الياس بجاني/نص وفيديو: هيئة تحرير الشام والجولاني الموضوع على قوائم الإرهاب وأخطار الحكم الداعشي في سوريا

92

الياس بجاني/نص وفيديو: الياس بجاني/هيئة تحرير الشام والجولاني الموضوع على قوائم الإرهاب وأخطار الحكم الداعشي في سوريا
إلياس بجاني/11 كانون الأول/2024

Click Here to read & watch the English Video version of this piece
اضغط هنا لقراء ومشاهدة فيديو المقالة بالعربية

لا شك أن سقوط نظام بشار الأسد الديكتاتوري في سوريا ق جلب الفرح لكثير من السوريين الذين عانوا لمدة 54 عامًا من حكم وحشي وبربري مجرد من كل ما هو إنسانية ووطنية، ومع ذلك، فإن السيطرة بالقوة على الحكم من جماعات جهادية ومتطرفة وإرهابية في مقدمها هيئة تحرير الشام وملئ الفراغ الذي خلفه سقوط الأسد يثير تساؤلات ملحة حول مستقبل سوريا وهي ربما تنتقل من دكتاتورية إلى حكم جهادي قد يكون أسوأ. المخيف في الأمر، أن هيئة تحرير الشام هي جماعة إسلامية متطرفة ذات صلات عميقة بتنظيم القاعدة، وبجماعات الإخوان المسلمين الإرهابيين، وسجلها حافل بالإرهاب الإسلامي الجهادي والدموية في العراق وسوريا، كما أنها منظمة إرهابية وفق تصنيف الولايات المتحدة. في هذا السياق، فقد يؤدي حُكم هذه الجماعة إلى إغراق سوريا في حقبة جديد من القمع وعدم الاستقرار والظلامية، كما هو واقع حال قطاع غزة واليمن وإيران والعراق وأفغانستان بظل حكم جماعات الإسلام السياسي السنية والشيعية على حد سواء..

تُعرف هيئة تحرير الشام، بقيادة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، بتكتيكاتها العنيفة وحكمها القمعي واستغلالها للمفاهيم الدينية لتبرير أفعالها. وبينما يمثل سقوط نظام الأسد لحظة هامة للشعب السوري، فإن استبدال شكل واحد من الطغيان بآخر قائم على إيديولوجية إسلامية متطرفة يشكل تهديدًا وجوديًا للنسيج الاجتماعي السوري المتعدد الإثنيات والمذاهب والأعراق. في الوقت ذاته، قد يمثل هذا النظام الإسلامي الجديد في سوريا تهديدًا حقيقيًا للبنان والأردن على وجه الخصوص. إنه، وتحت الحكم الإسلامي الجهادي، غالبًا ما تتراجع الدول إلى ثيوقراطيات استبدادية تفرض قوانين صارمة، وتقيد الحريات، وتقمع المعارضين. فعلى سبيل المثال، قد أدى حكم طالبان الحديدي في أفغانستان إلى إعدامات علنية، وقيود على حقوق المرأة، وقمع المعارضة، وبالمثل، يحكم النظام الثيوقراطي الملالوي في إيران عبر الخوف، من خلال الإعدامات، والاعتقالات التعسفية، والقمع المنهجي للأقليات والنساء، كما يبين انهيار جمهورية اليمن ووضعها المذري على كافة الصعد تحت سيطرة الفصائل الإسلامية المتطرفة كيف يؤدي الحكم المتطرف إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وإعاقة التنمية.

تسعى هيئة تحرير الشام إلى إعطاء صورة غير حقيقية عن انفتاحها واعتدالها وقبولها بالآخر المختلف، وذلك بهدف كسب الدعم المحلي والدولي. إن أسلوبها الخادع هذا يتماشى مع مفهوم التقية، وهو مبدأ إسلامي يسمح بالخداع في ظروف معينة لحماية الدين. من هذا المنظور، يجب عدم تصديق الوعود التي يطلقها الجولاني كونها تقية وخداع وتتعارض كلياً مع آمال وتطلعات الشعب السوري. لقد أظهرت التجارب في الكثير من البلدان التي وقعت فريسة لحكم وسيطرة جماعات الإسلام السياسي أن مثل الجماعات تقول شيئًا لتهدئة السكان والمراقبين الدوليين بينما تفعل عكس ذلك في الممارسة العملية.

إن سجل هيئة تحرير الشام لا يقدم سوى القليل من الطمأنينة، والثقة حيث أنها فرضت في المناطق الخاضعة لسيطرتها بالقوة والإرهاب قوانين الشريعة الإسلامية الصارمة، وقمعت الأصوات المعارضة، وهمشت حقوق المرأة، وهي ممارسات تعري من المصداقية مزاعمها بإعطاء الأولوية للعدالة ورفاهية الشعب السوري. ولهذا، إن حكم هيئة تحرير الشام لسوريا سيؤدي إلى فرض نظام الذمية على غير المسلمين ويعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية ويقوض النسيج التعددي والمتنوع للمجتمع السوري. إن من أخطر جوانب سيطرة هيئة تحرير الشام إن تمكنت من حكم سوريا سيكون استخدامها للخداع والتقية حيث تظهر في العلن وجهاً ومعتدلاً بينما تخفي نواياها المتطرفة سراً، ومع هذه الازدواجية المؤدلجة أنه من الصعب تقييم نواياها الحقيقية مما يشكل تحديًا كبيرًا أمام الجهود الدولية لمواجهة نفوذها وتقيمه.

قد يمثل حكم هيئة تحرير الشام تحت قيادة الجولاني سيناريو مخيفاً وتعيساً لسوريا وشعبها وخصوصاً الأقليات التي سوف تواجه الاستبداد والظلم والجزية وانعدام العدل والمساواة مما سيغرق البلاد في عصر من الخوف والتخلف. إن السوريون الذين قاتلوا من أجل الحرية والكرامة تحت نظام الأسد يواجهون الآن احتمال فقدان تلك الحقوق المكتسبة بظل حكم مؤدلج مذهبياً ومتخلف وظالم ربما سيكون أسوأ من نظام الأسد البائد.

إذا تمكنت هيئة تحرير الشام من ترسيخ سلطتها، فقد تكون العواقب وخيمة، ويمكن أن يؤدي تفسير الجماعة الصارم للشريعة الإسلامية إلى فرض عقوبات قاسية، مثل الإعدامات العلنية وبتر الأطراف، أما النساء فسوف تواجه قيودًا شديدة على حقوقهن، بما في ذلك تقييد التعليم والعمل، وعلاوة على ذلك قد تربط هيئة تحرير الشام سوريا بشبكة بتنظيم القاعدة وجماعات الإخوان المسلمين الجهادية العالمية، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد الأمن الدولي.
لمنع سوريا من السير على طريق اليمن أو إيران أو أفغانستان، يجب على المجتمع الدولي والقوى السورية المعتدلة العمل معاً لمواجهة نفوذ الجماعات الجهادية وفي مقدمها هيئة تحرير الشام، وذلك بالمطالبة بحكم علماني شامل، وبتعزيز التعليم وحقوق الإنسان، وضمان ألا يستبدل السوريون شكلًا من أشكال الطغيان بآخر.

في الخلاصة، أنه وبينما يُعد سقوط نظام الأسد سببًا للاحتفال والفرح، إلا أنه يجب أن يكون أيضاً لحظة حذر، وعلى السوريين أن يظلوا يقظين من مخططات هيئة تحرير الشام التي تهدد بفرض نظام قمعي ومتخلف في حال استفردت بالحكم. يبقى أن الدروس المستفادة من الدول الأخرى الواقعة تحت الحكم الإسلامي واضحة، ولهذا فإن النضال من أجل الحرية والعدالة لا ينتهي بإزالة دكتاتور واستبداله بآخر وعلى الشعب السوري أن لا يسمح بقيام حكم طاغية جديد وهذه المرة جهادي-اسلامي.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت
https://eliasbejjaninews.com