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها بعد عشر سنوات من الكوارث المتلاحقة التي حلّت بلبنان، من بينها رفض “حزب الله” وتوابعه النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية.

من نتائج “حرب تمّوز” أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله صار في استطاعته أن يلقي خطابا يعلن فيه من يجب أن يكون رئيسا للجمهورية، في حال شاء ذلك، ومن يكون رئيس مجلس النوّاب. صار يسمح لنفسه بالقول إنّه مستعد للتساهل مع اللبنانيين عموما ومع السنّة خصوصا، في شأن من يكون رئيسا لمجلس الوزراء، معبّرا عن ازدراء ما بعده ازدراء للدستور ولمجلس النوّاب ولأهل السنّة في الوقت ذاته.

بعد عشر سنوات على “حرب تمّوز”، تثير شوارع بيروت الحزن والشفقة قبل أي شيء آخر. الشباب اللبناني يبحث عن مكان يهاجر إليه، فيما الوضع الاقتصادي في حال مزرية وفيما لا كهرباء ولا ماء في بلد صار معزولا عن محيطه العربي. لا وجود لسائح عربي في بيروت والجبل. إذا كان هناك من سائح، فقد بات هذا السائح عملة نادرة ليس إلّا.

مرّة أخرى، تكفي جولة في شوارع بيروت وزيارة لأحد مراكز الاصطياف اللبنانية لاكتشاف حجم الكوارث التي حلّت بلبنان بسبب “حرب تمّوز” المفتعلة. لم تكن تلك الحرب، في واقع الحال، سوى محاولة أخرى، بل جريمة أخرى، للتغطية على ما ارتكبه “حزب الله” في حقّ لبنان واللبنانيين.

كانت “حرب تمّوز” حلقة في المسلسل الانقلابي الهادف إلى تحويل لبنان مستعمرة إيرانية لا أكثر، أي مجرّد تابع لإيران. لا يزال لبنان يعاني إلى اليوم من نتائج تلك الهزيمة التي لحقت به والتي يسمّيها الأمين العام لـ”حزب الله” “نصرا إلهيا”. كيف يمكن للبنان أن يكون انتصر على إسرائيل في تلك الحرب بعدما لحقت به هزيمة ساحقة ماحقة لم يفق منها إلى يومنا هذا، هل أخذ حسن نصرالله علما بأن كلّ شيء متوقف في لبنان، خصوصا في المجال العمراني منذ “الانتصار الإلهي” الذي تحقق صيف العام 2006؟

إذا كان يحقّ لحسن نصرالله الكلام عن “انتصار”، فإنّ هذا الانتصار هو انتصار لـ”حزب الله” الذي وقف على جثة اسمها لبنان رافعا علامة النصر، فيما عملت إسرائيل على القيام بعملية نقد للذات بغية البحث عن نقاط الضعف التي عانت منها في “حرب تمّوز”، واستخلاص العبر التي يمكن أن تفيدها في أي حرب مستقبلية.

لم يستخلص “حزب الله” أي عبرة من “حرب تمّوز”. على العكس من ذلك، انطلق من نتائج هذه الحرب لمتابعة حملته الهادفة إلى تدمير مؤسسات الدولة اللبنانية من جهة، ونشر البؤس في المجتمع اللبناني من جهة أخرى. من الواضح أن الهمّ الوحيد للحزب، وهو لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، القضاء على لبنان عن طريق إفقاره وتهجير أكبر عدد من اللبنانيين من البلد. كيف يمكن تفسير تعطيله الحياة السياسية والاقتصادية في البلد؟ كيف يمكن تفسير رفضه تسليم العناصر، المتهمة باغتيال رفيق الحريري، إلى المحكمة الدولية؟

حسنا، كيف يمكن تفسير غزوة بيروت السنّية والجبل الدرزي في أيّار – مايو 2008؟ وكيف يمكن لحزب مهاجمة ما يسمّيه “المشروع الأميركي في المنطقة”، فيما هو متحالف مع الطقم الحاكم في العراق، وهو طقم مذهبي تابع لإيران وصل إلى السلطة على دبابة أميركية؟ كيف يمكن لـ”حزب الله” المشاركة في الحرب على الشعب السوري في ظلّ تنسيق روسي – إسرائيلي على كلّ المستويات؟ كيف يمكن لـ”حزب الله” الدفاع عن رئيس النظام السوري الذي يوسّط الكرملين كي تبقى إسرائيل حامية لنظامه؟

من يرى حال لبنان هذه الأيام يتأكد من أن المطلوب الانتصار على البلد وليس الانتصار على إسرائيل. هذه هي الخلاصة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها بعد عشر سنوات من الكوارث التي حلت بلبنان

قليل من الحياء يبدو ضروريا بين حين وآخر. الحياء يعني الامتناع عن الاستخفاف بذكاء اللبنانيين خصوصا والعرب عموما. لم يفعل “حزب الله” منذ حصول جريمة اغتيال رفيق الحريري إلّا السعي إلى تغطيتها بجريمة أخرى. كان من بين هذه الجرائم افتعال “حرب تمّوز”، ثمّ الاعتصام في وسط بيروت بغية توجيه ضربة قاضية إلى الاقتصاد والانقضاض بعد ذلك على أهل السنّة، وصولا إلى تشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي وضعت اللبنة الأولى لمنع الخليجيين من المجيء إلى لبنان والاستثمار فيه.

ليس “حزب الله” سوى أداة إيرانية تنفّذ مهمات معيّنة. لم ينته الحزب من حربه على لبنان واللبنانيين بعد. لكنّ ذلك لم يمنعه من الانتقال إلى سوريا للمشاركة في الحرب ذات الطابع المذهبي التي يشنّها النظام على شعبه. أمس، عندما كانت حلب محاصرة، اعتبر حسن نصرالله أن معركة حلب أمّ المعارك. اليوم، عندما فكّ الثوار وأهل المدينة الحصار، غابت معركة حلب عن الخطاب!

اكتفى حسن نصرالله بالقول إن مقاتليه باقون في حلب. من أجل ماذا البقاء في حلب؟ هل من أجل سقوط المزيد من الضحايا في صفوف أبناء الطائفة الشيعية الكريمة… إرضاء للرغبة الإيرانية ليس إلا؟ هل يدرك حسن نصرالله أن حلب لا يمكن أن تسقط وأن بين أسباب ذلك أنّها خط الدفاع الأوّل عن رجب طيب أردوغان الذي تعمل إيران كلّ شيء هذه الأيّام من أجل استرضائه؟

صار حسن نصرالله يريد أخذ الناس إلى فلسطين، علما أنّ الطفل يعرف أن طريق فلسطين لا تمرّ بحلب ولا تمرّ بأي مدينة سورية أخرى، لا بحمص ولا بحماة ولا بدمشق. أكثر من ذلك، إن الفلسطينيين يعرفون ما هو “حزب الله”، وما دوره في المتاجرة بهم وبقضيتهم.

نعم، بعض الحياء ضروري. والحياء يعني احترام عقول الناس الطبيعيين قبل أيّ شيء آخر. لبنان واللبنانيون في أسوأ حال. من بين الأسباب “حرب تمّوز”. هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع الذي لا بد أن يعترف به كلّ من يمتلك حدا أدنى من الحس الوطني والرغبة في التعاطي مع الواقع، بدل الهرب منه من أجل أن يكون لبنان ورقة إيرانية في لعبة تستهدف استرضاء “الشيطان الأكبر” في كلّ وقت، و”الشيطان الأصغر” متى كانت لبشار الأسد مصلحة في ذلك.

 Putin’s miscalculations in the battle for Aleppo
Khairallah Khairallah/The Arab Weekly/August 16/16/
The balance of power in the Middle East and beyond has been changed by the Syrian civil war, particularly following the internationalisation of this crisis and the increasing presence of Russia and Iran in the conflict.
With the Syrian rebels on the front foot, now is the perfect time to ask just what Russia’s ongoing, and evidently failing, military intervention has achieved in the country and why Russian President Vladimir Putin and his Foreign Minister Sergei Lavrov pursued this dangerous course.
Aleppo is simply not a city that can be easily occupied and quelled, whether by the Syrian Army, Russian air strikes or Iran-backed militias such as Hezbollah, which are participating in the war against the Syrian people.
Moscow had hoped its air power would be enough to tip the scales in Aleppo but the besieged Syrian rebels in the city have endured. The destruction and civilian casualties caused by the siege have failed to demoralise the people of Aleppo and have strengthened their resolve.
Following news that the rebels’ advance could be traced to outside help, particularly arms and equipment from Turkey, it is clear that Moscow underestimated the geo-strategic importance that Aleppo — less than 50km from the Turkish border — holds for Ankara.
This is a political reality, regardless of who is in power in Turkey or the balance of power in the region. If Turkey finds itself under threat from Syrian territory, and particularly Aleppo, it has no choice but to respond.
The other important factor that Putin overlooked is that, after more than five years of war, the Syrian people and particularly those remaining in the besieged city of Aleppo are more prepared than before to make sacrifices and suffer to the last man, woman or child. After all this death and destruction, they know that they cannot simply yield. Prior to the failed coup in Turkey, relations were strained between Turkey and Russia. Ankara and Moscow now appear on the road to rapprochement following a meeting between Turkish President Recep Tayyip Erdogan and Putin in St Petersburg. It remains unclear how this will affect Syria and the battle for Aleppo, if at all.
Whatever the case, Moscow made a mistake in believing that it could prove the decisive factor in the battle for Aleppo. The thousands of armed rebels in Aleppo are prepared to fight to the death. Russia and Iran failed to understand that after all this death the people of Aleppo will never bow their heads to the Assad regime, which has carried out a series of massacres against them since the 1970s. They know that they have no choice but to hold on.
Russia will not succeed in its mission through air power alone. Iran will not succeed with its militias where the regime failed with its army and thugs. The battle for Aleppo has been raging virtually since the start of the Syrian revolution in March 2011 and the people of Aleppo have learnt from the experiences.
Why did Moscow make this dangerous gamble? The answer is simple: Putin was suckered into playing a stronger role than he otherwise might have, seeking to make gains on US President Barack Obama’s more hands-off approach to the region. This is a foreign policy that has seen Iraq fall under almost complete Iranian influence thanks to a resurgent Tehran following the controversial Iran nuclear deal.
Obama, set to leave office in January 2017, acknowledged that many of his grey hairs have been caused by the Syrian crisis that has spiralled out of control on his watch. As for Putin, his grey hairs might be less obvious but the Syrian conflict remains a key part of his foreign policy towards the region.
One question remains: What will the Russian president do when Obama leaves office and the next president, whether Hillary Clinton or Donald Trump, takes a markedly different approach on Syria?