الأب سيمون عساف/إلى روح الأب الياس عنداري 

47

إلى روح الأب الياس عنداري 
الأب سيمون عساف/فايسبوك/10 آذار/2025
طواك الموت بعد صراع مع الحياة، اطَّرحك المرض على فراش العذاب قبل أن يغمض عينيك عنوة.
فغفوت كالنسر المفارق.
أحار من أين أدخل حصنك المنيع المزنّر بالذكريات والأشباح والأخيلة.
تستحق التكريم يا من في المراحل الصعبة كنت الغضنفر المنقذ المعين.
في الرهبنة للدين أتممت رسالتك على كل صعيد، ساعدت العائز والمحتاج في الخفاء، كما تمنى الإنجيل عليك، فكفَّيت ووفَّيت.
أرضيت سيّدك من دون أبواق، قناعة منك بحسن الجزاء في يوم الثواب.
تألَّبت في أعلى الوظائف فعَمُرت الأديار التي أوكِلت إليك بالقداسة والعمران والازدهار، وارتدت قشيب الحلل وبهاء الأوشحة.
وكان لي وافر الحظ أن عايشتني في مونتريال كندا وإن لأشهر، فوجدت فيك ألأخوَّة المخلصة بأسنى المغاني، والشجاعة الجريئة بأسمى المعاني والعمق الروحي الوفي بأشفِّ التجليات.
في الظرف الدقيق العصيب جمعتنا قبضة العناية، وكلُّ منا يحمل نزيف جراح الرهبنة والوطن.
كنا نتطرق إلى مواضيع الرهبنة والوطن متأسفين على ما وصلنا إليه، كلانا مصفوع بالخيبات لأننا أصبحنا سابحين في ضباب الخُلف والعبث، حاملين صليب البلية تابعين الصالبين.
ومن غيرنا يحمل صليب المآسي والهموم وأنين الزفرات يسترحم إله العرش ليشفق على شعب مصدوم؟
هم الكنيسة والوطن والمجتمع المُنصاب بألف مصاب. أستعيد هاتيك الأيام وأتأوَّه متحرقا فلا أنت ترجع ولا الأيام تعود. تجلدني الذاكرة لأنها خسرت مكانا حميما لأخ راهب عزيز أفرغ محلَّه ورحل.
وَعَينا لبنان القديم الفاتن بآحاده ودق الجرس، بتقاليده والعادات وأعياده والأعراس.
لبنان القيم والشيم والأخلاق والأدب والشهامة والشرف والحشمة والخفر والخشوع والصلاة.
هذه الكرامات ربيبة تربية بيوتاتنا إضافة ألى الاحترام الكلِّي والجلالة والوقار.
حين نقول لبنان، تكون الرهبنة تلقائيا من صميم النسيج.
هذا الغيض من فيض الأوصاف الحميدة، كان ملء إهابك يتزمّل عباءة الأبونا المحترم، وصمتُه يهمدر كالنهر الهادر.
فضائلك لا يعرفها إلا من نعِم بها وكذلك تضحياتك. أنا العليم بها بفضل الشوط الذي أضأنا فيه جوانب حياة الشخصين الذَين هما أنا وأنت.
أستشرف هاتيك العهود وتطفر على مشارف الخاطر حكاياتنا والشؤون والشجون.
مشيت الطريق ويسوع رفيقك الحارس منذ البدايات. بكهنوتك الملوكي كنت المنير المستنير، بتصرفاتك الرهبانية كنت المثل الصالح والقدوة الحسنة، وبأسلوب تواضعك الوادع، كنت قبلة الأنظار.
أدَّيت الشهادة حتى الاستشهاد، إذ الشهادة بالكلمة بالدم بالسلوك. أتممتها وفارقت دنياك عاملا كأعقل الناس: تركت دنياك قبل أن تتركك، أنرت قبرك قبل أن تسكنه وأرضيت ربك قبل أن تلقاه.
نم قرير العين صحبة الراقدين على وعد الرجاء إلى نهار القيامة. غمرك الله بأجنحة الرحمات إلى يوم العناق ساعة اللقاء الشامل

Share