إن مشكلة لبنان الأهم اليوم هي أنه يواجه أزمات إقليمية ومحلية خطيرة جداً تهدد وجوده وهويته ودوره الحضاري، كما تاريخه واقتصاده ولقمة عيش أهله، إضافة إلى أعداد الغرباء الكبيرة من عرب وسوريين وفلسطينيين وغيرهم الذين يقيمون فيه بشكل غير شرعي وغير قانوني رغماً عن إرادة شعبه ويهددون ديموغرافيته وسلمه وتعايش بنيه.
وفي مواجهة كل هذه الأزمات الخطيرة والكيانية والمحلية والإقليمية ابتلى لبنان بطاقمين واحد سياسي وأخر رسمي هما قمة في الشخصنة والهزال والأنانية ويفتقدون إلى ألف باء كل ما هو عمل سياسي راقي ونظيف ووطني.
أما أحزاب في وطن الأرز فهي في غالبيتها العظمى إما شركات تجارية أصحابها يتاجرون بالوطن والمواطن وآخر همهم المصلحة العامةـ.. وبالتالي يخرجون من صفقة ليدخلوا في أخرى، ودائماً غب أجنداتهم السلطوية والنفعية وعلى حساب المصلحة العامة..
أو أحزاب هي بالواقع وكالات مأجورة لدول أخرى أو لمجموعات مذهبية أو مؤدلجة إقليمية تنفذ مهمات وأعمال لا تمت للبنان ولكيانه ولمصلحة شعبه بصلة.
وفي هذا السياق الدركي تندرج الأزمة الخانقة الحالية حيث حكامنا يحكِّمون لمصلحة من أوصلهم لكراسي الحكم ويعرّضُون الوطن والموطنين لأخطار كيانية ووجودية ومعيشية في حين أنهم غارقين حتى الثمالة في صفقات وسمسرات لا تعد ولا تحصى..
وفي نفس هذا الإطار الموروب وطنياً شُكِّلت الحكومة الحالية، حكومة الصفقة الخطيئة بأغلبية مرتهنة لحزب الله الفارسي الذي هو جيش إيراني كامل الأوصاف يحتل لبنان ويستعمله كقاعدة عسكرية وكمخزن بشري لحروب أسياده ملالي إيران في العديد من ساحات الدول العربية حيث يسعون عن طريق الإرهاب والفوضى والفتن لإسقاط أنظمة هذه الدول واحتلال أرضها واستعباد شعوبها وسرقة ثرواتها وتغيير هويتها..
في نفس هذا السياق الكارثي والتبعي تأتي استقالة الرئيس سعد الحريري والعودة عنها بسقف منخفض جداً من الشروط ادخل لبنان في مواجهة خطيرة مع غالبية الدول العربية، وتحديداً منها الخليجية حيث يعمل فيها ما يقارب 350 ألف مواطن لبناني يحولون لوطنهم ما يزيد عن 5 بليون دولاراً سنوياً.
جاءت عودة الحريري عن الاستقالة استسلامية للغاية وذلك بعد أن تم بقصد التمويه تزينها بعنوان النأي بالنفس مع القول بأن حزب الله وعد الالتزام والتقيد به..
إلا أن الحزب الحالشي تحدى وخالف هذا النأي قبل أن يجف حبر بيان العودة عن الاستقالة.. أولاً بكلام مهين للبنان وللكيان وللدستور اللبناني أدلى به الشيخ نعيم قاسم من إيران، وبعد ذلك مباشرة بجولة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية قام بها في الثالث من الشهر الجاري الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي وقد وقام التلفزيون التابع له بتوزيع تفاصيلها أمس على كل وسائل الإعلام.
موقف الحكومة كان الصمت المطبق وكذلك موقف رئيس الجمهورية ووزير خارجيته وقد اكتفى مكتب رئيس الحكومة بإصدار بيان مقتضب طالب فيه بتحويل المسالة للتحقيق .. في حين رد الشيخ قيس على الحريري ببيان تحدي اعتبر فيه أنه دخل إلى لبنان بشكل شرعي ورسمي.
باختصار إن ما يجري حالياً في لبنان في ظل الحكم والحكومة هو أمر مخيف للغاية حيث يُغلِّب هؤلاء الحكام والمسؤولين محلياً ودولياً وإقليمياً مصالح المحتل (حزب الله) على مصلحة لبنان السيادية والدستورية والوجودية.. وخير مثال فاقع كان في حذف اذكر القرار الدولي رقم 1559 من بيان اجتماع وزراء المجموعة الدولية الذي عقد في باريس.
المطلوب استقالة الحكومة وتشكيل جبهة وطنية وسيادية عابرة للطوائف للوقوف في مواجهة المحتل الإيراني وفريق أهل الحكم التابع له كلياً..
المطلوب التمسك بالشرعتين العربية والدولية وبالقرارين 1559 و1701 واتفاقية الطائف وعدم الرضوخ للمحتل أو الدخول معه في أية مساومات وصفقات.
في الخلاصة لبنان حالياً هو بلد محتل وكل مقاربة لحل مشاكله ومواجهة الصعاب التي يعاني منها يجب أن يكون واقع الاحتلال عمادها وأساسها ومنطلقها.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني [email protected]