وليد حسين: الأحزاب اللبنانية كلها تطرد

159

الأحزاب كلها تطرد
وليد حسين/المدن/الخميس 23/06/2016

لم يكن قرار فصل الوزير سجعان قزي “فصلاً نهائياً من حزب الكتائب”، كما جاء في بيان المكتب السياسي، جديداً في مسيرة الحزب. ففي العام 2014 فصلت “الكتائب” مسؤول الشباب المركزي ومساعد الأمين العام عيسى نحاس على خلفية “مواقفه السياسية المناهضة لرئيس الحزب الحالي سامي الجميل”، كما أكّد نحاس لـ”المدن”. علما أن نحاس “تبلغ قرار طرده من الحزب من خلال الصحف اللبنانية وليس عبر بلاغ رسمي من الحزب”. وكان نحاس قد “رفع دعوة وإنذاراً إلى رئيس الحزب، لكنه لم يتلقَ جواباً منه ورفض تعليل الفصل رسميا”. ينعي نحاس الديمقراطية داخل “الكتائب” الذي ينقسم تاريخه إلى مرحلتين، “مرحلة الحزب المؤسسة” حيث كان في إمكان الأعضاء حتى الترشح بوجه القيادة، كما فعل هو في العام 1998، ومرحلة “إنعدام المؤسسة” مع عودة آل الجميّل إلى حكم الحزب وسيادة التوريث السياسي”. وكان عيسى قد تقدم بطعن في المؤتمر الأخير للحزب العام الفائت في أهلية ترشح جميل الإبن إلى رئاسة الحزب ورفع دعوى قضائية في محكمة العجلة في بيروت. ليس هذا فحسب، بل طعن بشرعية المؤتمر من ناحية أن “المندوبين الذين شاركوا فيه، أتوا عبر التعيين أو المونة وليس من طريق الانتخاب”.

“الوطني الحر”

لـ”التيار الوطني الحر” صولات وجولات في طرد الأعضاء. في العام الفائت تمّ طرد بعض الأعضاء على خلفية “تمزيق بطاقات العضوية” إعتراضاً على تعيين الوزير جبران باسيل رئيساً للتيار. على أن حالة لينا عقيقي وباتريك رزق الله تختلف بعض الشيء، إذ أتى قرار فصلهما بسبب “تناول المسائل الداخلية للتيار على وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية”، وفق ما صرحت عقيقي لـ”المدن”. فعقيقي “مثل غيرها من أعضاء التيار اعترضت على إلغاء الانتخابات وعلى إقدام التيار على فكرة التعيين المخالفة لمبادئ النظام الداخلي الذي ينص على انتخاب الرئيس من الاعضاء مباشرة”. وإذ تشكو عقيقي غياب الديمقراطية، تشير إلى أنها لم تمنح حق المثول أمام المجلس التحكيمي، الجهة القضائية في التيار، للدفاع عن نفسها والإعتراض على قرار الفصل الذي أتى مباشرة من “الجنرال”. وإذا كانت عقيقي لا تتهم هذا المجلس بحياديته لطرف ضد آخر، إلا أنها تعتبر أن هناك تقصيراً منه، ولاسيما أنه لم يجتمع لبت موضوعها.

علماً أن التيار لم يعقد أي مؤتمر عام لانتخاب قيادته منذ إقرار ميثاق 2006، الذي تأسس بموجبه التيار رسمياً، حتى العام 2014، حيث أقتصرت المسألة على انتخاب بعض القطاعات مثل المحامين والمهندسين، كما تؤكد عقيقي.

“الشيوعي”
حال “الحزب الشيوعي” ليست أفضل من أقرانه، فتاريخ فصل الأعضاء منه يعود إلى تسعينيات القرن المنصرم وتحقق معظمها بسبب تبني البعض قضية مناهضة الوجود الأمني السوري وحكمه لبنان. ففي العام 2000 وعلى خلفية إلقاء كلمة لمجموعة “طلاب شيوعيون” في عيد الإستقلال في فرن الشباك إنتقدوا فيها النظام السوري، طرد الحزب أربعة أعضاء. وكان الحزب قد شهد طرد العديد من قياداته العام الفائت على خلفية تهم فساد وجهت إلى القيادة، كما أشار علي حمود. وهذا الأخير الذي جمدت عضويته من “اتحاد الشباب الديمقراطي” التابع للحزب، على خلفية وضع “لايك” على إحدى التعليقات المنتقدة للحزب على “فايسبوك”، عاد الحزب وأخذ بحقه قرار الفصل مع غيره من الرفاق، لأنهم واجهوا القيادة بقضايا فساد في بعض مؤسسات الحزب. علماً أن قرار فصل حمود أتى مباشرة من المكتب السياسي، بينما ينص النظام الداخلي على أن الفصل يتم إما في الهيئة الحزبية أو في اللجنة المركزية. ولم تنظر “الهيئة الدستورية” بالطعن الذي تقدم به. فهذه الأخيرة، وفق حمود، “هيئة شكلية” غير مؤهلة للوقوف حكماً بين أعضاء الحزب.

“القوات اللبنانية”
تدبير آخر من التدابير الحزبية بحق الأعضاء هو تعليق العضوية، إذ يصبح الحزبي في هذه الحالة في منزلة بين المنزلتين، إلى أن يبت الحاكم بأمر الحزب بأمره. هو تدبير حزبي يصبح فيه الفرد أشبه بمن يُحجز عليه في الحجر الصحي، كي لا تعدي “ممارساته” الحزبيين الآخرين.

وكانت الانتخابات البلدية التي جرت أخيراً قد شهدت بعض التدابير الحزبية في هذا الشأن. وإذا كان تعليق عضوية بعض كوادر “التيار الوطني الحر” وإحالتهم إلى المجلس التحكيمي قد بقيت ضمن الشائعات، فإن “حزب القوات اللبنانية” علق عضوية نجيب فرح الذي ترشح إلى رئاسة بلدية حصرون دون أخذ إذن القيادة القواتية. وقد أتى قرار تعليق العضوية ممهوراً بتوقيع رئيس الحزب سمير جعجع، كما ظهر في البيان الذي نشره “القوات”. فسلطات الباب العالي في الأحزاب هي من تقرر المرشحين، حتى لو كانت الانتخابات البلدية ذات طابع عائلي محلي.

لم ترتق الأحزاب اللبنانية بعد لتحمل فكرة التعددية داخلها، وبما أن الديمقراطية داخل الحزب تقاس بالدرجة الأولى بحرية التعبير والإفصاح العلني عن الرأي حتى المخالف لسياسة الحزب، فجميع أحزابنا غير ديمقراطية، وإن بتفاوت. على أن فصل الأعضاء من الحزب دون العودة إلى المجالس التحكيمية أو الدستورية للاعتراض على قرارات الفصل، لا يوضع في إطار غياب الديمقراطية. فغياب أو تغييب أو حتى عدم الأخذ برأي هذه المجالس، التي من المفترض أن تكون المرجعية القانونية للنظر في قانونية قرارات القيادة، تصب في مكان واحد: الدكتاتورية الموصوفة.