طارق السيد/هل تحوّل “حزب الله” إلى عبء على حلفائه؟

350

هل تحوّل “حزب الله” إلى عبء على حلفائه؟
طارق السيد/موقع 14 آذار/16 نيسان/15

لم يكن “حزب الله” يُدرك تماماً حجم الهجمة الإعلاميّة التي يُمكن ان ترتّد عليه، يوم فتح نيران قنواته الإعلاميّة على السعودية وتيار “المستقبل”، في محاولة منه لحرف الأنظار عما يجري في اليمن فاستهلّت الهجمة أولى نيرانها من خلال إطلالة أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله الذي فتح الباب على مصرعيه بكلام فاجئ حلفائه قبل خصومه.

المملكة العربيّة السعوديّة كانت أولى الاهداف التي وجّه “حزب الله” اليها رصاصاته الاولى، رصاص ما تعوّد منذ فترة طويلة إلا أن يُطلق باتجاه أهل الوطن الواحد والدول الجارة والشقيقة وشعوبها المُستضعفة. جوقة “هيستيريّة” بإمتياز يستمر الحزب في شنها على بلد له أفضال كثيرة على اللبنانيين كافة بكل تلاوينهم المذهبيّة وعلى عدد غير قليل على الاطلاق من المحسوبين على خط الحزب من بينهم سياسيين حاليين وسابقين.

اليوم يتلطّى “حزب الله” كعادته عند أي إستحقاق مصيري يواجهه أو يتهدّد وجوده، خلف طائفة كان اختطفها منذ أن ولد من رحم “الثورة الخمينيّة”، فجعلها متراساً يطلق من ورائها مشاريعه التوسعيّة والمُتعدّدة حتى إذا جائه الرد أصاب أهله وناسه وعادة ما يكون التعويض حفنة من المال “الطاهر” تماماً كما حصل بعد حرب تموز العام 2006 يومها جعل من لبنان كلّه متراساً تحصّن خلفه وتحديداً الضاحية الجنوبيّة التي سوّتها إسرائيل بالأرض بعدما حصّن قياداته السياسيّة داخل مستودعات وملاجئ سريّة كان بناها تحسّباً ليوم كهذا.

تقوم سياسة “حزب الله” على استغلال الحلفاء كما هو الحال بالنسبة إلى استغلال جمهوره وأهل بيئته. نصائحه المتكرّرة لسياسييه وقادته، “لا تثقوا بكل من هو من غير طائفتكم” حتّى ولو كان هذا الغير من اهم وأشرس المدافعين عنه وعن المشاريع الفارسية في المنطقة. لا يزال يذكر الحزب إنقلاب جماعة الوزير السابق طلال إرسلان ضده في الثامن من آيار العام 2008، يومها تكبّد خسارة كبيرة أدّت إلى مقتل عشرة من مقاتليه بينهم قيادي كبير في “المقاومة الإسلامية” يُدعى “ابو الفضل”.

الامس وبعد هجوم نصرالله على السعوديّة وعلى تيار “المستقبل”، خرج وزير سابق احد ابرز احد حلفاء الحزب ليدلى بحديث غير متوقّع قال فيه “السعودية ترى بأن أمن اليمن من أمن السعودية وهي محقة في ذلك، وبأنه يأمل من التحالف العربي الحالي بألا يقتصر دورهعلى معالجة مشكلة اليمن وإنما كل المشاكل التي تعاني منها الدول العربية وأن تبقى القضية الفلسطينية أم القضايا العربية وأولوية لأي تعاون عربي شامل.” وحديث مراد هذا، يدل على عمق الأزمة التي يعيشها حلف “الممانع” الممتد من طهران إلى العراق وسوريا وصولاً إلى أجزاء لبنان، كما يؤكّد تماماً على إستفراده بكل القرارات المصيريّة من دون العودة إلى حلفائه.

مع هذا التأزّم السياسية والإعلامي الملحوظين الذي يتخبّط بهما “حزب الله”، ترى أوساط مُطّلعة بكثب على السياسة التي ينتهجها الحزب اليوم في ظل الحصار الكامل الذي يُعانيه، أنّه قد يلجأ في فورة ما إلى تصعيد سياسي عنيف بشكل مباشر ومن دون أي تنسيق مع حلفائه خصوصاً في التيّار “الوطني الحر” الذي يبدو أنّه مكتف هذه الفترة بممارسة دور المراقب أو المُتفرّج خصوصا وأن النائب ميشال عون يعي جيّداً خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان والعواصف التي يُمكن ان تهبّ “علينا” من جرّأء المغامرات التي يُمارسها “حزب الله” والتي تحوّلت إلى عبء ثقيل على حلفائه وعلى أهل طائفته تحديداً.

الأوساط نفسها تعتبر أن فرضيّة لجوء الحزب إلى ضرب الحوار القائم بينه وبين “المستقبل” أو لجوئه إلى لعبة الشارع، هو بغنىّ عنها في الوقت الراهن خصوصاً وأن الحوار بحد ذاته قد أعطى الحزب في مكان ما متنفّساً بأنه ما زال لبنانيّاً، و”المستقبل” وبقيّة القوى المُستقلّة، ما زالت تعتبره لبنانياً وتتمسّك إلى حد كبير بإستعادته من الحضن الإيراني. أمّا في خص اللجوء إلى الشارع، فـ”حزب الله” يُدرك تماماً بأن لعبة كهذه يُمكنان ترتد عليه لأن بقيّة الشركاء في الوطن وتحديداً الطائفة السُنيّة وجمهور “المستقبل”، لن يرتضوا بأي إهانة لا بحقهم ولا بحق السعوديّة.

الحصار الذي يُعاني منه “حزب الله” مُتعدّد ومُتنوّع. هذا ما تؤكده الاوساط، فبالإضافة إلى عمل المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان وما تكشفه من أدلّة متلاحقة تُبت تورّط مجموعة من الحزب بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تعتبر الأوساط أن إراق “حزب الله” لنفسه في سوريا والعراق واليوم في اليمن، سيكون له تأثير كبير على علاقاته السياسيّة بحلفائه المُسلمين والمسيحيّين وربما قد ينسحب هذا التأثير إلى داخل طائفته التي لم تعد تستطيع تحمّل كل تلك الاعباء التي تنجم عن سياسة الحزب في المنطقة وما ينتج عنها من أعباء إقتصاديّة بالدرجة الاولى.