الياس حرفوش/تزايد الشكوك في «سلمية» النووي الإيراني

213

تزايد الشكوك في «سلمية» النووي الإيراني
 الياس حرفوش/الحياة/31 أيار/15

مع بداية شهر حزيران (يونيو) الذي سيكون حاسماً بالنسبة إلى مصير الاتفاق الغربي – الإيراني حول الملف النووي، أخذت تظهر الخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، نتيجة غياب الثقة من جانب الوكالة في تأكيدات طهران المتعلقة بما تسميه برنامجها النووي «السلمي».

فقد أخذت الوكالة تصر على ضرورة قيامها بتفتيش كل المواقع الإيرانية، بما فيها المواقع العسكرية، للتأكد من صدق تأكيدات طهران «السلمية». وهكذا ستكون مسألة التفتيش نقطة أساسية ستركز عليها الوكالة، إذا وقّعت طهران على البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي. هذا الاتفاق الذي يلزم كل الدول الموقعة عليه (وعددها 120 دولة) بالسماح للوكالة بالقيام بعمليات تفتيش دقيقة و «دخول كل المواقع بما فيها المواقع العسكرية». وقد أوضح مدير الوكالة يوكيا أمانو ذلك بالقول: إن ايران لا تطبق حتى الآن هذا البروتوكول، لكن عندما تطبقه ستطبق الوكالة الدولية ما تفعله مع جميع البلدان الأخرى.

وزاد في حجم الشكوك في «سلمية» البرنامج الإيراني ما أوردته وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الفصلي الأخير الذي جاء فيه أنها «ما زالت قلقة في شأن احتمال وجود نشاطات نووية غير معلنة في إيران، بما في ذلك نشاطات مرتبطة بتطوير رؤوس صواريخ نووية». وطالبت الوكالة إيران بأجوبة عن أسئلة طرحتها عليها في شأن مجمع بارشين العسكري الذي تشتبه الوكالة بأن إيران أجرت فيه اختبارات سرية لصنع سلاح نووي.

من الصعب افتراض أن المسؤولين الإيرانيين، خصوصاً الوزير محمد جواد ظريف أو كبير المفاوضين عباس عراقجي، لم يكونوا على علم بهذا الجانب التقني الذي سيتطلبه عمل وكالة الطاقة التي ستكلف الإشراف على تطبيق الاتفاق الإيراني – الغربي واطلاع مجلس الأمن على خطوات التنفيذ. غير أن التصعيد الأخير في موقف المرشد علي خامنئي في ما يتعلق بمسألة التفتيش كان له كما يبدو الأثر الكبير والحاسم في اشتداد لهجة المفاوضين، بعد أن استبعد خامنئي في شكل قاطع إمكان قيام الوكالة بتفتيش المواقع العسكرية، واعتبر ذلك بمثابة «طلب رسمي للتجسس على إيران». ورد أمانو على ذلك برفض التشكيك في عمل وكالة الطاقة، مؤكداً أنها «منظمة تقنية وتركز على الوقائع».

ومع انطلاق المحادثات في جنيف أمس بين الوزيرين الإيراني ظريف والأميركي جون كيري، بدا واضحاً أن مسألة التفتيش، إضافة إلى توقيت رفع العقوبات عن إيران، في حال التوصل إلى اتفاق نهائي في نهاية شهر حزيران، ستكونان أكبر عقبتين في الطريق. غير أنه بدا أيضاً حجم الهوة بين موقف إدارة أوباما المندفعة إلى اتفاق كيفما كان، ومواقف الدول الأوروبية خصوصاً فرنسا، من ضرورة التأكد من طبيعة البرنامج النووي الإيراني قبل التوقيع. فقد أكد وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس أن حكومته لن تقبل أبداً باتفاق إذا لم يتم التحقق من كل المواقع الإيرانية، بما فيها المواقع العسكرية.

طهران وواشنطن إذاً أمام اختبار التفتيش. كيف ستستطيع قيادة «الممانعة» في طهران أن تبرر أمام مواطنيها مشهد الخبراء والمفتشين الدوليين يجوبون مواقعها ويدخلون منشآتها، وهي التي تقف على قمة خطاب المزايدة في مسألة السيادة الوطنية؟ ومن الجهة الأخرى، كيف ستستطيع قيادة أوباما أن تقنع حلفاءها الغربيين وأصدقاءها الإقليميين بفضائل الاتفاق، إذا لم تلتزم إيران بالشروط الدولية للتأكد من نواياها ومن سلمية برنامجها النووي؟