نظافة الكف وحدها لا تصرف في السياسة! مروان هندي/موقع ترانسبيري/27 كانون الثاني/2025
صحيح أنّ القاضي نواف سلام نظيف الكف، ولكن حتّى اللحظة الراهنة، تشير مقاربته في تشكيل الحكومة بالطريقة التقليدية المحاصصاتية إلى أنّه قد يكون نسخة مستحدثة من المنظومة الحاكمة. أو أنّه، في أفضل الأحوال، يفتقر إلى الجرأة اللازمة لإتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية. وفي كلتا الحالتين، فإن العواقب ستكون كارثية على لبنان واللبنانيين. حيث تجلى ذلك بوضوح في تعامله المتساهل إلى حد المحاباة مع الثنائي الشيعي، الذي ألحق أضرارا” جسيمة بالحجر والبشر والإقتصاد، وعلى علاقات لبنان بالعالم. وإقدام حزب الله على جرائم سياسية منذ سيطرته على الحياة السياسية اللبنانية وما قبلها وما بعدها. علاوة على ذلك، يعتبر الثنائي الشيعي العمود الفقري للفساد في البلاد، حيث تتحلّق وتلتف حوله أغلبية الطبقة السياسية الفاسدة. وتاتي هذه المعاملة المميّزة للثنائي الشيعي رغم أنّهم لم يسموا القاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة، وفي حين محور الممانعة قد هزم في لبنان والمنطقة ولا داعي للتدليل على ذلك.
المطلوب الآن هو محاكمة الثنائي الشيعي وغيرهم من الأطراف السياسية المارقة، وليس مكافأتهم على أعمالهم الشنيعة، لأنّ الحياة السياسية لا تستقيم دون محاسبة على قاعدة “عفا الله عما مضى”. أما ما يفترض أن يحدث فهو إدخال الشيعة الأحرار إلى الحكومة، إذ أنهم منسجمون تماما” مع خطاب القسم الذي ينبغي أن يكون أساس البيان الوزاري. والحكومة التي لا تجرؤ على توزير الشيعة الأحرار، لن تجرؤ على نزع ما تبقى من سلاح حزب الله تنفيذا” لإتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار ١٥٥٩ تحت الفصل السابع أو ما يعادله بنتائجه.
في السياق ذاته، القاضي نواف سلام عروبي العقيدة والإنتماء، لكن ليس على نمط ومثال الدول العربية المعتدلة والحديثة كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها، إنما على نهج وفكر عبد الناصر وياسر العرفات، وهذا يسري حتى يومنا هذا. إذ إنعكس ذلك بأعماله ومواقفه العدائية تجاه إسرائيل في المحافل الدولية، مما يؤكد على هوية سياسية لا تتلاءم ولا تتماشى مع رؤية الشرق الأوسط الجديد التي يسعى ترامب لتحقيقها من خلال إستكمال “إتفاقيات إبراهيم”، وهي إتفاقيات السلام بين دولة إسرائيل والدول العربية. ومن هنا، فإن بقاء لبنان خارج هذا الإطار ليس في مصلحته على الإطلاق.
في الخلاصة، مرحلة جديدة تأسيسية لا يمكن أن تنطلق بتشكيل حكومة على الطريقة التقليدية المحاصصاتية وتفويت بذلك فرصة تارخية قد لا تتكرر لعودة لبنان إلى عصره الذهبي. حيث يجب الإستفادة من الزخم والرقابة الدولية التي أتت بفخامة الرئيس القائد جوزيف عون، لتشكيل حكومة من إصلاحيين سياديين تتبنّى على متن بيانها الوزاري خطاب القسم، وتتقدم الى المجلس النيابي لنيل الثقة. بذلك، يُحشر الجميع أمام الخارج والداخل.