رابط فيديو تعليق من “موقع النهار” للكاتب والصحافي علي حمادة عنوانها: ضربة كبيرة ومنسقة سينفذها الحوثي مع الفصائل العراقية وحزب الله/بعد زيارة نتنياهو لواشنطن اسرائيل تعلن إنهاء الاستعدادات للحرب ضد حزب الله، انكشاف الشمال الاسرائيلي بالكامل، قاعدة رامات ديفيد ومنشآت حيفا في المرمى، والحوثي يطلق عملية الوعد الحق للانتقام من ضرب ميناء الحديدة
رابط فيديو تعليق من “موقع النهار” للكاتب والصحافي علي حمادة عنوانها: ضربة كبيرة ومنسقة سينفذها الحوثي مع الفصائل العراقية وحزب الله . بعد زيارة نتنياهو لواشنطن اسرائيل تعلن إنهاء الاستعدادات للحرب ضد حزب الله، انكشاف الشمال الاسرائيلي بالكامل، قاعدة رامات ديفيد ومنشآت حيفا في المرمى والحوثي يطلق عملية “الوعد الحق” للانتقام من ضرب ميناء الحديدة.
موقع النهار العربي/26 تموز/2024
آخر 3 مقالات للكاتب والصحافي علي حمادة *ماذا عن التفاوض السرّي بين أميركا وإسرائيل و”حزب الله”؟ علي حمادة/النهار العربي/24 تموز/2024
إسرائيل – الحوثي: تصعيد نحو الحرب على “حزب الله”! علي حمادة/النهار العربي/22 تموز/2024
لم تكن الغارات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على ميناء الحديدة يوم السبت حدثاً عابراً على هامش الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” في غزة. وعلى الرغم من ان الحدث أتى حسب التبريرات الإسرائيلية كرد على إطلاق مسيّرة ايرانية الصنع من طراز صمد- 3 اطلقت من مناطق جماعة الحوثي في اليمن، وأصابت مبنى سكنياً في قلب مدينة تل ابيب موقعة قتيلاً إسرائيلياً، فإن الضربات الإسرائيلية التي الحقت اضرارا كبيرة في ميناء الحديدة، لا سيما منطقتي التفريغ وخزانات الوقود شكلت ردا إسرائيليا على عشرات الهجمات الحوثية بالصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة على مدى اكثر من تسعة اشهر منذ 7 أكتوبر 2023. والضربات الإسرائيلية كانت لافتة لكونها مختلفة في حجمها والاضرار التي الحقتها بالقطاع اللوجيستي لجماعة الحوثي، حيث يشكل ميناء الحديدة المتنفس الأهم للجماعة والمناطق التي تسيطر عليها منذ الانقلاب الذي قادها في 2014 -2015 الى السيطرة على العاصمة صنعاء.
اذا الغارات الإسرائيلية كبيرة، والعملية كبيرة بمعنى انها المرة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بتوجيه اكثر من عشرين مقاتلة من طراز “اف- 15” و “اف-35” مصحوبة بطائرات قيادة، توجيه ومراقبة، ومعها مجموعة من الطائرات “بوينغ 707” المخصصة للتزويد بالوقود في الجو. وانها المرة الأولى التي تشن فيها إسرائيل غارات ضد اهداف على مسافة تصل الى اكثر من 1700 كيلومتر. ويشكل مدى التحليق ذهابا وإيابا ما مجموعه ٣٤٠٠ كيلومتر على الأقل. وهذه بحد ذاتها رسالة الى ايران التي تفصل الأهداف الحيوية (مدن رئيسية، قواعد، ومنشآت نووية) فيها عن إسرائيل مسافة تتراوح بين 1500 و1800 كيلومتر. وتأتي الرسالة في لحظة مفصلية من الحرب في غزة، والتطورات على الجبهة الشمالية مع “حزب الله”. فمنذ ان بدأت طهران تتلمس احتمالا لاطلاق إسرائيل حملة ضد “حزب الله” في لبنان وسوريا، لم تتوقف التهديدات بإشعال كافة الجبهات العاملة ضمن ما يسمى محور “وحدة الساحات”. كما لم تتوقف طهران عن التلويح بإمكانية تدخلها مباشرة للدفاع عن “حزب الله” في حال شن إسرائيل حرباً واسعة ضد الفصيل المذكور. وبدا واضحا ان ايران بدأت تشعر بأن شيئاً ما يتم التحضير له في إسرائيل. والهدف “حزب الله” اهم الاستثمارات الإيرانية الخارجية منذ 1979. فالجبهة الداخلية في إسرائيل تتابع التحضيرات لمواجهة احتمال نشوب حرب مع “حزب الله”.
والجيش يكثف التدريبات على محاكاة حرب في لبنان ضد “حزب الله”. وسياسة اصطياد قادة “حزب الله” ومقاتليه في الميدان مستمرة بمعدل 3 اغتيالات يوميا. والمخازن العسكرية الإسرائيلية تواصل استقبال شحنات كبيرة من القذائف النوعية الأميركية، من بينها قنابل “إم كي -82 ” زنة الواحدة 250 كلغ. وهي في صدد انتزاع شحنات جديدة من القنابل الثقيلة المخصصة لضرب التحصينات الكبيرة والانفاق من طراز “إم كي-84” زنة 1000 كلغ. اضف الى ذلك ان كل التحضيرات تجري في وقت انتقلت فيها إسرائيل في حرب غزة الى المرحلة الثالثة، أي انها انهت العمليات الكبرى، وانتقلت لتواصل توغلات انتقائية ومتنقلة، فضلا عن مواصلة السيطرة على محوري نتساريم الذي يقطع قطاع غزة الى نصفين، وفيلادلفيا الذي يفصل القطاع عن مصر.
في هذه الاثناء ترفع إسرائيل و “حزب الله” من مستوى التراشق المتبادل. ولكن الجديد في الاستهدافات الإسرائيلية انها بدأت تعتمد قواعد جديدة من شأنها أن استمرت ان تجر “حزب الله” شيئاً فشيئاً الى توسيع الحرب. إنها بدأت تستهدف المقاتلين والقادة، حتى لو كانوا محاطين ببيئة مدنية في الجنوب. بمعنى أن إسرائيل لن تتورع عن قتل مدنيين لتنفيذ اغتيالات بحق مقاتلين وقادة. مؤدى هذا الامر ارتفاع الإصابات بين المدنيين، وبالتالي اضطرار “حزب الله” ولو مكرهاً الى رفع مستوى الرد والتدحرج شيئاً فشيئاً نحو حرب أوسع.
ان “حزب الله” لا يريد حرباً واسعة. يريد حرب استنزاف محدودة، لكن عليه ان يحسب حساب ما يريده الإسرائيلي بعد تسعة اشهر على انطلاق حرب الاسناد من لبنان. بصرف النظر عمن يحكم في تل ابيب، ومن حيث يدري او لا يدري فقد وضع “حزب الله” نفسه على “الرادار” الإسرائيلي. من هنا احتمال ان يكون التصعيد الأخير وصولاً الى الحديدة وعودة الى بلدة عدلون جنوبي لبنان (ضرب مخازن صواريخ و ذخيرة) خطوة إضافية نحو حرب اتخذ قرارها على “حزب الله”.
صار نمراً جريحاً… فهل يفجّر بايدن مفاجأة ضدّ إسرائيل؟ علي حمادة/النهار العربي/26 تموز/2024
كان يوم الأربعاء في الولايات المتحدة يوم رجلين: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كسر أرقاماً قياسية عدة. فقد خطب للمرّة الرابعة أمام الكونغرس الأميركي، في سابقة لم تتوافر لأي زعيم أجنبي في تاريخ مبنى الكابيتول بقلب واشنطن دي سي، الذي يحوي السلطة التشريعية الفيدرالية الأميركية. وحطّم الرقم القياسي في عدد المرّات التي صفق له أعضاء الكونغرس، إما وقوفاً أو جلوساً. لكنه في المقابل، حطّم الرقم القياسي في عدد الأعضاء من المجلسين الذين تغيّبوا عن المناسبة، لاسيما من الحزب الديموقراطي، حيث قاطع الخطاب 100 عضو من مجلس النواب و28 عضواً من مجلس الشيوخ، أي ما يعادل نصف الأعضاء الديموقراطيين. والأهم أن من بين المقاطعين نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تسلّمت من الرئيس جو بايدن “شعلة” الترشّح للمنافسة على الرئاسة ضدّ الرئيس السابق دونالد ترامب، ومعها زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، والرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي، التي يُقال إنها والرئيس الأسبق باراك أوباما نظّما عملية تنحية الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي، واستبداله بنائبته كامالا هاريس. أما الرقم القياسي الآخر الذي حطّمه بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء فتمثل في قوة التظاهرات التي سبقت وصوله إلى واشنطن ومبنى الكابيتول، والبرودة التي واجهها من عدد من وسائل الإعلام الأميركية. ومع ذلك، فقد ألقى خطاباً نارياً حاول من خلاله أن يستعير شخصية رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل!
الرجل الثاني الذي اعتبر الأربعاء يومه كان الرئيس جو بايدن الذي خرج إلى الإعلام من وسط المكتب البيضوي في البيت الأبيض، ليشرح أسباب تنحّيه الذي أعلنه يوم الأحد الفائت. فقد ظهر بمظهر الزاهد في السلطة، والرئيس الذي قدّم مصلحة البلاد والحزب على مصلحته الخاصة. والأهم أنه تحدث عن ضرورة تسليم “الشعلة” إلى الأجيال الشابة. بمعنى آخر، حاز جو بايدن بقراره هذا إعجاب جمهور الحزب الديموقراطي، ومنحه أيضاً من خلال إعلانه دعم نائبته كامالا هاريس مكانة معنوية وعاطفية خاصة في قلوب الجمهور، الذي كان قد بدأ في الأسابيع القليلة الماضة يفقد الحماسة والاندفاع في المعركة الرئاسية. وشكّل أداؤه السيئ خلال المناظرة الشهيرة مع منافسه دونالد ترامب، وفي ما بعد تبعات محاولة الاغتيال التي تعرّض لها الرئيس السابق، أقسى الضربات المعنوية للحزب الديموقراطي في سباق رئاسي محموم، بدت فيه طريق ترامب معبّدة للوصول مجدداً إلى البيت الأبيض في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقد منح قرار تنحّي بايدن وانتقال “الشعلة” إلى نائبته زخماً كبيراً للحزب الديموقراطي وأملاً كبيراً بإمكان إلحاق الهزيمة بترامب. ويكشف تدفق التبرعات الجديدة التي تجاوزت 100 مليون دولار في أقل من ثلاثة أيام، الأثر الإيجابي الذي حققه انسحاب بايدن.
بالنسبة إلى السباق الرئاسي وقضية حرب غزة، يمكن القول إن بنيامين نتنياهو جازف كثيراً بإلقاء خطاب أمام الكونغرس، لأنه أخرج إلى العلن الانقسام الكبير الذي تسبّبت فيه حرب غزة داخل المستوى السياسي الأميركي، وخصوصاً أن الردّ الإسرائيلي الدموي المخيف على عملية “طوفان الأقصى” فاق كل التصورات، باعتباره بالنسبة إلى العديد من السياسيين الأميركيين ما كان متناسباً مع حجم الضربة التي تلقّتها إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، بل إن قتل أكثر من 50 ألف مواطن فلسطيني وإصابة أكثر من 100 ألف تجاوز كل الحدود، حتى تلك المعترف بها من المستوى السياسي الأميركي كالحق في الردّ على هجوم حركة “حماس” على غلاف غزة صبيحة يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر).
لقد جازف نتنياهو كثيراً لأن حرب إسرائيل ما عادت تحظى بالدعم المطلق. وشكّل في ما بعد وصف نانسي بيلوسي خطاب نتنياهو بأنه كان الأسوأ بين كل الخطب التي ألقاها الزعماء الأجانب الذين تحدثوا للكونغرس الأميركي، علامة على التحول في موقف الحزب الديموقراطي الذي فرضه، أولاً العنف الفائق للحرب الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين، وثانياً تحول القواعد الناخبة نحو اليسار وغضب القواعد ذات الأصول العربية والإسلامية المؤثرة في عدد من الولايات المتأرجحة، وتحديداً ولاية ميشيغان، وثالثاً اقتناع أركان الحزب الديموقراطي أن نتنياهو يحاول أن يؤثر على الانتخابات لصالح دونالد ترامب.
انطلاقاً مما تقدّم، لا بدّ من العودة قليلاً إلى الرئيس جو بايدن، الذي وإن انسحب من السباق، فسيدعم نائبته كي تنتزع في المؤتمر العام للحزب الديموقراطي المقرّر منتصف آب (أغسطس) المقبل ترشيح الحزب. وكونه، بحسب ما أكّد، سيكمل ولايته حتى اليوم الأخير، سيؤثر كثيراً على حملة كامالا هاريس، ومن المحتمل أن يفجّر مفاجأة، فيشهد أداؤه تغيّراً كبيراً في الأسلوب، وبالتحديد في أسلوب تعامله مع بنيامين نتنياهو. فالأخير لم يأتِ في خطابه على ذكر الهدنة التي طالما طالبه بها بايدن وأركان إدارته، وبالتالي سيكون الأمر مثار خلاف متجدّد مع الرئيس الأميركي المحبط من الموقف الإسرائيلي. هذا في وقت تخرج فيه أصوات مقرّبة من الرئيس، تلقي بمسؤولية تعثر حملة بايدن على الأداء الإسرائيلي في حرب غزة، ما عرّض مكانة الولايات المتحدة وصدقيتها على المستوى الأخلاقي لأشدّ الأضرار دولياً، وتسبّب للرئيس بتراجع شعبيته في الأوساط الشبابية التقدمية، وذات الأصول العربية والمسلمة، بعدما اتُهم أنه يدعم حرب الإبادة في غزة. ومن هنا، يضمر الرئيس الأميركي جو بايدن نوعاً من الضغينة لنتنياهو وللفريق اليميني المتطرّف الذي يسيطر على الحكومة الإسرائيلية. وثمة من يعتقد أن الرئيس، وفي ما تبقّى من عمر ولايته، سوف يتغيّر كثيراً في تعامله مع نتنياهو وحكومته. ومن المتوقع أنه انتقاماً لكل ما سبق ذكره، قد يرفع منسوب الضغط على إسرائيل إلى أقصى الحدود، لإجبارها على القبول بوقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي تفكيك لغم جبهة لبنان والدخول في مفاوضات مع “حزب الله” بواسطة الحكومة اللبنانية والفرنسيين، في سبيل تسجيل انتصار معنوي لعهده، وتجييره لمرشحة الحزب الديموقراطي المحتملة، تداركاً لإمكانية استفادة دونالد ترامب من الموقف قبل موعد الانتخابات، وحتى بعده إذا ما فاز بالرئاسة في 5 تشرين الثاني.
لقد بان خلال زيارة بنيامين نتنياهو لواشنطن موقف أركان الحزب الديموقراطي المعادي. وأمامه وحكومته أيام صعبة جداً سيتسبب بها رئيس مغادر لم يعد لديه ما يخسره، وخلفه مرشحة بديلة تعرف أنه يراهن على خصمها الجمهوري. والحال أن الرئيس المغادر لا يزال أمامه متسع من الوقت (إذا سمح له أركان الحزب الديموقراطي) كي يؤذي نتنياهو وحكومته، ويخرب عليه حساباته، ويساهم في دفعه دفعاً للقبول بصفقة وقف إطلاق النار التي لا يزال يرفضها، وربما إنهاء الحرب. لا بل إنه قد يسهم انتقاماً لخيبة أمله بتغليب الخيار الإيراني في المنطقة ضدّ حلفاء أميركا التاريخيين، الذين قد يتّهمهم بأنهم عرقلوا سياسته في المنطقة.
لقد تحوّل إلى نمر جريح!
ماذا عن التفاوض السرّي بين أميركا وإسرائيل و”حزب الله”؟ علي حمادة/النهار العربي/24 تموز/2024
واضح أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تفقد الأمل من إبقاء العلاقة مفتوحة مع “حزب الله”. فالتسريبات التي خرجت يوم أمس إلى العلن من خلال صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تشير إلى مواصلة التفاوض السري وعبر الوسطاء الأميركيين بين “حزب الله” وإسرائيل بشأن عقد صفقة قريبة تنهي حرب الإسناد والمشاغلة والاستنزاف التي أشعلها “حزب الله” في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 ضد إسرائيل، وتعيد الهدوء إلى كل من جنوب لبنان وشمال إسرائيل، وذلك لمدة طويلة. بمعنى أن الحديث الذي يدور الآن بين واشنطن وتل أبيب و”حزب الله” يدور حول صفقة طويلة الأمد، يكون منطلقها هدنة غزة المؤقتة المرتقبة في المرحلة المقبلة، بحيث تفتح الطريق أمام الطرفين للخروج من مأزق التصعيد الذي لا طائل منه سوى أنه يزيد من مخاطر اشتعال حرب واسعة ومدمرة لا يريدها الإسرائيليون، ولا إيران الضنينة بمصير “حزب الله” أولاً وقبل أي فصيل إيراني آخر في المنطقة.
ومن هنا لا بد من الإشارة إلى أن المعلومات التي يروج لها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، وتفيد بأن ثمة مفاوضات جارية بعيداً عن الأضواء، بعضها عبر القناة الفرنسية، وبعضها عبر القناة العمانية، هدفها حصر النار المشتعلة على الحدود بين لبنان وإسرائيل. وقد سبق أن أبلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بمضمون عام للمفاوضات الجارية، فقام الأخير بتسريب مناخات تعكس إيجابية في ما يتعلق بموضوع الحرب القائمة التي يبدو أن مشكلتها الأساسية تكمن في أن طرفي المعادلة على الأرض عالقان فوق شجرة التصعيد والتصعيد المضاد. فبعدما كان الموقف الإسرائيلي يشير إلى أن المطلوب هو أن يتوقف “حزب الله” عن إطلاق النار على الشمال الإسرائيلي، تحول الموقف الى إصرار على تغيير المعادلة في الجنوب اللبناني برمته، أي أن ينسحب “حزب الله” من الجنوب حتى نهر الليطاني، وأن ينتشر الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” المعززة في منطقة القرار 1701. كما أن الإسرائيليين طرحوا أمام “حزب الله” خيارين: إما الحل الدبلوماسي أو الحرب. ومن المؤكد أن خيار الحرب الذي يتحدث عنه الإسرائيليون حقيقي، وليس مجرد تهويل، كون حرب الإسناد التي أطلقها “حزب الله” غداة عملية “طوفان الاقصى” تسببت بنزوح عشرات آلاف الإسرائيليين من الشمال، وبتضرر العديد من البنى التحتية المدنية والعسكرية الإسرائيلية، إلى حد اعتبار التهديد المتأتي من “حزب الله” في لبنان خطراً وجودياً لا يمكن تجاهله، أو التعامل معه بخفة كما حصل مع تهديد حركة “حماس” في غزة قبل 7 أكتوبر 2023.
لكن الضغط الأميركي كبير على إسرائيل، وفي المقابل الضغط كبير على “حزب الله” جراء ضربات الجيش الإسرائيلي المؤلمة لجهازه العسكري وسقوط ما يقارب 365 مقاتلاً وقائداً ميدانياً في عمليات اغتيال دقيقة. وقد أحدث ذلك ارتباكاً كبيراً في صفوف الحزب المذكور، وسط حرص قياداته على إخفاء الأمر عن الرأي العام وبيئته الحاضنة.
في كل الأحوال لم تيأس إدارة الرئيس جو بايدن من إمكانية اقناع “حزب الله” بجدوى وقف اطلاق النار نهائياً لحظة إعلان الهدنة في غزة، وخصوصاً أن الوسيط الأميركي سبق أن أوضح بشكل شبه علني أن مواصلة استهداف الشمال الإسرائيلي ستتسبب حكماً بنشوب الحرب التي لا يريدها أحد.
لكن ثمة أسئلة مطروحة في ظل الفوضى السياسية في الولايات المتحدة والتي تسبب بها انسحاب الرئيس بايدن من السباق الرئاسي. كما أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالية لواشنطن ومخاطبته الكونغرس، واجتماعاته مع الرئيس بايدن وأركان الإدارة الأميركية الحالية سيكون له تأثير كبير في مسار الأحداث خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ثمة من يعتبر أن شهر آب (أغسطس) المقبل هو شهر الحسم بالنسبة الى الجبهة اللبنانية. هناك سباق محموم بين المفاوضات السرية بين “حزب الله” وإسرائيل لتفادي الحرب، وبين الحرب المدمرة التي صارت على الطاولة!