نديم قطيش وربيع حداد وهدى الحسيني وميرفت سيوفي ودنيز عطالله يقرأون في انطلاقة المجلس الوطني لقوى “14 آذار وفي انتخاب سمير فرنجية رئيساً له

565

فرنجية رئيساً لمجلس سياسي بلا أفق/فرنجية لـ”المدن”: لا بد من العمل
ربيع حداد/المدن/الأحد 28/06/2015
أنجز المجلس الوطني لقوى “14 آذار” انتخاباته الأولى، وفاز النائب السابق سمير فرنجية بالرئاسة بأكثرية ٢٣٧ صوتاً من أصل ٢٨٤، في مقابل حصول منافسه فوزي فري على ٣٢ صوتاً، بعد أن صوت نحو ثلاثمائة شخصية من المستقلين المنتمين لمبادئ ثورة الأرز، في البيال، لإنجاز هذه الخطوة التي حضروا لها منذ أشهر لكنها أصيبت بانتكاسات عديدة، ورميت عليها سهام كثيرة من أبناء الصف، أو من القوى التي كان التعويل يرتكز عليها لإنجاح المبتغى، فتحول المجلس الى تجمع للمستقلين بعد أن إنسحبت الأحزاب، بسبب الخلاف حول الحصص، وإن كان الطموح كبيراً والعنوان شاملاً إلّا أن عقبات عديدة تعترض طريق هذا المجلس، لا سيما عند مقاربة الموضوع من الناحية الواقعية.
حرص المجتمعون على أن يكون الإنتخاب والتمثيل قائماً على أساس لا طائفي، اذ أنهم يعتبرون أنفسهم يعبرون عن آراء أكثرية اللبنانيين وأهدافهم، وللمزيد من الطوباوية في الطروحات، كانت العناوين أكثر اتساعاً، لم تقتصر على ما هو محلّي بل اتسمت ببعد عربي وإقليمي، هذا من حيث الأهداف البعيدة، أما من حيث الشكل في التأسيس فقد تم تشكيل لجان ومكاتب اختصاصية، مهمتها وضع خطط سياسية لمواجهة انحدار الأحوال في المنطقة، وعليه فسيكون امام المجلس الوليد مهمة تنظيم عملية انتخابية لهيئة مكتب للمجلس مؤلفة من ١٤ عضواً، كما تم انتخاب ١٤ رئيساً للجان اختصاصية خلال ثلاثة أشهر من اليوم.
برزت فكرة انشاء المجلس الوطني في الذكرى العاشرة لانطلاق حركة ١٤ آذار، كان الطرح وقتها هو تأطير عمل هذه القوى، واستنباط أفكار جديدة تزيل الركود والجمود السياسيين، مع محاولة لإعادة استنهاض الجمهور بعد سنوات الإحباط، وعماد هذه الفكرة كان المزج بين النخب وفئات الشباب، ومواءمة عمل الأحزاب مع المستقلين، بحيث يصبح للشباب والمستقلين رأي راجح في المشاركة السياسية لهذه القوى، لكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر.
بعدما خسرت الثورة أبناءها، يفترض ان يحاول المجلس مجدداً إعادة لم شملهم، لكنه لم ينجح في الشكل الفعلي، فأولى الضربات أتت من الأحزاب، التي فضلت الانسحاب وعدم المشاركة لينحصر المجلس بالمستقلين فقط، وتقول مصادر “المدن” إن انسحاب الأحزاب هو بسبب حساباتها السياسية الضيقة، لا سيما أنها ترفض الإنخراط في أي نشاط من دون تعزيز شعبيتها ومكتسباتها، وعلى الرغم من حضور ممثلين عن الأحزاب إلا أن هذا التمثيل كان خجولاً، خصوصاً “القوات اللبنانية” و”الكتائب”، واللذين لهما الدور الأكبر في إفراغ المجلس من جوهره وفعاليته لحسابات سياسية معينة وفق ما تشير المصادر.
ولا تقتصر العوائق على الأحزاب في مرتكزاتها الأساسية لإنجاح أي حراك، لأنها الوحيدة القادرة على حشد الجمهور وتحريك الشارع، فما يواجهه المجلس هو القدرة على التأثير والاستقطاب في هذه المرحلة، في وقت تستعر فيه الحروب والخلافات المذهبية يطرح نفسه واحة لالتقاء الأضداد والإنفتاح والحوار، لكنه مجرد من أي قوة فعلية.
ويقول فرنجية، الذي كان رافضاً لفكرة تسلم رئاسة المجلس، لـ”المدن”، إنهم يدركون مدى الصعوبات وحراجة الوضع، لكن لا بد من العمل، لأنه من غير الواقعي والعقلاني الوقوف متفرجين على كل ما يجري، معتبراً أنه حان الوقت لإنتفاضة سلام لأنها مسألة حيوية يجب تحقيقها، لأنها السبيل الوحيد لحماية البلد وأهله، وهي بمثابة تهيئة جو لترقب أي حدث من شأنه أن يعيد الناس الى أدوارها الحقيقية في الدفاع عن حقوقها. من هنا، سينحصر عمل المجلس حالياً في إطار ندوات وحلقات تحاورية بالإضافة الى إعداد أوراق سياسية فكرية ونظرية، لكنها لن تكون ذات مقاربات واقعية، أو غير قابلة للإقتران مع الواقع، بمعنى آخر، فإن المجلس سيبقى أسير مجالس وقاعات غير متصلة بنبض الشارع.

نعم للمجلس الوطني ـ هدى الحسيني
29/06/2015/ هدى الحسيني مديرة تحرير موقع تيار المستقبل
كان ممكنا للأمانة العامة لقوى ١٤ اذار ان تستمر في ما كانت عليه من دون التنبه الى صوت يعلو من هنا، وآخر يخفت من هناك، او الاستماع الى نقد عارف من هنا، وتحامل جاهل من هناك، لكنها آثرت التجديد والانفتاح على المجتمع المدني اللبناني بكل تناقضاته وتجاذباته، وحتى مصالحه،علما ان الأمانة العامة لم تتفرد مرة واحدةبقراراتها ولم تكن يوما مغردة خارج سربها. ولادة المجلس الوطني انجاز يسجل لصالح قوى ١٤ اذار والأمانة العامة وليس ضدهما، فاجتماع اكثر من ثلاثمئة شخصية من سياسيين واعلاميين وناشطين للمشاركة في انتخاب رئيس للمجلس هو نجاح بحد ذاته فشلت في تحقيقه مؤسسات دستورية واحزاب عقائدية، اما انتخاب هامة بحجم سمير فرنجية رئسا للمجلس فهو قيمة مضافة يمنحها وجوده الي اي تجمع او مجلس او حزب . لقد نجحت الامانة العامة وقوى ١٤ اذار مجتمعة حيث اخفق الكثيرون، فلا حزب شمولي هنا ولا قرارات متفردة ولا انا او لا احد. نجحت في لم شمل وكلمة مجموعة، ولو صغيرة، من اللبنانيين للتعبير بصوت عال عن ارائهم وهواجسهم واوجاعهم داخل وطنهم، ولم تطلب منهم او تأمرهم بالتسلح والعمل العسكري لتحرير أوطان الاخرين. فلنكف نحن من نطلق على انفسنا تسمية المجتمع المدني عن التصويب على الغير، ولنحاسب انفسنا، او ليكن لدينا شيء من الجرأة في اجراء مراجعة ذاتية: عندما نجحنا في حشد تظاهرة مليونية نسبنا النجاح لانفسنا ومنعناه عن القيادات السياسية وقلنا: الفضل لنا، ولكن عندما فشلت القيادات، حسب تقديرنا، في استثمار نجاحنا لحقنا بها واستسلمنا لها وسلمناها قرارنا من دون ان نحرك ساكنا، فكم من شهيد سقط بعد ١٤ اذار ولم نتداع لنملأ الساحات وكم من قرار سلب منا وهو حق لنا ولم نطالب به، كم عدد الافواه التي جاعت ولم نثر لنطالب لها بالقوت، حتى في قضايانا المدنية لم نتفق ولم نستطع ان نجمع اكثر من مئة شخص في تظاهرة حول اكثر القضايا التي آمنا بها. فلنحاسب انفسنا قبل محاسبة قياداتنا ولنعلن فشلنا كما تباهينا بنجاحنا ولنعد إحياء جملة شنفنا بها الاذان بعد الرابع عشر من اذار ” جمهور ١٤ اذار سبق قياداته” ، فاذا كنا خلف نجاحها فنحن حتما خلف فشلها . نعم لقد نجحت ١٤ اذار بمحاولتها تجديد نبض جمهورها في حين نجح غيرها في قتل جمهوره. قيادات ١٤ اذار هي نفسها لم تتغير منذ ١٤ اذار ٢٠٠٥ ولكن نحن الجمهور من تغير يوم خفتت حماستنا، واستمتعنا بجلد الذات، وتفرجنا على 14 اذار تصمد وتصد وتقاوم بسلاح الديموقراطية، فيما نلوك آراءنا.

«البيك».. الذي لا يتعب من الحوار
دنيز عطاالله حداد/السفير/29 حزيران/15
لم يتعب سمير فرنجية. لم تنهكه تجربة اليسار، وقد انهكت دولاً عظمى. لم تحبطه «الجبهة الوطنية» وقد أحبطت جيلاً. لم تكسر «قرنة شهوان» أيّاً من احلامه بالوصل، حتى حين لامست ان تكون باباً للفصل. لم ييأس من الحوار وقد يئست منه شعوب ودول. لم يتوقف عن الرهان على قدرة الأفكار على تغيير العالم حتى بعد ان صار الدم أغزر من الحبر المراق. لم يتعب. لم ييأس. لم يستسلم… ولا حتى من «14 آذار». اجترح مع من يشبهونه مجلساً وطنياً للمستقلين الذين صنعوا برأيه ذاك النهار المشهود من العام 2005. انتخبوه رئيساً، بعد ان كرّسوه ايقونة انتفاضتهم و «الاستقلال الثاني». محبوه كثر كما منتقدوه.. أما كارهوه فقلة. لا يُعجِب سمير فرنجية من يرتاحون للمسلمات. لا يرتاح إليه من يملكون أجوبة جاهزة و «تاريخية». فالرجل الذي بلغ السبعين من عمره لا يزال يفتش عن اجوبة لأسئلة كثيرة، وعن حلول لأزمات هذه البلاد المتوالدة. يقرأ. يكتب. يناقش. ينتقد، ويصل الى خلاصات. ثم يبدأ من جديد. ينقض الخلاصات. ينتقد ويناقش ويكتب. يواصل القراءة ويبدأ من جديد. جامع المتناقضات هو.. «بيك» ويساري. دمث حتى حدود الخجل، لكنه يعود «زغرتاوياً» في لحظات غضبه. يتقن ألاعيب السياسة اللبنانية ويتمسك بنبله الاخلاقي. جريء حتى حدود التهور أحياناً، وجبان حتى حدود إخفاء عدد السجائر التي يدخنها عن شريكة حياته آن موراني. متكتم وشديد الصراحة. وبصراحته يقر عند سؤاله عن سبب تغيب بعض الوجوه من الشيعة القريبين من «14 آذار» عن انتخابات «البيال» أمس. يقول «هي المشكلة نفسها القائمة منذ العام 2005. صحيح كان هنالك حضور ومشاركة للبعض، لكنه أقل مما هو مطلوب. نعترف أننا نواجه مشكلة في الجو الشيعي المعارض لحزب الله منذ تجربتهم في 2005. وهذا ما سنواصل العمل على معالجته. بعض الامور صارت وراءنا. صراع 8 و14 آذار السياسي تخطته التطورات السياسية الجارية في العالم العربي. هذا الصراع سيُحسم في سوريا والعراق. الأكيد أن فريقاً سينهزم، لكن الأكيد أيضاً ان الفريق آلاخر لن ينتصر».
يقر سمير فرنجية بخوفه «أي عملية أمنية أو تفجير أو انفجار يمكن أن يفجر الأوضاع. لذا فعلينا ان نخوض معاً معركة مواجهة الارهاب والتطرف في اي بيئة او بقعة. هذه هي الضرورة والأولوية اليوم». رجل الحوار والمبادرات منذ العام 1978 وأحد أبرز مؤسسي «المؤتمر الدائم للحوار» و «اللقاء اللبناني للحوار» وسواها من اللقاءات الجامعة، ينظر بكثير من الإيجابية اليوم الى حوار «المستقبل» – «حزب الله». يقول «هذا الحوار مسألة استثنائية من المغرب الى اندونيسيا. فلا يوجد على امتداد هذه الجغرافيا سنة وشيعة يجلسون حول طاولة واحدة ويتحاورون، بغض النظر عن نتائج هذا الحوار، وعلى الرغم من كثير من الانتقادات التي تطاله، خصوصاً في الاوساط السنية». وكعادته يطالب بـ «إطلاق نفس جديد. افكار جديدة ومقاربات جديدة. سنعمل مع المجتمع المدني لنطلق مبادرات سريعة لنحصِّن أنفسنا ومجتمعنا. لا شيء اهم اليوم من حماية سلمنا الأهلي ومواجهة التطرف اينما وجد». يتحدث فرنجية بصوت خفيض لا يخفي حماسته. كأنه يخرج للتو الى الثورة كاسراً سلطة والده حميد وعمه سليمان، رئيس الجمهورية. لكن اللافت ان احداً من المعجبين الكثر في اوساط «14 آذار» لا يتعاطى مع «البيك» بصفته وريثاً سياسياً. حتى نيابته عام 2005 الى 2009 تبدو كـ «حادث عابر» في مسيرته السياسية ـ الثقافية – الاخلاقية. هو سمير فرنجية المفكر والكاتب اولا. كتب في «الاوريان لو جور» و «السفير» و «النهار» و «مجلة الدراسات الفلسطينية». كما كتب في «الحياة» قبل ان «ينافسه» ببراعة ابنه سامر، الذي يتشارك مع شقيقته هلا في مجادلة والدهما ومقارعته بالحجة والمنطق والكتب. يهرب «البيك» أحياناً الى ابتسامته وسخريته، موحياً بالاستسلام والتعب. لكن سمير فرنجية لا يتعب ولا يستسلم.

الرئيس الضعيف سمير فرنجية
نديم قطيش/المدن/29 حزيران/15
الأرجح أن خطوة تشكيل “المجلس الوطني لمستقلي ١٤ آذار”، وإنتخاب سمير فرنجية رئيساً له لن تغادر شكليتها ورمزيتها التي احتضنتها احدى قاعات البيال في بيروت. بين الانطلاقة قبل عشر سنوات ولحظة البيال تغيير الكثير. ومع كل تغيير كانت ١٤ آذار تفقد المزيد من زخمها وتمثيليتها وألقها. فقدت إبتكاريتها. فقدت عناوين. فقدت شخصيات. فقدت القدرة على المبادرة، وهي لم تكن شيئاً في الأساس إلا قدرة وجرأة على المبادرة. أخطأ فيها وبحقها أحزاب وسياسيون ومستقلون (أيضاً، منعاً لأيقنة المستقلين). ركب عليها انتهازيون. كل هذا صحيح. وكل هذا من تفاصيل سير الثورات. كل الثورات. كان يمكن أن تتجاوز ١٤ آذار المتوقع وتذهب لانتخابٍ يعبر عن ارادة بخلق نخبة سياسية جديدة، وهو ما لم تنجح فيه هذه الثورة منذ اليوم الاول. هذا فشل تقع المسؤولية عنه على عاتق “الثائرين” والمستقلين منهم أولاً، بمثل وقوعها على احزاب وقادة الثورة.وكان يمكن ان تستكمل الانتخابات بتكوين هيئة تنفيذية تضع نصب أعينها إعادة تعريف ١٤ آذار اليوم، وقضاياها وأدواتها وجمهورها، وتعيد تالياً الوصل بين الانتفاضة والشارع ونبضه وناسه.
كل هذا صحيح ايضاً. لكن الصحيح، بموازاته، أن كل هذا لا يغطي على ملمحين رئيسيين. رغم فقدانها الكثير، لم تفقد ١٤ آذار رمزيتها. هنا بيت القصيد، في ظل استعار الحريق المذهبي في المشرق العربي ومنه لبنان. ليس بديهياً أن يجتمع في البلد جمع بهذا التنوع العقائدي والثقافي والمناطقي والطوائفي والعمري في لحظة هي الاعلى على مستوى انفصال المكونات اللبنانية عن مشتركاتها. بل أن يجتمع هؤلاء “للإنتخاب”، في لحظة هي الاوضح على مستوى تعطيل كل ما يمت لفكرة الديموقراطية بصلة، والتطاول على العملية السياسية بثقافة التمديد المتوافق عليها من قبل مجالس الملل المذهبية، ومنهم أحزاب رئيسية في ١٤ آذار. في هذا شيء من سلوك المؤمنين الذين تارة يحصون أنفسهم بالكثرة للتدليل على الصواب (استعادة تظاهرة المليون) وطوراً بالقلة، على قاعدة “طوبى للغرباء”. وهذا صحيح. فلبنان، الذي لم يملِ نفسه علينا وطناً، على قول وضاح شرارة، هو في المحصلة فعل إيمان، يصيب المؤمنين فيه وبه ما يصيب المؤمنين عامة. أما الملمح الثاني، فهو أن لبنان ١٤ آذار الذي إجتمع في البيال، إجتمع لانتخاب البيك، رئيساً “لنا”، للبنانيين الطبيعيين الذين لا تربكهم مذاهبهم وطوائفهم ومناطقهم وأحزابهم في البحث الدائم عن لبنان وفي العثور عليه. ميزة سمير فرنجية الاولى أنه رئيس ضعيف، في بلد إحترف الاقوياء احراقه. هو الرئيس الضعيف، الذي لا يقوى على ادعاء صفة تمثيلية مارونية حصرية، تجعل منه المرشح الوحيد النافي للآخرين، او النافي للبلد. هو الرئيس الضعيف الذي لا شرفة له يخاطب منها جموع الموتورين بالحقوق التاريخية وبمفردات معارك الوجود. هو الرئيس الضعيف الذي عليه ان يعود كل يوم الى مكتبه وأدراجه وأوراقه وكتبه ليخترع حججاً تخاطب العقل والمنطق.
هو الرئيس الضعيف الذي إحترف الحوار كمهنة وصنعة ومساحة ابداع. حاوي الحوار الذي يلاعب أفاعي الفتنة في كيسه، وبهلوان يسير برشاقة على حبل الوصل بين اللبنانيين مرقصاً وثائق واوراقاً تتكاثر بين يديه. هو الرئيس الضعيف الذي يخاف. يخاف على البلد ويخاف على ناسه. يتقدم بشجاعة المتهورين حين تحين الفرص وتتكون شروطها. ويتراجع بجبن الاباء حين تكون المغامرة مجرد إسم حركي للانتحار. أن تجتمع ١٤ آذار بلبنانيتها ولبنانييها، ان تنتخب، وان تنتخب رئيساً “ضعيفاً” هو ما يدعو للفرح ويشجع على الامل. سمير فرنجية أكبر بكثير من مجلس وطني للمستقلين لا يعدو كونه قطعة “ليغو” جديدة تضاف الى عمارة ١٤ آذار. وهو أسمى من أن يكون “وكيل تفليسة”، انتخابه في هذه اللحظة تحديداً هو أحد المعاني الحقيقية لجوهر ١٤ آذار. ما لم تكن ١٤ آذار طاقة أمل. ماذا تكون؟

نهاية‮ «‬14‮ ‬آذار‮» ‬السياسيّة‮!
ميرفت سيوفي/الشرق/29 حزيران/15
منذ الأحد 14 آذار العام 2005 ميّز اللبنانيّون سريعاً وبُعيْد قيام «التحالف الرّباعي» الانتخابي، بين الفريق السياسي الذي حمل تسمية 14 آذار، وبين المليون ونصف لبناني الذين شكلّوا التحدّي الأكبر في وجه حزب الله أداة الاحتلال الإيراني للبنان ومن معه من «أَوْبَة» النظام السوري «البائد» الذي طرده اللبنانيّون على مرأى ومسمع من العالم وعلى هواء النقل التلفزيوني المباشر….
ذاك التاريخ، لا تمثّله بالتأكيد الـ»282» صوتاً للذين يحملون تسمية «المستقلين» في فريق 14 آذار، هذه «استحالة» كبرى أن يختصر 282 صوتاً المليون ونصف لبناني، وهم المستقلّون وصانعو يوم 14 آذار المجيد، والذي وإن سكت اللبنانيّون عن توليفة «المنسّق العام» أو «رئيس الجمعية التأسيسية للمجلس الوطني لمستقلي حركة 14 آذار» ـ شو هالإسم الطويل العريض ـ فهذا لا يعني أنّهم يصدّقون أنّ أصحاب هذه المناصب ـ مع إحترامنا الشديد لهم ـ لا يملكون أيْ حيثية شعبيّة ولا سلطة على «جمهور 14 آذار العام 2005»!!
»يعني.. بدنا نقول مثلاً»: هل زاد فريق 14 آذار «راس»؟ لم يكن اللبنانيّون ـ وتحديداً لبنانيو يوم 14 آذار العام 2005 ـ مسرورين بالأمس وهم يصغون إلى إشادات «الانتخابات الديموقراطية» بين 300 «زلمي» هم تعداد المستقلون في «حركة 14 آذار السياسيّة»، فإذا كان الفرقاء السياسيّون الثلاثة الكبار والأقوياء تعرّضوا لاهتزازات وانسحابات واختلافات في الخطوط البيانيّة العريضة لسياستهم التي يفترض أنها موحدة، وبصعوبة تجاوزوا مطبّات كبرى فرضتها «تبعيّة» سياسيّة من هنا، أو مخاوف وهواجس «أقلية» من هناك، فكيف الحال بجسم جديد يدخل الساحة السياسيّة من بوابة «الجمعيّة التأسيسيّة»؟ لكأننا نسمع تسمية فرنسية لحركة سياسيّة كبرى، أو لكأننا نستعير من زمن بدايات الحرب الأهلية اللبنانيّة تسمية «الحركة الوطنيّة» وما «لملمته» من أحزاب اليسار ومهمشي السياسة والباحثين عن دور ما ليصدّقوا أن لهم حيثيّة سياسيّة، هؤلاء الأعضاء الثلاثمائة «كلّ واحد بيمثّل حالو»، فماذا إذن لو قرّر جمهور المليون ونصف أربعة عشرة آذاري أن يشكلّوا «الجمعيّة التأسيسيّة» ليوم 14 آذار التاريخي؟!
كلام فضفاض، لوجوه لا تملك أي دور حقيقي وفاعل لا في مناطقها ولا عند الشارع العام اللبناني، مع إعلان برنامج عمل تمويهي ليُقال «والله.. عم يشتغلوا»!!
ويقتضي التمويه الزجّ باسم «التطرف» كأبرز مصطلح سياسي نافر هذه الأيام، ونظرة على العناوين التي تم الترويج لها بالأمس وستفتح شباك الاستضافات الإعلامية لرئيس الجمعيّة لتعيده إلى الحياة السياسية كزميله منسّق الأمانة العامة، وسيُفتتح بالتأكيد حساب «تويتري» لضرورات التواصل الإجتماعي وصفحة على موقع Face book لحشد «اللايكات» والمؤيدين، أما الترجمة السياسية الفعلية لانتخابات الأمس فهي المزيد من الكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فقطعان الشعب اللبناني في وادٍ والساسة وأنصافهم وأرباعهم وأعشارهم وأخماسهم في وديان أخرى بعيدة جداً، أليس من العجب العجاب أن ينتهي الأمر بالشعب اللبناني ومعظم سياسييه على طريقة الـهندسة الرياضية «خطّان متوازيان لا يلتقيان إلا في اللانهاية»!!
ولنلقي نظرة على عناوين عمل «الجمعيّة التأسيسيّة» في المرحلة المقبلة والتي تشبه برنامج عمل: «دعوة جميع اللبنانيين من دون تمييز الى التشارك في التحضير لـ»انتفاضة سلام تخرجنا من مآسي الماضي وتؤسس لمستقبل أفضل لنا جميعا»… والتحضير لهذه الانتفاضة يحتاج الى: «مواجهة الانكفاء الطوائفي الذي تشهده البلاد من خلال خلق اطار مدني حديث قادر على تخطي الترسيمات الطائفية والمذهبية التي فرضتها اصطفافات المواجهة؛ العمل مع القوى المدنية التي تواجه كل العنف والتمييز بمختلف أشكاله؛ التواصل مع قوى الاعتدال والديموقراطية في العالم العربي التي تناهض التطرف؛ تشكيل مجموعة لجان في مختلف الاختصاصات، مفتوحة لمن يرغب من الآن، والعمل على تشكيل لجان للمجلس في مختلف المناطق اللبنانية، استعداداً للمؤتمر المقبل خلال ثلاثة أشهر»…
قال «إنتفاضة سلام» قال، 300 عضو بالكاد يمون فيهم كلّ واحد على نفسه، سيدعون لانتفاضة سلام، قال إنتفاضة قال!! ضيعانك يا 14 آذار.. ضيعانكن يا جبران تويني وسمير قصير!!