ايلي الحاج: من كليمنصو إلى بكفيا ومعراب والرابية قصة صعبة رئاسة سليمان فرنجيه/محمد قواص: لبنان – سورية: طائف ووكيل ودفتر شروط/ثريا شاهين: أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

342

من كليمنصو إلى بكفيا ومعراب والرابية “قصة صعبة” رئاسة سليمان فرنجيه
ايلي الحاج/النهار/27 تشرين الثاني 2015
“القصة صعبة”. قال وليد جنبلاط لأحد النواب الذين التقوه أمس في كليمنصو. كان رئيس “اللقاء الديموقراطي” أوفد الوزير وائل أبو فاعور إلى بكفيا ليطمئن إلى سير حزب الكتائب في تسوية عمادها انتخاب النائب سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية. تغطية الكتائب أساسية لهذه العملية، تسحب من أيدي المعترضين المحتملين، والشرسين، لافتة “إنهم جماعة الاتفاق الرباعي مجدداً. هذه المرة يفرضون رئيسا للجمهورية ولا يأخذون رأينا في الاعتبار”. لا يريد جنبلاط ولا سواه من طابخي التسوية السياسية الشاملة أن يسمعوا مرة أخرى مثل هذا الكلام الذي يهدد مشروع التسوية قبل أن يرى النور.
عاد أبو فاعور وأخبره أن رئيس الكتائب سامي الجميّل تحدث بودّ عن المرشح فرنجيه لكنه أوضح أن المسألة لا تتعلق بالشخص. نحن منفتحون، قال “الشيخ سامي”، ولكن يهمنا جدا أن يعلن ما هو برنامجه للحكم. ما هو موقفه من “حياد لبنان”، تحديداً موقفه من سلاح “حزب الله” ومن تدخل الحزب عسكرياّ في الحرب الدائرة في سوريا. نحن نخشى أن يجر هذا التدخل لبنان إلى حرب أهلية جديدة. وإلى أي حد يستطيع أن يكون فرنجيه او غيره مرشحا توافقيا يعامل جميع المواطنين بالعدل. وغير ذلك من قضايا مهمة.
قال أبو فاعور للجميّل ما فحواه إن هذا كلام خطير سأنقله إلى “وليد بيك”. “القصة صعبة” قال جنبلاط بعد ذلك. كان المفترض أن يجمع أعضاء كتلته مساء أمس ليعلنوا تأييد ترشيح فرنجيه وتالياّ سحب ترشيح النائب هنري حلو لمصلحته لكنه بعد تلقيه جواب الكتائب أرجأ الاجتماع إلى غد السبت وقد يرجئه مرة أخرى ومراراّ. عذره أنه متوعك صحياّ قال بعض زواره. الكتائب لن يمشي في مشروع تسوية تخالف مبادئه أولاً في ما يتعلق بسلاح “حزب الله” والموقف من التدخل في سوريا، وترسّخ استمرار “قانون الستين” للانتخابات النيابية والذي يشتبه في توافق فرنجيه وجنبلاط والرئيس سعد الحريري عليه لأنه يوافقهم ثانياً.
ماذا عن موقف الدكتور سمير جعجع من مشروع ترشيح فرنجيه وترئيسه؟ يضع في حسابه بداية أن شريكه في “إعلان النيات” الجنرال ميشال عون سوف يرفض التنازل عن ترشحه لأي كان وهذه عقبة طبيعية داخل قوى 8 آذار تعترض فرنجيه وتستلزم تدخل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لحلها مع عون. بعض القريبين من معراب فكروا بإمكان إقناع عون بأن يؤيد ترشيح الرئيس أمين الجميّل إذا تيقن أن ترشيحه هو وصل الى آخر النفق المسدود. حسابات منطقية إلا أنها تصطدم بموقف جذري ومتصلب من الجنرال عون برفض سحب ترشيحه أو تجيير رصيده لأحد غيره. يبقى إذاً منفذان للخروج من المتاهة:
– أن ينسحب عون لفرنجيه فيفوز بالرئاسة بدون أصوات نواب “القوات” والكتائب وبعض النواب الآخرين من المستقلين.
– أن يكرر الدكتور جعجع ما فعل عام 1988 عندما أيد الجنرال عون في بعبدا من غير أن يتمكن من تفادي الصدام معه لاحقا.
أما إذا تشبثت أحزاب المسيحيين الثلاثة ورفض أي منها تغطية مشروع التسوية وعنوانها رئاسة سليمان فرنجيه من دون اتفاق أقله بين اثنين منها على مرشح بديل، فالأرجح أن لبنان سيدخل مرحلة محفوفة بالخطر ترتفع فيها النبرة الطائفية في وداع قوى 14 و8 آذار معاً.

لبنان – سورية: طائف ووكيل ودفتر شروط!
محمد قواص/الحياة/27 تشرين الثاني/15
مثلما حدث في لبنان، يتحوّل الصراع السوري نزاعاً دولياً إقليمياً كبيراً. تعدَّدَ الانخراط غير اللبناني في الحرب اللبنانية، وكان العامل الفلسطيني أساسياً تدعمه قوى عربية قريبة من موسكو السوفياتية، تتباينُ مصالحها وتتبدلُ وجهتها وفق تطوّر الصراع وأزمنته. تورطت دول عربية لمصلحة قوى اليسار المتحالفة مع الفلسطينيين، ومال الغرب وإسرائيل ودول عربية أخرى لمصلحة الميليشيات المسيحية اليمينية. بيد أن دخول النظام السوري مباشرة في الصراع (1976)، بدّل مزاج التدخلات. شهد البلد انقلاب العراق أيام صدام حسين باتجاه دعم القوى المضادة لدمشق، بما في ذلك ميليشيات «القوات اللبنانية» والجيش بقيادة الجنرال ميشال عون، عشية اتفاق الطائف. ويتّضح في الحالة السورية انخراط أجنبي لمصلحة المعارضة، يتمثّل ميدانياً ببعض دول الخليج وتركيا إقليمياً، ودور غربي ملتبس ديبلوماسياً ولوجستياً. بالمقابل، تستنفرُ إيران إمكانياتها مستعينة بالميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانية إلخ…، مستفيدة من غطاء روسي جوي، حالياً، وديبلوماسي ولوجستي، قبلاً. ثم إن الموقف الإقليمي الدولي لم يعد يقوم على موقفٍ من النظام في دمشق فقط، بل مقاربة للوجود الإيراني ونفوذه هناك أيضاً. ما بين الهيمنة الفلسطينية على لبنان والهيمنة الإيرانية على سورية مشتركٌ لفهم ديناميات تطوّر الصراع وتحوّلات مواقف الأطراف. جرى في لبنان التخلّص من العامل الفلسطيني عبر الاجتياح الإسرائيلي (1982) وما أنتجه من إنهاء للوجود العسكري لمنظمة التحرير. ثم تدخّل الحلف الأطلسي دعماً للنظام ضد معارضيه المتحالفين مع دمشق. بالمقابل، نأى «الناتو» بنفسه كلياً عن أي انخراط مباشر في الصراع السوري، وابتعدت إسرائيل عن أي تدخل في ما لا يهدد أمنها، واكتفت بعمليات نوعية كان أشهرها ضرب أنشطة «حزب الله» التي اعتبرتها «معادية» (دون أنشطته الداعمة للنظام)، وتدمير أي منشأة سورية عسكرية تشكّل خطراً على الستاتيكو العسكري للبلدين.
تنحو الورشةُ الناشطة حالياً للخروج بما ينهي الحرب السورية إلى خلاصات لا تبتعدُ كثيراً عن الخلاصات اللبنانية. فعلى رغم دعوة طهران لمداولات الحلّ، قد يُستنتج من عدم مشاركة إيران في الاجتماعات السابقة ومشاركتها لاحقاً، أن العالم يقارب العامل الإيراني، على رغم نفوذه السوري، بصفته إلحاقياً وليس أصيلاً في ورشة التسوية الجارية، ما يؤشّر إلى عزم على تهميش الهيمنة الإيرانية على سورية ، كما جرى تهميش تلك الفلسطينية على لبنان، كأساس للوصول إلى مخارج جدية لأي حلّ مقبل (يلاحظ أن طهران دعيت كما دعيت دول أخرى، لا يقارن دورها الهامشي بالدور الإيراني في سورية). كما تعكسُ المقاربات المتوافرة في فيينا، والتي بدأت تأخذ شكل مشاريع وبرامج وبنود، توْق العالم إلى «طائف» سوري يُفرض من الخارج ويجري إخراجه بمداولات داخلية بين نظام ومعارضة. يمثّل التدخل الروسي الحالي حالة بالإمكان مقارنتها بالتدخل السوري في لبنان عام 1976. آنذاك تدخّلت دمشق لنصرة النظام اللبناني وميليشياته، لكن سرعان ما انقلبت على تلك الميليشيات للتحالف مع الميليشيات والقوى المضادة. لم تكن دمشق لتستطيع إنجاح تورّطها اللبناني، في غياب ضوء أخضر دولي وعربي. احتاجت دمشق لاتفاق الطائف برعاية الرياض بما يمثّله من تغطية دولية للحصول على اعتراف إسرائيلي ودولي وعربي يمحضها شرعية لما أصبح، بعد ذلك، وصاية كاملة على البلد.
لم تتأخر موسكو كثيراً في إدراك عجزها عن الانخراط وحيدة في المستنقع السوري. نشّطت خطاً ديبلوماسياً يواكب جهدها العسكري ويخلّصها من كوابيس محتملة كالتي لا تنساها في أفغانستان. انطلقت من حقيقة أن جهدها حاجةٌ روسية استراتيجية وأمنية، لكنه أيضاً حاجةٌ غربية أطلسية، لا سيما في مواجهة «داعش». بالمقابل، وبغض النظر عن التصريحات الغربية المنتقدة أو المتحفّظة على التدخّل الروسي، فالعواصم الغربية وجدت في همّة بوتين مخرجاً لمعضلة تحوّلت كارثة أمنية، في ما يمثله «داعش» (وحدث باريس بارز في ذلك)، وإنسانية، في ما تضخُّه الحرب من صور دمار تصدم الرأي العام الدولي، وما تقذفه من لاجئين في حضن هذا العالم. يبحثُ العالم عن «طائف» سوري يوكل مهمة مراقبته ومواكبته لروسيا، كما أوكل المهمات نفسها لسورية في الحالة اللبنانية سابقاً. ويُسهّل العالم المسعى الروسي في ما ظهر من مرونة أبداها الغرب ودول المنطقة في مسألة البقاء الانتقالي الموقت للأسد على رأس السلطة في دمشق عشية زيارته موسكو، كما في القبول بدعوة طهران لمداولات الحلّ غداتها. سيمنح العالم وكالة لروسيا وفق شروط تحددُ حجم الدور الروسي وآفاقه، بحيث تلعب موسكو دوراً وفق دفتر شروط محدد ودقيق. تعرف موسكو ذلك وتعمل بهمّة عالية لإقناع دول المنطقة والغرب بجدارة مسعاها وحقيقة دورها بعد أن تمّ إقناع إسرائيل بذلك. ولا شك في أن موسكو تضع في صدارة أوراق اعتمادها عمليةً تنهي وجود الأسد لاحقاً على رأس السلطة (وفق ما بدأ يتسرب مما سمعه الأسد خلال زيارته الشهيرة لموسكو)، كما تنهي الهيمنة الإيرانية على البلد، بما يفسّر توتر طهران وارتباك «حزب الله»، لا سيما نزوعه مؤخراً نحو التهدئة وتحري الصفقة اللبنانية الشاملة.

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً
ثريا شاهين/المستقبل/27 تشرين الثاني/15
تتكثف التحركات بين القيادات اللبنانية حول السعي الى تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. والسؤال المطروح «هل بات الوقت اكثر ملاءمة من السابق لإنضاج تسوية فعلية في هذا الملف؟، وهل الجدية الداخلية ستوصل حتماً الى نهاية؟ تفيد مصادر ديبلوماسية ان هناك تعويلاً على اجواء جديدة في المنطقة خلقتها الدول المؤثرة في الملف السوري نتيجة اجتماعات فيينا الدولية الاقليمية، ووضعها خارطة طريق للحل في سوريا. اي ان هناك مسعى دوليا اقليميا لوضع الحل في سوريا على السكة والذي تجلى في خطة النقاط التسع التي نتجت عن مؤتمر «فيينا 2». وهناك بالتالي، فسحة امام لبنان لإحداث اختراق في ملف رئاسة الجمهورية، ويمكنه الاستفادة منها، عل ذلك يحرك تجاوباً دولياً معه، اساسه وصول المجتمع الدولي الى توافق على حل للازمة السورية. ما يعني ان الحركة اللبنانية لا تستطيع اختراق اية تعقيدات دولية اقليمية في شأن الرئاسة اللبنانية. لكن يمكن للبنان الاستفادة من السياسة الدولية الجديدة والتوجه الذي يبدو جدياً حول سوريا، حيث بدأت العلاقات الدولية ترتاح وتتنفس. ويمكن على وقع لقاءات فيينا المتتالية لبلورة خطة الحل السورية، ان تنضج حلول للوضع اللبناني، خصوصاً ان دولاً اقليمية معينة ربطت حل الملف الرئاسي بالوضع السوري، لذلك تبقى هناك محاولات للقيادات اللبنانية لاقتناص الفرص لاسيما وان وجود الرئيس بات اكثر من ضرورة، ما يفعّل عمل المؤسسات ويوفر الغطاء للاجهزة الامنية للاستمرار في تحدي المخاطر على انواعها.
وتشير المصادر، الى ان الافكار التي تطرحها قيادات لبنانية حول الرئاسة هي جدية، حيث هناك فوارق كبيرة بين النائب سليمان فرنجية ورئيس التيار العوني النائب ميشال عون. زعيم الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط كان ابدى تأييداً لفرنجية رئيساً منذ زمن والآن هو احد طابخي هذه التسوية ذلك ان فرنجية لم تطلخ يداه بالدماء الداخلية، فيما لم يكن للنائب ميشال عون اي دور ايجابي لدى تسلمه رئاسة الحكومة، وذاكرة اللبنانيين لا تزال حية في هذا المجال. وهو يساهم الآن في اقفال مجلس النواب امام الانتخاب. وتعتبر المصادر فرنجية غير متطرف، ولم يوافق على القانون الارثوذكسي ولا على اللامركزية التي طرحها عون، وكان ضد عون لدى طرح موضوع قائد الجيش. وبالتالي ابدى حرصه على الدولة بشكل مسؤول. ومن المعروف ان فرنجية كان ولا يزال مع النظام السوري، لكن الرئيس السوري بشار الاسد بات دوره مؤقتاً في سوريا وهو سيزيح عن الحكم والمسألة مسألة وقت لا اكثر ولا اقل.
ويقول مصدر نيابي رفيع، ان طرح فرنجية لرئاسة الجمهورية جديّ، لكن مكونات 14 آذار حتى الآن ليس لديها كلها قبول بالموضوع. هناك بعض افرقاء 14 آذار يبدو انهم غير راضين عن الطرح ولا تجاوب منهم. كما ان من بينهم من لم يعط بعد اي رد فعل على المسألة مثل «القوات اللبنانية» لأن الأمر لا يزال في بداياته ومن المبكر اعطاء الافرقاء ردود فعلهم. لكن النقاشات قطعت مرحلة لا بأس بها، انما المرحلة الاخيرة هي الاصعب. وسبب الطرح يعود الى تعذر التوصل الى رئيس وسطي خلال سنة ونصف السنة من الشغور الرئاسي وبعد 31 دعوة لجلسة نيابية لانتخاب الرئيس. ولفت المصدر، الى ان طرح فرنجية يأتي في اطار برنامج متكامل يتناول حلاً لكل الوضع اللبناني من كافة النواحي، اي رئاسة الجمهورية، والحكومة ورئاسة الحكومة، وتكوين الحكومة وقانون الانتخاب والنظرة الى الاقتصاد، ومعالجة الاوضاع المعيشية والحياتية. اي ان طرح فرنجية رئيساً يأتي من ضمن سلة متكاملة وضمانات وتأكيدات واضحة.
وتعتبر مصادر مطلعة، ان طرح الاتيان بفرنجية ينطلق من فكرة ان اي شخص يتسلم مقاليد السلطة، يفترض ان يكون اداؤه وطنياً وليس حزبياً. كما ان الخارج لاسيما الدول النافذة لن تتركه يتصرف كمسؤول حزبي، انما ستكون له التزاماته العربية والدولية، كما ان ضغوطاً تمارس من اجل ان يستمر لبنان على حياد عن ازمات المنطقة، وان يعمل لمكافحة الارهاب، وتنفيذ القرارات الدولية، واحترام الرغبات الدولية في كثير من المواضيع. ولبنان في ظل اي رئيس لن يخرج عن الاتجاهات الدولية. على انه من غير المضمون ان توصل الحركة الداخلية حول الرئاسة الى نهاية محتومة وواضحة منذ الآن. مصادر سياسية بارزة في 14 آذار تقول، ان الحديث عن اسماء محددة لا يزال اكبر من حجمه، ان هناك مشاورات مع كل القيادات السياسية ومع الحلفاء حول الوضع القائم، ومحاولة للتوصل الى حلول، ويأتي تحرك الرئيس سعد الحريري في هذا الاطار. و»المستقبل» الذي يتحاور مع «حزب الله» فلماذا لا يتحاور مع فرنجية؟ لكن الامور ليست مبتوتة، ومن المبالغ فيه تحميل لقاء واحد اكثر مما يجب. حتى الآن لا يوجد تطور محدد على الارض في سوريا، ولم يحسم اي شيء على الرغم من لقاءات فيينا. انما في تجربة فرنجية وانتمائه العائلي ما يختلف عن عون، الا ان مواقفه السياسية هي ذاتها، واذا لم تتغير فماذا يعني ذلك؟