في بلادي أصناف نادرة من البشر... وتسألونني أين الثورة!؟ اصبروا، هي عائدة بوجه لم يعتد عليه لبنان ولا اللبنانيون. الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/01 نيسان/2023
في ليلة باردة من ليالي لبنان، استفاق أهالي ضيعة جبليّة على صراخ امرأة تستغيث، فهبّ كلّ ذي همّة راكضًا باتّجاه مصدر الصوت للمساعدة، حتّى التمّ في المكان أكثر من نصف أهل الضيعة، ووجدوا روكز يضرب زوجته حنان بزنّار جلدي، وهي عارية كما خلقها ربّها. حاول الجميع تكرارًا ثني روكز عمّا يفعل، لكنّه لم يرتدع، وأكمل ضرب حنان من دون رحمة وهو يصيح في وجوه أهالي الضيعة مهدّدًا: “إيّاكم حَدَا يتدخّل…”
فيسأله أحدهم وفي يده بارودة 12 رفيع: “اش عملِت هالمسكينِه كَ روكز تَ مِن تضربها هَيْك!؟”
روكز لا يردّ، وحنان العارية تتوسّل الناس أن يردّوه عنها.
امرأة تحمل على زندها ابنها الرضيع، تصرخ: “كسرِت الدكّوجِي؟”
روكز يجيب بالنفي.
في هذه الأثناء، رجل يحمل على خاصرته مسدس “كولت 9 م.م.”، يسأل جاره الواقف بقربه: “أش رأيك نتصل بسعادتُه ونخبرُه؟ فأجابه الجار قائلًا: “برأيي لازم يعرِف بكلّ الأحوال.”
امرأة تسأل روكز: “تركت لِ حليبات بلا غلي وحَمضوا!”
روكز: “لَأ”. يتابع ضرب حنان.
أحدهم: “وأش مخلّيك تضرب هالمرا بْـوَحشني إذا لا كسرِت الدكّوجي ولا نَزعِت لِ حليباتّ؟”
روكز: “كمشتها بـالفرشي مزلطا عم تخونني مع رجال تاني…”
هنا امتعض معظم الموجودين وقالوا معًا: “وِبْـتعمل هَيك كرمال نِتفِة غرام!!!؟”
حنان: ويا ريت، كنّا بعد ما بلّشنا، وانشالله ما بيطلع عليّي الضو إذا عَن إكذِب.”
أحدهم (للمحيطين به): “ودخلكن ما لوش اسم هِيدا الرجّال لْ مِن تخون روكز معُه، عَ شو متسترين؟”
“كنّا بعد ما بلّشنا”؛ بهذا المنطق يُطل علينا معظم مَن يتعاطون السياسة والشأن العام في لبنان. تسألهم عن الشرق فيجيبونك عن الغرب. وتسألهم: لماذا تبحثون عن الإبرة في كرم الزيتون، أعلى التلّة، وليس في كومة القشّ بأسفل الوادي حيث أضعتموها؟ فيُجيبونك بكلّ “ثقة”: “بالوادي في واويّي والدنيي عَتم، ما عدا لِ غْباير اللي بتتنشقها انت وعم تفتّش بقلب القشّ”.
بالأمس، شتم الممانع غازي زعيتر المعتصم ملحم خلف خلال جلسة للجان العامة المشتركة، فأجابه المعتصم بألّا يقاطعه فهو يتكلم بالنظام، فما كان من الممانع إلّا أن قال له “بتسوى صرمايتي”! عندها، ولوضع حدّ للخناقة، قامت المتغيّرة بولا يعقوبيان تشرح للنوّاب ماذا يعني عندما يتكلم نائب بالنظام، لكنّنا لم نفهم منها أيّ شيء عن لون الصرماية ومقاسها.
وفي الجلسة نفسها، أمطر الممانع علي حسن خليل السيادي سامي الجميل بأشنع الألفاظ والاتّهامات، حتّى أنّه طال الموتى من عائلته. الممانع برّر تصرّفه المُهين بأنّه كان واقعًا تحت تأثير الصيام، ومضروبًا على “نافوخه”، ثمّ ببساطة، اعتذر. يُقال أنّ فتى الكتائب هجم ليضرب الممانع ويهذّبه، لكنّ النوّاب “هدّوه”، فعوّض في مؤتمر صحافي وهو يتلوّى، ويمثّل الانزعاج، ويتلفّت برأسه يمينًا ويسارا، لتكون خلاصة المؤتمر أنّه أطلّ علينا ليقول “لا شيء”، وليضع تسجيلات سجاله مع الممانع خليل بعهدة الرئيس بري. حال فتى الكتائب كحال هذاك الرجل الذي داهم بيته أربعة مسلحين، وأجبروه أن يقف من دون حراك ضمن دائرة رسموها له بالطبشور على الأرض، ثمّ راحوا الواحد تلو الآخر يغتصبون زوجته أمامه. لمّا انتهوا من وساختهم وغادروا، اقتربت الزوجة من زوجها باكية سائلة: “كيف استطعت أن تقف متفرجًا وألّا تفعل شيئًا؟”، ما جعل الرجل يصرخ في وجه زوجته ويؤنّبها قائلًا: “كيف تتجرئين على هذا الكلام، ألم تريني كيف أخرجت رجلي مرّتين من الدائرة؟”.
نائبان، المعتصمة نجاة صليبا والمعتصم ملحم خلف، يتحصّنان في البرلمان منذ حوالي شهرين ونصف احتجاجًا على عدم إبقاء جلسات مجلس النوّاب مفتوحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن يوم بدء تحرّكهما، امتنع رئيس المجلس عن الدعوة إلى أيّ جلسة انتخاب، وهما لم يحقّقا سوى بعض الالتفاتات الاعلاميّة، وتلقّي وجبات الطعام من زملاء لهم، والخروج للاستحمام وتبديل ملابسهما، ثمّ العودة ثانية. فيا لهذه المهزلة، أينتظر هذان المعتصمان إحراز نصر من خطوتهما البحت بروباغنديّة!؟ أم نشرح لهما أنّه لكي يأخذ اعتصامهما معنىً حقيقيًّا، فعليهما، على سبيل المثال لا الحصر، الاضراب النهائي عن الطعام، مقاطعة عمل اللجان النيابيّة، عدم الاستحمام حتّى يهرب من رائحتيهما كلّ مَن يزورهما… الخ. لكن يبقى الأفضل والأنجح لإخراج المعتصمان من عنق البرلمان، أن يزنّرا جسديهما بأحزمة ناسفة، وأن يهدّدا بتفجير البرلمان إذا لا يُستجاب لمطلبهما، فتقوى الدعاية التي يريدانها، وإذا أقدما فعلًا على تفجير نفسيهما، سيذكرهما التاريخ، لكن لا أضمن إعلانهما شهيدين.
ويصدّق السياديون، والتغييريون والمستقلّون، أنّهم حقّقوا انجازًا في نتيجة الانتخابات النيابيّة، إذ هم، والكلام لمعظمهم، خلقوا توازنًا مع الممانعين، وباتوا قادرين على التعطيل، ومنع الاتيان برئيس من صفّ الممانعة، ومنع انعقاد جلسات غير دستورية، كما و “منع” التلاعب بالتوقيت!!! يا لها من انجازات! وكأنّ الناس انتخبتهم ليعطّلوا وليس لتسيير شؤونهم وحلّ معضلاتهم الاجتماعيّة، ورَفع الاحتلال عن رؤوسهم. وكأنّنا نسينا أنّهم كانوا أكثريّة وحزب الله فرض عليهم ميشال عون رئيسًا. وكأنّنا نسينا أنّهم بذهابهم إلى الانتخابات في ظلّ الاحتلال، وبمساكنة المحتل تحت القبّة نفسها، هم باتوا شركاء بجريمة هذا المحتل. وكأنّنا لا نعرف أنّ لا دخل لهم لا من بعيد ولا من قريب بموضوع التوقيت إلّا بالدعاية لأنفسهم على شاشات التلفزة، وتحديدًا بعدما كبُرت كرة اعتراض الناس على قرار بري – ميقاتي.
ويبقى الأكثر وقاحةً والأكثر تضليلًا للناس، هؤلاء الذين يُدافعون بإرادة ثابتة عن رياض سلامة. يصوّرونه لك حاكمًا أسطوريًّا لا بديل عنه، أمّا نحن فلسنا بحاجة إلى بديل عنه، بل إلى مَن يخلّصنا مِن سياساته التي دمّرت قوانين النقد وقضّت على الليرة الوطنيّة. يقولون لك أن القائد لا يُعقل تغييره في وسط المعركة، وللأسف لم يلتقِ صحافي واحد يسألهم ماذا تفعل الدول عندما يسقط القائد في أرض المعركة، أتَترك الجبهة من دون قائد؟ ويمنّنوننا بأنّ رياض سلامة أعطانا بطاقات ائتمان، وسهّل لنا تعليم أولادنا، وصرنا نستطيع أن نسافر مع عائلاتنا في العطل، وكأنّ البنوك والبنك المركزي هم مَن كانوا يملئون بطاقات ائتماننا، ويموّلون رحلاتنا وتعليم أولادنا من أموالهم وأموال الخزينة العامة! ويقولون إن رياضًا أكسبنا من الفوائد العالية، وينسون أنّه “قرط البيضة وتقشيرتها”، ولم يترك لنا فلسًا لمستقبل أولادنا، وأنّه هو مَن كان يعرض علينا الفوائد العالية لتسهيل سرقته البلد بأمّه وابيه. وللإمعان في تغطية هذا الحرامي، يقولون لك إنّه كان يطبّق سياسات الحكومات، بينما يجب القول إنّه بسكوته عن سياسات الحكومات كان يغطّي على سرقة أموال الشعب.
في بلادي يقولون إنّنا نعيش في شريعة غاب، والحقيقة هي أنّنا نعيش في نظام عصفورية يعتقد مجانينها أنّهم يضحكون علينا ويضلّلوننا، وهم مجانين! متى دقّت ساعتهم، لن تتسع لهم غرف دير الصليب، ولا سجن رومية حتى ولو اخليناه من كلّ مساجينه، ولا الساحات العامة التي سنزيّنها بأجسادهم المعلّقة على حبال المشانق.
وتسألونني أين الثورة!؟ اصبروا، هي عائدة بوجه لم يعتد عليه لبنان ولا اللبنانيون.
#صار_بدها_جبهة_لبنانية
#hezbollah_delendum
#systema_delendum_est