مروان هندي/الفدرالية ولكن؟

39
A noose and gallows hang from the monument at Martyrs’ Square in Beirut on Aug. 9. Lebanon’s political elite faced pressure from all sides after a deadly explosion was blamed on official negligence. JOSEPH EID/AFP via Getty Images

الفدرالية ولكن؟
مروان هندي/فايسبوك/17 تموز/2024
الفدرالية تحمل في طيّاتها آلية تنظيمية علمية لبناء عيش مشترك حقيقي، قائم على الصدق والتصادق، وعلى قبول الآخر كما هو, وليس كما نريده أن يكون. كما تهدف إلى بناء وحدة وطنية حقيقية حول الخيارات الإستراتجية الكبرى، حيث تنحصر السياسة الدفاعيّة والنقديّة والخارجية في كل الأنظمة الفدرالية بيد السلطة المركزية دون سوها. لتحقيق هذين الهدفين النبيلين، على أرضية شعبية صلبة ومتماسكة، منح النظام الفدرالي صلاحيات واسعة للوحدات المحلية لحفظ الشخصية المعنوية لكل مكون إجتماعي. فلكل طائفة في لبنان مثلاً, خصوصياتها من الأحوال الشخصية والتقاليد والثقافة والتربية والتاريخ وما إلى هنالك.
النظام الفدرالي هو نظام إتحادي ضمن دولة واحدة وليس تقسيميا”. حيث غايته وعلّة وجوده في المجتمعات المركبة هو منع التقسيم. وعلى سبيل المثال، بلجيكا كانت دولة مركزية ولكن مركبة بين مجتمعات ثقافية مختلفة، مكونة من مجموعتين إثنيّتين أساسيّتين، الفلامندي (Flamand) والوالون (Wallon). فتحولت من دولة مركزية إلى دولة إتحادية لمنع التقسيم ونجحت.
في السياق ذاته، قد لا تنجح الفدرالية في ردع وكبح التقسيم. وعلى سبيل المثال، بعد أن كانت تشيكوسلوفاكيا دولة فدرالية، وعند أوّل انتخابات حرّة، إنقسمت تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين مستقلتين، وهما سلوفاكيا والجمهورية التشيكية (في 1 يناير 1993).
هذا النظام الإتحادي المعتمد في أرقى دول العالم، والخلّاق في إبتكار الحلول، يستند على الوقائع وليس على الرومانسيات والتخيلات التي تأتي دائما” بنتائج عكسية ومخيّبة للآمال.
ولكن، وإسقاطا” على الوضع اللبناني، وفي حال إستوفت الفدرالية كل الشروط اللازمة والضرورية لنجاحها، وعلى رأسها السيادة ومن ثمّ الحياد، ولم تنجح. ففي هذه الحالة تحديدا” يجب التساؤل إن كان لبنان الكبير غلطة تارخية؟!