نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم14 آب2022/الراعي: الانحياز لم يجلب إلينا جميعا، بخاصة في تاريخ لبنان الحديث، سوى الأزمات التي تكاد تطيح الدولة اللبنانية وصيغة العيش معاً/عوده: نحتاج إلى رئيس متحرر من أثقال المصالح والارتباطات ويضع مصلحة لبنان نصب عينيه/al-Rahi talks about “neutrality” in Sunday sermon/Aoudi These are the needed Qualities of the new president

72

Maronite Patriarch Beshara al-Rahi talks about “neutrality” in Sunday sermon
NNA/Sunday, 14 August, 2022

Maronite Patriarch Beshara al-Rahi says next president must have a ‘vision’
Naharnet/Sunday, 14 August, 2022

Bishop Aoudi These are the needed Qualities of the new president
LCCC/August 14/2022

عظة البطريرك الراعي: الانحياز لم يجلب إلينا جميعا، بخاصة في تاريخ لبنان الحديث، سوى الأزمات التي تكاد تطيح الدولة اللبنانية وصيغة العيش معا …لا يجوز أن نسمع بأسماء مرشحين للرئاسة ولا نرى أي تصور لأي مرشح فكفانا مفاجآت

نص عظة المطران عوده: نحتاج إلى رئيس متحرر من أثقال المصالح والارتباطات ويضع مصلحة لبنان نصب عينيه
وطنية/14 آب/2022

******************
Maronite Patriarch Beshara al-Rahi talks about “neutrality” in Sunday sermon
NNA/Sunday, 14 August, 2022
Maronite Patriarch Mar Bechara Boutros Al-Rahi indicated in his Sunday sermon from Diman that it is not possible for Lebanon to live according to his message if it does not live active neutrality, nor can it be implicated in the struggles of others. Neutrality is not a circumstantial position, but rather a method of constructive dialogue. The Patriarch pointed out that the Patriarchate used to be the voice expressing national positions, so the role of this edifice throughout history was to defend all the Lebanese without fear. Rahi stressed that the people need a president who will bring Lebanon out of conflicts, adding: “It is not permissible at this stage to hear the names of a candidate from here and there, and we do not see a vision for a candidate.”He stressed the need to expedite taking financial and economic measures to save Lebanon, noting that the state has several ways to provide depositors’ money in banks,Unfortunately, but unfortunately they remained idle without looking for a solution.

Maronite Patriarch Beshara al-Rahi says next president must have a ‘vision’
Naharnet/Sunday, 14 August, 2022
Maronite Patriarch Beshara al-Rahi on Sunday stressed that the country’s next president must have a “vision” to improve the situations. “The people need a president who would pull Lebanon out of conflicts instead of keeping it in them,” al-Rahi said in his Sunday Mass sermon. “In this critical period, it is unacceptable to hear about candidates from here and there without seeing any vision for any candidate. Enough with surprises!” the patriarch added. He accordingly asked about the next president’s vision to reach a “national reconciliation,” achieve “economic and financial revival,” preserve the “Lebanese entity,” implement “administrative decentralization,” organize “an international conference for Lebanon,” restore “Lebanon’s role” in the region and the world, resolve the Palestinian refugee issue, repatriate the displaced Syrians and “organize the return” of the Lebanese exiles in Israel.

Bishop Aoudi These are the needed Qualities of the new president
LCCC/August 14/2022
Archbishop Elias Aoudi called on “the Lebanese Parliament to resolve its issue and convene in order to elect President for the Republic within the specified constitutional deadline.”Aoudi said in his Sunday sermon: “The president we want is a president who is close to his people, aware of the people’s concerns, adopting their dreams and working to achieve them. A lover of his country, dedicating himself to his service, abandoning himself and his selfishness. A person of prestige restores the state’s prestige, sovereignty and stability, and improves its leadership with his wisdom, knowledge and experience, not through his followers.” He added: “A president who restores to Lebanon his position in the hearts of his children first, then in its surroundings and the world, builds his future on solid pillars that are not shaken by the slightest storms, has a clear vision and a strong personality with humility, improves the selection and leadership of his team, anticipates events and looks forward to the future.” Aoudi also continued: “Courageous where the need arises and meek when necessary, with no prejudice or affiliation except to Lebanon, respects the constitution and laws and does not tolerate those who violate them, applies democratic principles, respects values ​​and does not compromise or give up a right.” He concluded: “In short, we need a president free from the burdens of interests and ties, who puts Lebanon’s interest in front of its flaws, and works only for its realization, so that the people gather around him and follow him.”

عظة البطريرك الراعي: الانحياز لم يجلب إلينا جميعا، بخاصة في تاريخ لبنان الحديث، سوى الأزمات التي تكاد تطيح الدولة اللبنانية وصيغة العيش معا …لا يجوز أن نسمع بأسماء مرشحين للرئاسة ولا نرى أي تصور لأي مرشح فكفانا مفاجآت
وطنية/14 آب/2022
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، وعاونه النائب البطريركي العام على الجبة واهدن المطران جوزيف نفاع والمونسينيور وهيب كيروز، بمشاركة القيم البطريركي في الديمان الاب طوني الآغا، الاب فادي تابت، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور عدد من الكهنة والراهبات، رئيس الجامعة الثقافية في العالم المحامي نبيه الشرتوني وحشد كبير من المؤمنين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: “اليوم دخل الخلاص إلى هذا البيت” ( لو 19: 9). قال فيها: “بالتوبة عن ماضيه، وإصلاح حاضره، نال زكا الخلاص. فلما وقف وجها لوجه مع الرب يسوع، الذي هو مرآة النفس البشرية، رأى ماضيه بأخطائه. فقام بفعل توبة عامة كشف فيها خطاياه، وفرض على نفسه التكفير والإصلاح بحياة تخرجه من واقع خطاياه. فقال له يسوع: “اليوم دخل الخلاص إلى هذا البيت” ( لو 19: 9).
يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية. فأحييكم جميعا، وبخاصة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ورئيسها المحامي نبيه الشرتوني، تنظم الجامعة اللبنانية الثقافية حاليا المؤتمر الإقتصادي الإغترابي الأول من أجل لبنان. ‏يشترك فيه فاعليات اقتصادية من القارات الخمس. جميعهم من أصول لبنانية ‏ويتشوقون ‏أن يعود لبنان إلى سابق عهده ‏منارة تضيء مشاعل الرقي ‏والطمأنينة، ‏نتمنى لها كل التوفيق والنجاح. وفي ضوء انجيل اليوم، نلتمس سوية نعمة التوبة وتغيير مجرى حياتنا السيىء. بل نلتمسه لكل إنسان، وبخاصة للمسؤولين السياسيين، لكي يتوبوا إلى الله والشعب والوطن”.
أضاف: “أصبح زكا رئيس العشارين غنيا، لأنه كان يجبي العشر من المواطنين. فكان يعتبره الناس خاطئا، لأنه بجباية العشر كان يطالب بما هو أكثر، ويسرق الفرق. وهو كان يدرك رأي الناس فيه ويقبله من دون حياء أو وخز ضمير. وهذه بكل أسف حال الذين يتعاطون الشأن المالي. فالمال تجربة تغري. ومن جهة أخرى، لم يمد يوما يد المساعدة لفقير.
فما إن وقف أمام مرآة يسوع في بيته، حتى إرتسمت في داخله خطايا حياته. فاعترف بها من خلال التوبة والتكفير عنها.
إعترف بفساده الظالم في وظيفة الجباية، وقرر الإصلاح بإعادة أربعة أضعاف ما ظلم به الآخرين. واعترف بظلمه للفقراء، فقرر التكفير بإعطائهم نصف مقتناه. نستطيع القول: إنه اشترى الخلاص الأبدي بماله، إذا جاز التعبير. ألم يقل الرب يسوع لذاك الشاب الراغب في أن يرث ملكوت السماء: “إذهب وبع مقتناك، وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماوات، وتعال اتبعني! أما هو فمضى حزينا لأنه كان ذا مال كثير” (متى 19: 12-22). عندئذ قال الرب لتلاميذه: “الحق أقول لكم: لدخول جمل في خرم الإبرة، أسهل من دخول غني في ملكوت السماوات” (متى 19: 23-24).
إن زكا بفضل توبته كسر هذه القاعدة”.
وقال الراعي: “أسس الرب يسوع سر التوبة لكي يمنح نعمة الخلاص للتائب والتائبة. ولهذا السر تسميات عدة تطلقها عليه الكنيسة بالنسبة إلى مكوناته ومفاعيله. وهي:
– سر الارتداد، لأنه يحقق دعوة يسوع للارتداد إلى الله، ولأنه طريق العودة إلى الآب الذي ابتعدنا عنه بالخطيئة.
– سر الاعتراف، لأنه إقرار بالخطايا لله أمام الكاهن، وهو عنصر جوهري من هذا السر. وبالمعنى العميق، الاعتراف بالخطايا هو إقرار بضعفنا وإمتداح لقداسة الله ولرحمته نحو الإنسان الخاطئ.
– سر الغفران، لأن الله يمنح التائب الغفران والسلام بواسطة الحلة السرية التي يعطيها الكاهن.
– سر المصالحة، لأنه يعطي التائب محبة الله التي تصالحه: “تصالحوا مع الله” (2 كور 5: 20)، وتطلب إليه أن يصالح أخاه: “إذهب أولا وصالح أخاك” (متى 5: 24) (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1423-1424)”.
أضاف: “لو مارس المسؤولون السياسيون عندنا سر التوبة، ولو تذوقوا حلاوتها مرة، لتابوا إلى الله والشعب والوطن بمؤسساته وميزاته ورسالته ودوره في المجتمعين العربي والدولي. ومن غير الممكن أن يعيش لبنان هويته وطبيعته ورسالته إذا لم يستعد حياده الناشط الذي هو في جوهر كيانه الدستوري.
إن إعتماد الحياد لا ينقذ فقط لبنان من التورط في صراعات الآخرين وحروبهم، بل يخفض أيضا عدد القضايا الخلافية بين اللبنانيين، لاسيما على صعيد الخيارات الدستورية المختلفة. ليس الحياد موقفا ظرفيا ومادة سجال، بل هو مصدر حوار مسؤول وبناء بين القوى اللبنانية، لأن على الحياد يتعلق مصير الوجود اللبناني الآمن والحر والديمقراطي والثابت من زمن إمارة الجبل وصولا إلى دولة لبنان الكبير”.
وأشار الى أن “الانحياز لم يجلب إلينا جميعا، بخاصة في تاريخ لبنان الحديث، سوى الأزمات التي تكاد تطيح الدولة اللبنانية وصيغة العيش معا. لقد اعتادت البطريركية المارونية أن تكون الصوت الذي يعبر عن مكنونات اللبنانيين، وعلى الجهر بالمواقف الوطنية المصيرية التي يتردد بعضهم في الجهر بها ولو كانوا مؤمنين بها. دور هذا الصرح عبر التاريخ أن يدافع عن جميع اللبنانيين وعن الكيان اللبناني، وأن يواجه التحديات ويصبر على الضيم من دون الخضوع للضغوط أو أي اهتمام للمزايدات. إذا إلتزم المرشحون الجديون لرئاسة الجمهورية بالسعي لإعلان حياد لبنان، لكسبوا ثقة غالبية الرأي العام اللبناني والعربي والدولي. الشعب يحتاج رئيسا يسحب لبنان من الصراعات لا أن يجدد إقامته فيها”.
وقال: “في هذا السياق، طبيعي أن يطلع الشعب اللبناني على رؤية كل مرشح جدي لرئاسة الجمهورية. صحيح أن الرئيس في لبنان ليس حاكما منفردا، إذ يترأس الجمهورية بترفع وحيادية مع مجلسي النواب والوزراء وسائر المؤسسات الدستورية والإدارية. لكن هذا لا يعفي المرشح لهذا المنصب من إبداء تصوره للمشاكل والأزمات والحلول، وإعلان مواقفه الواضحة من القضايا المصيرية، من مثل:
السبيل الذي يسلكه لإجراء مصالحة وطنية على أسس وطنية؟ أولوياته الوطنية والإصلاحية للنهوض الإقتصادي والمالي؟ المسار الذي يتبعه لضمان الكيان اللبناني ومنع بعثرته؟ كيفية العمل لتطبيق اللامركزية الموسعة؟ موقفه من عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان وتحديد نقاطه، ومن بينها القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان؟ كيفية إعادة دور لبنان في محيطه العربي والإقليمي والعالم؟ الخطة لديه لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم؟ اقتراحه لتنظيم عودة اللبنانيين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى إسرائيل سنة 2000؟ في ضوء كل ذلك نقول: لا يجوز في هذه المرحلة المصيرية، أن نسمع بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أي تصور لأي مرشح. كفانا مفاجآت”.
وتابع: “إن الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، يكون ذا خبرة في الشأن العام ومواقف سيادية. إن الإسراع في إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية تنقذ لبنان وتعيد النظام المصرفي اللبناني إلى دورته الطبيعية، هذا النظام الذي شكل أحد مقومات الازدهار في لبنان. إن اعتبار عملية شارع الحمراء في هذه الأيام الأخيرة أمر حصل وعبر، سيفاقم الوضع العام في البلاد ويهدد أمن العمل المصرفي، وقد يشجع، لا سمح الله، مواطنين آخرين على تحصيل حقوقهم بمنأى عن القانون. إن لدى الدولة طرقا كثيرة لإنقاذ أموال المصارف والمودعين، لكنها مع الأسف ترفض استعمالها لأسباب باتت معروفة، وتروح نحو حلول وخطط تعاف تستلزم المراجعة والتصحيح والتعديل”.
وختم الراعي: “اخوتي اخواتي، فلنصل: يا رب، إمنح الجميع نعمة الوقوف أمامك بإخلاص وشجاعة، لكي يدركوا خطاياهم وأخطاءهم فيتوبوا عنها، ويصلحوا ذواتهم ومسلكهم وأداءهم. فنستحق جميعا أن نرفع إليك المجد والتسبيح أيها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين “.

نص عظة المطران عوده: نحتاج إلى رئيس متحرر من أثقال المصالح والارتباطات ويضع مصلحة لبنان نصب عينيه
وطنية/14 آب/2022
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، قداسا إلهيا في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت بحضور حشد من المؤمنين. بعد الانجيل المقدس، ألقى عوده عظة قال فيها: “كثيرا ما يتم لقاؤنا مع المسيح في خضم عواصف الأحوال السيئة والظروف الصعبة. يتم هذا اللقاء على أرض لا يثبتها إلا الإيمان. فقلة الإيمان تفتح الهوة وتغرق كل من يوجه انتباهه نحو الريح المعاكسة، فيرى اضطراب عناصر الطبيعة، وبسبب منطقه البشري المحدود يشك بقوة الكلمة التي أبدعت الطبيعة. إن لقاء المسيح في التجارب الكبيرة يحتاج إلى جرأة ونكران للذات. علينا ألا ننسى أن التلاميذ، داخل اضطراب الأمواج، لم يتعرفوا على وجه معلمهم. فحضوره الضابط الكل ملأهم خوفا، وظنوا أن المحبة المتجسدة، الإله الوديع المتواضع القلب، هو مجرد خيال، ومن الخوف صرخوا. إذا، نحن لا ندرك بسهولة وجه المسيح البهي في خضم الأحوال الصعبة، لأن حضوره يخيفنا. نقاوم رؤيته بالصراخ، وهذا لا يعني بالصلاة، بل بصوت الفزع واليأس اللذين لا يأتيان بنتيجة. طبعا، المسيح لا يتركنا في اضطراب أمواج الأفكار المظلمة، بل يعطينا الشجاعة بكلمته وقوله: تشجعوا، أنا هو، لا تخافوا. ولأننا لا نستطيع أن ندركه بأعين نفوسنا، يتوجه إلى سمعنا. عندما لا يراه ذهننا، نجده يسندنا بكلمته. في هذه الحال، نحتاج إلى مجازفة بطرس الرسول الجريئة، بطرس القائل: “يا سيد، إن كنت أنت هو فمرني أن آتي إليك على الماء”. ليست كلمة بطرس هنا تعبيرا عن نقص في الإيمان، بل هي تعبير عن المحبة والتمييز. لقد جرب الروح «هل هو من الله (1يو 4: 1). رغب في لقاء معلمه، لكن الخوف من الضلال حد من شوقه، لذلك تفحص حقيقة الأمر الظاهر. بدأ يفهم، في تخبط الأمواج، بعض خفايا محبة المسيح غير المدركة. طلب عطية الله التي تزدري بالمخاطر، وفي الوقت نفسه أخرج ذاته من أمان المركب إلى هيجان الأمواج”.
أضاف: “إن جرأة الرسول بطرس المليئة بالمجازفة، هو الذي خاطر بحياته لكي يلتقي بالمسيح، ترسم معالم مسيرتنا الروحية، في خضم حياتنا اليومية الهائجة، المليئة بالمخاطر. الإيمان يتطلب جرأة ونكرانا للذات، ولكي ينبت فينا، علينا أن ننقي أنفسنا من التعلق بالأشياء والأفكار، وأن ننعتق من الفزع الذي تخلقه أنانيتنا ومحبتنا الكبيرة لأنفسنا، عندما نواجه المخاطر. لذلك، من الضروري أن نصبح مجازفين. الأصح أن يلاحظ المرء أن هذه الأمور كلها هي نتيجة الإيمان وليست شرطا له. لكننا، في هذه الحالة، لا نقدر أن نفصل الشروط عن النتائج. يمكن القول إنها تظهر وتنمو معا، والواحدة تغذي الأخرى. الإيمان يغذي الجرأة، والجرأة تفعل الإيمان، وتجذب نعمة الله التي بدورها تعلم القلب الحقيقة التي يؤمن بها. الإنسان الجريء المؤمن يخاف لأنه يعي عجزه، ويعرف سهولة الوقوع في الضلال، لذلك يختار طرقا صعبة من أجل كلام المسيح. جرأته هي نتيجة الخوف. قد يبدو الرابط غريبا، لكنه بدء الخلاص. فالخوف من الموت الأبدي ومن الخطيئة التي تفصلنا عن نعمة الله يقود الإنسان إلى قرارات جريئة تعارض حب الذات، وحب الراحة الجسدية، وتشتت الذهن في أمور هذا العالم الباطلة الخداعة”.
وتابع: “إن الآباء القديسين جازفوا من خلال نسكهم ومحبتهم. لم يأسفوا على أجسادهم، لأنهم أحبوا خلاصهم حقا. أخضعوا الجسد للنفس وتحلوا بالتواضع، لذلك كانوا يسرون كلما حملهم الإيمان ومحبة الناس على المجازفة بكرامتهم ومقامهم، أي بالأمور التي تدعم الكبرياء والأنانية. لقد كان الآباء، خصوصا الذين كانوا أساقفة، ولا يزالون، مدركين أنهم خدام للشعب، حتى ولو رتل لهم المرتلون أنهم مقامون من الله مطارنة على أبرشياتهم. المقام من الله يعرف أنه مرسل ليحب ويخدم ويغسل الأرجل، لا لكي يستقوي ويتعظم ويفتخر، لأن الله لا يخالط المستكبرين، بل يبارك المتواضعين. من هنا، يجازف أبناء الله الحقيقيون بكرامتهم، ويصمتون إذا جرحوا ونكل بهم، على مثال ما حدث مع القديس نكتاريوس، أسقف المدن الخمس، وسواه من القديسين. لا يثورون كموج البحر، لأن الغضب يغرقهم في الخطايا، ولا يجندون من يدافع عن كرامتهم، لأن كرامة المسيحي من كرامة المسيح الذي سخر منه، وألبس أرجوان الهزء، المصلوب، والقائم بعد الصلب. عندما تجرأ بطرس على خوض الأمواج، اختبر قوة كلمة المسيح. كان يدوس على المياه وكأنها أرض يابسة. غير أن قوة الريح وتهديد الطبيعة انتزعا انتباهه فخاف، عندئذ صرخ: «يا رب نجني. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم إن المسيح أنب بطرس وأنهضه من دون أن يوقف هبوب الرياح. لقد أراد أن يوضح له أنه لم يغرق بسبب هيجان الريح، بل لقلة إيمانه. فقد تجرأ الرسول وقام بأصعب الأمور ماشيا على المياه، وفيما هو يعيش الأعجوبة خاف من الرياح عندما أصبح قريبا جدا من الرب. فالإنسان لا يستفيد شيئا إن كان أقرب ما يمكن إلى المسيح، إن لم يقترب عن إيمان. إن نتيجة عدم إيمانه أخرجت منه صرخة صلاة. هكذا يعلمنا كيف تصبح لجة التجارب، التي تحاول أن تغرقنا، أو ترسلنا إلى أعماق الجحيم، أرضا ثابتة. الصلاة تتحدنا بالمسيح، تحولنا من أناس خائفين إلى جريئين، تنجينا من الغرق وتصلح عدم إيماننا بإظهار الإيمان الذي يصنع العجائب”.
وقال: “بلدنا بحاجة إلى إيمان يصنع العجائب. لبنان بحاجة إلى أن يتجاوز أبناؤه ومسؤولوه أنانياتهم ومصالحهم وألا يعملوا إلا من أجل مصلحته، لأن كرامتهم من كرامته، ومصيرهم من مصيره. لذا، وكما يتطلب الإيمان جرأة ونكرانا للذات، يتطلب الوطن جرأة من أبنائه ليتخلوا عن مصالحهم وغاياتهم، وينكروا ذواتهم من أجل إنقاذ وطنهم. هنا لا بد من التذكير أن على مجلس النواب أن يحزم أمره ويلتئم من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، في المهلة الدستورية المحددة، عل روحا جديدة تنسل إلى لبنان وتعيده إلى الحياة. والرئيس الذي نريده هو رئيس قريب من شعبه، يعي هموم الشعب، ويتبنى أحلامه، ويعمل على تحقيقها. عاشق لوطنه، ناذر النفس لخدمته، متخليا عن ذاته وأنانيته ومصلحته. صاحب هيبة يعيد للدولة هيبتها وسيادتها واستقرارها، ويحسن قيادتها بحكمته وعلمه وخبرته لا بأتباعه. رئيس يعيد للبنان مركزه في قلوب أبنائه أولا، ثم في محيطه والعالم، يبني مستقبله على ركائز متينة لا تزعزعها أدنى العواصف، صاحب رؤية واضحة وشخصية قوية بتواضع، محاور ذكي يحسن الإصغاء إلى محاوريه، ويحسن اختيار وقيادة فريق عمله، يستبق الأحداث ويستشرف المستقبل. شجاع حيث تدعو الحاجة ووديع حيث يجب، لا تحيز عنده ولا انتماء إلا للبنان، يحترم الدستور والقوانين ولا يتساهل مع من يخالفها، يطبق المبادئ الديمقراطية، يحترم القيم ولا يساوم أو يتنازل عن حق. باختصار، نحن بحاجة إلى رئيس متحرر من أثقال المصالح والإرتباطات، يضع مصلحة لبنان نصب عينيه، ولا يعمل إلا من أجل تحقيقها، فيلتف الشعب حوله ويقتدي به”.
وختم: “دعوتنا اليوم أن نتكل على الله وألا نخاف في كل المصاعب التي نمر بها. على أبناء هذا البلد أن يتشبثوا بالإيمان، لا بالزعماء، لأن الإيمان بالله يخلص من الموت، لكن التمسك بالزعيم، المتمسك بالكرسي والمال والمصلحة، لا يوصل إلا إلى أعمق دركات الجحيم. لا تدعوهم يزعزعون إيمانكم وثقتكم بالله، عاملين كالأمواج الهائجة على نفوسكم النقية المؤمنة، بل واجهوا بثبات عزم، وإيمان راسخ، والله سينجينا من أشراك الشرير”.