بعد الصمت المضّرج بالدماء كلام…. المتأمل بما أتى من ردات فعل متناقضة ومتعارضة في شأن ما قالته الراهبة مايا زياده طوني شهوان/فايسبوك/14 آذار/2024
لا بد للمراقب المتأمل بما أتى من ردات فعل متناقضة ومتعارضة في شأن ما قالته الراهبة مايا زياده أمام طلابها في غبالة من أن يستكشف حال المسيحيين واللبنانيين على السواء، وكأننا أمام كنيسة كورنتوس التي ما تردد بولس الرسول من توجيه الرسائل المتلاحقة لها زاجراً أو مؤنباً لكثرة تحزّبهم «إما لبولس، أو لبطرس أو لأبولوس».
في تلك الكنيسة المضطربة إنقسم الناس أحزاباً «ايمانية» فعمّ الاضطراب تلك الجماعة مما اضطر بولس الى زجر هؤلاء واولئك قائلاً لهم: « ليس الله اله بلبلة، بل اله سلام » (كو 14: 33). ليس الهنا إله بلبلة وشغب وضوضاء ، إنه إله سكينة وسلام، فأنتم بما تفعلون، أكنتم لأبولوس أم لبولس، تمعنون في تشويه وجه شهادتنا للسلام ولقيمه. أنتم تمعنون بإشاعة الاضطراب لا السلام، ألم يقل المعلم «طوبى لفاعلي السلام»؟ . إنّ الهنا إله سلام ، «رئيس سلام هو» وقد صلب من أجل ذلك؛ هو نفسه رفض التحزّب في اسرائيل وعندما حاول الفريسيون إحراجه قال : «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله». لا نناصر أي عنف، أكان من بولس أم من أبولوس، وإن كنّا مستفردون في ذلك.
لا يحق للراهبة، التي أثارت بما نقل عنها تسجيلاً، إدانة جزء من الجريمة بل إدانة الجريمة كلها؛ ولا يحق لها كذلك تخصيص هؤلاء أم أولئك بنعمة الصواب وحجب تلك النعمة عن أولئك أم هؤلاء.؛ «فسر الاثم فاعل فينا جميعاً». وتجارب لاهوت التحرر في اميريكا اللاتينية والجنوبية وفي أفريقيا تدلّل الى سقوط الكنيسة في سياقها في المحظور. إذا كانت الراهبة تريد إدانة القتل وأعمال العنف فعليها أن تدين ذلك بمنطق الكليّة لا الجزئية، وإلاّ كان موقفها انحرافاً لمنطق التحزّب ولا لمنطق المسيح. إنّ التضامن مع المظلوم، كل مظلوم، هو واجب مسيحي مقدس على أن لا يخضع للتمييز والفئوية؛ لا يحتمل الموقف المسيحي الاصيل زغلاً ولُبساً، وإلاّ أصبح للعثار والبلبلة والاضطراب.
ردود الفعل تشي بأننا تفرقنا فرقاً وكأننا «توزعنا على المبشرين ولم يبق أحد مع المسيح.» وهؤلاء المبشرون عندنا من كل حدب وصوب: كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيون؛ نعم أصبح عندنا «مبشرون» مجتهدون يبيحون لأنفسهم إدارة وتوجيه «بوز الجرّة» الى حيث يشاؤون ، الى حيث تتناسب أفكار المسيح مع أفكارهم لا الى حيث تتطابق أفكارهم مع أفكار المسيح.؛ يقوّلون المسيح ما يريدونه هم، ولا يقولون ما يريده المسيح. الى أولئك أقول لهم «في المحبة والحقيقة» ما قاله بولس حين خاطب أهل كورنتوس وهو يستعدّ لمغادرة أفسس، قال:« تطهّروا من الخميرة القديمة لتصيروا عجيناً جديداً لأنكم فطير لا خمير فيه، فحمل فصحنا ذبح، وهو المسيح ». (1كو 5:7).
والسلام .
الصورة المرفقة/ طوني شهوان وقداسة البابا بندكتوس السادس عشر