اميل خوري: المسيحيون مدعوون للحفاظ على منصب الرئاسة أكثر من الحفاظ على المناصفة/سابين عويس: اعتبار “حزب الله” متمهّلاً ينسف تهمة التعطيل عنه

225

المسيحيون مدعوون للحفاظ على منصب الرئاسة أكثر من الحفاظ على المناصفة في الوظائف
اميل خوري/النهار/18 شباط 2016

عندما دعا الرئيس سعد الحريري النواب للنزول الى المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية، كان الرئيس نبيه بري وضع في حديث له النواب أمام مسؤولياتهم الوطنية بجعلهم يختارون بين “لبننة” انتخاب الرئيس او انتظار “الترياق” من السعودية وإيران. لقد كشف ترشيح العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية للرئاسة، وهما من أركان 8 آذار، حقيقة نيات “حزب الله” ومن معه وهي أنه لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الحاضر حتى لو كان هذا الرئيس حليفاً له ومن خطه السياسي. وإذا كان يظل مصرّاً على انتخاب العماد عون من دون سواه، فلكي يظل الخلاف قائماً على انتخابه ويستمر الشغور الرئاسي الى أن تقول إيران كلمتها وتقبض الثمن دوراً ونفوذاً لها في المنطقة. فلو أن الحزب كان يريد فعلاً انتخاب رئيس لكان سعى الى سحب أحد المرشحين الاثنين للآخر وواجه به مرشحاً آخر منافساً له لتأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها كما كان يحصل في كل انتخاب سابق، أو كان الحزب ترجم كلام أمينه العام السيد حسن نصرالله بدعوته للاتفاق على مرشح تسوية وتوافق كي لا يشعر معه فريق بأنه غالب وفريق آخر بأنه مغلوب، ولما كان صدر عن قيادي في الحزب قول مناقض يدعو فيه الى انتظار توافر الظروف التي تسمح بانتخاب عون.
لقد بات واضحاً للجميع أن “حزب الله” ومن معه لا يريد انتخاب رئيس للبنان الى ان تقرر إيران ذلك، أو الى أن توافق 14 آذار على من يرشح. فإذا كان من الطبيعي ألاّ يؤيّد الحزب الدكتور سمير جعجع لأنه مرشح قوى 14 آذار، فهل من الطبيعي ألا يؤيّد مرشحين اثنين من أركان 8 آذار ويحظى كل منهما بتأييد بعض قوى 14 آذار؟ لذا يمكن تحميل “حزب الله” ومن معه مسؤولية تعطيل “لبننة” انتخاب الرئيس وانتظار الخارج ليكون هذا الرئيس من صنعه ويفرضه على الجميع، خصوصاً أن لا أحد يعرف حتى الآن أي خارج، أهو الخارج المنتظر انتصاره في صراع المحاور، أم الخارج الذي يختار رئيساً مقبولاً ولا يشكل انتخابه كسراً لأحد لأن أي رئيس يكون رئيس غالب ومغلوب لن يستطيع أن يحكم بتركيبة لبنان السياسية والمذهبية الدقيقة.
والسؤال المطروح هو: ما العمل للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية سواء كان من صنع لبنان أو كان من صنع الخارج لأن طول الانتظار قد يعرّض لبنان للإنهيار، ولا يعود البحث عندئذ عن رئيس بل عن كيفية إنقاذ لبنان وإخراجه من الهاوية التي أسقطه فيها قادة لا حسّ وطنياً لديهم ولا ضميراً حياً، ويا للأسف!
لقد بات من الضروري وضع حد لأزمة انتخاب رئيس للجمهورية ومنع تكرارها ولو بالاتفاق على عُرف يجعل حضور النائب جلسة انتخابه إلزامياً كما صار اتفاق على وجوب حضور ثلثي عدد النواب لاعتبار جلسة الانتخاب مكتملة النصاب، أو أن تقرر هيئة مكتب المجلس ذلك كما فعلت بالنسبة الى اعتماد الثلثين، أو أن تقرر الهيئة العامة للمجلس الزام النائب حضور جلسة انتخاب الرئيس، أو تعديل الدستور لهذه الغاية، وإلا يكون هناك في الداخل وفي الخارج من يريد إبقاء سلاح التعطيل موجوداً. فإذا كان “حزب الله” هو الذي يمسك اليوم بهذا السلاح فقد يأتي مستقبلاً حزب آخر أو طائفة تستخدمه لمصلحة ذاتية أو خارجية.
لذلك بات من الضروري حسم الخلاف حول حق النائب في التغيّب عن جلسة انتخاب الرئيس من دون عذر مشروع، أو لا حق له في ذلك، فانتخاب الرئيس ليس مشروعاً عادياً يمكن تأجيل درسه وإقراره وتعطيل الجلسة المخصصة له، إنما هو تعطيل استحقاق مهم له موعده الدستوري المقدس ومن دونه لا تنتظم الدولة ولا تعمل مؤسساتها بصورة طبيعية. وليكن اقتراح الوزير بطرس حرب موضع اهتمام كل القادة في لبنان إذا كانوا يريدون تجنيبه الأزمات عند كل استحقاق لانتخاب رئاسي وإلا استمر الشغور الذي لا خروج منه إلا بتدخل الخارج النافذ ليفرض رئيساً على لبنان وعلى كل القادة فيه. إن حسم الخلاف حول وجوب حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بات أمراً ضرورياً وملحاً سواء تم التوصل الى اتفاق على انتخاب رئيس أو لم يتم، لأن جعل الحضور إلزامياً يغلق الباب في وجه أي راغب في تعطيل جلسة الانتخاب من داخل أو من خارج، وهذا الموضوع يستحق، خصوصاً من قوى 14 آذار أن يكون لها موقف منه، وأن يكون لهيئة الحوار الوطني موقف أيضاً، كما أنه يستحق من مجلس المطارنة الموارنة ومن الأقطاب الموارنة موقف لأنه يبقى أكثر أهمية بكثير من غبن أصاب المسيحيين في وظائف الدولة فاستنفروا لرفعه… فما نفع أن يربح المسيحيون عدداً من الوظائف ويخسروا رئاسة الجمهورية، وهي أعلى منصب في الدولة؟!

هل يُنجز الحريري المهمّات التي عاد من أجلها؟ اعتبار “حزب الله” متمهّلاً ينسف تهمة التعطيل
سابين عويس/النهار/18 شباط 2016
بعدما دأبت كتلة “المستقبل” على تحميل “حزب الله” مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتحديداً منذ تبدّى أن مرحلة الشغور ستطول، وامتناع الحزب عن تأمين نصاب جلسات الانتخاب التي بلغ عددها 35 جلسة، وبعدما جدد رئيس “التيار الازرق” هذا الاتهام في مهرجان البيال عندما دعا للنزول الى المجلس لانتخاب رئيس، “إلا إذا كان مرشحكم الفراغ”، أطل الرئيس سعد الحريري بعد يومين على عودته ليرفع التهمة عن الحزب، ناسفا كل المنطق الذي حكم موقف “المستقبل” طوال مرحلة الشغور، عندما قال ان الحزب يستمهل في الملف الرئاسي. بدا لافتا أن هذه الانعطافة لا يمكن أن تمر عادية، أو أن تكون وليدة لحظة سياسية. فالحريري العائد الى بيروت بعد اعوام على غياب قسري فرضته ظروف أمنية تهدد حياته، لم يحصر العودة في إحياء الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، ولا كذلك بالمهمات العلنية التي كشفها في خطاب إحياء الذكرى في البيال، والهادفة إلى شد عصب الجمهور المستقبلي خصوصا والآذاري عموما، أو إعادة اللحمة إلى قوى الرابع عشر من آذار بعد حال الوهن والتفكك الذي أصابها. فعلى أهمية هذه المهمات التي تتطلب جهوداً أكبر وأخطاء أقل لتحقيقها، بدا أن ثمة مهمة كبيرة يسعى الحريري إلى تحقيقها وتتمثل في استعادة زمام المبادرة في الملف الرئاسي بعدما فقدها نتيجة “إعلان معراب” الذي أعاد الملف إلى الحضن المسيحي أولا، وسحب البساط من تحت ترشيحه للنائب سليمان فرنجية. لم تفت الاوساط “القواتية” والعونية على السواء تلقف المحاولة الحريرية التي وضعوها في خانة ضرب مصالحة معراب. أعطى الحريري إشارتين إلى رغبته في إطلاق مبادرة رئاسية تؤدي إلى تحريك الاستحقاق وإخراجه من ثلاجة انتظار التطور الاقليمي، لكنهما إشارتان محليتان لا تشيان بأن ثمة راعيا إقليميا يقف وراءهما. الإشارة الاولى تمثلت في إبدائه استعداده التام للنزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس، على قاعدة المرشحين الثلاثة المعلنين، وليربح من يربح، قال. لكنه في الوقت عينه، ومع تأكيده أنه بموقفه هذا لن يعطل نصاب جلسة الانتخاب من خلال مشاركة المكون السني في الجلسة تأمينا لميثاقيتها، فتح الباب أمام مرشح رابع يمكن، إذا صدقت النيات، ان يدخل المعترك وصولا الى التصفيات الرئاسية النهائية. اما الاشارة الثانية، فوجهها إلى “حزب الله” عندما اعلن ان الحزب ليس ضد انتخاب رئيس وإنما هو يستمهل لتبين الظروف. لكن تلقف الاشارتين جاء سلبيا في الاوساط التي توجه إليها. فالاوساط العونية و”القواتية”، لم تقرأ في المبادرة الحريرية إلا ضربا لإعلان معراب في الجانب المتعلق بترشيح جعجع لعون. أما على مقلب “حزب الله”، فقد بدا من الكلمة الاخيرة لأمينه العام السيد حسن نصرالله، شيء من الاستكبار والاستهتار للمشهد الداخلي.لم ينظر نصرالله إلى كلام الحريري، لا في الطرح الرئاسي ولا في رفع تهمة التعطيل عن حزبه. ظلت عينه على الاقليم حيث بدا منتشيا بالنصر المحقق بالنسبة إليه. حساباته باتت إقليمية. يوافق الحريري قوله بأنه متمهل في الداخل، وينتظر جائزته. وعليه، فإن الوقت الفاصل عن جلسة الانتخاب في 2 آذار المقبل، غير كافية لإنضاج تسوية والتوافق على رئيس. ولا يكفي الحريري توافقه مع رئيس المجلس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لإنضاج التوافق على فرنجية، كما لا يكفي نزوله الى الجلسة وتأمين نصابها ليتم انتخاب رئيس. فالحزب غير مستعجل رئاسياً، اما تعطيل جلسة 2 آذار فلا بد ان تصب في رصيد “المستقبل” الذي رمى الكرة في ملعب المعطلين. هنا يكسب الحريري.