عبد الوهاب بدرخان: إذا لم يكن ارهاباً فماذا يكون/طارق السيد: عناصر حزب الله في سوريا.. مهنة القتال من اجل المال

211

إذا لم يكن ارهاباً فماذا يكون؟
عبد الوهاب بدرخان/النهار/9 آذار 2016

وصف “حزب الله” قرار دول مجلس التعاون الخليجي باعتباره ميليشيا ارهابية بأنه “طائش وعدواني ومدان”، وهذا وصف ينطبق تماماً على نشاطات “الحزب” وممارساته خصوصاً كلما تكشّف أنها تنفيذٌ لتوجيهات ايرانية. والفارق أن موقف دول الخليج لم يبنَ على تلفيق وافتراء، بل على وقائع موثّقة كشفتها الجهات الأمنية أو توصّلت اليها التحقيقات مع معتقلين: تجنيد شباب في دول مجلس التعاون، تهريب أسلحة ومتفجّرات، التحريض على الفوضى والعنف… واذا افترضنا جدلاً أن المجلس الخليجي اتخذ قراره بدوافع سياسية بحتة، فإن مقاربة مجلس وزراء الداخلية العرب ليست سياسية فقط. الواقع أن كلا المجلسين تأخر أعواماً في ابداء هذا التقويم ولم يحسم موقفه إلا بعدما تجاوز هذا “الحزب” كل الخطوط الحمر. فبماذا يمكن أن تُعَرَّف أي مجموعة مسلّحة (“لبنانية”؟) تقتل هنا وهناك وتدرّب على القتل والتخريب، إلا بأنها ارهابية؟ وما الفارق بينها وبين أي مجموعة اخرى سواء كانت “داعش” أم “القاعدة” ؟
في الردّ على القرار الخليجي – العربي أكد حسن نصرالله الاتهامات الموجهة الى حزبه، اذ قال إنه أرسل مقاتلين الى البوسنة فهل يُستغرب أن يقصدوا سوريا والعراق واليمن؟ لم يذهبوا الى البوسنة تطوّعاً أو بدافع “انساني واخلاقي وديني”، كما قال، وانما بإيعاز ايراني، كما كان معروفاً آنذاك، وليست هذه المرّة الأولى التي يقلب فيها نصرالله الحقائق. في ردّه أيضاً، أعاد الى الواجهة قتال حزبه ضد اسرائيل، ولا أحد ينكر هذا الانجاز، الذي جيَّره “الحزب” لمصلحة مشروع الهيمنة الايرانية فيما يدّعي أنه لمصلحة فلسطين وشعبها. الأسوأ أن يصوّر نصرالله قتال حزبه ضد الشعب السوري، مثله مثل نظام بشار الاسد والميليشيات العراقية والافغانية و”داعش”، كذلك قتاله ضد الشعب اليمني، وضد السعودية، بأنه في السياق “القومي والعروبي والانساني والاخلاقي والديني” لقتاله ضد اسرائيل… هذا يسمّى خداعاً وليس إفحاماً، فـ “الحزب” تنكّر بنفسه لتضحياته وللاحترام الذي احيط به في مقاومته لاسرائيل، وليس له أن يختبئ الآن وراء هذه المقاومة واستخدامها للتغطية على جرائمه. “النأي بالنفس” اللبناني ازاء أي ادانة عربية لـ “حزب الله” ليس قراراً سيادياً ولا اقتناعاً وطنياً، انه بالأحرى مؤشّر الى أن ارهاب هذا “الحزب” فعل فعله في جعل لبنان بلداً لا معنى له. لم يسترشد اللبنانيون بالتعريف الاميركي او الاسرائيلي للارهاب، ولا انتظروا القرارين الخليجي والعربي، فالارهاب يقاس بمفاعيله المعاشة ونتائجه السياسية والاقتصادية المدمّرة وبتعطيله الدولة واختراقه للجيش بأجندته المذهبية، وهذا واضح في لبنان منذ غزو “حزب الله” بيروت في 7 ايار 2008. هذا الغزو الارهابي هدّد نصرالله في لقاءات خاصة بتكراره، وقد استبعده في خطابه الأخير لكن العتب على مَن يصدّق. واذ لم يكن ذلك الغزو ارهاباً فما عساه يكون؟

عناصر “حزب الله” في سوريا.. مهنة القتال من اجل المال
طارق السيد/موقع 14 آذار/٩ اذار ٢٠١٦
في زمن مقاومته لاسرائيل، اكتسب العنصر في “حزب الله” اهمية كبرى داخل قيادته قبل ان توليه بيئته هذه الاهمية، فاعلنصر حينذاك كان اشبه بـ”ايقونة” لا يجب المساس به او التعرض له تحت اي من الظروف، ولطالما تدخلت قيادة الحزب في ذلك الزمن من اجل ترتيب اوضاع عناصره مع الدولة اللبنانية خصوصا من هم في سن الخدمة الاجبارية. يومها جرى اتفاق بين حزب الله والمسؤولين بتأجيل التحاق عناصر الحزب المطلوبين للخدمة الاجبارية ريثما تتهيئ الظروف خصوصا وانهم كانوا يخدمون في المواقع الامامية المواجهة وبعضهم كان يضطر للبقاء على الجبهات بين شهرين وخمسة اشهر دفعة واحدة. اما اليوم فان الامور قد تبدلت والخدمة الاجبارية توقفت، لكن العنصر في الحزب تحوّل الى العوبة بيد قيادته، فمرة تدعوه الى الخدمة في دمشق وريفها لتعود وتستدعيه ليخدم في امكنة اخرى منها ريفي حلب وادلب الامر الذي بدأ يلقى جملة اعتراضات في صفوف العناصر الذين يرفضون في الكثير من الاحيان الانصياع لاوامر قيادتهم.اليوم لم يعد يشعر العنصر في حزب الله بالاهمية التي كانت تميزه داخل بيئته وجمهوره بعدما تحول بنظرهم الى مقاتل يؤدي واجبه المهني قبل اي شيئ اخر مقابل حفنة من الدولارات تُفع له قبل أن يحصل عليها اي مقاتل اخر لا يخدم ضمن النطاق السوري، وذلك لاسباب تقول عنها مصادر مؤكدة أن الاولوية اصبحت للعناصر الذين يخدمون في سوريا لا لأولئك المتواجدين عند الحدود مع اسرائيل وهو بمعظمهم من ابناء القرى الحدودية. وان الحزب رفع مستوى الدعم المادي لعناصره الذين يخدمون في سوريا الى حد الاربع دولارات في كل يوم اضافي وهو يضاف الى الراتب الاساسيي ومبلغ ثمانين دولار في حال اتم اسبوعا اضافياً. وتكشف المصادر ان هذه الخطوة اتت بعد تمنع عدد كبير من العناصر التوجه الى سوريا لأسباب تتعلق بطبيعة الحرب القاسية وضرواتها خصوصا لدى انتقالهم الى الارياف كحماة وادلب وحلب.
مما لا شك فيه ان الاسيرين من حزب الله لدى جبهة النصرة اللذين اعترفا مؤخراً بالصوت والصورة بالكثير من الامور التي كانت تعتبر سرية نوعا ما داخل الحزب، قد ادت الى تفاقم الامور وزادت من حدة التوتر بين صفوف القادة والعناصر بحيث اصبح هناك نوعا من التمرد على القادة الذين ما عادوا يستطيعون المونة على الطلب من عناصرهم الانتقال من موقع الى اخر كما كان الحال قبل عدة شهور، اذا ان الطلب منهم اليوم اصبح يخضع للاخذ والرد وغالبا ما تنتهي الامور بتأجيل عمليات الاقتحام لمواقع “العدو” او الغائها كاملة.
يمكن وصف ما يحصل داخل قيادة حزب الله في سوريابأنه حالة اعتراضية اولا على حجم الخسائر التي يُمنى به الحزب يوميا، وثانياً لجهة تخلف أبناء المسؤولين السياسيين عن الحضور الى مراكزهم تحت حجج مرضية واجازات مماثلة من لجنة اطباء الحزب المعنية بهذه الامور. وهنا تكشف المصادر ان نجل احد القياديين السياسيين البارزين في الحزب، تعنمد منذ فترة وجيزة كسر يده حتى تمكن من الحصول على اجازة مرضية طويلة، وقد جاءت محاولته هذه بعد اعتراضات كثيرة من زملائه في المركز على الاجازات الكثيرة التي كان يحصل عليها كل اسبوع او عشرة ايام.
كل هذه الامور تؤكد ان “حزب الله” الذي كان يفاخر بانضباطية عناصره وتميّز اخلاقهم، هو اليوم اشبه بفصيل مليشياوي شأنه شأن اي تنظيم خارج عن البيئة السورية. ولعل الايام المقبلة سوف تظهر الكثير من الفضائح التي ما عاد عناصر الحزب يستطيعون ضبطها ولا حتى جعلها ضمن اطارهم التنظيمي.