علي نون: مراكمة الفشل/روزانا بومنصف: لاتفاق النفطي يطرح ملف الضمانات المفقودة أي آلية وصدقية في غياب رئيس للجمهورية

161

الاتفاق النفطي يطرح ملف الضمانات المفقودة أي آلية وصدقية في غياب رئيس للجمهورية
روزانا بومنصف/النهار/4 تموز 2016

يود كثر الاعتقاد ان التفاهم المتجدد بين اسرائيل وتركيا بعد قطيعة لسنوات والذي يشكل الباب الاقتصادي وتحديدا في ملف النفط والغاز الاسرائيلي الذي يحتاج الى تركيا للمرور الى اوروبا شكل احد ابرز المحفزات للتفاهم الذي حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل حول الافراج عن ملف النفط والغاز، وليس تأثراً بأي اشارة اقليمية بحيث يكون هذا التفاهم رأس جبل الجليد لتفاهم يوصل العماد ميشال عون الى الرئاسة الاولى، خصوصا ان كثرا يعتقدون ان خلاف الفريقين على هذا الملف كان مرتبطا باعتبارات من بينها ربط فك عقدة ملف النفط بموضوع الرئاسة. فهذا الاعتقاد يشكل نوعا من التعزية لجهة انه تم الالتفات في لحظة ما الى مصلحة لبنان في عز حمأة مسارعة دول اقليمية الى تحسين اوراقها وموقعها فيما لبنان غارق منذ سنوات في مشاكله وخلافاته الصغيرة التي اعاقت وتعيق الاستفادة من الغليان الحاصل في المنطقة من اجل تحصين وضعه على كل الصعد.

لكن ثمة اسئلة مقلقة اثارها هذا التوافق الذي بدا مفاجئا في توقيته والذي تم التمهيد له عمليا على طاولة الحوار الاخيرة في عين التينة. وبمقدار ما بدا الاتفاق مهما من اجل الافراج عن ملف النفط والغاز في البحر واعادة تحريكه بعد عرقلة لسنوات ومن اجل الايحاء بان مصالح ما قد تلتقي في وقت من الاوقات على تأمين وقود لاستمرار البلد، بمقدار ما بدا غريبا ومستغربا عدم التوقف والسؤال والمحاسبة حتى في اشكالية ان عدم اتفاق مكونين سياسيين يمكن ان يحجب عن لبنان واللبنانيين استفادة محتملة يمكن ان تساهم في استقرار لبنان واعطاء دفع لوضعه الاقتصادي في ظل انصراف اسرائيل الى استخراج النفط البحري والاستفادة منه. الاسئلة التي يمكن ان يستدرجها هذا التوافق تتصل بالذهاب الى آلية تضعه موضع التنفيذ في غياب رئيس للجمهورية في الوقت الذي يعد من ابرز الملفات التي يمكن ان تترتب عليه التزامات كثيرة شأنه شأن قانون الانتخاب الذي يعترض افرقاء كثر بمن فيهم الرئيس بري في احد المراحل لجهة ضرورة عدم بت قانون انتخاب جديد من دون وجود رئيس للجمهورية. كما ان وجود رئيس للجمهورية يمكن ان يشكل سقفا راعيا لخلافات سياسية قد تكون منضبطة الى حد ما خصوصا بعد انتخاب رئيس جديد بحيث يمكن ان يطمئن الشركات الدولية التي يرغب لبنان في ان تستثمر بلوكاته النفطية في وجود استقرار سياسي وامني غير متوافرين راهنا. فهذا كان مطلوبا بقوة حين كان موفدون من الادارة الاميركية يحضون لبنان على وضع ملفه النفطي على طريق الاتفاق السياسي الداخلي تحصينا للبنان من جهة وطمأنة للمستثمرين في الخارج، ولو ان هذا الاستثمار لن يكون منتجا للبنان قبل مدة تتفاوت بين سبع وتسع سنوات. ولذلك فان السؤال الذي يثيره بعض المتابعين هو ما اذا كان يمكن وسط عدم الاستقرار السياسي والامني الذي يترجمه غياب الاتفاق على انجاز الاستحقاقات الدستورية من جهة وغياب رئيس للجمهورية يمكن ان يمثل مصالح لبنان ويدافع عنها او ان يكون مجلس النواب قادرا على ان يجتمع لتمرير الاتفاق على ملف النفط وان يضمن انخراط شركات عالمية مهمة ما لم يكن ثمة اتفاق غير مباشر على انتخاب عون قريبا او على اساس الاعتقاد بان الرئيس لا بد من ان ينتخب في نهاية الامر قبل الانتهاء من اعداد الالية لبدء السير في طريق هذا الملف والذي سيستغرق اشهرا عدة. غير ذلك، فان الضمان السياسي قد لا يكون متوافرا خصوصا في ظل حكومة بالكاد تنجز بعض المهمات او في ظل مجلس نواب لا يجتمع ويود رئيس المجلس ان يحمل النواب مسؤوليتهم في حال تقاعسهم عن المساهمة في النزول الى المجلس من اجل اقرار القانون الضريبي المتعلق بهذا الملف، علما انه سبق ان حملهم مسؤولية تقاعسهم عن المشاركة في انتخاب رئيس ولم يؤثر ذلك. يود اللبنانيون ايضا ان يحصلوا على اجابات واضحة وصريحة في ظل اتهامات رفعها رئيس الحكومة تمام سلام بالذات في وجه الحكومة بقوله انها الاكثر فشلا وفسادا بين الحكومات، فلماذا قد يكون التعاطي مع ملف النفط غير مندرج في اطار المحاصصة السياسية والطائفية بحيث يصل الى لبنان واللبنانيين من الجمل اذنه فقط من عائدات النفط المفترض ان تكون بالمليارات من الدولارات؟ ففي ظل عدم ثقة مستحكمة من بعض الافرقاء السياسيين انفسهم ومن اللبنانيين عموما بشفافية الطبقة السياسية ومسؤوليتها في اي ملف يجب ان يضع المسؤولون نصب اعينهم تقديم التسليم جدلا بانه سيهلل للموضوع على انه الثورة الموعودة التي ينام عليها لبنان. كما يود اللبنانيون ان يحصلوا على اجابات صريحة وقبل المضي قدما في الملف الضروري والحيوي للبنان كيف يمكن قيادات او افرقاء سياسيين واجهوا تحديات حقيقية في انتخابات بلدية اعتبر افرقاء سياسيون انهم تلقوا رسائل واضحة من خلالها عن وجوب تغيير الاداء واخذ المعطيات الجديدة في الاعتبار ان يتولوا هم تقرير ملف بهذه الاهمية من دون احداث اي تغيير في ادائهم كادراك الذهاب الى توافق سياسي على انقاذ استقرار لبنان بانتخاب رئيس ووضع مساره السياسي على السكة الصحيحة.

 

مراكمة الفشل
علي نون/المستقبل/04 تموز/16

سُرّبت قبل أيام خبريات تقول إن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف طرح على المسؤولين الفرنسيين خصوصاً (وغيرهم من الأوروبيين) مقايضة بين قبول طهران «هدنة» في سوريا في مقابل التعجيل بمقاربة الغرب لملف العقوبات على بلاده تبعاً لتتمات الاتفاق النووي العتيد! وبالأمس، تسرّبت خبريات تقول إن إيران (وبواسطة ظريف أيضاً) طرحت على الغربيين، مقايضة انتخاب رئيس جمهورية في لبنان بالتسليم ببقاء بشار الأسد في سوريا! لم تنفِ طهران أياً من الروايتين، لكنها في المقابل وللمفارقة قدمت ما يؤكدهما! «المرشد« علي خامنئي عاد إلى مهاجمة كل من يراهن في إيران على علاقة مع الخارج، خارج سردية النزال والمواجهة والقتال ووضع الحراب في رأس جدول الأعمال! مستخدماً مصطلحات كانت خفتت أو تراجعت بُعيْد الإعلان عن الوصول إلى الاتفاق النووي ومعيّراً من «لا يزال» مقتنعاً بأن الأميركيين خصوصاً والغربيين عموماً يريدون علاقة جيدة مع بلاده، بأنهم فقدوا صوابهم، داعياً هؤلاء إلى عدم الانخداع في التعامل مع «العدو» الأميركي! ما يلفت في هذا الكلام، مع أنه لا يخرج كثيراً عن أدبيات «المرشد« الإيراني، هو أنه يأتي بعد عودة ظريف من جولته الأوروبية خالي الوفاض، والأهم (من التوقيت) هو أنه يأتي ليناقض كلاماً آخر، كان قاله خامنئي نفسه (وخلال وجود وزير خارجيته في أوروبا) يدعو فيه إلى الإسراع في تنفيذ الشق المتعلق برفع العقوبات عن إيران ومن ضمن ذلك ما يتعلق بالقطاع المصرفي الإيراني. ذلك في زبدته يدلّ على أمرين (أو يعيد تأكيدهما): الأول أن إيران كانت ولا تزال تجمع «أوراق» النفوذ في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهي أوراق نكبات وويلات، لتطرحها على طاولة البحث في مصالحها الاستراتيجية الكبرى والصغرى، مع الغرب في الإجمال.. ولا يهمها بالعمق، كل الباقي! والثاني (المقابل) هو أن الغرب يربط تطور العلاقات الشاملة مع الإيرانيين بتغيير شامل في أدائهم! أي: مقابل التخلي عن المشروع النووي جرى فتح قنوات محددة ورفع جزئي لبعض العقوبات! لكن الملف النووي ليس (ولم يكن) وحده القصّة المفتوحة بين الطرفين! بل هناك، كما هو واضح، أداء إيران المستمر على وتيرته إزاء الخارج! وتلك ازدواجية ترتضيها إيران وتعتمدها، لكنها أعقد وأكبر بكثير من قدرة «الخارج» على قبولها أو التسليم بها! ما يعنيه ذلك هو أن إيران تراكم الفشل في أدائها السياسي والديبلوماسي، لكنها لا تعرف كيف وأين تقف في اللحظة المناسبة! وقمة خطاياها افتراضها القدرة على لعب أدوار أكبر منها! ومن قدراتها! ومن إمكاناتها! والاستمرار باعتماد الشيء ونقيضه، أي الارتداد إلى مفهوم «الدولة« في الداخل، ومتابعة درب «الثورة» في الخارج! ثم متابعة الافتراض بأن الكرة الأرضية لا تعرف الدوران من دونها! وأن ابتزاز القريب والبعيد بالنار يمكن أن يُبقي حدائقها باردة! ثم قبل ذلك كله: ماذا يعني حديث المقايضات سوى التجارة؟!