خالد الفاضلي/كذبة المقاومة

348

كذبة المقاومة
خالد الفاضلي/الحياة/06 أيار/15

< يعيش الوطن العربي منذ الأربعينات في كذبة كبيرة اسمها «المقاومة»، ويوجد في تحليل المسمى دلالات على الاعتراف بوجود ضعف «مقارنة بالعدو»، وأنها وسيلة للبقاء وليس لتحقيق انتصار، أو القدرة على إدارة مواجهة جيش لجيش.

أخفقت كل تكوينات ومسميات المقاومة في فلسطين من منع تأسيس إسرائيل، أو إسقاط نظام الأسد، أو إعادة ليبيا، تونس، وربما المصير ذاته يواجهه اليمنُ، في مأزق تحويل الشعب إلى مواجهة تنظيمات مسلحة ذات قيادة منظمة، سواءً أكان جيشاً أم متمردين.

ينتج من المقاومة «فلول» تتمرد، تتمترس، وتعلن أطماعها؛ لذلك يحتاج إخمادها إلى مقاومة جديدة (ليبيا أنموذجاً قائماً)، وعندما تأخذ الحرب «حالة مقاومة» تعيش الحرب زمناً أطول، وتتسع دائرة الخيانة والعمالة، كذلك يفقد العباد والبلاد الإيمان بوجود عدالة.

تأتي المقاومة بعدد كبير من أمراء الحرب، وهم طيف من البشر يصبحون عبئاً على الدولة والناس، يشبهون الذئاب المجروحة؛ لأن «طاولة السياسة» تنهي إمبراطورياتهم، سطوتهم، وثأرهم لرجال ماتوا بسببهم، وتشح عليهم بمناصب وأوسمة، أو علاج نفسي لهم ولأتباعهم بعد انقشاع الغمة. كما أن القتل وحده مصير الذئب المجروح. تعتقد المقاومة قدرتها على تحقيق انتصار، لذلك يكثر فيهم الموت؛ لأن ساحات النزاع المسلح لا تنتصر لمن يجهل عدوه، أو يعتقد بأن البندقية تساعد حاملها على إصابة هدف لا يعرف كيفية التربص به، بينما محبة الوطن وحدها لا تكفي لصناعة محارب شرس. يقول الطب النفسي: «إن ممارسة القتل قد تتحول إلى حال إدمانية»، هذا تحذير تجاه احتمال ارتفاع معدلات جرائم القتل بعد وصول النزاع إلى حل، وحالتا ليبيا وتونس تؤكدان عدم رغبة حَمَلَة السلاح في التخلي عنه.

اختار العراق «ثقافة المقاومة»، الآن توجد حدود وحكومة غير قادرة على ترويض «الفلول»، على رغم تنقية العراق من أول سببين لنشوء المقاومة «صدام والأميركان»؛ لأن المقاومة «شاطرة» في تغيير مسببات وجودها بما يتوافق مع ديمومتها، وكذلك تجديد تحالفاتها، فالغاية -دوماً- تكمن في تبرير حمل السلاح، هكذا يعيش أمراء الحرب. يفقد قتلى المقاومة وأسرهم حقوقاً متاحةً لجنود الجيوش، فلا تعويضات مالية، ولا مميزات للأبناء والمرضى، أو كما يقال في المثل الشعبي «موت وخراب ديار»، بينما استمرار حتمية وجود انقسامات لاحقة بين الشعب الواحد متاحة ومستمرة، فلبنان يجسِّد إلى الآن استمرار الانقسام؛ وفقاً لخريطة مصادر التمويل، الرعاية، والتسليح. يصعب ترك اليمن للمقاومة كـ«حل»، طالما يوجد من الجيش اليمني تكتلات قابلة لإعادة الهيكلة ومحاربة الحوثيين، وليست مقاومتهم، حتى لا يُضافَ إلى تونس وليبيا في صورتيهما، حالياً، أثناء المقاومة، أو لبنان بعدها، كذلك من أجل تخفيف الفاتورة البشرية، والإبقاء على الشعب مدنياً، بعيداً عن مستنقعات الدم، الخيانة، العمالة، وأمراء الحرب.