موفق طريف ملقياً كلمة أمام نتنياهو في مارس 2020 (مواقع التواصل)
شيخ العقل يرد
تلك الرسالة التي تداولتها بداية وسائل التواصل، هي الأولى من نوعها من حيث علانيتها، حيث أنه من المعروف تكتم القيمين على الطائفة الدرزية على أمورهم الخاصة، ولربما أنها المرة الأولى التي تخرج تبايناتهم إلى العلن، ورد عليها الشيخ طريف وقال “اطلعنا على رسالتكم التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكم كنا نتمنى أن يبقى التواصل بيننا بشكلٍ شخصي مثلما كان حتى اليوم”، مبدياً حرصه “على نقاء الطائفة وهويتها التوحيدية وتاريخها ومستقبلها، وفي الوقت نفسه احترام الدولة وقوانينها وحقوق مواطنيها وحق المواطنة فيها، حالنا حال سائر المواطنين العرب في إسرائيل، راجين أن يبقى دروز لبنان على العهد الثابت في الحفاظ على دولتهم ووطنهم، تماماً كما نرجو من دروز سوريا ومن الدروز في كل مكان، مهما صعبت الظروف. وبعد أن تتيسر الحال أمامكم بحل المشاكل الداخلية في لبنان باعتبارك أحد الزعماء والقادة البارزين، سنتحدث حول طرق مساعدتنا للإخوة الفلسطينيين من أجل نيل حقوقهم وبناء دولتهم وإحلال السلام العادل في المنطقة بأسرها”. وتابع الشيخ طريف “نحن في هذه البلاد نعيش بحرية واحترام، ولا نخاف ولا نهاب أي إنسان كان، ولا نتردد في اتخاذ أي موقف لمصلحة الطائفة. مواقفنا ومبادئنا الشريفة والواضحة معروفة للقريب والبعيد، ولن نرضى أن يزايد عليها أحد”. وختم “في أعرافنا وكما تعودنا فإننا نستقبل ونحترم من يزورنا من أجل مصلحة الطائفة وحقوقها بغض النظر عن شخصه، فلا نبدل في عاداتنا التي هي أمانة يجب أن نحافظ عليها دائماً”.
الرد على الرد
ذلك الجواب استدعى رداً جديداً من جنبلاط اعتبر فيه أن “ما يجري في فلسطين المحتلة من عدوان تنفذه حكومة بنيامين نتنياهو إنما هو عدوان ضد الإنسانية جمعاء… ولذا وجب أن يكون الموقف واضحاً ضد هذا العدوان الذي يطالنا جميعاً”. وكان جنبلاط قد أشار في منشور له عبر منصة “إكس” حول مراسم دفن أحد الضباط الدروز في قرية بين جن في شمال إسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي، قائلاً “أشعر بالخجل الشديد من هذه الصورة لدرجة أن الدروز من فلسطين يرفعون صور السلطان الأطرش وكمال جنبلاط خلف العلم الإسرائيلي الذي يغطي نعش جندي من جيش الدفاع الإسرائيلي”.
الصورة التي أثارت غضب واستنكار وليد جنبلاط، وفيها جنود يحملون نعش النقيب وسيم محمود المغطى بالعلم الإسرائيلي خلال جنازته في قرية بيت جن، في 16 يونيو الماضي (أ ب)
نتنياهو والشيخ
لكنها ليست المرة الأولى التي يسلَّط فيها الضوء على العلاقة التي تجمع موفق طريف بنتنياهو، ففي شهر مارس (آذار) 2020، فتحت صورة جمعتهما، النار على دور طائفة الموحدين الدروز في الأراضي الفلسطينية. ما أثار موجة انتقادات وردود من قبل متابعين ما بين مشكك ومصدق، ومدافع عن موقف طريف، بالتالي عن طائفة الموحدين الدروز. وبحسب الإعلام الإسرائيلي حينها، زار نتنياهو بيت شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل في قرية “جولس” في منطقة الجليل، يرافقه المرشح العربي (مرشح الأقليات في حزب الليكود حالياً) عضو الكنيست سابقاً، فَطين مُلّا.
ذلك النقاش القديم المتجدد يفتح الباب على العديد من الاستفسارات والتساؤلات التي لطالما دارت في الأوساط الدرزية، حول واقع الدروز في إسرائيل وبخاصة في ظل الحرب المندلعة في غزة، ذلك أن الوجود الدرزي هناك موضوع جدلي، يُفتح بين الحين والآخر وتبعاً للتطورات السياسية في الإقليم.
ما هو واقع الدروز في إسرائيل؟
يعيش اليوم في إسرائيل قرابة 143 ألف نسمة من الدروز، يشكلون نسبة 1.6 في المئة من سكان إسرائيل.
ويعتبر الدروز في إسرائيل أقلية دينية وعرقية مهمة، وشغل عدد منهم عضوية الكنيست، وتقلدوا مواقع حكومية ووزارية ودبلوماسية في الحكومات. ويعيش معظمهم في شمال البلاد، بخاصة في منطقة الجليل وجبال الكرمل، وهناك العديد من القرى والبلدات الدرزية المعروفة، مثل بيت جن، ودالية الكرمل، وعسفيا، ويركا، وجولس، والرامة، وحرفيش، والمغار، والبقيعة، وشفاعمر، ومجدل شمس، وغيرها. وعلى عكس معظم العرب في إسرائيل، يُجنَّد الدروز في الجيش، وتعتبر الخدمة العسكرية واجباً عليهم، مثلهم مثل اليهود، ويشغل العديد منهم مناصب عسكرية رفيعة، منهم على سبيل المثال، الجنرال الدرزي، غسان عليان، منسق شؤون الأراضي الفلسطينية في وزارة الأمن الإسرائيلية. وكان سبقه إلى هذا المنصب الجنرال الدرزي أيضاً، كميل أبو ركن، والعقيد أيوب كيوف الذي شغل في السابق منصب قائد وحدتي “شيلداغ” و”سييرت غولاني”، ويشغل اليوم منصب قائد لواء “منشيه” (لواء جنين).
التجنيد الإجباري
ترجح التقديرات الإسرائيلية أنه ومنذ قيام إسرائيل عام 1948 تطوع الدروز للخدمة في الجيش، ضمن كتيبة ضمت الدروز والبدو والشركس، تحقيقاً لما سُمي حينها بـ”حلف الدم”، الذي شرعنه ديفيد بن غوريون، أول رئيس حكومة إسرائيلية. وفي عام 1974 اتُخذ قرار بدمج وحدات الأقليات الدينية والعرقية في الجيش، وأنشأت هيئة الأركان كتيبة درزية أسموها “حيرف” (السيف) وهي قوة برية في عداد القوات النظامية. ويشغل الدروز مجموعة متنوعة من الأدوار والمناصب، في الوحدات القتالية مثل المشاة، والمدرعات، والمدفعية، ووحدات النخبة، ووحدات حرس الحدود التي تتعامل مع المهمات الأمنية على الحدود الإسرائيلية، بما في ذلك الحدود مع لبنان وسوريا، كذلك يترقون إلى مناصب قيادية في الجيش، بما في ذلك مناصب ضباط وقادة وحدات، ويخدمون في وحدات الاستخبارات العسكرية، حيث يلعبون دوراً مهماً في جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية، ويعتبرون من بين الجنود الأكثر تميزاً في هذه الوحدات. إضافة إلى الوحدات القتالية، يخدم الدروز في وحدات الدعم اللوجيستي والإداري، ويقدمون الدعم العملياتي للقوات في الميدان. ومن بين الألوية المهمة التي يخدمون فيها، “لواء غولاني” ويضم النخبة في الجيش الإسرائيلي، ويُعتبر من بين الوحدات العسكرية الأكثر شهرة في إسرائيل.
“اندبندنت عربية” حاورت شخصيات درزية من “عرب 48” للاطلاع أكثر على مآلات الطائفة وما يحدث حقيقة على الأرض، وعن دور الدروز في إسرائيل وهل يعتبرون أنفسهم عرباً أو إسرائيليين؟ والصلاحيات المعطاة لهم، وهل يقبل كل الدروز التجنيد في الجيش؟ وما هي سلبيات وإيجابيات الجنسية الإسرائيلية؟ وكيف تحافظ الأقلية الدرزية على هويتها الثقافية في البيئة اليهودية؟
بين السياسيات الخارجية والداخلية
يقول زيدان عطشة، وهو دبلوماسي سابق، شغل منصب قنصل إسرائيل في الولايات المتحدة (1972- 1976)، وعضو الكنيست في دورة 1977 و1981 ودورة 1984- 1988، ويتحدر من بلدة عسفيا في جبل الكرمل قرب مدينة حيفا، إن “الدروز لا يستطيعون التأثير في سياسات إسرائيل الخارجية، ولكن لهم في الداخل تأثيراً نوعياً، حيث يتفاعلون مع الدولة، بما أنهم يتجندون في الخدمة الإجبارية مثلهم مثل اليهود، أي لثلاث سنوات. كما أنهم موجودون في كل الأجهزة الأمنية، علماً أن بقية الطوائف من مسلمين ومسيحيين وبدو، يلتحقون بالجيش ولكن طوعاً، وهذا يعني أنهم يتقاضون رواتب”.
ويعلق الشيخ عطشة على الاختلاط مع المجتمع الإسرائيلي، قائلاً إن “الزيجات التي تحصل بين أبناء الدروز واليهود، إلى الآن، غير مقبولة، ومن يقوم بذلك يُنبَذ من المجتمع الدرزي”.
وعن زيارة نتنياهو لدارة شيخ عقل الطائفة، اعتبر أن “نتنياهو يظن أنه يستطيع أن يصل إلى الجنة عن طريق زيارات مجاملة، هي أقرب إلى الخبث ولا تعني إلا المضيف”.
من جهته، قال الرئيس السابق للاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين، سامي مهنا، المقيم في البقيعة بالجليل، إنه “لا يمكن تصنيف العرب الدروز ولا حتى بقية فئات المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، كفئة واحدة على الصعيد الأيديولوجي السياسي”. وأضاف أن “الدروز في الكيان الإسرائيلي، بشكل خاص، هم أكثر الفئات من بين الأقلية العربية الفلسطينية الصامدة في أرضها، والتي تعرضت إلى مؤامرات استهدفت هويتهم الثقافية والوطنية والقومية، وذلك منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، ابتداءً بفصلهم في الدوائر الحكومية والسلطات المحلية، والمنهاج التعليمي وغيرها، وبلغت هذه المؤامرة أوجها في فرض قانون التجنيد الإلزامي في جيش الاحتلال الإسرائيلي في عام 1956، والتي استهدفت ولا تزال سلخهم عن مجتمعهم الفلسطيني وبالتالي عن محيطهم العربي العام”.
فرصة للعيش الكريم
وكان طريف، وخلال تشييع الضابط الدرزي جلاء إبراهيم الذي قُتل في معارك رفح، قد أكد أن “ولاء الدروز لإسرائيل مطلق”، واصفاً إبراهيم بـ “البطل وسليل عائلة عريقة صلتها بإسرائيل وثيقة”. من هنا تعتبر فئة من الدروز أن الدولة الإسرائيلية تؤمن لهم العيش الكريم لأسباب عدة، منها الخدمات الاجتماعية والاقتصادية، والرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، مما يسهم في تحسين مستوى معيشتهم. كما أعطتهم فرصة الاندماج والتمثيل السياسي، وبفرص المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، مما يعزز شعورهم بالانتماء والمشاركة في صناعة القرار. كما تعتبر تلك الفئة أن الدولة توفر لهم الأمن والاستقرار، وهو ما يتيح لهم فرصة بناء حياة مستقرة وآمنة مقارنةً ببعض المناطق الأخرى في الشرق الأوسط التي تعاني من اضطرابات ونزاعات. وتشهد قرى ومدن درزية عدة في إسرائيل تنمية اقتصادية وتطوراً في البنية التحتية، مما يوفر فرص عمل ويحسن من الأوضاع الاقتصادية للمجتمع الدرزي. يضاف ذلك إلى التمتع بالحقوق المدنية المتساوية تحت القانون الإسرائيلي، مما يضمن لهم حرية ممارسة حقوقهم وحرياتهم ضمن إطار القانون.
حركة رفض التجنيد
وخلال السنوات الأخيرة قامت مجموعات ناشطة من الدروز برفض التجنيد الإجباري، مثل مجموعة “ارفض شعبك بيحميك” و”نحن حراس الأرض مش حراس حدود”، و”ميثاق المعروفيين الأحرار” وغيرها، بمساعدة الرافضين أو الممتنعين عن التجنيد ووفرت لهم المحامين والمتخصصين لتقديم المساعدة، ما انعكس ارتفاعاً في نسبة رافضي الخدمة الإجبارية من الدروز.
وكانت أزمة التجنيد تجددت بعد إصرار الأحزاب الدينية اليمينية المتشددة في حكومة نتنياهو على تعديل قانون خدمة اليهود الأرثوذكس المتشددين (الحريديم)، وتمريره من خلال الكنيست. وبحسب دراسة لجامعة حيفا نشرت عام 2023 تقول إن نحو 65 في المئة من الدروز يرفضون الخدمة العسكرية، فيما أشارت دراسة أجراها مؤتمر هرتسيليا الإسرائيلي السنوي إلى أن 54 في المئة من الدروز يرفضون التجنيد. وبحسب لجنة مراقبة الدولة في الكنيست عام 2020 تتزايد أعداد الجنود المعفيين من الخدمة النظامية وارتفعت نسبتهم من 7.9 في المئة عام 2018 إلى 11.9 في المئة عام 2020، ويتوقع أن ترتفع إلى 13 في المئة عام 2023. وإضافة إلى الدروز هناك عدد من الشباب العرب وبخاصة من البدو يلتحقون بالجيش، لكنهم يواجهون عادةً اعتراض المجتمع الذين يعيشون فيه ويعتبرون “خونة”.
هنا يشير الإعلامي سامي مهنا، إلى أنه “وللحقيقة التاريخية فإن غالبية الدروز قاوموا قانون التجنيد القسري منذ بدايته، بشتى الوسائل الممكنة، ولكن المؤسسة الإسرائيلية استطاعت فرضه بالقوة، وبمساندة أقلية متواطئة مع القانون والفكرة التي تقف من ورائه. وأكدت هذه الحقائق أبحاث عدة، كما جاء على سبيل المثال في كتاب البروفيسور قيس فرو “الدروز من المحراث الفلسطيني إلى البندقية الإسرائيلية” والذي استند إلى الأرشيفات الصهيونية، وكتاب عضو الكنيست السابق الكاتب سعيد نفاع، “العرب الدروز 48 وحجارة الرحى” وغيرها من الدراسات والأبحاث، التي تكشف الحقائق”. ويتابع مهنا أن “نسبة الرفض لدى الشباب الدروز الذين يصلون إلى سن التجنيد عالية، ولا تزال تتقدم، جراء الوعي الوطني المتزايد، في العقود الأخيرة، إضافة إلى القوانين والممارسات المجحفة من قبل المؤسسة الإسرائيلية، بحق المواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل، والتي لا تستثني الدروز، وأبرزها قانون القومية العنصري”.
وعن الأسباب التي تقف وراء الرفض للخدمة العسكرية الإجبارية، يشير سامي مهنا إلى أن “الهوية الوطنية والقومية، وارتفاع نسبة الوعي، حيث يعتبر الدروز أنفسهم جزءاً من الأمة العربية والشعب الفلسطيني، ويرون أن الخدمة في الجيش الإسرائيلي تتعارض مع ولائهم لهويتهم القومية. كما أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي عامل أساسي لرفض التجنيد، حيث يشعر البعض بأنهم يقفون في موقف صعب، ويُطلب منهم المشاركة في عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين، والذين يشتركون معهم في القومية اللغة والثقافة والتاريخ والتراث. إضافةً إلى أن بعض الدروز يعتبرون أنهم يتعرضون للتمييز في المجتمع الإسرائيلي، سواء من ناحية الفرص الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، مما يدفعهم إلى رفض الخدمة كنوع من الاحتجاج على هذا التمييز. ولكن بالمقابل، هناك جزء من الدروز يخدمون في الجيش الإسرائيلي ويشغلون مناصب مرموقة فيه”.
عائلة وأصدقاء النقيب وسيم محمود يحضرون جنازته في قرية بيت جن، في 16 يونيو الماضي (الجيش الإسرائيلي)
ليس كل من يتكلم العربية في إسرائيل “درزي”
ويضيف مهنا “أن الخدمة في الجيش وأذرع الأمن الإسرائيلية لا تقتصر على الدروز وحدهم، فعلى رغم أن التجنيد للعرب المسلمين السنة والمسيحيين في إسرائيل ليس إلزامياً، هناك أفراد من هذه المجموعات وبخاصة من البدو الذين يختارون التطوع في الجيش الإسرائيلي ومنهم مَن يخدم في المناطق المحتلة عام 67. ولكن الفكرة العامة التي تشكلت لدى الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 67، والذين يتعرضون مضطرين لتماس مع الجيش الإسرائيلي على الحواجز ومن خلال المواجهات والصدام، أن كل من يتكلم اللغة العربية في جيش الاحتلال هو من الدروز، حتى لو كان يهودياً مستشرقاً أو مستعرباً يتقن اللغة العربية، وهذه الفكرة من الصعب تغييرها، كونها ترسخت في الذهنية العامة، أي أن خدمة العرب في الجيش الإسرائيلي تقتصر على الدروز فقط، وهذا ما يحاول الإعلام الإسرائيلي إبرازه جاهداً، ولا شك أن تواطؤ بعض القيادات الدينية والسياسية مع المؤسسة الحاكمة، يعزز هذه الفكرة المنغرسة في الذهنيتين الفلسطينية والعربية”.
وكانت خرجت بعض المواقف المعارضة لوليد جنبلاط حول موقفه من دروز إسرائيل، والتي اعتبرت أن جنبلاط يتبنى موقفاً سياسياً قريباً من محور حلفاء إيران في المنطقة، وهذا يتعارض مع مواقف بعض الدروز في إسرائيل الذين يعملون ضمن الجيش الإسرائيلي ويُعتبرون جزءاً من المجتمع هناك. كما أن هناك توجهات داخل الطائفة الدرزية تختلف في نظرتها إلى الوضع في إسرائيل، حيث يرى بعض الدروز أن مواقف جنبلاط لا تعبر عن مصالحهم وظروفهم الخاصة. إذ يرى بعضهم أنهم جزء من الدولة الإسرائيلية ولديهم التزامات وطنية تجاهها، بالتالي يرفضون المواقف التي يمكن أن تعتبَر معادية. إضافة إلى أن الاختلافات في الأوضاع الاجتماعية والسياسية بين دروز لبنان ودروز إسرائيل، تؤدي إلى اختلافات في الرؤى والمواقف تجاه القضايا المختلفة.
فما هو رأي مشيخة العقل في لبنان؟
يشير المستشار الإعلامي في مشيخة العقل عامر زين الدين في حديث مع “اندبندنت عربية” إلى أن “بيانات المجلس المذهبي ولا سيما الأخير، والذي تضمن التحية الى الإخوة المعروفيين الموحدين من أبناء فلسطين المحتلة، المدافعين عن هويتهم العربية والمتمسكين بقرار رفضهم التجنيد الإجباري في صفوف الاحتلال، الذي يرتكب جرائم الإبادة الوحشية الموصوفة بحق الإخوة الفلسطينيين، ودائماً ما تثمن القيادة الروحية كما السياسية المواقف النابعة من تاريخ طائفتنا”. وأكد زين الدين أن “المسلمين الموحدين الدروز الذين لم يحتاجوا يوماً لحمايةٍ من أحد، لم ولن يكونوا مرتهنين لأية جهة، وسيبقون خط الدفاع الأول عن انتمائهم القومي العربي”. وأضاف، “مشيخة العقل بصفتها المرجعية الروحية الرسمية، كانت ولا تزال في صلب الدعوات التي توجهت مراراً وتكراراً للموحدين في فلسطين المحتلة، لثنيهم عن المشاركة في التجنيد الإجباري، وداعمة للقيادة السياسية المتمثلة بالزعيم وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي اللذين عقدا سلسلة من الاجتماعات مع اللجنة الوطنية الفلسطينية الذي يقودها سعيد نفاع، في أكثر من دولة وآخرها في قبرص، لدعم هذا التوجه”. وذكر زين الدين أنه في “عام 2010 استقبلت دار الطائفة وفداً من دروز فلسطين زار لبنان للمشاركة في مؤتمر للطائفة عقد برعاية الرئيس (اللبناني) السابق ميشال سليمان لدعمهم بتلك الخيارات”. ورأى أن “دروز فلسطين يعانون اضطهاداً وتمييزاً وحرماناً من حقوقهم منذ زمن طويل، وقد تجلى ذلك أخيراً من خلال قانون عام 2018 الذي نص على أن إسرائيل (دولة قومية للشعب اليهودي)، كما يعانون من مصادرة أراضيهم وفقدان ما يقارب من ثلثيها”، معتبراً “أن مشيخة العقل (في لبنان) لم تغير موقفها الذي كان ولا يزال موجوداً، بدعوة أبناء الطائفة من عرب 1948 إلى عدم الانسلاخ عن تاريخهم”.