عمـاد مـوسـى: إيران لا تتدخل في لبنان/إيلـي فــواز2016: : ثورة لن تنتصر ونظام لن يسقط

354

 “إيران لا تتدخل في لبنان”
عمـاد مـوسـى
لبنان الآن/10 شباط/16

لفتني جداً هذا العنوان في صحيفة “الأخبار” (9 شباط 2016 م) “محمد فتح علي: هاتوا دليلاً على تدخّلنا في لبنان”. عنوانٌ يختصر سياسة الجمهورية الإسلامية الثابتة تجاه الجمهورية اللبنانية على مدى ربع قرن تقريباً.
كلام السفير الإيراني في بيروت جاء في لقاءٍ أخوي جمعه مع باقة من الإعلاميين اللبنانيين، وذلك في الذكرى الـ37 لانتصار الثورة الخمينية المعطوفة على “الإنتصار النووي” الحديث العهد.
أما صحيفة “النهار” فعنوَنَت خبر فتح علي على هذا الشكل: “سفير إيران: لا نتدخل في شؤون لبنان ورئاسته”، وفي متن الخبر تأكيدٌ من سعادته على سلوك بلاده: “نحن لا نتدخّل بأيّ شكل من الأشكال في الشؤون الداخلية اللبنانية وخصوصاُ في ملف رئاسة الجمهورية، (…) والتدخلات الخارجية تزيد المشكلة تعقيداً، والجمهورية الإسلامية تتصرف بطريقة شفّافة للغاية يشهد لها القاصي والداني، ومن يتّهمنا عليه أن يقدم دليلاً على هذا”. وكأنّ السفير علي أراد ردّه مفحَماً على النائب المبتسم عمّار حوري الذي ما انفكّ وما فتئ وما زال يتّهم إيران بمصادرة الإنتخاب الرئاسي.
أو ربما شاء فتح علي تصحيح زلّة لسان حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد، الذي جزم بأن “إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية”، أي بغداد وصنعاء ودمشق وبيروت. خيرٌ أن تصحّح متأخراً من أن تطنش.
أو شاء سعادة السفير أن يكون كلامه دحضاً لقول الجنرال حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، بأن “المسؤولين في إيران لم يكونوا يتوقعون هذا الانتشار السريع للثورة الإسلامية خارج الحدود لتمتدّ من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن”.
كلام فتح علي عن عدم تعاطي إيران في الشؤون الداخلية اللبنانية قد يكون صحيحاً في حالين. الأولى وهي اعتبار إيران “حزبُ الله” جزءاً من المنظومة الإيرانية، وأنّ الحزب يتحرّك في بقعة جغرافية تتمتع باستقلالية تامة عن سلطة الحكومة اللبنانية، وأن “الحزب الخميني” يتبع مباشرة لسلطة آيه الله العظمى مرشد الثورة السيد علي خامنئي، وبالتالي فما يجمع نوابه مع نواب الجمهورية اللبنانية علاقة حسن جوار لا أكثر ولا أقل.
الثانية اعتبار قرار الحرب والسلم في لبنان وحماية الحدود مع الكيان الغاصب وسوريا الممانِعة وتدخل “حزب الله” في سوريا “شأناً يخصّ الثورة الإسلامية، ولا علاقة لأحد من اللبنانيين به ولا حتى وزير الدفاع سمير مقبل”. على هذا الأساس أنت مُحقّ سعادة السفير. أنتم تتدخلون فقط مع حزب الله. ولا تفرضون رأيكم مثلاً على حزب الكتائب اللبنانية أو “المستقبل”، ولا تسلّحون حزب الكتلة الوطنية بصواريخ خيبر واحد، ورعد، وفجر، وزلزال. ولا علاقة لكم بطائرات الإستطلاع التي يخزنها حزب النجادة في مستودعاته.
بالمناسبة تلقّيت ببالغ السعادة والفخر خبر ولادة صاروخ إيراني أرض – أرض باليستي بعيد المدى يحمل إسم عماد. عاشت الأسامي.

2016: ثورة لن تنتصر ونظام لن يسقط
إيلـي فــواز
لبنان الآن/10 شباط/16
عام 2016 هو عام صعب جداً على جميع لاعبي المنطقة. عامٌ ستنتهي معه الصلاحيات الممنوحة من الرئيس الأميركي باراك أوباما لإيران وروسيا بقتل وإبادة الشعب السوري تحت عنوان “محاربة الارهاب”.
عامٌ سيسعى فيه الممانعون لتثبيت مواقعهم، او كسب مواقع أخرى بوحشية قلّ نظيرها، تماماً كما نشهد في حلب، مستفيدين من تفوّق بكثافة النيران، ومن تواطؤ أميركي وأوروبي يسمح بحصول المجازر بهدف قطع طريق الإمداد التركي للثورة ومنع دول الجوار من إرسال المساعدات إلى الفصائل المسلحة السورية المعارضة.
سنكون أمام عامٍ صعبٍ جداً. ما يزيده تعقيداً هو قرار المملكة العربية السعودية ودول الخليج التدخل العسكري في سوريا من أجل إعادة بعضاً من التوازن الذي يدأب الرئيس الأميركي على جعله يميل بشكل فاضح لصالح إيران وروسيا.
في أولى سني عهده خاطب الرئيس الأميركي الأمة الإسلامية من جامعة القاهرة. كلمته كانت كما قال “بداية جديدة” بين الغرب والعالم الإسلامي من أجل تفاهمٍ يقرّبهم الواحد من الآخر. لكن كل ما فعله الرئيس الاميركي بعد هذا الخطاب أبعَد الدول الاسلامية عن الولايات المتحدة اكثر حتى بدأت تتحسر على ايام الرئيس جورج بوش الابن.
لم يعد ينتظر العالم الاسلامي شيئاً من رئيس يعترض ويؤنب المملكة العربية السعودية على إعدامها مواطناً شيعياً، فيما لا يرفّ له جفن من مشهد السوريين الهاربين من جحيم الموت في حلب بعشرات الآلاف، في مشهد يعيد الى الاذهان الهولوكست.
نحن أمام مشهد معقد. جبهة الممانعة تكثف من عملياتها العسكرية بهدف عزل الفصائل الثورية بعضها عن بعض، كما عن محيطها الداعم، أمام لا مبالاة اميريكية و”قلق” اوروبي لا على حياة الابرياء السوريين الذين يبادون، انما من الوجهة التي يتّخذها الناجون من حمم الموت الروسية الهابطة من السماء.
على هذا المشهد تطل دول الجوار، ولكلّ منها مصالحها في الفوضى السورية، وخطوط حمر لن يمكن لأي فريق ان يتخطاها بالسهولة التي يتخيلها.
فمن الصعب جداً أن نرى تركيا تقف مكتوفة اليدين امام تقد قوات الأسد ومرتزقته الايرانية نحو حدودها. كذلك الامر مع الاسرائيليين الذين سيرفضون اي تواجد للحرس الثوري الايراني على حدود الجولان مثلاً.
على ضوء التطورات الميدانية الأخيرة هناك من ينتشي بالانتصار، ويعلن انه في سوريا الأسد لا عودة الى الوراء، متجاهلاً أن هذا التقدم في حلب ليس سوى تفوق جوي يختفي ما إن تبدأ حرب الشوارع، بوجه فصائل منهكة لا تملك اصلاً في تلك المواجهة ما يؤهلها الصمود، وهي تصمد.
وهناك من ينعي الثورة على أساس ان العالم كله يتآمر ضدها، وحلفاءها يواجهون مشكلة انحياز الرئيس اوباما الفاضح لمحور الممانعة ورغباته.
في الحقيقة الصورتان مبالغ فيهما.
فمشكلة الرئيس الأسد تكمن اولاً بفقدان شرعيته، وثانيًا باستحالة قدرته على الصمود لولا فضل مرتزقته – او حلفائه كما يحلو لوليد المعلم الضنين على عذارة السيادة السورية من التدخل التركي ان يسميهم.
أما مشكلة المعارضة فتكمن في تفككها وكثرة اعدائها وقلة مواردها من سلاح وذخيرة.
هكذا تطل سنة 2016 على واقع لا يسمح للمعارضة بالانتصار ولا للنظام بالسقوط.