غسان شربل/في وداع الأقليات//إسرائيل تطالب واشنطن بحماية دروز سورية

329

في وداع الأقليات
غسان شربل/الحياة/15 حزيران/15

قال السياسي: «لا تقرأ الحاضر بلغة الماضي. العراق الذي كنت تعرفه راح. العراق الحالي أخطر من السابق على نفسه وعلى جيرانه. التهمت العصبيات العملية السياسية. الدولة مجرد غطاء تستكمل تحته الحروب الأهلية وعمليات الفرز السكاني. هناك الشيعة وحشدهم الشعبي. وهناك العشائر السنية التي تخسر مرة حين يجتاحها «داعش» وأخرى حين يحررها «الحشد الشعبي». وهناك كردستان العراق التي دفعت دماً لاسترجاع «المناطق المتنازع عليها». والمعركة بين «الحشد الشعبي» والبيشمركة آتية مهما تأخرت. لا تسأل عن الايزيدين والمسيحيين والشبك فهم إما تبخروا أو أنهم في الطريق». وأضاف: «سورية التي كنت تعرفها راحت. سورية الحالية أخطر من السابقة على نفسها وجيرانها. يتقاتل السوريون اليوم على حدود المكونات. لا تختصر المشكلة بوجود «داعش». الواقع الذي أنجبه يمكن أن ينجب لاحقاً ما هو أخطر منه. إننا في خضم حرب مذهبية إقليمية. من يمتلك القوة الكافية سيحصل على جزء من حطام الدولة السورية. الأقليات القوية سترسم حدود أقاليمها بالدم. الأقليات الضعيفة سيأكلها هذا النزاع. هل يحق لتونسي من «النصرة» أن يقتل عشرين درزياً سورياً رفضوا الامتثال لأوامره؟ هل سمعت استغاثات العرب والتركمان من ممارسات الميليشيات الكردية السورية التي تقاتل «داعش»؟ إنها تتحدث عن عمليات تطهير وتنظيف. وضع المسيحيين السوريين يذكر بذعر المسيحيين العراقيين». لامس السياسي جوهر المشكلة. تفككت الدولة المركزية. سقطت الحدود الدولية. التحقت الجيوش بعصبياتها العميقة والميليشيات. سقط التعايش وغرقنا في حروب المكونات. لم يعد السؤال عن الحدود الدولية صار عن الحدود داخل الحدود. أين تنتهي حدود الشيعة في ما كان يسمى العراق؟ أين هي حدود السنة؟ وأين حدود الأكراد؟ أين هي حدود السنة في ما كان يسمى سورية؟ وأين حدود العلويين؟ وأين حدود الأكراد؟ وماذا عن الدروز؟ أتذكر الآن ما سمعته في العراق. قال السائق: «هذا مخيم الايزيديين الذين فروا من جبل سنجار… إنه مخيم من بقي منهم. ينتظرون هنا أبناء تأخروا وأحفاداً لن يصلوا. ويسألون عن بنات تعرضن للسبي ويعرضن الآن للبيع بحفنة من الدولارات». كانت المرأة المسنة تجلس قرب مدخل الخيمة. لم يبق لديها دمع لتغسل تجاعيد وجهها. كانت تنظر كمن لا يرى. خجلت من التحديق في عينيها. رأيت فيهما جبالاً من القهر والذل. راوغت الموت وفرت. لكنه عبقري ومجرب اصطاد من عائلتها ابناً وثلاثة أحفاد. تحاشيت فتح جروحها. طلبت من السائق أن يتابع طريقه. لاحظ المرافق شدة تأثري. خشي أن اختصر مأساة العراق بنكبة الايزيديين. قال إنه طرد هو الآخر من منزله في بغداد. سألته إن كان السبب انتماؤه الكردي فأجاب: «لا، طردت لأنني سني أقيم في حي شيعي وبذريعة أن شيعة طردوا من أحياء سنية». عدت إلى الفندق في إربيل. سألت الشاب العامل خدمة فاسداها إلي. قلت أجامله. سألته عن مدينته بعدما استوقفتني لهجته فقال: «أنا من الموصل. الحقيقة أنني كنت من الموصل». أثارت «كنت» حشريتي. روى أن والده تلقى اتصالاً حاسماً: «لا مكان لكم هنا». سارعت العائلة إلى الفرار. حكى بحرقة أن الموصل أرض أجداده وأجدادهم وأن المسيحيين عاشوا فيها منذ مئات السنين إلى جانب جيرانهم المسلمين. لفتني أنه طرد من المدينة قبل سقوطها في يد «داعش». أيقظت الإطلالة المدوية لـ»داعش» وأشباهه ذعر الأقليات. ضاعف الهجوم الإيراني في الإقليم حدة النزاع السني – الشيعي. احتمت الأقليات الكبرى بأسلحتها وتحالفاتها واندفعت في مجازفات كبرى مضطرة حيناً ومختارة أحياناً. وضع العرب السنة في العراق ليس سهلاً على الإطلاق. صدام «حزب الله» اللبناني بالكتلة السنية في سورية ليس بسيطاً على الإطلاق. أما الأقليات التي تعوزها الأنياب والعمق الجغرافي والرصيد السكاني فتبدو مرشحة لخسارات قاتلة. ومن يدري فقد نكون في موسم وداع الأقليات. الأقليات الكبيرة القادرة ستهاجر إلى أقاليمها والأقليات الصغيرة العاجزة ستجهز جوازات السفر استعداداً لعبور البحر. سقوط العروبة الحضارية الرحبة نكبة للأكثريات والأقليات معاً. شيوع التطرف المذهبي يعزز النكبة لأنه ينسف حلم اللقاء تحت مظلة الدولة. تتضاعف نكبة الأقليات الصغيرة حين تسلس قيادها لسحرة صغار أصابتهم لوثة ادعاء الأدوار التاريخية ولشرهين مقامرين يصرون على احتكار الوليمة حتى ولو سبحوا في دم من يزعمون إنقاذهم.

إسرائيل تطالب واشنطن بحماية دروز سورية
“النصرة” تحاول طمأنتهم بعد حادثة قلب لوزة

تل أبيب, دمشق – الأناضول, ا ف ب: 15/06/15/طالبت إسرائيل الإدارة الأميركية بالمساهمة في حماية أبناء الطائفة الدرزية في سورية عسكرياً. وذكرت صحيفة “هآرتس”, الصادرة أمس, أن “اسرائيل طلبت من واشنطن مساعدة أبناء الطائفة الدرزية في سورية عسكريا, لصد هجوم الفصائل المسلحة السنية عليهم في منطقة جبل الدروز”, مشيرة إلى أن “الطلب الاسرائيلي قُدم لرئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي, خلال زيارته إسرائيل الأسبوع الماضي”. وأضافت الصحيفة ان “عدداً من السكان الدروز في محافظة السويداء السورية قالوا في مكالمات هاتفية مع اقربائهم في اسرائيل, ان هناك اتصالات تجري حاليا بين ممثلي الطائفة والميليشيات المسلحة, خصوصاً جبهة النصرة, من اجل إبقاء القرى الدرزية خارج النزاع”. من جانبه, قال المختص في الشؤون الإسرائيلية الفلسطيني فرج رمانة: “إن إسرائيل تحاول منذ انطلاق الثورة السورية اللعب على المتناقضات”, ولم يستبعد “تنفيذ الموساد, عمليات داخل الأراضي السورية وغيرها في المنطقة لإرباك الموقف على الأرض”. في سياق متصل, أعلنت “جبهة النصرة”, الفرع السوري لتنظيم “القاعدة”, أنها ستحاكم الاعضاء المتورطين في عملية تبادل لاطلاق النار في محافظة ادلب شمال غرب البلاد أسفر عن مقتل 20 شخصاً على الاقل من الدروز. وسعت الجبهة في بيان رسمي نشر على “تويتر”, مساء أول من أمس, إلى تهدئة المخاوف من مزيد من الهجمات على الاقليات, معلنة أن بعض اعضائها تصرفوا من “دون الرجوع إلى أمرائهم, وبمخالفة واضحة لتوجيهات قيادة جبهة النصرة”.

وكان المرصد السوري لحقوق الانسان ذكر ان قياديا تونسيا في الجبهة “حاول الاربعاء الماضي مصادرة منزل مواطن درزي في قرية قلب لوزة في منطقة جبل السماق”, بحجة ان “صاحبه موال للنظام, الا أن أفراداً من عائلة صاحب المنزل حاولوا منعه, فحصل تلاسن, ثم احتجاج, ثم إطلاق نار”. وأضاف مدير المرصد رامي عبدالرحمن ان القيادي في “النصرة” الذي يقدم نفسه باسم “السفينة” استقدم “رجالا واتهم سكان القرية الدرزية بالكفر, وبدأ إطلاق النار مع مرافقيه عليهم, ما تسبب بمقتل عشرين شخصا بينهم مسنون وطفل واحد على الأقل”.

وذكرت “النصرة” في بيانها أنها ارسلت على الفور لجنة الى قلب لوزة “للوقوف على الحادث بأنفسهم وتطمين أهالي القرية والتأكيد على أن ما وقع هو خطأ غير مبرر”. وأضافت: “ما زالت القرية وأهلها آمنين مطمئنين تحت حمايتنا وفي مناطق سيطرتنا, وإن كل من تورط في تلك الحادثة سيقدَّم لمحكمة شرعية ويُحاسب على ما ثبت في حقه من دماء”. وهناك اربع او خمس قرى درزية في محافظة ادلب الواقعة تحت سيطرة “جبهة النصرة” وكتائب معارضة.